«الكاشير» يتعامل مع المشترين بطرائق جديدة في ظل «كورونا»

أصحاب المطاعم والمقاهي الأكثر حرصاً على إجراءات الوقاية (تصوير: محمد المانع)
أصحاب المطاعم والمقاهي الأكثر حرصاً على إجراءات الوقاية (تصوير: محمد المانع)
TT

«الكاشير» يتعامل مع المشترين بطرائق جديدة في ظل «كورونا»

أصحاب المطاعم والمقاهي الأكثر حرصاً على إجراءات الوقاية (تصوير: محمد المانع)
أصحاب المطاعم والمقاهي الأكثر حرصاً على إجراءات الوقاية (تصوير: محمد المانع)

اعتاد الناس على اعتباره المحطة الأولى أو الأخيرة في رحلة دخولهم للمطعم أو المقهى؛ ذلك الجالس على كرسيه من 6 وربما 14 ساعة في اليوم، الذي اعتاد مقابلة كتائب المشترين التي لا تنتهي، يحاول أن يُبقي على تركيزه بعقد صداقة مع شاشة الأرقام والحسابات فهي رفيقه الدائم على مكتبه الصغير، كما يحاول أن يتذكر دائماً أن «الزبون على حق»، رغم ما يلقاه من تجاوزات البعض، خصوصاً بعد أن أخرج مكتبه من آخر المحل إلى الواجهة الخارجية للمحل تحت حكم «كورونا».
«الكاشير» أو محاسب المشتريات المبتسم الصامت على متاعب مهنته، يقف اليوم في الصف الأول في مواجهة طوابير المشترين المتباعدين، أو راكضاً إلى سياراتهم، حيث فرض «كورونا» المسافات والكمامات، معرضاً نفسه لخطر الإصابات من مشترٍ لم يفقه لإصابته، أو متهاون اعتبر الكمامة غير ضرورية، وذلك مع استئناف المطاعم والمقاهي عملها في السعودية والعديد من الدول، مع تخفيف إجراءات العزل المفروضة لاحتواء تفشي «كورونا».
«الشرق الأوسط» التقت بعض العاملين في المقاهي، حيث بيّن خالد باناجة، «أنه لحماية زبائننا من الإصابة بالفيروس، عملنا على زيادة مساحات التظليل الخارجي، ونقل جهاز المحاسبة خارج المحل، وذلك حسب الاشتراطات الوقائية، إضافة إلى محاولة أخذ الطلبات من السيارات أيضاً».
ويضيف أنه أصبحت أمام مواجهة عدد أكبر من الناس بعدما أصبح مكان المحاسب خارجياً، تجربة قد تطول وقد تقصر، لكن التكيف معها بات ضرورياً، خصوصاً أننا لا نعلم كيف سيكون الوضع في الأيام المقبلة.
وأضاف: «لا يخفى أن تقديم الوجبات عبر خدمة التوصيل أو الطلب خارج المطعم، أمر يخفض كثيراً من عدد الوجبات والمدخول. نحاول وزملائي جاهدين اتخاذ كامل الإجراءات من تعقيم واستخدام كمامات، وعمل فحص (كورونا) إن استدعت الحاجة، تفادياً للإغلاق، وقد ازداد الضغط على المحاسبين كثيراً، خصوصاً أن الناس لا تحتمل الانتظار الطويل في وقت النهار بسبب حرارة الأجواء».
إذ أعاد إغلاق الطلب المحلي في المقاهي والمطاعم الاعتماد على الطلب الخارجي وشركات التوصيل، ويبين عبد الله الرافعي، الذي يدير أحد المقاهي في مدينة جدة، أن الإغلاق السابق جعلهم يفكرون أكثر فيما لو استمرت الإجراءات الوقائية للعمل على عدة نقاط؛ أهمها التركيز على التسويق للمحل في مواقع التواصل الاجتماعي، وزيادة عدد المحاسبين، حيث يتلقون الطلبات من أمام المحل، ويجرون عملية المحاسبة سريعاً، إضافة إلى الاشتراك من بعض التطبيقات التي تتيح التوصيل للعميل.
بينما أضاف خالد فلمبان، خدمة تحضير الطلب مسبقاً، ومناولة العميل طلبه برقم لوحة السيارة دون الحاجة إلى النزول، أو الوقوف في صفوف طويلة، وتغيير مكان الكاشير من الوقوف في الخلف إلى الخارج حاملاً معه جهاز المحاسبة الآلي لإنهاء الخدمات.
بينما تستأنف المطاعم والمقاهي عملها في السعودية والعديد من الدول، مع تخفيف إجراءات العزل المفروضة لاحتواء تفشي «كورونا» مع بدء الموجة الثانية عالمياً، ولحماية زبائنها من الإصابة بالفيروس، تبتكر بعضها طرائق جديدة للتباعد الاجتماعي في ظل الاحترازات الصحية بسبب قيود فيروس كورونا المستجد، وتتبع أخرى مفروضة عليها، حيث أغلقت المقاهي والمطاعم أبوابها لتخرج طواقمها من محاسبين ونادلين إلى الخارج لاستقبال طلبات العملاء وفق إجراءات محددة.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».