الحكومة المغربية تطلق تجربة لمحاربة تسول الأطفال

الوزيرة مصلي وعبد النباوي خلال متابعة تنفيذ خطة محاربة تسول الأطفال (الشرق الأوسط)
الوزيرة مصلي وعبد النباوي خلال متابعة تنفيذ خطة محاربة تسول الأطفال (الشرق الأوسط)
TT

الحكومة المغربية تطلق تجربة لمحاربة تسول الأطفال

الوزيرة مصلي وعبد النباوي خلال متابعة تنفيذ خطة محاربة تسول الأطفال (الشرق الأوسط)
الوزيرة مصلي وعبد النباوي خلال متابعة تنفيذ خطة محاربة تسول الأطفال (الشرق الأوسط)

بعدما أصبح مشهد تسول الأطفال في شوارع المغرب ظاهرة مؤرقة، أطلقت السلطات المغربية تجربة نموذجية لمحاربة الظاهرة على مستوى العاصمة الرباط والمدن المحيطة بها، وهي سلا وتمارة.
وقالت جميلة المصلي، وزيرة التضامن والتنمية الاجتماعية والمساواة والأسرة، أمس، في الرباط خلال تقديم حصيلة هذه التجربة، التي تأتي في إطار «خطة عمل حماية الأطفال من الاستغلال في التسول»، إنه بفضل «العمل الجماعي، وانخراط جميع الفاعلين، من أجهزة أمنية وقضائية، جرى خلال الفترة من نهاية يوليو (تموز) إلى 15 ديسمبر (كانون الأول) الماضي حماية 45 طفلاً من التسول، ليصل العدد الإجمالي منذ بداية الخطة قبل 14 شهراً، إلى حماية 142 طفلاً، يتوزعون بين 79 من الإناث و63 من الذكور».
وأشارت الوزيرة المصلي إلى أن أهم تحدٍّ واجه عمل فرق العمل في الميدان هو «الإيواء الاستعجالي المؤقت» للأطفال، وقالت إنه جرى توفير قاعدة للمعطيات حول الأماكن الشاغرة في مجال الإيواء المستعجل بالرباط وسلا وتمارة، وجرى وضعها رهن إشارة رئاسة النيابة العامة، حيث تبين توفر 303 أماكن شاغرة في 11 مؤسسة للرعاية الاجتماعية للأطفال إلى غاية أول أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وقالت المصلي إنه جرى بتنسيق مع رئاسة النيابة العامة وفريق العمل الميداني «إعداد قاعدة للمعلومات موحدة لتجميع المعطيات»، وكذا توفير «استمارة» لمساعدة فريق العمل الميداني على تجميع وتصنيف المعلومات المتعلقة بتقييم وضعية كل طفل ومسار التكفل به».
من جهته، كشف محمد عبد النباوي، رئيس النيابة العامة في المغرب، أنه منذ نحو 14 شهراً على إطلاق الخطة، تعاملت السلطات مع 142 قضية تهم استغلال الأطفال في التسول بمدن الرباط ونواحيها. وقال، خلال اجتماع لجنة القيادة التي جرى تشكيلها للإشراف على تنفيذ خطة حماية الأطفال من الاستغلال في التسول، إنه صدرت قرارات تناسب كل حالة «سواء تعلق الأمر بإرجاع الطفل إلى وسطه الأسري»، أو «إيداعه في مؤسسة للرعاية الاجتماعية إن تعذر الإرجاع للوسط الطبيعي»، كما تم التحقق من هويات بعض الأطفال، وتسجيلهم في سجلات الحالة المدنية للمساعدة على ولوجهم إلى المدارس، كما جرى التنسيق مع خلايا المساعدة الاجتماعية التابعة لـ«مندوبية التعاون الوطني» (مؤسسة حكومية تهتم بالمساعدة الاجتماعية) من أجل دعم بعض الأسر المحتاجة، التي دفعتها الحاجة إلى استعمال أطفالها في التسول.
وإضافة إلى ذلك، كشف رئيس النيابة العامة عن تحريك المتابعة القضائية في حق مستغلي الأطفال في التسول، مشيراً إلى أنه صدرت بالفعل أحكام في العديد من القضايا. وينتظر أن يجري تعميم هذه التجربة على مدن مغربية أخرى؛ بهدف الوصول إلى «مدن خالية من تسول الأطفال».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».