علامات «المؤثرين» تجربة «ذكية» رهن الاختبار

أوليفيا باليرمو (إنستغرام)
أوليفيا باليرمو (إنستغرام)
TT

علامات «المؤثرين» تجربة «ذكية» رهن الاختبار

أوليفيا باليرمو (إنستغرام)
أوليفيا باليرمو (إنستغرام)

رغم تأثير وباء «كورونا» على النشاط الاقتصادي العالمي، فإنّه لعب دوراً في اتجاه عدد من مؤثري مواقع التواصل الاجتماعي حول العالم نحو إطلاق علامات تجارية بأسمائهم، وتخليهم عن التسويق لمنتجات الكثير من الشركات، لكن هذه التجربة التي وصفها بعض الخبراء بـ«الذكية» ما تزال رهن الاختبار.
واتجه بعض المؤثرين والمؤثرات العرب إلى إطلاق علامات تجارية بأسمائهم خلال الشهور الماضية، على غرار المؤثرة الكويتية، نهى نبيل، التي يتابعها أكثر من 9 ملايين متابع، علامة تجارية لمساحيق الماكياج تحمل اسمها، وقالت في بيان نشرته عبر حسابها الرسمي على «إنستغرام» في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، إنّ «ما دفعها لاتخاذ هذه الخطوة هو العلاقة المباشرة والشخصية التي تربطها بالمتابعات».
ووفق خبراء في إدارة الأعمال الرقمية، فإنّ منصات التواصل الاجتماعي غيرت مفهوم التسويق، لأنّها خلقت علاقة شخصية مع المتابعين عمقت ثقة المستخدم في المنتج، لأنّ التسويق المباشر هو الأداة الأكثر تأثيراً، كذلك وفرت ما يطلق عليه البيانات العملاقة التي جعلت الوصول للمستهلك المستهدف أسهل.
ويقول الدكتور أنس النجداوي، أكاديمي ومستشار في إدارة الأعمال الرقمية بجامعة آميتي في دبي، لـ«الشرق الأوسط»: «المشاهير والمؤثرون هم في حد ذاتهم منتجات، ليس بالمعنى التجاري، بينما هم مروّجون لنمط حياة ومن ثم المنتجات التي يفضلونها يمكن تسويقها بسهولة، لكن علاقتهم المباشرة بالمستهلك لن تضمن لهم النجاح، بينما يتوقف مستقبل هذه العلامات على الجودة القادرة على المنافسة».
اتجاه المؤثرين نحو إطلاق العلامات ليس جديداً، فقبل الوباء أطلقت المؤثرة الأميركية أوليفيا باليرمو، موقع تسوق إلكتروني يضم مجموعة من المصممين الناشئين، وبعد نجاح التجربة أطلقت علامة للأزياء بعد شهر واحد من ظهور جائحة «كورونا»، كذلك المؤثرة اللبنانية كارن وازن أطلقت علامة نظارات تحمل اسمها وتتوفر عبر مواقع التسوق الإلكتروني العالمية مثل «فيرفيتش».
ويرى النجداوي أنّها خطوة ذكية من قبل المؤثرين لكن نجاحها يتوقف على مدى جودة المنتج، ويوضح: «إن لم توفر هذه العلامات الناشئة معايير الجودة والفعالية ستسقط العلامة وتسقط معها مصداقية المؤثر سواء كان مدوناً أو فناناً».
كما أعلن المغني المصري الشاب «ويجز» خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، عن عزمه إطلاق علامة أزياء، مما يعد خطوة تعزز نمط حياته مع المتابعين الذين يزيد عددهم عن مليون ومائتي ألف، جميعهم من فئة الشباب. ويؤكد النجداوي أن «ارتفاع عدد المتابعين يعني أن الشخص يمتلك أمراً مميزاً يحقق التشويق، لا سيما في مجالات مثل الموضة والجمال، كلما كان للمؤثرة نمط حياة متفرد أتوقع أن تلقى علاماته نجاحاً».
بدورها، تقول شذى داود، خبيرة الماكياج الإماراتية، التي سبق لها العمل مع المؤثرات إن «معادلة السوق اختلفت والمؤثرات تملك المتغير الأقوى حالياً وهو الجماهيرية»، وتضيف لـ«الشرق الأوسط»: «لا أخفي عليكم أن المؤثرين أصبح لهم قوة لا يُستهان بها». وضربت شذى داود مثالاً بتعاونها مع المؤثرة والإعلامية رؤى الصبان التي يتابعها أكثر من 3 ملايين ونصف المليون متابع على موقع «إنستغرام» قائلة: «تلقيت الكثير من الأسئلة عن الماكياج الذي تفضله رؤى الصبان والعلامات التي استخدمتها، مما يعكس كيف لصورة أو منشور واحد لأحد المؤثرين أن يجلب الدولارات على العلامات التجارية».
وحسب داود فإنّه «لا توجد علامة ماكياج عربية لها ثِقل وقادرة على منافسة المنتج العالمي سوى (هدى بيوتي) التي نجحت في تحقيق شهرة جيدة بفضل جودة مواد التجميل، وكذلك أسعارها المنافسة، مقارنة بالمنتج الأوروبي». لافتة إلى أنّ «إطلاق علامة عربية جديدة هو أمر مُبشر».
وبالتزامن مع تصاعد قوة المؤثرين ودورهم في تسويق المنتجات، برز دور «المؤثر الافتراضي»، وهو عبارة عن شخصية افتراضية ليس لها وجود في الواقع مثل المؤثرة الافتراضية «ليل ميكويلا» التي يتابعها نحو 2.8 مليون شخص، وتعد الأعلى ربحاً في هذا المجال، ووفق خبراء فإن هؤلاء يمثلون تهديداً للمؤثرين الواقعيين.
إلى ذلك، يتوقع خبراء الإعلام الرقمي أنّ المؤثر المتخصص سوف يمتلك علاقة طويلة الأجل مع المتابعين، على غرار طبيبة التغذية المصرية نورهان قنديل، والتي أطلقت أيضاً علامة تجارية تحمل اسمها، مؤكدين أنّ كل هذه المتغيرات عجلّت بقرار المؤثرين للاتجاه نحو إطلاق علامات تستثمر نجاحهم في استقطاب المتابعين. وحسب النجداوي فإن «تطور التجارة الإلكترونية يفرض على الصناع ألا يرتبكوا وأن يهضموا المتغيرات سريعا لتفادي خطر عدم التجديد والتجمد».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».