الشيخ يزور البرغوثي في سجنه لتجنب «مفاجآت انتخابية»

عرض للأسير الفلسطيني بتشكيل «قائمة فتح» مقابل التخلي عن الترشح للرئاسة

مظاهرات في رام الله عام 2015 في ذكرى اعتقال مروان البرغوثي بسجون إسرائيل (أ.ف.ب)
مظاهرات في رام الله عام 2015 في ذكرى اعتقال مروان البرغوثي بسجون إسرائيل (أ.ف.ب)
TT

الشيخ يزور البرغوثي في سجنه لتجنب «مفاجآت انتخابية»

مظاهرات في رام الله عام 2015 في ذكرى اعتقال مروان البرغوثي بسجون إسرائيل (أ.ف.ب)
مظاهرات في رام الله عام 2015 في ذكرى اعتقال مروان البرغوثي بسجون إسرائيل (أ.ف.ب)

التقى المسؤول الفلسطيني حسين الشيخ، المقرب من الرئيس محمود عباس، الأسير مروان البرغوثي في سجنه الإسرائيلي، أمس، في زيارة استثنائية سمحت بها إسرائيل؛ لمناقشة الانتخابات التشريعية والرئاسية القريبة.
ووافقت إسرائيل على الزيارة بعد طلب رسمي تقدم به الشيخ، وهو وزير الشؤون المدنية، وعضو اللجنة المركزية لـ«فتح». وقالت وسائل إعلام إسرائيلية، إن الموافقة كانت استثنائية في ظل الظروف الأمنية والصحية، مضيفة، أن الشيخ سيحاول إقناع البرغوثي، وهو عضو مركزية في «فتح» كذلك، بعدم الترشح في انتخابات الرئاسة المقررة أواخر يوليو (تموز)، بعد أن قال مقربون من البرغوثي، مؤخراً، إنه ينوي الترشح للرئاسة، في مواجهة مرشح حركة «فتح» المتوقع أن يكون الرئيس الحالي محمود عباس.
وعلى الرغم من أن البرغوثي لم يعلن موقفاً صريحاً وواضحاً بشأن ترشحه في الانتخابات، لكن تجربة الحركة في الانتخابات الرئاسية الفلسطينية الأخيرة، عام 2005، عندما رشح نفسه من السجن مقابل عباس، آنذاك، قبل أن ينسحب لاحقاً تحت الضغوط، إضافة إلى تصريحات مقربين منه بأنه ينوي الترشح هذه المرة؛ لأنه «أحق»، أو أنها الطريق الوحيدة لخروجه من السجن، استوجب هذا التحرك من قبل حركة «فتح» ممثلاً بالشيخ.
وعملياً، فإن لا أحد في حركة «فتح» قد يشكل صداعاً لعباس إذا ما نوى الترشح للرئاسة مجدداً، بقدر البرغوثي الذي يحظى بشعبية كبيرة داخل الحركة، خصوصاً بين الشباب الذين أعطوه في مؤتمرات الحركة، أعلى الأصوات، ويرى كثيرون أنه يستحق هذا المنصب. والبرغوثي (63 عاماً)، من قرية كوبر شمال غربي رام الله وسط الضفة الغربية، معتقل منذ 2002 في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وحُكم عليه بالسجن لمدة خمسة مؤبدات وأربعين عاماً، بتهمة قيادة كتائب «شهداء الأقصى»، الذراع العسكرية لحركة «فتح»، المسؤولة عن قتل إسرائيليين خلال انتفاضة الأقصى الثانية التي اندلعت عام 2000.
وتسعى مركزية «فتح» التي يترأسها عباس، إلى الاتفاق مع البرغوثي حول كل شيء يخص الانتخابات، ويشكل ذلك اعترافاً أيضاً بأهمية الرجل.
ويقول مسؤولون في الحركة، إن انتخاب معتقل في السجون الإسرائيلية ليس بالأمر العملي نهائياً، بغض النظر عن الأهمية التي يحظى بها الشخص داخل الحركة؛ ولذلك يتوقع أن تعرض الحركة على البرغوثي أن يكون رئيس قائمتها في انتخابات المجلس التشريعي، وربما يشارك في صناعة هذه القائمة مقابل تخليه عن فكرة الترشح للرئاسة.
وتخشى الحركة من حصول البرغوثي إذا ما ترشح، على دعم من داخل «فتح» نفسها ومعارضيها كذلك، مثل «حماس» وفصائل في المنظمة. وستحتاج حركة «فتح» إلى حسم كل ذلك، في ظل أنها ستكون مطمئنة لنتيجة الانتخابات الرئاسية مع غياب «حماس». وحتى الآن، لا تنوي «حماس» التنافس على منصب الرئيس؛ بسبب التعقيدات السياسية الداخلية وفي الإقليم والعالم. وتدرك حركة «حماس» أنه لا يمكن لأي مسؤول من الحركة، التي تصنفها إسرائيل والولايات المتحدة، إرهابية، أن يشغل منصب رئيس السلطة.
وحاصرت إسرائيل والعالم، الحكومة التي شكلتها «حماس» بعد الانتخابات التشريعية عام 2006؛ بسبب أن الحركة لا تعترف بإسرائيل ولا تسعى للسلام.
واستبعد مشير المصري، المسؤول في «حماس»، احتمال خوض الحركة الانتخابات الرئاسية للسلطة الفلسطينية، بالقول، إنه من المرجح أن تدعم «حماس» مرشحاً من غير الحركة أو تتوصل إلى اتفاق مع الفصائل الفلسطينية الأخرى، على مرشح متفق عليه؛ لأن مرشح «حمـاس» سيؤدي إلى «تعقيد سياسي». وينسحب ذلك على منصب رئيس الوزراء الذي عهدت به «حماس» بالاتفاق مع «فتح»، مرات عدة، لمستقلين أو محسوبين على «فتح» لسحب البساط من تحت اعتراض إسرائيل.
وينتظر الفلسطينيون إجراء أول انتخابات فلسطينية عامة في الأراضي الفلسطينية منذ عام 2006، في 22 من مايو (أيار) المقبل للتشريعي، وفي 31 يوليو للرئاسة، على أن تعتبر نتائج انتخابات المجلس التشريعي، المرحلة الأولى في تشكيل المجلس الوطني الفلسطيني، وعلى أن يتم استكمال المجلس الوطني في نهاية أغسطس (آب) المقبل، وفق النظام الأساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية والتفاهمات الوطنية، بحيث تجرى انتخابات المجلس الوطني حيثما أمكن.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».