«الفضاء السعودية» تدرس إطلاق مهمة استكشافية للقمر والمريخ

سلطان بن سلمان أعلن إكمال التأسيس... وهنأ الإمارات

TT

«الفضاء السعودية» تدرس إطلاق مهمة استكشافية للقمر والمريخ

استعرض اجتماع للهيئة السعودية للفضاء مسار العمل في مشروع إطلاق مهمة علمية استكشافية للقمر والمريخ واستكمال الهيئة لإجراءات تنفيذ المشروع.
وأعلن الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس مجلس إدارة الهيئة السعودية للفضاء عن إكمال الهيئة جميع مراحل تأسيسها بعدما أنجزت بناءها المؤسسي وعقدت كثير من الشراكات والاتفاقيات محليا ودوليا على مختلف الأصعدة وأصبحت جاهزة لتنفيذ المهام المكلفة بها.
ولدى ترؤسه الاجتماع الرابع لمجلس إدارة الهيئة السعودية للفضاء عبر الاتصال المرئي قدم الأمير سلطان الشكر والتقدير لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز على ما لقيته الهيئة منذ تأسيسها من دعم وتوجيه لتنطلق بسرعة، «وتبقى المملكة في مكانها الرائد في مجال الفضاء، مشدداً على أن المملكة العربية السعودية قادرة على المحافظة على الريادة معتمدة على سواعد أبنائها المتعلمين والمؤهلين ويحققون كثيرا من الإنجازات على مختلف الصعد»، وفقا لبيان عن الهيئة حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه.
وأوضح الأمير سلطان بن سلمان أن خادم الحرمين الشريفين عاصر رحلة السعودية التاريخية الرائدة إلى الفضاء والتي انطلقت في عام 1985، بمشاركة أكثر من 30 عالما سعوديا وحققت كثيرا من النجاح وألهمت كثيرا من دول المنطقة والعالم لريادة الفضاء واستثماره لصالح الإنسانية.
وكشف رئيس مجلس إدارة الهيئة السعودية للفضاء عن برامج عديدة تعدها الهيئة، وفي مقدمتها ريادة الفضاء وبناء الكوادر التي تشارك من الأرض إلى الفضاء، والاستثمار في قطاع الفضاء بالتعاون مع وزارة الاستثمار وصندوق الاستثمارات العامة، لافتا إلى إعلان خلال أسابيع عن «إطلاق قطاع في الهيئة مهمته تحفيز الاستثمار في هذا المجال الحيوي والجديد والمهم، وذلك لتوفير التمويل وتمكين المؤسسات الصغيرة والمتوسطة للدخول في هذا المجال والاستثمار في مجال الفضاء، وربط المواطنين بالفرص المحلية والعالمية في مجال الفضاء».
وتحدث الأمير سلطان بن سلمان عن ترحيب دولي من وكالات الفضاء الدولية بالتعاون مع بلاده في هذا المجال «وهو ما يعكس ثقل المملكة وقدرتها وإمكانياتها»، متوقعا أن تكمل الهيئة السعودية للفضاء بناء فريق متكامل خلال عامين يتعاون مع وكالات الفضاء الدولية لبناء رحلات ومهمات علمية لاستكشاف الفضاء والمريخ والقمر برواد فضاء لأهداف علمية محددة تهم السعودية وتخدم حاضرها ومستقبلها.
وهنأ رئيس مجلس إدارة الهيئة السعودية للفضاء الإمارات على نجاح رحلة مسبار الأمل والوصول لمدار المريخ، موضحا أنه أجرى اتصالات هاتفية بالشيخ محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد الإمارات، وهنأه بنجاح المبادرة الرائدة، إذ جرى التفاهم على مزيد من الشراكات بين السعودية والإمارات في هذا المجال وهو إنجاز يحسب للجميع.
وبالعودة إلى اجتماع هيئة الفضاء السعودية، ذكر بيان الهيئة أن مجلس الإدارة أقر التقرير السنوي لعام 2020. واطلع المجلس على عدد من المواضيع من بينها الخطة التشغيلية للهيئة لعام 2021 لمواكبة البرامج التنفيذية التي تسعى الهيئة لإنجازها، وأكد المجلس ضرورة توفير الإمكانات المالية والإدارية لتحقيق الهيئة لمشاريعها، ومسارات مشاريع قطاع الفضاء، وآخر مستجدات العلاقات الدولية بالهيئة، ومذكرات التكامل التي تعدّها الهيئة وعدد من الجهات ذات العلاقة.
كما أقر المجلس سياسة تعارض المصالح وسلوكيات وأخلاقيات القائمين على تطبيق نظام المنافسات والمشتريات الحكومية ولائحته التنفيذية بالهيئة، الأمر الذي يعزز الشفافية والحوكمة لأعمال الهيئة.
وقدم المجلس شكره للجنة الاستشارية لبرنامج أجيال الفضاء بالتعاون مع مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله للموهبة والإبداع (موهبة). كما قدم المجلس شكره للرئيس التنفيذي ومسؤولي الهيئة على جهودهم في تحقيق تطلعات القيادة الكريمة عبر تنمية وتطوير هذا القطاع الواعد، متطلعين إلى عام جديد مليء بالإنجازات وتحقيق المزيد من النجاحات.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».