بعد 800 طلب عمل مرفوض... «كوفيد» يحطم حلم سوري في العمل بألمانيا

السوري عبد القادر تيزيني يحمل نسخة من شهادة الماجستير أمام مبنى الجامعة في آخن بألمانيا (رويترز)
السوري عبد القادر تيزيني يحمل نسخة من شهادة الماجستير أمام مبنى الجامعة في آخن بألمانيا (رويترز)
TT

بعد 800 طلب عمل مرفوض... «كوفيد» يحطم حلم سوري في العمل بألمانيا

السوري عبد القادر تيزيني يحمل نسخة من شهادة الماجستير أمام مبنى الجامعة في آخن بألمانيا (رويترز)
السوري عبد القادر تيزيني يحمل نسخة من شهادة الماجستير أمام مبنى الجامعة في آخن بألمانيا (رويترز)

عندما حصل عبد القادر تيزيني على درجة الماجستير في الهندسة الميكانيكية من جامعة «آر دبليو تي إتش آخن» إحدى أرقى الجامعات التقنية في ألمانيا اعتقد أنه لن تمر أسابيع إلا وقد حصل على الوظيفة التي يحلم بها.
لكن بعد ما يزيد على شهر انتشر فيروس كورونا في ألمانيا لتتوقف موجة من وفرة الوظائف استمرت عشر سنوات في سوق العمل بالبلاد.
والآن بعد أن قدم نحو 800 طلب للحصول على وظيفة وحضر 80 مقابلة، لا يزال تيزيني الشاب السوري البالغ من العمر 29 عاماً يبحث عن عمل.
وكشف تيزيني أنه حتى قبل الجائحة لم يكن من السهل الحصول على وظيفة في أكبر دول أوروبا اقتصادياً لكونه أجنبياً، وأضاف أن ذلك أصبح عائقاً الآن بعد أن تقلصت الوظائف المتاحة. وقال لـ«رويترز»: «الشركات تقول لنفسها (مع أجنبي سنضطر لشرح الفكرة مرتين أما مع المواطن الأصلي فسنشرحها مرة واحدة فقط)».
ومن شأن الاستغناء عن عمالة وتجميد التعيينات في آلاف الشركات الألمانية أن يواجه الخريجون الأجانب أمثال تيزيني منافسة ضارية مع الخريجين والمهنيين العاطلين عن العمل من أبناء البلاد الأصليين.
ولا يحق لكثيرين من الخريجين الأجانب الحصول على إعانات البطالة أو المساعدات المقررة في إطار إجراءات مكافحة فيروس كورونا على النقيض من مواطني ألمانيا ورعايا دول الاتحاد الأوروبي.
وعلى مدار السنوات العشر الأخيرة انجذب مئات الآلاف من الطلبة الأجانب إلى ألمانيا بفضل نظام التعليم الذي اكتسب سمعة عالية ويكاد يكون مجانياً وكذلك فرص العمل الكبيرة بعد التخرج.
وتوضح بيانات مكتب الإحصاء الاتحادي أن عدد الطلبة الأجانب في ألمانيا زاد بنسبة 70 في المائة تقريباً في الفترة بين 2009 و2019.
حاجز اللغة والثقافة
قالت آنيا روبرت المستشارة بجامعة «آر دبليو تي إتش آخن» والمختصة بتوجيه النصح للطلبة فيما يتعلق بالحياة العملية بعد التخرج إن الطلبة الأجانب في ألمانيا يجدون صعوبات أكبر مما يواجهه الألمان في العثور على وظائف. وأضافت أن الطلب على جلسات الاستشارة والدعم النفسي التي يقدمها فريقها زاد منذ مارس (آذار) عندما فرضت ألمانيا العزل العام الأول لمكافحة الجائحة. وتابعت: «في فترات القلق هذه ينزع المرء إلى البحث عن الأمان بالاعتماد على المهارات المؤكدة من اللغة والخصائص الثقافية والتفاهم».
وقد ارتفع معدل البطالة في ألمانيا إلى 6.4 في المائة بعد أن فرضت الحكومة الإغلاق الأول، من خمسة في المائة في الأشهر السابقة.
وبلغ المعدل ستة في المائة في يناير (كانون الثاني) الماضي.
وخفف من أثر الجائحة على سوق العمل في ألمانيا خطة حكومية تسمح لأصحاب الأعمال بخفض ساعات العمل خلال فترة الركود الاقتصادي. لكن هذه الخطة تجعل توظيف عاملين جدد أكثر صعوبة.
وقال لودفيج كريستيان المتحدث باسم مكتب العمل الاتحادي إن بإمكان الشركات التي تشملها الخطة توظيف عاملين في حالات استثنائية إذا كان لديها سبب مقنع.
وأظهرت بيانات مكتب العمل أن عدد الوظائف الخالية الجديدة في ألمانيا انخفض خلال الفترة من أبريل (نيسان) 2020 إلى يناير كانون الماضي بمقدار 430 ألفاً أي 26 في المائة، مقارنة بالفترة المقابلة من العام السابق.
تواصل رقمي
من التحديات الأخرى التي يواجهها الطلبة الأجانب ضعف شبكة معارفهم على المستويين المهني والاجتماعي، ومما يزيد الطين بلة إلغاء معارض الوظائف والمناسبات التي يمكن من خلالها إقامة علاقات أو تنظيمها على الإنترنت خلال الجائحة.
قالت يانا كوهلر التي تعمل في برلين في مجال استقدام عاملين من الخارج: «التواصل الاجتماعي أصبح ببساطة أكثر صعوبة، خاصة إذا كنت من بلد آخر ولست معتاداً على كيفية التواصل هنا».
كما أدى فرض العزل العام مرتين في الربيع والشتاء العام الماضي إلى إغلاق المطاعم ومتاجر التجزئة وهو ما أدى إلى انخفاض بالآلاف في فرص العمل بعض الوقت للطلبة لإعالة أنفسهم مالياً.
وفي أبريل الماضي أشركت الحكومة الألمانية الأجانب في برنامج لإتاحة قروض حسنة للطلبة. لكن الخريجين لا يحق لهم الاستفادة من هذا البرنامج.
كذلك فإن حق الطلبة الأجانب في الاستفادة من مساعدات البطالة مشروط بالإقامة في ألمانيا لمدة خمس سنوات، وهو ما يعني أن كثيرين لا يستفيدون بها.
وقد استطاع تيزيني الاستمرار بفضل تحويلات شهرية من شقيقه.
وبعد كل هذا الوقت الذي استثمره وأكثر من عشرة آلاف يورو (أكثر من 12 ألف دولار) أنفقها على الدراسة في ألمانيا لا تمثل العودة إلى سوريا خياراً بالنسبة له.
يقول تيزيني: «ما من سبيل للعيش سوى بانتظار المساعدة من الآخرين. فأنا أبذل كل ما في وسعي لكن هذا كله يذهب هباء».


مقالات ذات صلة

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
صحتك امرأة تعاني من «كورونا طويل الأمد» في فلوريدا (رويترز)

دراسة: العلاج النفسي هو الوسيلة الوحيدة للتصدي لـ«كورونا طويل الأمد»

أكدت دراسة كندية أن «كورونا طويل الأمد» لا يمكن علاجه بنجاح إلا بتلقي علاج نفسي.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
صحتك «كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

يؤثر على 6 : 11 % من المرضى

ماثيو سولان (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))

إردوغان يعلن عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

إردوغان يعلن عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.