«الوطني الليبي» يتهم قوات «الوفاق» باستفزازه عسكرياً

حفتر يحذّر من محاولات ميليشيات طرابلس «تخريب» الحل السياسي

جانب من تدريبات قوات «الجيش الوطني» شرق بنغازي (أ.ف.ب)
جانب من تدريبات قوات «الجيش الوطني» شرق بنغازي (أ.ف.ب)
TT

«الوطني الليبي» يتهم قوات «الوفاق» باستفزازه عسكرياً

جانب من تدريبات قوات «الجيش الوطني» شرق بنغازي (أ.ف.ب)
جانب من تدريبات قوات «الجيش الوطني» شرق بنغازي (أ.ف.ب)

حذر الجيش «الوطني الليبي»، بقيادة المشير خليفة حفتر، من محاولة ميليشيات مسلحة تابعة لحكومة «الوفاق»، التي يرأسها فائز السراج، القيام بـ«عمليات إرهابية» في العاصمة طرابلس لـ«تخريب مسار التسوية السياسية»، الذي تقوده بعثة الأمم المتحدة. متهما قوات «الوفاق» بمحاولة استفزازه عسكريا في مدينة سرت.
وقال حفتر في بيان وزعه مساء أول من أمس اللواء أحمد المسماري، الناطق باسمه، إن ما وصفها بـ«الميليشيات التكفيرية المتطرفة والإجرامية» مستمرة في محاولاتها لعرقلة التسوية السلمية للأزمة الليبية، «لقناعتها بأن السلام وإنهاء الأزمات في ليبيا يعنيان نهايتها على كل المستويات والاتجاهات، وأنها خارج أي تسوية للأزمة».
وكشف المسماري النقاب عن رصد الجيش، بناء على معلومات موثوقة، تخطيط الميليشيات، التي يرأسها المدعو بشير (البقرة)، و«بقايا مجلسي إرهاب بنغازي، ودرنة» لتفجير مقرات عامة وخاصة، منها مقر بعثة الأمم المتحدة في طرابلس بحي جنزور، و«إلصاق التهمة بالقيادة العامة للقوات المسلحة العربية الليبية باستخدام شعاراتها، وصور لسيادة القائد العام، وبعض رموز القيادة من الضباط». داعيا جميع المواطنين في طرابلس ومؤسسات الدولة لاتخاذ جميع التدابير لمنع وقوع هذه الجرائم، التي تهدد كيانات الدولة والمواطنين، ولافتا إلى أن مسؤولية مكافحة هذه الجرائم «تقع على عاتق كل المنخرطين في الحوار السياسي، من كيانات وأفراد».
وكان «الجيش» قد أعلن مساء أول من أمس عن رصد وحداته للإنذار، والاستطلاع المبكر، انتهاك طائرة أجنبية دون طيار للمجال الجوي الليبي، مقابل منطقة هراوة (شرق سرت) صباح الخميس الماضي. واعتبر أن هذا «العمل المعادي» يتعارض مع بيان الجيش، الذي شدد فيه على ضرورة احترام المجال الجوي الليبي، وعدم الدخول إليه إلا بعد التنسيق مع جهات الاختصاص المعنية بهذا الشأن، مشيرا إلى أن هذه الأعمال المعادية والاستفزازية تستهدف إفشال التسوية السياسية، التي تعمل عليها بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا والدول الصديقة والشقيقة، وكذلك مخرجات اجتماعات اللجنة العسكرية المشتركة «5+5».
وتابع بيان «الجيش الوطني» موضحا: «نعرف تماما النيات الخبيثة لهذه الاستفزازات الموجهة للقوات المسلحة، والهادفة إلى دفعها لعمل مضاد، يعتبر بعد ذلك انتهاكا لوقف إطلاق النار، الذي أعلنا التزامنا به سابقا»، مؤكداً من جديد التزام «الجيش» بكل ما تم التوصل إليه من وقف لإطلاق النار، وبكل متطلبات العملية السياسية السلمية، واعتبر أنه «على الأعداء أن يعلموا أن اختبار صبرنا أمر خطير». في المقابل، وزعت عملية «بركان الغضب» صورا فوتوغرافية، ادعت أنها لأفراد من «مرتزقة فاغنر» في مدينة سرت، وذلك على بعد كيلومترات من خطوط التماس، وبعد مضي ستة أيام من انتهاء المهلة المنصوص عليها في اتفاق «5+5» لوقف إطلاق النار، والذي يتعيّن بموجبه خروج المرتزقة الأجانب ومغادرتهم البلاد.
وقالت العملية في بيان لمركزها الإعلامي إنها عثرت على منشورات باللغتين العربية والروسية في طريق المطار، ووادي جارف في سرت، تحمل رسائل تحذير وتهديد لمرتزقة فاغنر والجنجويد ومن يعينهم. وطلبت المنشورات من المرتزقة مغادرة المدينة فورا، مشيرة إلى أنه يتم الآن التحضير لاستهدافهم بعد رصد كل أماكنهم.
في غضون ذلك، تعكف البعثة الأممية لدى ليبيا حالياً على مراجعة ملفات المرشحين للسلطة التنفيذية، قبل عقد اجتماع جديد لملتقى الحوار السياسي الليبي بكامل أعضائه في جنيف، ابتداء من الغد. وأوضح ستيفان دوجاريك، المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للمنظمة الدولية، أن رئيسة البعثة بالإنابة ستيفاني ويليامز، ستدير جلسات الملتقى، الذي من المتوقع أن يصوت على المرشحين لعضوية مجلس رئاسي، يتكون من ثلاثة أعضاء ورئيس حكومة، وذلك في إطار خريطة الطريق التي تم اعتمادها في تونس مؤخرا.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.