قيود حوثية على السفر للعمل خارج اليمن تضاعف معاناة السكان

مسلحو الجماعة أعادوا آلاف المغادرين رغم استكمال وثائقهم

يمنيون يجلسون قبالة أحد المقاهي الشهيرة وسط صنعاء (إ.ب.أ)
يمنيون يجلسون قبالة أحد المقاهي الشهيرة وسط صنعاء (إ.ب.أ)
TT

قيود حوثية على السفر للعمل خارج اليمن تضاعف معاناة السكان

يمنيون يجلسون قبالة أحد المقاهي الشهيرة وسط صنعاء (إ.ب.أ)
يمنيون يجلسون قبالة أحد المقاهي الشهيرة وسط صنعاء (إ.ب.أ)

فرضت الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران قيوداً مشددة على اليمنيين لمنعهم من السفر إلى خارج البلاد في مسعى منها لمضاعفة معاناتهم والتربح من الرسوم غير القانونية التي تفرضها لاستكمال الإجراءات، وسط اتهامات للجماعة بأنها تحاول دفع الشباب لترك الهجرة والالتحاق بجبهات القتال.
وكانت الجماعة فرضت تدابير مشددة أمام المسافرين الذين يحملون تأشيرات مغادرة للعمل خارج البلاد، قبل أن توعز أخيراً لنقاط التفتيش التابعة لها بإعادة الآلاف منهم، بحجة عدم أخذهم إذناً مسبقاً يسمح لهم بمغادرة مناطق سيطرتها.
وفي هذا السياق، تحدث عدد من المواطنين المسافرين خارج اليمن عن إيقاف مسلحي الجماعة قبل يومين الحافلات التي تقلهم، وإنزالهم من على متنها ومنعهم من السفر تحت ذرائع وحجج واهية.
وأفاد بعض المسافرين «الشرق الأوسط» بأنهم أصيبوا بالصدمة لحظة منعهم من قبل مسلحي الجماعة من السفر وإجبارهم على العودة إلى صنعاء لأخذ الإذن المسبق من وزارة المغتربين في حكومة الانقلاب غير المعترف بها.
ويقول أحد المسافرين، الذي اكتفى بترميز اسمه بـ«عبد الله.س»، إن نقاط التفتيش الحوثية أبلغت الآلاف من المواطنين المغادرين مناطق سيطرة الجماعة عقب إيقافهم ومنعهم من السفر بأنها لن تسمح لهم بمغادرة صنعاء أو أي محافظة أخرى إلا بعد تسليم أوراقهم وبياناتهم ومعلوماتهم كافة إلى ما تسمى «وزارة شؤون المغتربين» الانقلابية.
وأوضح أن القيود الحوثية التي وصفها بـ«الابتزازية» بهدف «كسب المال الحرام، بدأت أولى مراحلها في العاصمة صنعاء من خلال تشديد الإجراءات، وانتهاء بإيقاف الحافلات» التي تقلهم ومنعهم من مغادرة البلاد.
ويؤكد عبد الله أن مكاتب السفر لم تبلغهم بتلك القرارات الحوثية الجديدة، مشيراً إلى أن إجراءات وتعسف الجماعة كبدتهم مبالغ مالية كبيرة، خصوصاً بعد إجبارهم على العودة إلى صنعاء لطلب الإذن من سلطات الانقلاب ليتمكنوا من السفر.
وأضاف أنه أثناء عودته وكثير من المسافرين ووصولهم إلى صنعاء؛ وبالتحديد إلى وزارة المغتربين الحوثية، فوجئ بوجود طوابير بشرية تنتظر ليالي وأياماً أمام ذلك المرفق لإنجاز معاملاتهم، التي كان هو قد أنجزها خلال أيام ماضية بعد طول انتظار ومعاناة كبيرة.
من جهته، تحدث لـ«الشرق الأوسط» مسافر آخر رمز اسمه بـ«ن.و» كانت منعته الجماعة من السفر، عن بعض معاناته قبل نحو شهر أثناء إنجاز معاملاته في صنعاء ليتمكن من مغادرة اليمن إلى المملكة العربية السعودية.
وقال المسافر؛ وهو من محافظة إب، إن معاناته بدأت قبل شهر ونصف من خلال ابتكار الجماعة إجراءً جديداً تمثل في الذهاب إلى مبنى وزارة المغتربين الحوثية والوقوف في طابور يضم آلاف البشر، لأيام طويلة من أجل الحصول على رسالة من مدير عام الهجرة إلى مستشفى «آزال» للسماح له بإجراء الفحص الطبي، ومن ثم موافاة تلك الوزارة مرة أخرى بنسخة من نتيجة الفحوصات.
ومن بين تلك القرارات التعسفية أيضاً، ذكر المسافر أن الميليشيات اتخذت قراراً آخر يتضمن حصول أي مسافر استكمل كل إجراءاته على رسالة رسمية من مدير ما تسمى «دراسة أسواق العمل الخارجية» بالوزارة ذاتها موجهة إلى مكاتب تفويج العمالة اليمنية، بأنه «لا مانع من استكمال الإجراءات الخاصة بالمسافر».
وعدّ المسافر وكثير من رفقائه ذلك القرار الحوثي تعسفياً وغير قانوني، وأكد أنه يستدعي الانتظار لأيام في طوابير طويلة لإنجازه.
ولا تتوقف معاناة من يسعون بشتى الوسائل والطرق للخروج من مناطق سيطرة الميليشيات بحثاً عن الرزق لهم ولأولادهم بعد أن دمرت الجماعة مؤسسات دولتهم ونهبت أموالهم، عند هذا الحد، بل ينتظرهم عند بوابة الإدارة العامة للأدلة الجنائية بمصلحة الجوازات الخاضعة للانقلابيين بصنعاء، فصل جديد من الصعوبات والعراقيل والمعاناة. ويتحدث مسافرون آخرون التقت بهم «الشرق الأوسط» عن مكوثهم أياماً أمام ساحة ذلك المرفق على أمل تمكينهم من فحص ما يسمى «الفيش والتشبيه».
وأشاروا إلى أن قرارات الجماعة المصحوبة بالانتقائية والوساطة والمحسوبية جعلت ساحة الأدلة الجنائية تكتظ يومياً بالآلاف من اليمنيين المتابعين معاملات وإجراءات سفرهم.
وعلى مدى السنوات الماضية من عمر الانقلاب، واجه المغتربون اليمنيون، وهم العمود الأخير في إنعاش الاقتصاد اليمني المتدهور، إجراءات تعسفية وانتهازية من قبل سلطات وحكومة الجماعة.
وفي الوقت الذي يرى فيه مراقبون محليون أن الجماعة تسعى من خلال إجراءاتها القمعية تلك إلى تضييق الخناق على المسافرين ومنعهم من مغادرة اليمن من أجل الاستفادة منهم عبر إلحاقهم بدوراتها الطائفية والزج بهم في جبهات القتال المختلفة، يشير آخرون إلى أن الميليشيات تهدف من وراء ذلك لحصر المغتربين اليمنيين لمعرفة حجم التحويلات المالية التي يتم إرسالها من الخارج بهدف إجبارهم فيما بعد على التحويل إلى مناطق سيطرتها بشكل مباشر.
وعد المراقبون القرار الحوثي الأخير بحق المسافرين والخاص بإجبارهم على مراجعة وزارة المغتربين الخاضعة لسيطرة الجماعة بصنعاء والقيام بتعبئة «استمارة بيانات» تحوي معلومات تفصيلية عن أفراد أسرهم وأقربائهم بمناطق سيطرتها، وخارج اليمن، يندرج في سياق مسلسل ابتزاز الجماعة للمغتربين.
وبحسب خبراء اقتصاديين، فإن الميليشيات باتت اليوم تدرك أن حجم التحويلات النقدية من المغتربين اليمنيين سينخفض بشكل كبير بعد دخول قرار تصنيفها منظمة إرهابية حيز التنفيذ؛ الأمر الذي سيفرض إجراءات مشددة على التحويلات المالية إلى اليمن، خصوصاً إلى المناطق والمدن الواقعة تحت سيطرة الجماعة.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.