قطاع الأعمال السعودي يبدي جاهزية لمواجهة بوادر الموجة الثانية من «كورونا»

تأكيد الاستفادة من التجربة السابقة بالاستعداد للمرحلة المقبلة وتوفير احتياجات الأسواق

السعودية تشرع في إجراءات احترازية بينها منع التجمعات داخل المطاعم والمقاهي (الشرق الأوسط)
السعودية تشرع في إجراءات احترازية بينها منع التجمعات داخل المطاعم والمقاهي (الشرق الأوسط)
TT

قطاع الأعمال السعودي يبدي جاهزية لمواجهة بوادر الموجة الثانية من «كورونا»

السعودية تشرع في إجراءات احترازية بينها منع التجمعات داخل المطاعم والمقاهي (الشرق الأوسط)
السعودية تشرع في إجراءات احترازية بينها منع التجمعات داخل المطاعم والمقاهي (الشرق الأوسط)

تزامناً مع ارتفاع معدل الإصابة بفيروس «كورونا» من تداعيات الموجة الثانية للجائحة، أكد رجال أعمال ومختصون سعوديون أن القطاع الخاص على استعداد وجاهزية لأي نتائج عكسية على الأسواق المحلية في حال اتخذت الجهات المعنية الإجراءات الاحترازية بما فيها الإغلاق الاقتصادي لضمان سلامة المجتمع، مشيرين إلى أن الموجة الأولى من الفيروس كانت جديدة، ولذلك أربكت القطاعات كافة، فيما جميع الشركات والمؤسسات على استعداد تام للمرحلة المقبلة لامتصاص أي صدمات جديدة على القطاع.
وأفصح رجال الأعمال عن قدرتهم في مواجهة التحديات خلال المرحلة القادمة بدعم من الحكومة، وجلب احتياج السوق من المنتجات الغذائية بمختلف أشكاله، مع ضمان استمرارية بقاء هذه المؤسسات صامدة وتقدم خدماتها المتنوعة في مختلف الأنشطة، موضحين أن القطاع اكتسب تجربة في آلية التعامل مع الأزمات ومعالجتها باتخاذ جملة من الخطوات لتجاوز الأزمة.
يتزامن ذلك مع قرارات وزارة الداخلية السعودية أخيرا، بشأن الإجراءات المتخذة لمواجهة فيروس «كورونا» المستجد، بما فيها إيقاف كافة المناسبات والحفلات والأنشطة والفعاليات الترفيهية، وتقليص التجمعات البشرية، بالإضافة إلى إغلاق دور السينما والمراكز الترفيهية الداخلية في المطاعم والمقاهي، وذلك تزامناً مع ظهور مؤشرات لارتفاع في المنحنى الوبائي في بعض مناطق المملكة والتراخي في تطبيق الإجراءات الوقائية والاحترازية والبروتوكولات المعتمدة.
ووفقاً لرجال الأعمال، تثبت الوقائع والأحداث الماضية أن الاقتصاد السعودي تخطى أزمة جائحة «كورونا» مع انتشارها في مطلع العام الماضي بأقل الأضرار والخسائر، وأن هذه المواجهة وكيفية التعامل مع الفيروس محفزة لكثير من الدول حول العالم، موضحين أن القيادة السعودية تمكنت من تقديم حزمة مبادرات وبرامج لدعم القطاع الخاص مما نتج عنه الاستمرارية وتجاوز الأزمة.
وأفاد رئيس لجنة الاقتصاد والطاقة في مجلس الشورى، الدكتور فيصل آل فاضل لـ«الشرق الأوسط»، بأن القطاع الخاص السعودي قوي وقادر على مواجهة أي نوع من التحديات بدعم مباشر من حكومة المملكة، مضيفا أنه تمكن من التعامل بموضوعية مع الجائحة من أجل البقاء والاستمرارية.
وأضاف الفاضل أن تماسك مؤسسات القطاع الخاص أثناء الموجة الأولى من الجائحة وعلى مدار 8 شهور وإيجادها للبدائل المتمثلة في التقنية والمنصات يؤكد على وجود أرضية قوية وقدرة على التعامل مع الموجة الثانية وإن كانت بطرق واستراتيجيات مختلفة، لافتاً إلى أن القطاع قفز في حجم مبيعاته قبل الأزمة، وسجل أسرع نمو في الأعمال التجارية الجديدة.
وأوضح رئيس لجنة الاقتصاد والطاقة في مجلس الشورى، أنه في حال فرض أي حظر جزئي أو كلي للحد من انتشار الفيروس، ستذهب الشركات التجارية إلى خفض الأسعار من أجل ترغيب المستهلك وهي الاستراتيجية التي تعتمد عليها في رفع حجم المبيعات.
من جانبه، قال رئيس مجلس إدارة شركة أبناء الشعلان، محمد الشعلان لـ«الشرق الأوسط»، إن المواد الغذائية بشكل عام والأرز على وجه الخصوص لا يوجد فيهما أي نقص ولا توجد مشاكل في عمليات الاستيراد، وإن هذه السلعة تغطي احتياج المستهلك المحلي بشكل طبيعي ودائم، مضيفاً أن المستودعات تمتلك مخزونا كبيرا يلبي احتياج الطلب ويتجاوز 25 في المائة من الاحتياطي بخلاف احتياج السوق، ولا توجد مخاوف في هذا الشأن.
وأوضح الشعلان أنه في حال وجود أزمات تتدخل الدولة في تسهيل الإجراءات مع دول المصدر من أجل تخفيف الأعباء على التاجر وحل أي مشاكل قد تواجهه في عملية الاستيراد، لافتا إلى أن الاقتصاد العالمي تعرض إلى ظرف استثنائي، لذلك لا بد على الجميع أن يتشارك في إيجاد الحلول لتخفيف الأعباء الناتجة من الأزمة، وتقوم الدول على تسهيل الإجراءات في التجارة العالمية فيما يتعلق بالموانئ والنقل وكافة الخدمات اللوجيستية.
وذكر الشعلان، أن الشركات والمؤسسات في القطاع الخاص تحتاج إلى دعم الحكومة في حال حدوث أي إجراءات جديدة، وأن هذا الدعم يعد المحرك للاقتصاد الوطني، خاصة أن التجار والمستثمرين في غالبيتهم أفراد يتعرضون للأزمات، مشيرا إلى أن القطاع استفاد من التجربة السابقة، وأن هناك دورات للشركات في إدارة الأزمات والمخاطر، وهذه تحتاج وقتا لتفنيد الإجراءات التي جرى اتخاذها ومعالجتها.
من ناحيته، بين رئيس لجنة الطيران والخدمات المساندة في الغرفة التجارية والصناعية بجدة، الدكتور حسين الزهراني لـ«الشرق الأوسط»، أن الفرصة مناسبة للشركات العاملة في قطاع السياحة لإعادة البناء والتطوير وتجويد الخدمات في ظل ما تقدمه الحكومة لهذا القطاع الحيوي من تسهيلات ودعم مالي وأنظمة مرنة تتيح للمستثمر التوسع والانتشار بمواصفات عالمية وراقية، كما عمد الكثير من الشركات، بحسب الزهراني، على تطوير بنيتها في القطاع إذ قامت على تحديث أسطولها بشكل كبير خلال فترة الحظر. وشدد على أهمية الاستفادة من هذه التجربة، لذلك يجب أن يكون هناك تحرك من الجهات المعنية في تطوير وتدعيم البنية التحتية للسياحة الداخلية.
واستطرد الدكتور الزهراني «لا يوجد أي خيار أمام شركات الطيران في تعويض خسائرها مع عمليات إغلاق الحدود الدولية، وهذه الخسائر تراكمية على شركات الطيران»، لافتا إلى أن السياحة والخدمات المساندة أكثر المتضررين، وستزداد مع اتخاذ العديد من الدول إجراءات الإغلاق مرة أخرى، ولكن الاستعداد الجيد سيجعل الكثير من الشركات والمؤسسات تتجاوز الأزمة.


مقالات ذات صلة

عبد العزيز بن سلمان: «نظام المواد البترولية» يضمن تنافسية عادلة للمستثمرين

الاقتصاد وزير الطاقة السعودي في مؤتمر البترول العالمي في كالغاري (رويترز)

عبد العزيز بن سلمان: «نظام المواد البترولية» يضمن تنافسية عادلة للمستثمرين

قال وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، إن «نظام المواد البترولية والبتروكيماوية» يدعم جهود استقطاب الاستثمارات ويضمن بيئة تنافسية عادلة للمستثمرين

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد ناطحات سحاب في مركز الملك عبد الله المالي بالعاصمة السعودية الرياض (رويترز)

السعودية تجمع 12 مليار دولار من سندات دولية وسط طلب قوي

جمعت السعودية 12 مليار دولار من أسواق الدين العالمية بأول طرح لها لسندات دولية هذا العام استقطب طلبات بنحو 37 مليار دولار وهو ما يظهر مدى شهية المستثمرين.

محمد المطيري (الرياض)
الاقتصاد العاصمة السعودية الرياض (واس)

ارتفاع موافقات التركز الاقتصادي في السعودية إلى أعلى مستوياتها

حققت الهيئة العامة للمنافسة في السعودية رقماً قياسياً في قرارات عدم الممانعة خلال عام 2024 لعدد 202 طلب تركز اقتصادي، وهو الأعلى تاريخياً.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد العاصمة الرياض (رويترز)

وسط طلب قوي... السعودية تبيع سندات قيمتها 12 مليار دولار على 3 شرائح

جمعت السعودية 12 مليار دولار من أسواق الدين العالمية، في بيع سندات على 3 شرائح، وسط طلب قوي من المستثمرين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جانب من معرض «سيتي سكيب العالمي 2024» العقاري بالرياض (الشرق الأوسط)

القروض العقارية السعودية في أعلى مستوياتها على الإطلاق

شهدت عمليات الإقراض العقارية التي توفرها شركات التمويل ارتفاعاً إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق بنهاية الربع الرابع من عام 2024 إلى 28 مليار ريال.

زينب علي (الرياض)

تقرير «مستقبل الوظائف 2025»... 78 مليون فرصة عمل جديدة بحلول 2030

الزوار يلتقطون صوراً لروبوت «كابتشا» خلال قمة «الذكاء الاصطناعي من أجل الخير» في جنيف (رويترز)
الزوار يلتقطون صوراً لروبوت «كابتشا» خلال قمة «الذكاء الاصطناعي من أجل الخير» في جنيف (رويترز)
TT

تقرير «مستقبل الوظائف 2025»... 78 مليون فرصة عمل جديدة بحلول 2030

الزوار يلتقطون صوراً لروبوت «كابتشا» خلال قمة «الذكاء الاصطناعي من أجل الخير» في جنيف (رويترز)
الزوار يلتقطون صوراً لروبوت «كابتشا» خلال قمة «الذكاء الاصطناعي من أجل الخير» في جنيف (رويترز)

كشف تقرير «مستقبل الوظائف 2025»، الذي نشره «المنتدى الاقتصادي العالمي»، أن الاضطراب سيصيب 22 في المائة من الوظائف بحلول عام 2030، وأن 170 مليون وظيفة جديدة ستخلق، في حين ستلغى 92 مليون وظيفة، مما يؤدي إلى زيادة صافية قدرها 78 مليون وظيفة. وعدّ أن التقدم التكنولوجي، والتحولات الديموغرافية، والتوترات الجيو - اقتصادية، والضغوط الاقتصادية هي المحركات الرئيسة التي تدفع هذه التغيرات، مما يعيد تشكيل الصناعات والمهن على مستوى العالم.

وبالاستناد إلى بيانات من أكثر من ألف شركة، كشف التقرير أن فجوة المهارات تظل أكبر عائق أمام تحول الأعمال التجارية اليوم، حيث يُتوقع أن تتغير 40 في المائة من المهارات المطلوبة في الوظائف. ومن المتوقع أن يشهد الطلب على مهارات التكنولوجيا، مثل الذكاء الاصطناعي، والبيانات الكبيرة، والأمن السيبراني نمواً سريعاً، لكن المهارات الإنسانية، مثل التفكير الإبداعي، والمرونة، والقدرة على التكيف ستظل حاسمة. ويُتوقع أن يكون الجمع بين كلا النوعين من المهارات أمراً بالغ الأهمية في سوق عمل سريعة التبدل.

ومن المتوقع أيضاً أن تشهد الأدوار الأمامية والقطاعات الأساسية، مثل الرعاية والتعليم، أكبر نمو في الوظائف بحلول عام 2030. وفي الوقت نفسه، سيؤدي تقدم الذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة إلى إعادة تشكيل السوق، مما يزيد من الطلب على وظائف تكنولوجية ومتخصصة، مع انخفاض الطلب على وظائف أخرى، مثل التصميم الغرافيكي.

وقال تيل ليوبولد، رئيس شؤون العمل والأجور وخلق الوظائف في «المنتدى الاقتصادي العالمي»: «اتجاهات، مثل الذكاء الاصطناعي التوليدي والتحولات التكنولوجية السريعة، تقلب الصناعات وأسواق العمل، مما يخلق فرصاً غير مسبوقة ومخاطر عميقة». وأضاف: «الوقت الآن للعمل معاً من قبل الشركات والحكومات، والاستثمار في المهارات، وبناء قوة عاملة عالمية متكافئة وقادرة على الصمود».

سوق العمل في 2030

من المتوقع أن تشهد الأدوار الأمامية والخدمات الأساسية، مثل عمال المزارع، وسائقي التوصيل، وعمال البناء، أكبر زيادة في عدد الوظائف بحلول عام 2030، كما يُتوقع زيادة كبيرة في الطلب على وظائف الرعاية، مثل الممرضين، ووظائف التعليم، مثل معلمي المدارس الثانوية، مع دفع الاتجاهات الديموغرافية لنمو الطلب في القطاعات الأساسية. وفي الوقت نفسه، سيؤدي التقدم في الذكاء الاصطناعي، والروبوتات، وأنظمة الطاقة، وخاصة في مجالات الطاقة المتجددة والهندسة البيئية، إلى زيادة الطلب على الأدوار المتخصصة. في المقابل، تظل وظائف، مثل أمين الصندوق والمساعدين الإداريين، ضمن الوظائف الأكثر انحداراً، بينما انضمت إليها وظائف أخرى، مثل مصممي الغرافيك، مع تأثير الذكاء الاصطناعي التوليدي على سوق العمل.

فجوة المهارات

تستمر فجوة المهارات بوصفها أكبر عائق أمام تحول الأعمال في مواجهة التوجهات العالمية الكبرى، حيث يعد 63 في المائة من أصحاب العمل أنها التحدي الرئيس لمستقبل عملياتهم. وإذا تم تمثيل القوة العاملة العالمية من خلال 100 شخص، فمن المتوقع أن يحتاج 59 منهم إلى إعادة تدريب أو تطوير مهاراتهم بحلول 2030، مع احتمال ألا يتلقى 11 منهم هذا التدريب، ما يعني أن أكثر من 120 مليون عامل مهدد بالبطالة على المدى المتوسط. بينما يُتوقع أن يشهد الطلب على مهارات التكنولوجيا، مثل الذكاء الاصطناعي، والبيانات الكبيرة، والأمن السيبراني نمواً سريعاً، وتظل المهارات الإنسانية، مثل التفكير التحليلي، والمرونة، والقيادة، والتعاون أساسية.

الذكاء الاصطناعي وتحسين المهارات

يعيد الذكاء الاصطناعي تشكيل نماذج العمل التجاري، حيث يخطط 50 في المائة من أصحاب العمل لإعادة توجيه أعمالهم للاستفادة من الفرص الجديدة. ويخطط 77 في المائة من أصحاب العمل لتطوير مهارات القوى العاملة، بينما يخطط 41 في المائة لتقليص العمالة بسبب أتمتة المهام. ويتوقع نصف أصحاب العمل تحويل الموظفين إلى مجالات أخرى؛ لتخفيف نقص المهارات، وتكاليف التحول التكنولوجي. ومع النمو السريع للتكنولوجيا، يجب على القادة وصنّاع السياسات والعملاء التعاون لضمان استعداد القوى العاملة، وتقليل مخاطر البطالة.

ما وراء التكنولوجيا

يعد ارتفاع تكلفة المعيشة عاملاً رئيساً في تغيير سوق العمل، مع توقع فقدان 6 ملايين وظيفة عالمياً بحلول 2030 بسبب ضغوط الأسعار والنمو الاقتصادي الأبطأ. كما يعزز التقدم العمري في البلدان ذات الدخل المرتفع من الطلب على وظائف الرعاية الصحية، بينما يعزز نمو السكان في سن العمل في المناطق ذات الدخل المنخفض من وظائف التعليم. وتثير التوترات الجيوسياسية وقيود التجارة قلق 34 في المائة من الشركات، مما يزيد الطلب على مهارات، مثل الأمن السيبراني.

ضرورة التحرك العاجل

تتطلب مواجهة التغيرات الكبيرة تحركاً عاجلاً ومشتركاً من الحكومات والشركات والمؤسسات التعليمية. تشمل الأولويات سد فجوات المهارات، والاستثمار في برامج إعادة التدريب، وتوفير مسارات للوظائف ذات النمو السريع. ومن خلال التركيز على استراتيجيات انتقال العمل العادلة والشاملة ودعم العمال، يمكن بناء قوة عاملة عالمية مرنة، وقادرة على التكيف، ومؤهلة للنجاح في وظائف المستقبل.