ميليشيات «الحشد الشعبي» نسخة عراقية من «الباسيج» الإيراني

جاءت رد فعل لسقوط الموصل.. ولإيجاد بديل للجيش العراقي المنهار

ميليشيات «الحشد الشعبي» نسخة عراقية من «الباسيج» الإيراني
TT

ميليشيات «الحشد الشعبي» نسخة عراقية من «الباسيج» الإيراني

ميليشيات «الحشد الشعبي» نسخة عراقية من «الباسيج» الإيراني

أصبح الصراع حول العراق حالة مفسرة للواقع العربي والدولي الموسوم بالتغيرات السريعة، فلم يعد الأمر مجرد صراع مختزل بين «داعش» الإرهابي والمجموعة الدولية المناهضة للإرهاب، بل إن الصراع متعدد الأطراف والأهداف، وهذا ما يخفي حسابات بعض الدول، ويجعل من استعمال جميع الوسائل والأسلحة جائزا لأغراض جيوستراتيجية. من تلك الأسلحة الخطرة التي استعملتها إيران باعتبارها طرفا أساسيا في الصراع الساعي للسيطرة على العراق المعاصر، سلاح الدين والمذهبية الشيعية؛ وهي بذلك تسعى لتعزيز القوة المادية العسكرية وجمع أهل المذهب لبناء قوة عسكرية أقوى من الدولة. وفي الوقت ذاته إنشاء هياكل مؤسساتية جديدة تحتل الميليشيات نواتها الصلبة، وتهيمن على مفاصلها.

ليس غريبا أن تكون خطبة صلاة الجمعة ليوم (12 يونيو «حزيران» 2014) في كربلاء، هي زمان إعلان الجهاد المقدس الطائفي، حيث تلا الخطيب الشيخ عبد المهدي الكربلائي فتوى المرجعية الدينية الشيعية آية الله السيستاني، التي دعت الشيعة القادرين لحمل السلاح بدعوى حماية المقدسات والأعراض ومواجهة الإرهاب والتكفيريين. وعلى هذا الأساس قاد هادي العامري وزير النقل في حكومة نوري المالكي، والأمين العام لمنظمة «بدر»، مجاميع هذه الميليشيات لفك الحصار عن مدينة آمرلي، وكانت العملية بمساندة جوية أميركية فيما يمكن اعتباره غطاء جويا للميليشيات الشيعية. كما قاد زعيم «بدر» شخصيا المعارك القتالية، إلى جانب القوات المشتركة من الجيش العراقي بقيادة «عمليات دجلة» والقوات الساعية لاستعادة مدن محافظة ديالى، وهو ما تم بالفعل، حيث اعتبرها العامري في ندوة صحافية عقدها يوم 26 يناير (كانون الثاني) 2015م مدينة آمنة.

* تأسيس «الجيش الطائفي»
* رغم أن تأسيس «قوات الحشد الشعبي» ينظر إليه كرد فعل طبيعي على سقوط الموصل بيد «داعش» في عهد نوري المالكي؛ فإن الدارس لجوانب القضية سرعان ما يكتشف أن الأمر يتجاوز ذلك، ليتعلق بشكل مباشر بطبيعة الاستراتيجية الإيرانية التي يقودها عمليا الحرس الثوري، وينفذها فيلق القدس على الأرض. ذلك أن طبيعة تدخل المرجعية الدينية المذهبية، وتركيبة قادة «الحشد الشعبي» من جهة، وكذا طبيعة القيادة المشرفة والمتحكمة في هذه الميليشيات، تؤكد من جديد أن «قوات الحشد الشعبي» هي جيش غير عشوائي التكوين والقصد والوسائل، وأن فيه الحس الوطني العراقي، بالقدر الذي يخدم هذا الأخير، ما هو استراتيجي إيراني ونظرته لمستقبل المنطقة.
ولأن الرؤية الطائفية والاستراتيجية الشيعية كانت واضحة حيال ضرورة إيجاد «جيش بديل» للجيش العراقي المنهار، فقد دعت الحكومة العراقية في 11 حزيران 2014 إلى تشكيل هذه القوة الجديدة، لتأتي بعد ذلك المرجعية الشيعية لإعلان «الجهاد الكفائي» في 13 من الشهر نفسه، فأصبح السياسي والديني خادما للطائفي، تحت ستار الواجب والفرض المقدس، وهذا ما يفسر سرعة استجابة حكومة نوري المالكي السابقة لتأسيس إطار رسمي تحت اسم «مديرية الحشد الشعبي»، لتسجيل وتدريب وتسليح حاملي السلاح من القوة الجديدة، وما رافقه من دعوة للجنود الفارين للرجوع إلى الخدمة العسكرية دفاعا عن بغداد ومحيطها.
وحسب مصادر عراقية رسمية تم تسجيل «1000000» متطوع ضمن هذا «الجيش البديل»، أما اللجنة العسكرية المشرفة على تجهيز المتطوعين، فأكدت أن عدد المتطوعين وصل إلى مليون ونصف المليون متطوع، تم تزويدهم بالسلاح، كما دعت الحكومة هؤلاء الأفراد لإحضار أسلحتهم. وفتحت الدولة المخازن لهم على المستوى الوطني، ووفرت لهم التدريب بمشاركة إيرانية مباشرة، في جو مليء بدعوات التحريض وتجييش الشيعة لممارسة العمل المسلح.
كل هذا سهّل اندماج عشرات الميليشيات العراقية الطائفية في فلك منظومة عسكرية يُعاد تكوينها، بفلسفة وعقيدة عسكرية جديدة. فهذه الميليشيات تتمتع بما يتمتع به الجيش النظامي العراقي من حقوق تجاه الدولة؛ فمن الناحية المالية، تدفع الدولة رواتب هذه الميليشيات، وتزودها بالسلاح والزي العسكري الرسمي. ولوجيستيا تمدها الدولة بالآليات والمعدات العسكرية بمختلف أنواعها، كما أنها تتمتع باستقلال في اتخاذ بعض القرارات العسكرية، حيث تخضع الميليشيات لقياداتها، وبالتالي يمكنها اتخاذ مبادرات وخوض معارك دون إذن رسمي من الدولة، وهذا ما يجعل منها أداة لتصفية الحسابات السياسية والطائفية، ويشجعها على ارتكاب مجازر، كتلك التي ارتكبتها في معركتها الأخيرة بمحافظة ديالى، حيث أعدمت 70 مدنيا، واحتفلت بالرقص فوق جثثهم. كما أنها تمارس التغيير الديموغرافي بالتهجير، وتمنع العوائل السنية من العودة إلى مناطقها في أكثر من مدينة عراقية.

* قوات عسكرية محلية ببعد إقليمي
* والحقيقة أن هناك نوعين من القوات المسلحة العسكرية بالعراق حاليا؛ القوات العراقية النظامية، التي تتكون أساسا من ميليشيا «بدر» بقيادة هادي العامري، و«العصائب» بزعامة قيس الخزعلي، و«الكتائب» و«سرايا السلام» التابعة لمقتدى الصدر؛ وهناك قوات عسكرية من نوع ثانٍ، وهي ما أطلق عليه «الحشد الشعبي»، وفصائل أخرى. وكما أشرنا سابقا، فإن استقلالية «الحشد الشعبي» على المستوى الميداني أمر واقع، ليس لطبيعة الظروف العسكرية، لكن لطبيعة مهمة كل القوات العسكرية. لكن ذلك لا ينفي اعتمادها على العقيدة الدينية المذهبية باعتبارها عقيدة مشتركة لكل القوات العسكرية.
وقد وضح ذلك القيادي بميليشيا «بدر» مثنى التميمي، حيث أكد أن «فتوى الجهاد الكفائي للمرجعية الدينية أباحت لنا التدخل في كل جزء من العراق».
وإذا كانت الميليشيات كما رأينا في مقالة متعلقة بميليشيا بدر (انظر جريدة «الشرق الأوسط» 26 يناير 2015) تشتغل تحت إشراف الحرس الثوري، فإن «الحشد الشعبي» هو الآخر يخضع لإشراف من قوات «الباسيج - التعبئة الشعبية» الإيرانية، من حيث التدريب وترسيخ العقيدة القتالية؛ ففي معركة «ديالى» الأخيرة التي خاضها «الحشد الشعبي» أدت لمقتل 10 من «الباسيج»، كما أسفرت معركة سابقة بمنطقة سامراء عن مقتل قائد في «قوات التعبئة» الإيرانية يُسمى «نوروزي». وهو أحد أعضاء مقر «الشهيد تيموري نيا» التابع لقوات «الباسيج» في مدينة كرمنشاه غرب إيران، وكان أحد المشرفين على التدريب والمستشارين لقوات «الحشد الشعبي» في سامراء، كما كان يشارك في العمليات القتالية ضمن «وحدة العمليات الخاصة»، العاملة في ميليشيا «بدر».
ولا تزال إلى اليوم مجموعات كاملة من «الباسيج» تشرف على تأمين بغداد، وبعض من أطرافها، وتشارك في العمليات القتالية إلى جانب «الحشد الشعبي» الموكول لها حراس العاصمة العراقية.
ووفقا لما أوردته وكالة «فارس» الإيرانية، نهاية سنة 2014م، فإن «فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، قام بتأسيس جيش رديف من الميليشيات، وآلاف المتطوعين تحت اسم (الحشد الشعبي)، بقصد مساندة الجيش العراقي (المنهار)».
من جهته، ما زال نوري المالكي يولي اهتماما خاصا بهذه القوات، فقد استقبل قادة «الحشد الشعبي» وفصائل المقاومة الإسلامية بصفته النائب الأول لرئيس الجمهورية بمكتبه الرسمي يوم 26 يناير 2015م، معبرا لها عن استمرار دعمه لها، وعن استعداد الدولة ماليا ولوجيستيا لدعم هذه القوات، وفي الوقت نفسه، عبر لقادة «الحشد الشعبي» عن رفضه للتهم التي توجه لهم.
أكثر من ذلك، تحاول أطراف شيعية كثيرة سياسية وعسكرية تولية رئيس الحكومة السابق، نائب رئيس الجمهورية نوري المالكي منصب قائد «الحشد الشعبي»، مما أثار حفيظة مقتدى الصدر، حيث عبر عن رفض زعيم التيار الصدري لهذا التوجه، في بيان رسمي يوم الخميس 29 يناير (كانون الثاني) الحالي، معتبرا تولية نوري المالكي لرئاسة «الحشد الشعبي» محاولة «لتأجيج الطائفية». وغير خاف أن هذا يأتي مع بروز خلافات بين ميليشيات «الحشد الشعبي» حول التعويضات المالية، كما يأتي في ظل اتهام هذه الميليشيات بارتكاب جرائم بشعة ضد المدنيين، وبالتالي فتدخل نوري المالكي في هذا الوقت يُفهم منه أن هذه القوات محمية داخليا، وأنها تتمتع برضا إيران خارجيا.
خلاصة الأمر، أن «قوات الحشد الشعبي» لم تُنشأ لردع «داعش» فقط، بل إنها جزء من بناء منظومة عسكرية عراقية طائفية مرتهنة بالمشروع الإيراني، من جهتين على الأقل؛ جهة العقيدة العسكرية المنطلقة من المذهبية الدينية، التي تنظر للجوار السني تهديدا مباشرا. أما الجهة الثانية فتتعلق بالجيوستراتيجي، لذا تسعى إيران وأنصارها بالسلطة العراقية، على الإبقاء على هذه القوة العسكرية بصيغ مختلفة ومتماشية مع الظروف كجيب داخلي يحمي مصالح إيران من أي تهديد محتمل بالعراق وجوار العراق، وهذا (فيما نحسب) أخطر تهديد مستقبلي يشكله هذا النظام العسكري ذو الولاء للحرس الثوري. ومن هنا يبقى احتمال زعزعة استقرار جيران العراق الخليجيين (الكويت خصوصا) على المدى المنظور، احتمالا واردا جدا، سواء تشكلت قوات الحرس الوطني، بعراق المستقبل، أم لم تتشكل.

* أستاذ العلوم السياسية في جامعة محمد الخامس



«حزب الله» العراق... صورة حول الفرات بأهداف تتجاوز الأصل اللبناني

أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)
أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)
TT

«حزب الله» العراق... صورة حول الفرات بأهداف تتجاوز الأصل اللبناني

أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)
أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)

ارتبط مسمى «حزب الله» بنوعين؛ أعلام صفراء في لبنان، وحسن نصر الله أمين عام حزب الله، لبنان، لكن النوع العقائدي الأكبر خطورة يسير في دماء العراق، حزب هو بذات الاسم، عقائديون أكبر أثراً في سفك الدماء، حيث يرعون الأمر أكبر من مجرد حزب أصفر له الضاحية الجنوبية في لبنان؛ مسكن ومقر ومشيعون.
بين دجلة والفرات، حزب يسمى كتائب «حزب الله العراق»، له أكثر من 13 عاماً وهو في تشكيله الحالي، ليس بالهين عوضاً عن ميليشيات «الحشد الشعبي» التي أخذت كل الوهج الإعلامي كونها مرتبطة بنظام إيران، لكن «حزب الله العراق» وكتائبه تمر في أزقة السواد وبأخطر من دور ميداني تمارسه «الحشد الشعبي»، لأن العقائدية ونشرها أشد خطورة من ميدان يتقهقر فيه الأضعف، نظراً للضربات الآمنة التي يقودها الحلفاء أولو القوة من غرب الأرض لوقف تمدد النزيف، دائماً ما يكون مصنع الوباء يمر بحزب الله العراق.

قبل أشهر، كان الحزب تعرض لواحدة من أعنف الغارات على مواقعه، بعد هجوم صاروخي استهدف قاعدة التاجي في العراق، وقتل فيها جنديين أميركيين وبريطانياً، وجاء الرد خلال ساعات قليلة بفعل غارات أميركية - بريطانية مشتركة، ضد منشآت لميليشيات حزب الله العراقي في محافظتي بابل وواسط ومنطقة سورية محاذية للحدود العراقية.
نظرة سريعة على حزب الله العراق، من التاريخ، كان عماد مغنية (قتل في 2008 بغارة إسرائيلية في دمشق) الإرهابي اللبناني التابع لإيران، وحزب الله لبنان، كان أحد صنّاع هيكل هذا الحزب في العراق، حيث بدأ في العمل وفقاً لتوجيهات وأوامر نظام الملالي في تكوين حزب يشبه حزب الله اللبناني، وهو ما يبدو أن الأوامر جاءته في تجويد هذا الحزب ليكون بذراعين: عسكرية وعقائدية، ويبدو أن مغنية تجاوز أخطاء عديدة في تشكيل ووهج حزبه اللبناني، فصنع بهدوء هيكلة مختلفة للحزب، جعلت كل المساجد والحسينيات وقوداً يضخ فيها البذور التي يرغبها أولو العمائم.
ظهر الحزب بحضوره الأول بقوام تجاوز 4 آلاف شخص، منتمين بعضويات عدة داخله، وتنامى العدد حتى قبل تصنيف الولايات المتحدة له كـ«تنظيم إرهابي»، لكنه جعل دوره التسويقي للحشد والتنظيم أكبر من مجرد عسكرة، بل فكرة أكثر ارتباطاً في نشر آيديولوجيا عبر مواقع عدة، ومنها تفريخ عناصر في قطاعات مهمة داخل العراق؛ منها وزارة التعليم ووضع لبنات التعاون مع أحزاب دينية؛ منها «الحزب الإسلامي» الذي يتغذى بمنهج الإخوان المسلمين.
ربما ما يدور أن الحزب هو جزء في تكوين «الحشد الشعبي» لكن ذلك يمر بتقاطعات، حيث يشير عبد القادر ماهين، المتخصص في شؤون التنظيمات الإرهابية، إلى أن الحزب يظهر كونها جزءاً من تكوين الحشد، لكنه جزء يصنع الكعكة الميليشياوية ويشارك في تسميمها ويعمل على توزيعها في المناطق المجاورة.
يشير ماهين في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» إلى أنه لا أمين عاماً للحزب أسوة بحزب الله اللبناني، حيث يظهر فيه حسن نصر الله، مبرراً ذلك أن الفرق بين تكوين الحزبين هو الحاجة والدور، حيث يتمركز في جنوب العراق بعتاد عسكري، له هدف في وضع حضور طاغٍ يحاول تفخيخ الحدود، لأن الهدف يرتبط مع إمبراطورية إيران الكبرى الممتدة، ولا يظهر له الأثر السياسي كممثلين له كما هو الحزب اللبناني ليكون أثره في تشكيل الحكومات والبرلمانات.

إذن ما الدور الذي يلعبه الحزب؟

الحزب كما يرى ماهين، أنه ذو دور عسكري في الأصل، لكن الترتيبات ما بعد 2009 جعلته أكثر قدرة في تكوين فريق احتياط عسكري ليس أكثر وفق الحاجة، يدعم التوجهات والسياسات الإيرانية، لكن ما أخل بتلك القاعدة مشاركته المباشرة في دعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وأصبح أكثر من 4 أو 5 آلاف جندي مشاركين في السيطرة على مدن سورية تحت إمرة إيران في سوريا التي تتشكل من 4 فصائل مسلحة.
الحزب ليس عسكرياً فقط؛ كان ولا يزال صاحب دور في الترويج العقائدي، وتصوير الحضور الإيراني بشكل إيجابي مزعوم، إضافة إلى عمله الاقتصادي، حيث يدخل عناصره الكبرى في مفاصل مهمة في الاقتصاد العراقي، من شركات اتصالات وشركات نفطية، وأخرى ذات علاقة بقطاع الطيران، وإدارة المطارات والمنافذ، وبعض الأشخاص أبرزهم هادي العامري الذي كان صاحب صولات وجولات حين حمل حقيبة وزارة النقل العراقية في وقت سابق، وكان أبرز مهددي الاستمرار الكويتي في بناء ميناء مبارك الكبير، حيث هددت كتائب الحزب الشركات من الاستمرار بالعمل، وحينها ظهر العامري بأن ذلك المشروع «يغلق القناة الملاحية لموانئ العراق».
مرحلة مختلفة ظهرت، حين عاودت الآلة العسكرية الحزبية لكتائب حزب الله العراق، بالعمل من خلف الصفوف، حيث كانت أبرز مهددي السفارات وأكثر ملغمي مسارات الحلول السياسية، بل ومن رمى بقادة العراق اليوم في تحدي أن يرضخوا أمام شعب بدأ في كراهية الحضور الإيراني، وكان الحزب أبرز علامات استهداف المتظاهرين في العراق في كل البلاد، بغية كسر حدة السيوف الشعبية لتصبح مجرد مقبض دون رأس حربة كي يحافظ الحزب على الوجود الإيراني، خصوصاً أنه أبرز متلقٍ للأموال من نظام إيران وأكثرها غناءً.
الدور الاقتصادي لكتائب حزب الله العراق أصبح أكثر وضوحاً، حيث كان أكبر المنتفعين في عام 2015، من «الفدية القطرية» التي وصلت إلى أكثر من مليار دولار، مقابل إطلاق سراح قطريين كانوا يقضون وقتهم في الصيد جنوب العراق، ورغم أن الأنباء قالت إن الخاطفين لعدد من أبناء الأسرة الحاكمة القطرية ومعاونيهم الذي بلغ 28 شخصاً، كانوا من تنظيم «داعش»، لكن التقارير المسربة لاحقاً في بدايات 2016 حيث جرى تخليصهم وعودتهم إلى قطر، كانوا يتبعون لكتائب حزب الله العراق، وهو ما ينافي الرواية الرسمية القطرية التي تقول إنها دفعت المبلغ للحكومة العراقية.
الدور المستقبلي لن ينفك عن منهجية تتقاطع مع حزب الله اللبناني، حيث لدى الحزب اليوم الرؤى ذاتها، خصوصاً في اعتماد سياسة «افتعال الأزمات»، كي لا ينكسر الحضور الإيراني ونفوذه في المؤسسات الدينية وبعض السياسية، التي يجد فيها بعضاً من رجاله الذين يقبعون في سياسة تخفيف الضغط على النظام السياسي ومحاصصته التي تستفيد منها ميليشيات إيران في العراق، وما بعد مقتل قاسم سليماني، غربلة يعيشها الحزب الذي يجرب يوماً بعد آخر أسلوب التقدم خطوة بخطوة، مستفيداً من تكتيك الفأر في نشر طاعون على أرض هي الأهم لإيران.