تطل أزمة ديموغرافية خطرة برأسها في الصين، حيث انخفض عدد المواليد المسجلين في عام 2020 بنسبة تقترب من 15 في المائة، مقارنة مع العام السابق، في أحدث مؤشر على مساعي بكين لإحداث طفرة للمواليد حتى الساعة؛ رغم تخفيف السلطات من القيود الصارمة في سياسة تنظيم الأسرة.
وبعد عقود من «سياسة الطفل الواحد»، غيّرت بكين القواعد في عام 2016 للسماح للأسر بإنجاب طفلين، مع ازدياد المخاوف بشأن شيخوخة السكان السريعة في الصين وتقلص القوة العاملة.
ووصف خبراء ذلك بأنه اتجاه ينذر بالخطر، خصوصاً على الجانب الاقتصادي، وذكرت صحيفة «غلوبال تايمز»، التابعة للحزب الشيوعي الصيني، أن الأرقام «تنخفض إلى ما دون مستوى التحذير». وقال مو غوانغ زونغ، الأستاذ في «معهد أبحاث السكان» في جامعة بكين، لصحيفة «غلوبال تايمز»: «لقد وصل معدل المواليد المنخفض في الصين إلى درجة مثيرة للقلق، لكنها ليست مفاجأة».
وأظهرت أرقام نشرتها أخيراً وزارة الأمن العام الصينية تسجيل 10.04 مليون ولادة في عام 2020، في انخفاض بنسبة 14.8 في المائة عن عدد المواليد المسجلين في 2019.
وتوزع المواليد الجدد في 2020 على 52.7 في المائة للذكور، و47.3 في المائة للإناث، بحسب البيانات.
وقد بلغ العدد الرسمي للولادات الإجمالية، والذي يُعلن عنه بصورة منفصلة، 14.65 مليوناً في 2019، وهذا الرقم غير المتوفر بعد لسنة 2020، يكون تقليدياً أعلى من عدد الولادات المسجلة رسمياً بسبب تأخر بعض الأهل في تسجيل الولادات. وتظهر البيانات تراجع أعداد المواليد للعام الرابع على التوالي في الصين.
ولاحظ أحد المستخدمين على منصة «ويبو» الملقبة «تويتر الصينية» أن عدد المواليد كان «أقل من عدد الأشخاص الذين يخضعون لامتحان القبول بالجامعة»، مشيراً إلى أن معدلات الشيخوخة السكانية ستصبح أكثر خطورة في العقود المقبلة. ووصف آخر المعدل المنخفض بأنه «أكبر أزمة تواجهها الأمة الصينية».
وبدأت الصين اعتماد «سياسة الطفل الواحد» في أواخر سبعينات القرن العشرين، في محاولة لإبطاء النمو السكاني السريع، قبل تخفيفها في عام 2016. لكن تغيير هذه القواعد لم يؤد بعد إلى طفرة في المواليد؛ إذ تعمد الصينيات في أحيان كثيرة إلى تأخير الولادة أو تجنبها، فيما يلقي الأزواج الشباب باللوم على ارتفاع التكاليف وعدم كفاية الدعم السياسي للأسر.
وتأتي هذه البيانات أيضاً بعدما أثارت جائحة «كوفيد19» حالاً من الفوضى في الاقتصاد العالمي، في ظل ازدياد القلق لدى عائلات كثيرة بشأن أمنها الوظيفي. وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بدأت الصين تعداداً سكانياً تجريه مرة كل عقد، في خطوة توليها أهمية كبيرة لرصد أي تغيير على صعيد مستويات الزيادة السكانية بفعل تخفيف قواعد تنظيم الأسرة.
ويعدّ خبراء في علم السكان أن البدء في رصد أي أثر ملحوظ لـ«سياسة الطفلين» على أعداد السكان لن يحدث قبل 15 عاماً. وفي الوقت نفسه، من المتوقع أن يصل عدد المتقاعدين الصينيين إلى 300 مليون بحلول عام 2025.
ونقلت وسائل الإعلام الحكومية الصينية في ديسمبر (كانون الأول) الماضي عن وزير الشؤون المدنية لي جيهينغ قوله إن معدل الخصوبة في البلاد «انخفض بشكل خطير»، وهو أقل بكثير من معدل استبدال السكان البالغ 2.1 مولود لكل امرأة.
وكان معدل المواليد السنوي قد بلغ بالفعل في عام 2019 أدنى مستوى له منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية في عام 1949، وفقاً لهيئة الإحصاء الرسمية، وتمت الإشارة إلى تكاليف التعليم والسكن المرتفعة بوصفها أسباباً. كما انخفض عدد الزيجات، في حين أن معدل الطلاق في الصين مرتفع نسبياً. كما ينتظر كثير من الثنائيات الزواج وتكوين أسر في وقت لاحق.
ويقول خبير تنظيم الأسرة والباحث بجامعة ويسكونسن، يي فوكسيان، لوكالة الأنباء الألمانية إن «الاتجاه واضح: الناس لا يريدون إنجاب الأطفال». وقال الخبير إن عقود «سياسة الطفل الواحد» «غيرت مفهوم الناس للخصوبة... متأثرين بتنظيم الأسرة، اعتاد الناس على إنجاب طفل واحد فقط. أصبح المفهوم عميق الجذور ويصعب تغييره». وأضاف أن تكلفة تربية الأطفال في الصين أعلى منها في تايوان أو كوريا الجنوبية، كما حذر من العواقب الاقتصادية لشيخوخة المجتمع وتراجع عدد السكان العاملين.
وأوضح يي أن «القوة العاملة هي الدعامة الأساسية للاقتصاد. إذا انخفضت القوة العاملة، فسيبدأ الاقتصاد الصيني في التدهور». ويضيف أن التقديرات تظهر أن النمو الاقتصادي للصين سيكون أقل من النمو في الولايات المتحدة في الفترة من عام 2030 إلى 2035.
أزمة ديموغرافية تداهم الصين
خطر اقتصادي مع تراجع المواليد 15 % خلال 2020
أزمة ديموغرافية تداهم الصين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة