الحوثيون يردون على «تراجع واشنطن» بتكثيف الهجمات البرية والجوية

TT

الحوثيون يردون على «تراجع واشنطن» بتكثيف الهجمات البرية والجوية

ردت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران على تراجع إدارة الرئيس الأميركي جوزيف بايدن عن تصنيفها على قوائم الإرهاب بتكثيف الهجمات البرية والجوية على محافظات مأرب والجوف وتعز، وسط انتقاد الحكومة اليمنية للقرار الأميركي الذي تعتقد بأنه سيدفع الجماعة لمزيد من الجنوح عن السلام.
وفي هذا السياق أفادت مصادر أمنية وطبية رسمية في مدينة مأرب بسقوط 3 قتلى وجرح ثلاثة على الأقل من المدنيين جراء سقوط صاروخ حوثي أطلقته الجماعة أمس (الأحد) على حي في المدينة المكتظة بالسكان ومخيمات النازحين بصحبة بطائرة مسيرة.
وذكرت المصادر الرسمية أن دفاعات قوات الجيش الوطني تمكنت من إسقاط طائرة مسيرة أخرى قبل استهدافها فرق الإسعاف لضحايا الصاروخ، مؤكدة أنه تم نقل المصابين إلى أحد المستشفيات في مدينة مأرب لتلقي العناية الطبية اللازمة لإنقاذ حياتهم.
ونقلت وكالة «سبأ» عن مصدر محلي قوله إن «تغاضي المجتمع الدولي عن الجرائم الإنسانية البشعة بحق المدنيين التي ترتكبها ميليشيا الحوثي وإفلاتها من العقاب هو من يشجعها على ارتكاب المزيد من هذه الجرائم والأعمال الإرهابية».
وفيما ربط الناشطون اليمنيون بين عودة الجماعة الحوثية لتكثيف الهجمات على أكثر من جبهة في محافظتي مأرب والجوف، وبين القرار الأميركي الأخير بالتراجع عن تصنيفها إرهابيا انتقدت الحكومة بدورها هذا القرار، بحسب ما جاء تغريد لوزير الإعلام والثقافة معمر الإرياني على تويتر.
وقالت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط» إن الميليشيات الحوثية حشدت أعدادا ضخمة من المجندين الجدد إلى جبهات غرب محافظة مأرب وجنوبها خلال اليومين الأخيرين، وشنت هجمات عنيفة تصدت لها قوات الجيش، كما شنت هجمات مماثلة في أغلب جبهات محافظة الجوف المجاورة.
ومع هذا التصعيد الحوثي عقب قرار التراجع الأميركي، قال وزير الإعلام والثقافة اليمني معمر الإرياني إن «التراجع عن تصنيف ميليشيا الحوثي منظمة إرهابية يرسل إشارات خاطئة للحوثيين، وخلفهم إيران بمواصلة نهجهم التصعيدي وجرائمهم وانتهاكاتهم بحق المدنيين، وسياسات نشر الفوضى والإرهاب في المنطقة، وتحدي إرادة المجتمع الدولي في إنهاء الحرب وإحلال السلام العادل والشامل وفق المرجعيات الثلاث».
وتابع الوزير اليمني وهو أول تعليق صريح من الحكومة اليمنية على الموقف الأميركي بالقول: «من المؤسف الحديث عن هذه التوجهات فيما لا تزال مشاهد صواريخ الحوثي الإيرانية، وهي تستهدف مطار عدن حاضرة في الأذهان، وتتساقط على رؤوس المدنيين في مأرب وتعز، وقذائفه وقناصاته تحصد أرواح النساء والأطفال، ومئات السياسيين والناشطين يغيبون في معتقلاته، وطائراته المسيرة تهاجم دول الجوار».
وأضاف الإرياني في سلسلة تغريد على «تويتر» أن «إلغاء التصنيف سيساهم في تعقيد الأزمة اليمنية وإطالة أمد الانقلاب، ويفاقم المعاناة الإنسانية الناجمة عن الحرب التي فجرها الحوثيون، ويجعل السلام بعيدا عن متناول اليمنيين، وسيمثل هدية مجانية لنظام طهران وتعزيز سياساته التخريبية في المنطقة وتهديد المصالح الدولية».
وفي الوقت الذي لقي توجه إدارة بايدن بشأن اليمن استياء بالغا من قبل الأوساط السياسية اليمنية أكد الإرياني «أن صدور قرار التراجع عن التصنيف سيمثل خيبة أمل كبرى للشعب اليمني الذي تجرع الويلات ودفع ثمنا باهظا جراء انقلاب ميليشيا الحوثي المدعوم من إيران، في ظل صمت يعكس تخاذل المجتمع الدولي عن الالتزام بمسؤولياته المنصوص عليها في مبادئ ومواثيق الأمم المتحدة وحماية حقوق الإنسان، وتنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة».
واستعرض الوزير الإرياني مواقف الشرعية وقال: «ضغطت أطراف ومنظمات دولية لوقف العمليات العسكرية لتحرير مدينة الحديدة بحجة الأوضاع الإنسانية المتردية، وتجاوبت الحكومة تأكيدا لحرصها على السلام، وشاركنا في مفاوضات استوكهولم وتوصلنا لاتفاق يقضي بإخراج ميليشيا الحوثي من الحديدة وتبادل كافة الأسرى والمختطفين ورفع الحصار عن تعز، وبعد عامين من الاتفاق لم يتحقق شيء يذكر».
وأشار إلى استمرار الجماعة الحوثية في استهداف المدنيين والقرى والمنازل والمزارع بالقذائف والقناصة وزراعة الألغام والعبوات الناسفة، وتعطيل مفاوضات فتح المعابر الإغاثية، وتبادل كل الأسرى والمختطفين، وتصعيد عملياتها العسكرية.
وفي معرض انتقاده للضغوط الدولية على الحكومة الشرعية وجيشها أوضح الإرياني أنه عند «اقتراب الجيش الوطني من العاصمة صنعاء في جبهتي نهم وصرواح، تدخل المجتمع الدولي لوقف تقدم الجيش والتعهد بتنظيم مباحثات للوصول لحل سياسي وسلام شامل ومستدام، واتضح أن الأمر كان مجرد مناورات وخديعة (حوثية - إيرانية) لكسب الوقت وترتيب صفوفهم وتصعيد عملياتهم العسكرية» بحسب تعبيره.
وكانت الجماعة الحوثية تلقت قرار بايدن بإلغاء تصنيفها إرهابية بارتياب وفتور كبيرين، في حين عبر عن موقفها الحاكم العسكري الإيراني في صنعاء المنتحل صفة سفير طهران حسن إيرلو عندما أكد عدم «التفاؤل بهذه التصريحات» الصادرة عمن وصفها بـ«الشيطان الأكبر» في إشارة للولايات المتحدة.
وزعم إيرلو في تغريدة على «تويتر» أن الإدارة الأميركية الجديدة لها سياسة مختلفة عن سابقاتها وهو فرض الحضور السياسي والعسكري مباشرة في اليمن، كما حدث في كل من العراق وسوريا».
وكان بايدن أعلن في خطابه بشأن السياسة الخارجية لبلاده التوقف عن دعم العمليات العسكرية ضد الحوثيين، كما أعلن اعتزام إدارته التراجع عن قرار تصنيفهم على لائحة الإرهاب بالتزامن مع تعيين تيموثي ليدر كينج مبعوثا خاصا إلى اليمن.


مقالات ذات صلة

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

المشرق العربي طالبات جامعة صنعاء في مواجهة قيود حوثية جديدة (غيتي)

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

بدأت الجماعة الحوثية إجراءات جديدة لتقييد الحريات الشخصية للطالبات الجامعيات والتضييق عليهن، بالتزامن مع دعوات حقوقية لحماية اليمنيات من العنف.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه خلال استقبال المبعوث الأميركي والسفير فاجن... الاثنين (سبأ)

جهود إقليمية ودولية لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن برعاية أممية

شهدت العاصمة السعودية، الرياض، في اليومين الماضيين، حراكاً دبلوماسياً نشطاً بشأن الملف اليمني، ركَّز على الجهود الإقليمية والدولية لخفض التصعيد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.