حزمة بايدن لتحفيز الاقتصاد تمر من «عنق الزجاجة»

50 ألف وظيفة إضافية فقط في يناير ومعدلات البطالة عند 6.3%

نائبة الرئيس كامالا هاريس رجحت كفة تأييد حزمة الإنقاذ الاقتصادية بتصويتها في مجلس الشيوخ (أ.ب)
نائبة الرئيس كامالا هاريس رجحت كفة تأييد حزمة الإنقاذ الاقتصادية بتصويتها في مجلس الشيوخ (أ.ب)
TT

حزمة بايدن لتحفيز الاقتصاد تمر من «عنق الزجاجة»

نائبة الرئيس كامالا هاريس رجحت كفة تأييد حزمة الإنقاذ الاقتصادية بتصويتها في مجلس الشيوخ (أ.ب)
نائبة الرئيس كامالا هاريس رجحت كفة تأييد حزمة الإنقاذ الاقتصادية بتصويتها في مجلس الشيوخ (أ.ب)

بدا واضحاً محاولات الرئيس الأميركي جو بايدن لاستخدام المكاسب المحدودة من تقرير الوظائف لإثبات ضرورة وأهمية تمرير خطته التحفيزية البالغة 1.9 تريليون دولار، بعد أن أقرها مجلس الشيوخ في جلسة تصويت ماراثونية استمرت 15 ساعة (من مساء الخميس حتى شروق شمس الجمعة)، واضطرت فيها نائبة الرئيس كامالا هاريس إلى ترجيح كفة التأييد بتصويتها في مجلس شيوخ منقسم أعضاؤه بالتساوي بين الحزبين.
وكان الجمهوريون في مجلس الشيوخ قد عرضوا خطة تحفيز بمبلغ 618 ملياراً، وهو مبلغ أقل بكثير مما كان يسعى إليه الرئيس بايدن. وفي النهاية بعد جولات من التعديلات والنقاشات، أقر مجلس الشيوخ الخطة - دون أي دعم جمهوري – مبلغ 1.9 تريليون دولار وتقديم 1400 دولار للمواطنين الأميركيين؛ لكنه لم يتخذ أي إجراء يرفع الحد الأدنى للأجور إلى 15 دولاراً للساعة، وهو ضربة كبيرة من المشرعين الجمهوريين، وانتكاسة لجانب رئيسي من خطة بايدن لدفع الاقتصاد.
وبعد إقرار الاقتراح في مجلس الشيوخ سيذهب إلى مجلس النواب، حيث يتمتع الديمقراطيون بالأغلبية، ولا يحتاجون إلى دعم الجمهوريين للموافقة عليه.
وتستعد سوق الأسهم لأفضل أسبوع حينما يتم تمرير خطة بايدن التحفيزية في مجلس النواب. ويتفاءل المحللون بأن سوق الأسهم ستمضي في مسار تصحيح لتحقيق أكبر مكاسب خلال الأسبوع المقبل، بعد ثلاثة أشهر من تسجيل أسوأ أداء أسبوعي منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وتتطلع أسواق وول ستريت إلى تلك التحفيزات التي تدفع بنتائج جيدة يمكن أن تساعد الديمقراطيين على الدفع بحزمة تحفيز اقتصادي ضخمة بحلول منتصف مارس (آذار) المقبل.
وقال تشارلي ريبلي، كبير محللي الاستثمار في شركة آليانز، إنه رغم التقرير الضعيف فإن رد فعل السوق جاء مواتياً، حيث تفاءل بزيادة احتمالات تمرير حزم تحفيز أكبر وتوفير الإغاثة للعديد من الأميركيين والشركات التي لا تزال تكافح بسبب تداعيات الوباء. فيما حذر جيمس ماكدونالد، الرئيس التنفيذي لشركة «هرقل» (Hercules investment) للاستثمار من أن هناك خطرين كبيرين على سوق الأسهم؛ الأول خطر انتشار سلالات جديدة من «كوفيد - 19» أكثر فتكاً وأكثر خطراً، والآخر أن تتضاءل الحوافز الحكومية المطلوبة إذا عاد الاقتصاد الأميركي إلى طبيعته ومساره بشكل أسرع من المتوقع.
وأعلنت وزارة العمل الأميركية، صباح الجمعة، أول تقرير للوظائف عن شهر يناير، وهو أول تقرير في عهد الرئيس بايدن. وقدم التقرير عرضاً ضعيفاً لما حققه الاقتصاد، من إضافة 49 ألف وظيفة فقط الشهر الماضي. وهو ما يعد انخفاضاً عن توقعات الاقتصاديين الذين توقعوا زيادة قدرها 100 ألف وظيفة خلال شهر يناير. وأشارت تقارير لمكتب التحليل الاقتصادي الأميركي، الأسبوع الماضي، إلى أن الاقتصاد حقق نمواً ضعيفاً لم يتجاوز 1 في المائة خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2020.
وذكرت وزارة العدل أن معدل البطالة انخفض إلى 6.3 في المائة بانخفاض 0.4 نقطة مئوية، وأن المكاسب وإن كانت صغيرة، فهي أفضل من نكسة ديسمبر (كانون الأول) الماضي، حينما انخفضت الوظائف بشكل درامي منذ تقارير أبريل (نيسان) الماضي. ويوحد حالياً ما يقرب من 10.1 مليون أميركي ما زالوا عاطلين عن العمل.
وقبل وقوع الوباء، كانت مستويات البطالة عند 3.5 في المائة، ويحاول مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي الوصول إلى هذا الرقم مرة أخرى في أقرب وقت ممكن. وشدد التقرير على الأضرار التي متوقع حدوثها من تبعات الوباء إذا لم يتم اتخاذ إصلاحات اقتصادية قوية.
وأوضح مكتب إحصاءات العمل أن الزيادات القوية في الوظائف تركزت في الخدمات المهنية، لكن أثرها يتراجع بسبب الخسائر في قطاعات واسعة من الاقتصاد، شملت قطاعات الترفيه والضيافة وتجارة التجزئة والرعاية الصحية والنقل والتخزين.
ورغم المحاولات لإظهار التقرير أن هناك بوادر انتعاش اقتصادي شامل فإن القلق والمخاوف من ارتفاع تكاليف تقديم الرعاية الطبية ومعدلات البطالة المرتفعة وحالة الركود في قطاعات الشركات الصغيرة ومعاناة فئات مثل النساء والملونين والعاملين ذوي الدخل المنخفض، خفضت من الحماس لاستقبال نتيجة التقرير، وعرقلت مستويات الثقة بالتوظيف والاستثمار.
كان الرئيس بايدن ونائبته كامالا هاريس قد اجتمعا مع زعماء الديمقراطيين في مجلس النواب صباح الجمعة، لمناقشة حزمة التحفيز الاقتصادي. وقال بايدن: «النتيجة النهائية لن يكون لها تأثير فقط على الاقتصاد الكلي وعلى قدرتنا على المنافسة دولياً، وإنما أيضاً سيكون لها تأثير على حياة الناس الذين تأذوا سلباً من تراجع الاقتصاد، ويمكننا إصلاح ذلك».


مقالات ذات صلة

القطاع الصناعي الأميركي يُظهر بوادر انتعاش

الاقتصاد عمال يجرون عمليات لحام بمصنع في كولومبوس بولاية أوهايو (رويترز)

القطاع الصناعي الأميركي يُظهر بوادر انتعاش

تحسّن النشاط الصناعي في الولايات المتحدة خلال نوفمبر (تشرين الثاني)؛ حيث شهد القطاع زيادة في الطلبات للمرة الأولى منذ ثمانية أشهر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

«الفيدرالي»... من دور توسعي إلى سياسة نقدية مملّة

على مدى السنوات السبع عشرة الماضية، كان بنك الاحتياطي الفيدرالي هو اللاعب الرئيس في السياسة الاقتصادية الأميركية؛ حيث قدّم تريليونات الدولارات في شبكات الأمان.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد متداولون في قاعة بورصة نيويورك (رويترز)

صناديق الأسهم العالمية تحقق تدفقات أسبوعية تاسعة على التوالي

زاد المستثمرون العالميون مشترياتهم من صناديق الأسهم في الأسبوع المنتهي في 27 نوفمبر، مدفوعين بتوقعات بنمو قوي للاقتصاد الأميركي في ظل إدارة ترمب.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد لاغارد تتحدث إلى الصحافيين عقب اجتماع مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)

لاغارد للقادة الأوروبيين: اشتروا المنتجات الأميركية لتجنب حرب تجارية مع ترمب

حثَّت رئيسة المصرف المركزي الأوروبي كريستين لاغارد القادة في أوروبا على التعاون مع ترمب بشأن التعريفات الجمركية وشراء المزيد من المنتجات المصنوعة في أميركا.

«الشرق الأوسط» (فرانكفورت)
الاقتصاد شخص يتسوق لشراء الطعام في أحد المتاجر الكبرى استعداداً لعيد الشكر في شيكاغو (رويترز)

مؤشر التضخم المفضل لـ«الفيدرالي» يرتفع مجدداً

تسارعت زيادات الأسعار للمستهلكين في الشهر الماضي، مما يشير إلى أن التراجع المستمر في التضخم على مدار العامين الماضيين قد بدأ يواجه تحديات.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )

تسارع الإنفاق الرأسمالي الياباني في الربع الثالث

عامل يفحص بعض الماكينات في مصنع صغير بمدينة هيغاشيوساكا اليابانية (رويترز)
عامل يفحص بعض الماكينات في مصنع صغير بمدينة هيغاشيوساكا اليابانية (رويترز)
TT

تسارع الإنفاق الرأسمالي الياباني في الربع الثالث

عامل يفحص بعض الماكينات في مصنع صغير بمدينة هيغاشيوساكا اليابانية (رويترز)
عامل يفحص بعض الماكينات في مصنع صغير بمدينة هيغاشيوساكا اليابانية (رويترز)

تسارع إنفاق الشركات اليابانية على المصانع والمعدات في الربع الثالث؛ مما يشير إلى أن الطلب المحلي القوي يدعم التعافي الاقتصادي الهش في البلاد ويعزز الحاجة إلى زيادة أسعار الفائدة.

وأظهرت بيانات وزارة المالية أن الإنفاق الرأسمالي ارتفع بنسبة 8.1 في المائة على أساس سنوي في الربع الثالث، متسارعاً من مكاسب الربع السابق البالغة 7.4 في المائة، وهو أقوى أداء منذ قفزة بنسبة 16.4 في المائة في الفترة من أكتوبر (تشرين الأول) إلى ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي. كما نما الإنفاق بنسبة 1.7 في المائة على أساس ربع سنوي معدل موسمياً.

وقال تاكيشي مينامي، كبير خبراء الاقتصاد في معهد «نورينشوكين» للأبحاث إن البيانات، التي ستُستخدم لحساب أرقام الناتج المحلي الإجمالي المعدلة المقرر صدورها في التاسع من ديسمبر، تشير إلى أن «الاقتصاد يتحرك بما يتماشى مع توقعات بنك اليابان».

وقال مينامي، الذي يتوقع أن يقرر بنك اليابان زيادة أخرى في أسعار الفائدة هذا الشهر: «أعتقد أن توقيت الزيادة التالية في أسعار الفائدة يقترب».

وأنهى بنك اليابان أسعار الفائدة السلبية في مارس (آذار)، ورفع أسعار الفائدة قصيرة الأجل إلى 0.25 في المائة في يوليو (تموز)، على أساس الرأي القائل بأن اليابان تتقدم نحو تحقيق هدف التضخم البالغ 2 في المائة بشكل دائم.

وتوقع أكثر من نصف خبراء الاقتصاد الذين استطلعت «رويترز» آراءهم أن يرفع بنك اليابان أسعار الفائدة في اجتماعه يومي 18 و19 ديسمبر، وتوقع معظمهم رفعها إلى 0.5 في المائة.

وقال محافظ بنك اليابان كازو أويدا، لصحيفة «نيكي» في مقابلة الأسبوع الماضي، إن توقيت رفع أسعار الفائدة التالي «يقترب»؛ مما يترك فرصة رفع أسعار الفائدة في ديسمبر مفتوحة.

وأظهرت بيانات الناتج المحلي الإجمالي الأولية الشهر الماضي أن اقتصاد اليابان توسع بنسبة سنوية بلغت 0.9 في المائة في الربع الثالث، مدفوعاً باستهلاك خاص أقوى من المتوقع.

وظل الإنفاق التجاري قوياً بشكل عام في السنوات الأخيرة، حيث تستثمر الشركات المزيد في الأتمتة وتكنولوجيا المعلومات للتعويض عن نقص العمالة المتزايد.

مع ذلك، كانت الأرباح المتكررة للشركات نقطة سلبية في بيانات يوم الاثنين، حيث انخفضت بنسبة 3.3 في المائة عن العام السابق، لتسجل أول انخفاض لها في سبعة أرباع. وارتفعت مبيعات الشركات بنسبة 2.6 في المائة.

وقادت شركات التصنيع، خصوصاً شركات صناعة السيارات وصناع مكونات السيارات، انخفاض الأرباح بسبب اشتداد المنافسة في الأسواق الخارجية؛ مما أثار المخاوف من أن الأرباح الأضعف قد تجعل الشركات في نهاية المطاف حذرة بشأن القيام باستثمارات جديدة.

وأظهر مسح للمصانع في القطاع الخاص أن نشاط المصانع في اليابان انكمش بأسرع وتيرة في ثمانية أشهر في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، حيث دفع الطلب الضعيف الشركات إلى تقليص الإنتاج.

وقال ماساتو كويكي، كبير الاقتصاديين في معهد «سومبو بلس»: «من المرجح أن يظل اتجاه الربح في قطاع التصنيع ضعيفاً وسط تباطؤ في الاقتصاد العالمي وضعف الطلب على أشباه الموصلات».

وقال خبراء اقتصاديون إن الضعف المطول في الاقتصاد الصيني والسياسات التجارية الحمائية المحتملة في الولايات المتحدة قد تدفع الشركات اليابانية أيضاً إلى تأجيل قرارات الاستثمار الرأسمالي.

وتعهد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية على أكبر ثلاثة شركاء تجاريين للبلاد - كندا والمكسيك والصين؛ مما قد يؤثر على سلاسل التوريد العالمية في مجموعة واسعة من الصناعات.

وقال مينامي من «نورينشوكين»: «من المرجح أن تزداد حالة الانتظار والترقب بين الشركات اليابانية بشأن خططها الاستثمارية حتى تتضح الرؤية بشأن ما إذا كان ترمب سيطبق تعريفات جمركية أعلى أم لا؟».