خلص خبراء في المال والاقتصاد أمس إلى أن الأوامر الملكية التي أصدرها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز البارحة الأولى، تقوم على مبدأ «أعط القوس باريها»، ووصفوها بأنها تشطب أسباب البيروقراطية، وتركز على الدينامكية وسرعة التنفيذ.
واتفق الخبراء الذين تحدثت معهم «الشرق الأوسط» على أن الأوامر الملكية أعادت بالفعل هيكلة المناصب المهمة في مفاصل الدولة، فيما سيقود التشكيل الوزاري الجديد إلى تنشيط دماء حكومة الملك سلمان بن عبد العزيز.
وقال لـ«الشرق الأوسط» الخبير الاقتصادي فضل بن سعد البوعينين إن «إعادة تشكيل الحكومة أمر صحي؛ بل يفترض أن تكون ممنهجة لضخ الدماء والأفكار والكفاءات الجديدة؛ وتطوير الأداء إضافة إلى أن القيادة الجديدة في حاجة إلى فريق عمل متكامل يحقق رؤيتها وتطلعاتها المستقبلية. فالنجاح يتحقق من خلال فريق العمل التنفيذي القادر على تحويل رؤية القائد إلى واقع معاش».
وركز على أن الأوامر الملكية جاءت شاملة وكأنها تدفع نحو إعادة الهيكلة الحكومية واصفا هذا الأمر بأنه غاية في الأهمية «فنحن في حاجة إلى التطوير الدائم ورفع الكفاءة التنفيذية؛ وهي أوامر مباركة يمكن تصنيفها إلى أوامر إنسانية؛ مالية؛ تنموية؛ تنفيذية؛ إدارية؛ استراتيجية». وبين أن العفو عن المساجين من ذوي الحق العام وتسديد الغرامات بحد أقصى 500 ألف ريال، هي قرارات إنسانية تهدف إلى لم الشمل والتفريج عن المعسرين، وهو عمل إنساني نبيل.
وأفاد أن صرف راتبين لجميع موظفي وموظفات الدولة والمتقاعدين والمعاقين والشؤون والجامعيين إضافة إلى دعم الجمعيات الخيرية والمؤسسات المجتمعية هي أوامر دعم مالي مباشر للمواطنين، مبينا أن أكثر من 110 مليارات ريال من الدعم المالي سيكون لها أكبر الأثر على المواطنين والمجتمع والسوق بشكل عام.
وعن قرارات اعتماد موازنات جديدة لقطاعي الكهرباء والمياه لإيصالها للمدن والقرى، قال البوعينين إنها قرارات مالية تنموية، مشيرا إلى الوطن والمواطن في أمس الحاجة لها. خاصة أنها من أساسيات الحياة.
وقال: إنه في الوقت الذي تضغط الدول على موازناتها بسبب انهيار أسعار النفط يقدم الملك سلمان دعما ماليا سخيا برغم ظروف أسعار النفط الحرجة. وهذا فيه من التوكل على الله والبركة الكثير، فالإنفاق على المواطن مدعاة لحصول البركة بأمر الله.
ووصف البوعينين الأوامر التنفيذية، بأنها مرتبطة بتعيينات مجلس الوزراء وأنها تحرت الدقة في تخصص المعينين وكفاءتهم. وكأنما يطبق خادم الحرمين الشريفين مقولة «أَعْط القوس باريها»، إضافة إلى دخول الوزراء الشباب ومنهم وزيرا الدفاع والإعلام؛ وهذا التغيير النوعي كفيل برفع كفاءة الحكومة التنفيذية وتحسين أدائها.
وذهب إلى أن القرارات الإدارية كانت مرتبطة بإلغاء المجالس واللجان العليا التي كانت تتسبب في مزيد من البيروقراطية ولا تحقق الأهداف التنفيذية، مشيرا إلى أن الوزارة يجب أن تكون معنية بتخصصها المباشر دون ربطها بمجالس تثقل من كاهلها.
وشدد على أن تعدد المجالس والهيئات مدعاة للبطء والبيروقراطية وهدر للأموال، فيما اعتبر ضم التعليم العام والعالي تحت وزارة واحدة كفيلا بإعادة ترتيب الاستراتيجيات التعليمية وبنائها بصورة تكاملية.
وركز على أن البعد الاستراتيجي حضر بشكل لافت من خلال إنشاء مجلس الشؤون الأمنية والسياسية؛ ومجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، وهو ما يعني أن وجود جهة عليا توجه الاقتصاد والتنمية؛ والأمن والسياسة وفق رؤية استراتيجية تكاملية يسهم في تحقيق الأهداف الوطنية.
من جهته، قال لـ«الشرق الأوسط» الخبير الاقتصادي عبد العزيز الفهاد، إن الاستراتيجيات التنموية والاقتصادية لم تتحقق في السابق، بسبب عدم التكامل بين الوزارات؛ فضلا عن عدم تقارب البعدين الأمني والسياسي في الجانب التنفيذي الذي لم يساعد في تحقيق الكفاءة.
وذهب الفهاد إلى أن المجلسين قادران على معالجة عدم التناغم بين بعض القرارات الصادرة من جهات وزارية مختلفة، مشيرا إلى توحيد المرجعية في مجلس يضم المعنيين باتخاذ القرار في الوزارات المختلفة فستكون جميع قرارات الدولة متناغمة وتسير في اتجاه واحد وتحق هدفا واحدا لا يمكن اختراقه، فضلا عن أن المجلسين سيساعدان كثيرا في ضمان التنفيذ. وهنا عاد فضل البوعينين متحدثا عن الانعكاسات الإيجابية على سوق الأسهم التي ستستفيد كثيرا من ثلاثة محاور رئيسية، الأول التغيير الذي طال هيئة السوق المالية، والثاني حجم الأموال التي ستضخ خلال الأيام المقبلة؛ والثالث الرؤية التفاؤلية للأوامر الملكية وانعكاساتها على التنمية بشكل عام والاستقرار والدعم الاقتصادي المحقق لدعم السوق.
وفي السياق ذاته، وصف لـ«الشرق الأوسط» الدكتور محمد الشميمري المحلل المالي حزمة القرارات الملكية منذ توليه الحكم، بدءا من انتقال السلطة بشكل سلس وسريع وتعيين ولي للعهد، وولي لولي للعهد، حتى القرارات الأخيرة التي صدرت بالأمس، بالإيجابية والمطمئنة والتي تتسم بالديمومة والاستقرار، إضافة إلى مساهمتها في حفظ أمن السعودية، في ظل ما تشهده الدول المجاورة من تقلبات واختلافات واختفاء للأمن.
ورأى الشميمري أنه رغم أن أزمة البترول أثرت على السوق السعودية والميزانية، من ناحية توقع الدخل والعجز الذي قد يحدث في 2015، فإن السعودية بفضل سياستها عندما كان يتداول برميل البترول فوق 100 دولار، كونت استثمارات واحتياطيات كبيرة جدا مكنتها من تعدي أزمة انخفاض السعر التي عانت منها الكثير من الدول.
وذهب إلى أن الاحتياط العام للبترول وصل إلى 904 مليارات ريال بينما الاستثمارات الخارجية تفوق اثنين ونصف تريليون ريال، مبينا أن هذه المبالغ جعلت المملكة في وضع قوي، وأن صرف ما يقارب 110 مليارات ريال للمواطنين لن يؤثر على المدى البعيد على ميزانية الدولة.
ولفت إلى أن الدين العام للحكومة السعودية لا يتجاوز 2.5 في المائة من الناتج الإجمالي للمملكة بمعنى أن الدولة في السابق عندما احتاجت أن تقترض لم تلجأ للخارج، وفي ظل السيولة الكبيرة لن تحتاج المملكة بإذن الله للاقتراض.
وتوقع أن يتم ضخ مبلغ الـ110 مليارات ريال في جسد الاقتصاد السعودي عبر عدة قطاعات أهمها قطاع التجزئة، سيعزز سوق الأسهم السعودية، مستشهدا بالمكرمة الملكية التي حدثت في عهد الملك عبد الله بن عبد العزيز رحمه الله في مارس (آذار) 2011. حيث ارتفع مؤشر سوق الأسهم من 5 آلاف و231 نقطة كأدنى نقطة وصل إليها إلى 6 ألاف و564 بمقدار ألف و330 نقطة بالإيجاب أي 25 في المائة ارتفاع.
ورأى الشميمري أن التاريخ يعيد نفسه بارتفاع المؤشر السعودي مع الوقت، وأن المكرمة الملكية ستسرع من وتيرة الارتفاع خاصة أن الربع الرابع في عام 2014 حدث فيه هبوط كبير للسوق السعودية ولشركات كبيرة في سوق الأسهم في عدة قطاعات حيوية.
الأوامر الملكية تقوم على مبدأ «اعط القوس باريها».. وتلغي أسباب البيروقراطية
إعادة هيكلة المناصب في الدولة والتشكيل الوزاري الجديد ينشط دماء الحكومة
الأوامر الملكية تقوم على مبدأ «اعط القوس باريها».. وتلغي أسباب البيروقراطية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة