أزمة اللقاحات في الاتحاد الأوروبي تحاصر رئيسة المفوضية

رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين (رويترز)
رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين (رويترز)
TT

أزمة اللقاحات في الاتحاد الأوروبي تحاصر رئيسة المفوضية

رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين (رويترز)
رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين (رويترز)

تواجه رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين، أعمق أزمة سياسية منذ توليها منصبها بسبب التأخر في تسلم دول الاتحاد الأوروبي اللقاحات الموعودة والقرار المتعجل الذي أصدرته بفرض ضوابط على صادرات اللقاحات.
لا أحد يتوقع أن تطيح بها هذه الأزمة من منصبها، فهي لا تزال تحظى بدعم قوي من باريس ولندن، لكنّ عاصفة الانتقادات التي تعرضت لها كشفت مخاوف تتعلق بالاستراتيجية التي تتبعها بروكسل لتأمين لقاحات لسكان التكتل.
وتركزت الانتقادات في بروكسل ودبلن ولندن على القرار الذي اتخذته المفوضية بفرض ضوابط على تصدير اللقاحات عند الحدود بين آيرلندا وآيرلندا الشمالية، وهي خطوة تم إجهاضها لاحقاً.
كما أن السياسيين والمواطنين على السواء في جميع دول التكتل أعربوا عن إحباطهم بسبب معدلات التطعيم المنخفضة ضد «كوفيد - 19» مقارنة بالولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل.
ووصلت الانتقادات أيضاً إلى تناول أسلوب فون دير لايين الشخصي في تولي المسؤولية، واتهمها البعض في بروكسل بالاعتماد على دائرة ضيقة حولها وتجاوز خبراء المفوضية.
ودعت الكتل السياسية الرئيسية في البرلمان الأوروبي الوزيرة الألمانية السابقة إلى جلسة مساءلة (الثلاثاء) ما ينذر بحصول أزمة.
وحتى رئيس المفوضية السابق جان - كلود يونكر انضم إلى المنتقدين، وبينهم دبلوماسيون لا يخفون في مجالسهم الخاصة امتعاضهم من أداء فون دير لايين.
وفي مقابلة مع «لوموند» اعترفت فون دير لايين باتخاذ بعض الخطوات الخاطئة، وقالت للصحيفة الفرنسية اليومية: «عندما تتخذ قرارات عاجلة، وفي عام الأزمة اتخذنا نحو 900 قرار، هناك دائماً فرصة لإخفاق ما».
المعلق إريك موريس، من مؤسسة «روبرت شومان» في بروكسل، رأى أنه من الطبيعي أن تكون فون دير لايين في الواجهة بسبب إمساكها بهذا الملف. وقال لوكالة الصحافة الفرنسية: «فون دير لايين تحت ضغط الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي التي لا ترى اللقاحات تصل في الوقت الذي تنظر فيه إلى تصاعد توقعات الناس».
ومن وجهة نظر موريس فإن رئيسة المفوضية من خلال استراتيجيتها المتفائلة في التواصل الإعلامي أوجدت مناخاً إيجابياً مع توقعات كبيرة «على الرغم من أننا كنا نعلم أن اللقاحات لن تكون جاهزة في يناير (كانون الثاني)».
لكن فون دير لايين في معرض الدفاع عن نفسها ترى أنها تحولت إلى «كبش فداء سهل» للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي عندما تولت مسؤولية الخطة.
ويقول المدافعون عنها وعن المفوضية إنه لو لم تتولّ بروكسل مسؤولية تنسيق سياسة اللقاحات، لكانت اندلعت حتماً منافسة بين عواصم دول الاتحاد الأوروبي تؤدي إلى هيمنة قرارات الدول الكبيرة مثل فرنسا وألمانيا على الدول الأصغر. كما يدافعون عن نهج أوروبا الحذر في الترخيص للقاحات، وأخذ وقتها في التفاوض مع الشركات المصنِّعة بشأن البنود التي تتعلق بالمسؤولية في حال حدوث ضرر، إضافة إلى السماح للوكالة الأوروبية للأدوية بفحص اللقاحات.
لكن في غضون ذلك، حذرت شركات اللقاحات بأنها قد لا تتمكن من الوفاء بالتزاماتها في التسليم كما ورد في الاتفاقات، ما أثار جدلاً كبيراً.
وجاء رد فون دير لايين عنيفاً، خصوصاً على شركة الأدوية البريطانية السويدية العملاقة «أسترازينيكا»، متهمةً إيّاها بالتقصير في التزامها تأمين إمدادات اللقاحات لحكومات دول الاتحاد الأوروبي.
لكن (الجمعة) بعدما كشفت المفوضية استراتيجية شفافة تهدف لمراقبة ووقف -عند الحاجة- صادرات اللقاحات من مصانع أوروبية، وجدت فون دير لايين نفسها مجبرة على التراجع.
فالقواعد الجديدة التي نشرتها الصحافة قبل تعديلها بشكل سريع، أثارت غضب دبلن ولندن خصوصاً عبر تفعيل بند في اتفاق «بريكست» لمراقبة الحدود الآيرلندية.
التراجع عن هذا البند من المفوضية جاء مذلاً، وتم اتهام فون دير لايين بمحاولة تحميل مسؤولين خارج مكتبها المسؤولية عن هذه الهفوة. وقال العديد من الدبلوماسيين الأوروبيين في بروكسل إن ميل فون دير لايين للاعتماد على دائرة صغيرة من المساعدين الموثوق بهم أدى إلى خذلانها هذه المرة.
وأفاد أحدهم وكالة الصحافة الفرنسية بأن رئيسة المفوضية تعتمد على «مجموعة صغيرة جداً من المسؤولين معظمهم من الألمان، ولا تستخدم بشكل فعلي البيروقراطية الهائلة التي تضم 30 ألف موظف أوروبي».
وشددت فون دير لايين في لقاء مساء (الثلاثاء) مع النواب الأوروبيين، على أنها تتحمل «مسؤولية كل ما يحدث في المفوضية». وقالت: «أنا على دراية تامة بالحساسية المتعلقة بالبروتوكول حول آيرلندا الشمالية، وأنا مسرورة ومرتاحة أنه في النسخة الأخيرة من الآلية وجدنا حلاً»، وفق ما نقل أشخاص حضروا الجلسة عن رئيسة المفوضية.
وقال دبلوماسي من دولة أوروبية: «قد تكون (رئيسة المفوضية) مدينة بالفضل للدول الأعضاء... لا أعرف إن كان هذا أمراً جيداً، لأنه وبكل إنصاف يحتاج المرء إلى توازن». وأضاف: «في الوقت نفسه، هناك أمل باستخلاص بعض الدروس من ذلك»، مشيراً إلى أن اقتراح فرض رقابة على حدود آيرلندا الشمالية أظهر كم أن قدرات فريقها الصغير محدودة.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».