في محطة جديدة على طريق بحثه وراء التجريب الجمالي والتحرر من نمطية الأشكال الخزفية، يطرح الفنان المصري الدكتور خالد سراج مجموعته الخزفية «بين القصرين» التي تُعرض ضمن معرض «مفردات» في غاليري «أوبنتو» بالقاهرة، الذي يستمر حتى 7 فبراير (شباط) الجاري.
ولعل العنوان الذي يُحيل لعالم «ثلاثية» نجيب محفوظ ينشد الحالة الفنية التي يقتفيها الفنان خالد سراج ويقول إنه استلهمها من فلسفة محفوظ في ثلاثيته، حيث يمر الإنسان خلال حياته وأحلامه بخيارات مختلفة كأنه بين طريقين أو «قصرين»، فالحياة والأدب هنا يُجاوران الأعمال التي قضى الفنان المصري قرابة العام في محاولة ابتكار طرق فنية جديدة لمعالجة الخزف ما بين اختزال وتلوين وحرق، حتى يصل لطابع جديد يُضفي للخزف كفن تقليدي أبعاداً واكتشافات فنية جديدة.
ويقدم خالد سراج في معرضه الجديد، أشكاله الخزفية في قالبين بسيطين؛ وهما الأطباق والمزهريات، أو آنية الاحتفاظ بالزهور، وهما الشكلان اللذان يحتفظان بألفة خاصة لدى مُحبي فن الخزف، وهما شكلان يُعيد الفنان تأملهما، خصوصاً أنه يميل في مشروعه للتشكيل الحداثي القائم على أن الفكرة هي جوهر العمل الفني، يقول الفنان خالد سراج لـ«الشرق الأوسط»: «منذ الإغلاق الذي شهده شهر مارس (آذار) العام الماضي بسبب فيروس كورونا، قررت توظيف تلك الفترة في تجريب تقنيات وأساليب جديدة كنت أفكر في تجربتها من قبل، وقمت بما يشبه شبكة تجارب متواصلة استمرت حتى صباح يوم المعرض، وكانت ثمارها تلك المجموعة».
وتضم المجموعة نحو 40 طبقاً خزفياً مُتباينة الأحجام والمقاييس، و11 مزهرية صمم لها مجموعات بحسب درجاتها اللونية؛ أبرزها مجموعتا الأحمر والأزرق، ويتابع الفنان: «استعنت بتقنية يابانية قديمة من تراث الخزف في ترميم بعض الكسور التي لحقت ببعض الأخزاف، وهي طريقة تُدعى (كينسوكي)، وهي فن إصلاح الخَزَف المَكسور عن طريق استخدام مواد لها تأثير لون الذهب ليمنحها في النهاية بعداً جمالياً إضافياً».
ويُهدي سراج المولود عام 1969، هذا المعرض لعدد ممن «تعلم منهم خلال رحلته مع الخزف، بداية من فينسنت ڤان جوخ، وأميديو موديلياني، والخزافين ڤيلموش چولناي، ومحمد طه حسين، وجمال الحنفي، ونبيل درويش، وجمال عبود وأحمد السيد، وهم جميعاً رحلوا عن عالمنا».
وبسؤاله عن التأثير الذي تركه رواد فن الرسم والتصوير مثل ڤان جوخ وموديلياني على تجربته كخزاف، يقول إن تأثير الفنون متداخل، كما أنه حاول في هذا المعرض تجريب استخدام طبقات لونية على سطح الخزف كما اللوحات، وهو أمر يُعد مغامرة بالنسبة للخزف بخلاف اللوحات، حيث إن هناك فروقات كبيرة تحدث في تلوين الخزف بسبب الحرق في أفرانها، وما يجلبه من مفاجآت ومفارقات مدهشة، علاوة على ذلك يسعى الفنان للاحتفاظ بالملمس العفوي للسطح الخزفي بما يسمح بظهور التعرجات وأبعاد اللون عليه بتدرجاتها وانعكاساتها الهائلة.
ويعمل الدكتور خالد سراج مدرساً بكلية الفنون التطبيقية قسم الخزف بجامعة حلوان منذ عام 2006، كما شارك الفنان في أكثر من ثمانين معرضاً محلياً وعالمياً، وحصل على أكثر من سبع جوائز في مجال الخزف من مصر وخارجها.
«بين القصرين»... خزف ينشد الفن والجمال
تنويعات للفنان المصري خالد سراج ضمن معرض «مفردات»
«بين القصرين»... خزف ينشد الفن والجمال
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة