اليمن يرفض أي سلام مع الحوثيين يفتقد «الشروط الموضوعية»

اشتداد المعارك في جبهات مأرب والجوف... وغريفيث قلق من هجمات الميليشيات

TT

اليمن يرفض أي سلام مع الحوثيين يفتقد «الشروط الموضوعية»

حذرت الحكومة اليمنية المجتمع الدولي، أمس، من أي مساعٍ لفرض سلام مع الجماعة الحوثية لا يخضع لما وصفته بـ«الشروط الموضوعية»، وذلك بالتزامن مع استمرار الجماعة في تكثيف هجماتها على جبهات مأرب والجوف، ومع التحركات الأممية والغربية لإحياء مسار السلام ووقف العمليات العسكرية.
وفي حين أطلقت الجماعة الحوثية حملة في أوساط السكان الخاضعين لها للتبرع بالأموال من أجل السيطرة على مأرب عسكرياً، شددت الحكومة الشرعية خلال اجتماعها في العاصمة المؤقتة عدن على أن المعركة مع الميليشيات الحوثية «معركة وجودية لا يمكن أن تتوقف إلا بالانتصار فيها».
وعلى وقع الهجمات التي كثفتها الجماعة الحوثية عقب اعتزام الإدارة الأميركية إلغاء قرار تصنيفها من لائحة الجماعات الإرهابية، عبر المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث عن قلقه من هذا التصعيد. وقال غريفيث في تغريدتين على «تويتر»: «قلق للغاية من تجدد الأعمال العدائية في محافظة مأرب من قبل أنصار الله (يعني الحوثيين)، خصوصاً ونحن نشهد لحظة تبلور لزخم دبلوماسي جديد لإنهاء الحرب في اليمن واستئناف العملية السياسية». وأضاف أن «التوصل إلى تسوية سياسية عن طريق التفاوض تلبي تطلعات الشعب اليمني هو الحل الوحيد لإنهاء هذا النزاع».
وناقش مجلس الوزراء خلال اجتماعه في عدن عدداً من «القضايا والموضوعات المتصلة بالمستجدات والتطورات على المستوى الداخلي والخارجي، بما في ذلك تصعيد ميليشيا الحوثي الانقلابية هجماتها على محافظة مأرب، واستهداف المدنيين والنازحين بالصواريخ الباليستية والطائرات المفخخة، والمحاولات الفاشلة والمستمرة لاستهداف المملكة العربية السعودية»، بحسب وكالة «سبأ» الرسمية.
وأشار الاجتماع الحكومي إلى أن «هذا التصعيد المتزامن مع التحركات الأممية والدولية لإحلال السلام في اليمن ليس جديداً، ويؤكد ما حذرت منه الحكومة مراراً من أن هذه الميليشيات لا تؤمن بالسلام، ولا تكترث بمعاناة الشعب اليمني التي تسببت بها منذ انقلابها على السلطة الشرعية وإشعالها للحرب أواخر العام 2014».
كما أكد الاجتماع أن «قرار هذه الميليشيات ليس بيدها وهي مجرد أداة لداعميها في طهران تتحرك خدمة لمشروع النظام الإيراني التخريبي والتدميري الذي يستهدف الخليج والمنطقة العربية والعالم أجمع».
ونقلت المصادر الرسمية أن مجلس الوزراء اليمني أوضح أن «ما تقوم به ميليشيا الحوثي في استهداف المدنيين والأراضي السعودية يعكس فهمها لرسالة السلام التي بعث بها المجتمع الدولي ولا ترى في أي جهد للسلام إلا فرصة وغطاء لاستمرار معاركها ضد الشعب اليمني واستهداف أمن واستقرار دول الجوار».
ودعت الحكومة اليمنية الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمجتمع الدولي إلى «تحمّل مسؤولياتها وعدم الاكتفاء بالضغط نحو الذهاب إلى سلام لا تتوافر له أي شروط موضوعية مع عرقلة ميليشيا الحوثي وداعميها في طهران لكل الجهود».
كما شددت على أن «المعركة ضد ميليشيا الحوثي الانقلابية مصيرية ووجودية ولا مجال أمام الشعب اليمني إلا الانتصار فيها»، مؤكدة أن «الحكومة تضع في أولى أولوياتها دعم هذه المعركة حتى استكمال إنهاء الانقلاب واستعادة الدولة».
إلى ذلك، نسبت المصادر الرسمية لرئيس الحكومة معين عبد الملك قوله إن حكومته «ستواجه التحديات مهما كانت صعوبتها، وإن المقياس هو ما ستنجزه وينعكس على حياة ومعيشة المواطنين، ولن تلتفت لحملات التشكيك بعملها ومحاولات عرقلة التوافق والإجماع الوطني الذي تحقق بموجب اتفاق الرياض، للتركيز على المعركة المصيرية في استكمال استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب، وتحقيق الاستقرار والتعافي الاقتصادي».
ميدانياً، أفاد الجيش اليمني بأنه تمكن من صد الهجمات الحوثية المستمرة منذ أيام في جبهات غرب مأرب وجنوبها وفي محافظة الجوف المجاورة. ونقل موقع الجيش «سبتمبر.نت» عن قائد جبهة جبل مراد (جنوب مأرب) العميد الركن حسين الحليسي قوله إن «ميليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران، مُنيت بهزيمة كبيرة في مديرية رحبة، جنوب غربي محافظة مأرب، بعد محاولتها الفاشلة التي قامت بها لاختراق مواقع الجيش الوطني».
وأوضح العميد الحليسي أن «المعارك التي تخوضها القوات المسلحة ورجال المقاومة من قبائل مراد لن تتوقف حتى تطهير كامل ربوع الوطن من ميليشيا الحوثي الإرهابية». وأشار إلى أن الميليشيات المدعومة من إيران تكبدت، أمس، «خسائر بشرية ومادية كبيرة في جبل مراد ومواقعها العسكرية المطلة على نجد المجمعة وماهلية بإسناد من مقاتلات تحالف دعم الشرعية التي استهدفت تعزيزات الجماعة وآلياتها».
وفي المحور الغربي من محافظة مأرب، حيث مديرية صرواح، أفاد الإعلام العسكري بأن القوات الحكومية شنت هجوماً مضاداً على مواقع الميليشيات الحوثية في جبهة هيلان، حيث قُتل أكثر من 20 عنصراً حوثياً، بينهم قيادي ميداني يدعى كمال المؤيد.
وأكد الموقع الرسمي للجيش أن المعارك بين القوات الحكومية والميليشيات الحوثية تدور على امتداد جبهات القتال بمحافظتي مأرب والجوف، وسط تقهقر للميليشيات.
ونقل المركز الإعلامي للقوات المسلحة اليمنية عن مصادر عسكرية قولها إن الميليشيات تكبدت، أمس، خسائر بشرية ومادية كبيرة بنيران الجيش الوطني والمقاومة الشعبية شرق مدينة الحزم بمحافظة الجوف. وقالت المصادر إن «عناصر الجيش نجحت في استدراج ميليشيا الحوثي إلى كمائن محكمة عدة في جبهة دحيضة، أسفرت عن سقوط عشرات القتلى والجرحى في صفوف الميليشيات واستعادة آليات وأسلحة خفيفة ومتوسطة وكميات من الذخائر المتنوعة».
ويربط سياسيون يمنيون بين عودة الجماعة الحوثية لتكثيف الهجمات على أكثر من جبهة في محافظتي مأرب والجوف، وبين القرار الأميركي الأخير بالتراجع عن تصنيفها إرهابية، في حين يعوّل المبعوث الأممي على التغير الطارئ على سياسة واشنطن بشأن اليمن للدفع نحو تسوية سياسية، وهو ما ناقشه في طهران أول من أمس.
وكانت الجماعة حشدت بعد التصريحات الأميركية أعداداً ضخمة من المجندين الجدد إلى جبهات غرب محافظة مأرب وجنوبها وشنت هجمات عنيفة لا تزال متواصلة، كما شنت هجمات مماثلة في أغلب جبهات محافظة الجوف المجاورة.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.