صواريخ إيرانية لـ«حزب الله» العراقي شرق سوريا

أنباء عن فشل وساطة روسية لفك حصار كردي على موقع للنظام في الحسكة

TT

صواريخ إيرانية لـ«حزب الله» العراقي شرق سوريا

أفيد أمس بوصول عشرات صواريخ أرض - أرض من إيران إلى «حزب الله» العراقي في ريف دير الزور، في وقت تواصل فيه شرطة تابعة لـ«الإدارة الذاتية» الكردية محاصرة «المربع الأمني» التابع للنظام في الحسكة، شرق الفرات.
وتحدث «المرصد السوري لحقوق الإنسان» عن وصول صواريخ أرض - أرض قصيرة ومتوسطة المدى إيرانية الصنع لـ«حزب الله» العراقي المتمركز في محيط بلدة التبني الخاضعة لسيطرة قوات النظام غرب دير الزور «حيث جرى إدخالها عبر معابر غير رسمية بين سوريا والعراق، من خلال شاحنات مدنية، وبلغ عدد الصواريخ 56 صاروخاً».
وكان «المرصد» قد أشار في الـ11 من الشهر الحالي إلى أن ميليشيات «فاطميون» الأفغانية التابعة لإيران أفرغت حمولة أسلحة من 4 شاحنات كبيرة «مخصصة لنقل الخضراوات والفواكه». ووفقاً للمصادر، فإن الشاحنات كانت محملة بصواريخ إيرانية الصنع جاءت من طريق العراق، وأفرغت تلك الشحنات بمستودعات تجارية استأجرتها من مدنيين بمنطقة كوع بن أسود الواقع بين مدينة الميادين وبلدة محكان، بريف دير الزور الشرقي.
وتتخذ الميليشيات الإيرانية والموالية لها مناطق ريف دير الزور، قرب الحدود مع العراق، مركزاً لها، في حين تعمل على تغيير مواقعها تخوفاً من استهداف الطائرات الإسرائيلية والمجهولة التي يرجح أنه تتبع التحالف الدولي، حسب «المرصد».
وفي السياق ذاته، أفيد بأن «المركز الثقافي الإيراني» في دير الزور ربح مناقصة لاستثمار مشفى «النور» الخاص بمدينة دير الزور، العائدة ملكيته لطبيب معارض للنظام موجود في أوروبا ضمن دول اللجوء. وكان النظام قد أصدر قراراً في وقت سابق بالحجز على المشفى، وممتلكات الطبيب، حيث قامت محافظة النظام بدير الزور بفتح باب المناقصة لاستثمار المشفى، لترسو المناقصة لصالح «المركز الثقافي الإيراني»، مقابل مبلغ مالي قدره 15 مليون ليرة سورية في العام الواحد (الدولار الأميركي يساوي 3 آلاف ليرة)، حيث بدأ المكتب الخدمي التابع للمركز الثقافي الإيراني بإعادة تأهيل المشفى من أجل افتتاحه خلال فترة زمنية قريبة.
وكان «المرصد» قد أشار إلى أن «حزب الله» اللبناني افتتح باب الانتساب لصفوفه في مقره ببناء التنمية الريفية في حي هرابش بمدينة دير الزور الذي يتقاسمه مع «قوات الدفاع الوطني»، وأعلن الحزب مرتباً شهرياً للمنتسب قدره 150 دولاراً، حيث شهد المقر إقبالاً كبيراً للشبان بسبب ارتفاع الراتب، في مقابل الرواتب التي يتقاضاها عناصر قوات النظام والميليشيات الموالية لها، حيث يعمد «حزب الله» إلى استغلال الوضع الاقتصادي، واللعب على الوتر المادي، في ظل الأوضاع المعيشية الكارثية.
وفي الحسكة المجاورة، تواصل قوى الأمن الداخلي (أسايش) حصارها لمنطقة «المربع الأمني» وأحياء خاضعة لسيطرة النظام السوري في مدينة الحسكة، لليوم الـ19 على التوالي، حيث لا تزال «أسايش» تمنع دخول وخروج البضائع والمحروقات ومستلزمات الحياة اليومية لتلك المناطق، بالإضافة لمنعها جميع العاملين ضمن النظام السوري من عسكريين وموظفين، وسط سماحها للمدنيين بالدخول والخروج سيراً على الأقدام برفقة حاجاتهم بكميات قليلة محدودة، وسط استياء شعبي متصاعد حيال ذلك. وتطالب «أسايش» بفك حصار النظام السوري عن مناطق الشهباء بريف حلب الشمالي، وطلبات أخرى، في مقابل فكها للحصار عن المربع الأمني.
وفي هذا السياق، صرح محافظ الحسكة، اللواء غسان خليل، ضمن المربع الأمني، بأن «مطالب قوات سوريا الديمقراطية (قسد) تعجيزية غير محقة»، قائلاً: «رغم كل الظروف وممارسات ميليشيات (قسد)، تقدم المحافظة الطحين يومياً لجميع المواطنين، والموظفون يحصلون على رواتبهم من الدولة السورية، وحتى أبناء هذه الميليشيات يتعلمون في مدار الدولة السورية، ويسعون للحصول على الشهادة منها». وأشار إلى أن «المساعي الروسية لفك الحصار لم تأتِ بنتيجة لأن مطالب (قسد) تعجيزية غير محقة، ولن تكون الدولة السورية طرفاً بحوار مع خارجين عن القانون».
وأشار «المرصد»، يوم أمس، إلى أن «قوات النظام وأجهزتها الأمنية تواصل حصارها لمناطق نفوذ القوات الكردية، ضمن بلدات وقرى ريف حلب الشمالي، ضمن ما يعرف بمنطقة الشهباء، حيث تمنع حواجز الفرقة الرابعة والمخابرات الجوية إدخال الطحين والمحروقات والدواء إلى المناطق آنفة الذكر، وتفرض إتاوات مالية كبيرة على سيارات الخضراوات مقابل إدخالها». كما تقوم حواجز النظام في محيط حي الشيخ مقصود بالتدقيق في هوية المدنيين بشكل تعجيزي، حيث تصل أرتال المدنيين إلى مسافات كبيرة، وهي تنتظر الدخول إلى حي شيخ مقصود. بالتزامن مع ذلك، تواصل قوى الأمن الداخلي حصارها للأحياء الخاضعة لسيطرة النظام ضمن «المربعات الأمنية» في مدينتي الحسكة والقامشلي.



الحوثيون يتبنّون أول هجوم مميت باتجاه إسرائيل منذ نوفمبر 2023

طائرة حوثية من دون طيار أُطلقت من مكان غير معروف لمهاجمة السفن في البحر الأحمر (رويترز)
طائرة حوثية من دون طيار أُطلقت من مكان غير معروف لمهاجمة السفن في البحر الأحمر (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون أول هجوم مميت باتجاه إسرائيل منذ نوفمبر 2023

طائرة حوثية من دون طيار أُطلقت من مكان غير معروف لمهاجمة السفن في البحر الأحمر (رويترز)
طائرة حوثية من دون طيار أُطلقت من مكان غير معروف لمهاجمة السفن في البحر الأحمر (رويترز)

تبنّت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، الجمعة، أول هجوم مميت ضد إسرائيل بطائرة مسيّرة استهدفت تل أبيب وأدت إلى مقتل شخص وإصابة أربعة آخرين، بالتزامن مع إبلاغ سفينة شحن في خليج عدن عن تعرّضها لهجوم دون إصابات، أعلنت الجماعة مسؤوليتها عنه.

وتشنّ الجماعة الحوثية منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) هجماتها في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي؛ إذ تدعي أنها تحاول منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل بغضّ النظر عن جنسيتها، وكذا السفن الأميركية والبريطانية، كما تزعم أنها تقوم بهجمات في البحر المتوسط وموانئ إسرائيلية بالاشتراك مع فصائل عراقية مسلحة.

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

بدا الأمر هذه المرة مختلفاً مع إفاقة السكان في تل أبيب على دوي انفجار المسيّرة التي يرجّح الجيش الإسرائيلي أنها مطوّرة من طائرة «صماد 3» ذات المكونات الإيرانية.

وقال المتحدث العسكري باسم الحوثيين، يحيى سريع، في بيان متلفز، إن جماعته استهدفت أحد الأهداف المهمة في منطقة يافا المحتلة (تل أبيب) بواسطة طائرة مسيّرة جديدة اسمها «يافا»، زاعماً أنها قادرة على تجاوز المنظومات الاعتراضية، وأنها حققت أهدافها بنجاح.

وهدّد المتحدث الحوثي بأن تل أبيب ستكون منطقة غير آمنة وستكون هدفاً أساسياً في مرمى جماعته التي ستركز على الوصول إلى العمق الإسرائيلي، مدعياً وجود بنك أهداف عسكرية وأمنية حساسة.

وكانت الجماعة في الأسابيع الماضية تبنّت منفردة ومشتركة مع فصائل عراقية مدعومة من إيران هجمات سابقة ضد سفن في ميناء حيفا وأخرى في البحر المتوسط، دون أن يكون لها أي أثر، وذلك ضمن ما تسميه الجماعة المرحلة الرابعة من التصعيد.

صورة وزّعها الحوثيون لاستهداف إحدى السفن في البحر الأحمر بزورق مسيّر مفخخ (أ.ف.ب)

ومع هذه التطورات يشكك مراقبون يمنيون في قدرة الجماعة الحوثية على تنفيذ هجمات مؤثرة في إسرائيل، ولا يستبعدون أن يكون الهجوم الأخير تم تنفيذه من مناطق أخرى غير يمنية، بتخطيط إيراني، في حين قامت الجماعة بتبنيه لدرء خطر الرد الإسرائيلي على طهران.

ومنذ أحداث السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي وجدت الجماعة الحوثية فرصة لتبييض جرائمها ضد اليمنيين ومحاولة التحول لاعباً إقليمياً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين، مع الهروب من استحقاقات السلام واستغلال التطورات لتجنيد مئات الآلاف بذريعة الاستعداد لمحاربة إسرائيل بينما أعين قادة الجماعة مصوّبة على بقية المناطق اليمنية المحررة.

حصاد الهجمات والضربات

مع استمرار الهجمات الحوثية ضد السفن، أفادت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية وشركة «أمبري» البريطانية للأمن البحري، الجمعة، بأن سفينة أُصيبت بمقذوفات مجهولة على بُعد 83 ميلاً بحرياً، جنوب شرقي مدينة عدن اليمنية دون إصابات.

وفي بيان متلفز، تبنى المتحدث العسكري الحوثي، يحيى سريع، الهجوم الذي قال إنه استهدف السفينة «لوبيفيا» لعدم التزام الشركة المشغلة لها بالحظر الذي فرضته جماعته على الموانئ الإسرائيلية؛ وهو ما يرفع عدد السفن التي تعرّضت للهجمات إلى 171 سفينة.

وكان الجيش الأميركي أفاد، الخميس، بأن قواته نجحت في تدمير صاروخين أرض - جو وأربع طائرات حوثية من دون طيار في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون.

وأوضحت القيادة المركزية الأميركية، في بيان، أن هذه الأسلحة تقرّر أنها تمثل تهديداً وشيكاً للولايات المتحدة وقوات التحالف والسفن التجارية في المنطقة، وقد تم اتخاذ الإجراءات لحماية حرية الملاحة وجعل المياه الدولية أكثر أماناً.

وتبنى زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي في خطبته الأسبوعية، الخميس، مهاجمة 170 سفينة في البحر الأحمر وخليج عدن منذ بدء التصعيد في نوفمبر الماضي، كما أقرّ بتلقي أكثر من 570 غارة منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي، معترفاً بسقوط 57 قتيلاً و87 جريحاً، جراء الضربات.

حاملة الطائرات الأميركية «روزفلت» حلّت محل الحاملة «أيزنهاور» للتصدي لهجمات الحوثيين (أ.ب)

وأصابت الهجمات الحوثية، حتى الآن، نحو 30 سفينة منذ بدء التصعيد، غرقت منها اثنتان؛ إذ أدى هجوم في 18 فبراير (شباط) إلى غرق السفينة البريطانية «روبيمار» في البحر الأحمر، قبل غرق السفينة اليونانية «توتور»، التي استُهدفت في 12 يونيو (حزيران) الماضي.

كما أدى هجوم صاروخي في 6 مارس (آذار) الماضي إلى مقتل 3 بحارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف في خليج عدن سفينة «ترو كونفيدنس» الليبيرية.

وإلى جانب الإصابات التي لحقت بالسفن، لا تزال الجماعة تحتجز السفينة «غالاكسي ليدر» التي قرصنتها في 19 نوفمبر الماضي، واقتادتها مع طاقمها إلى ميناء الصليف، شمال الحديدة، وحوّلتها مزاراً لأتباعها.

وأثّرت الهجمات على مصالح أكثر من 55 دولة، وفقاً للجيش الأميركي، وهدّدت التدفق الحر للتجارة عبر البحر الأحمر، وهو حجر أساس للاقتصاد العالمي؛ إذ دفعت الهجمات أكثر من 10 شركات شحن كبرى إلى تعليق عبور سفنها عبر البحر الأحمر؛ ما تسبب في ارتفاع أسعار التأمين على السفن في المنطقة.

صورة جوية لسفينة شحن أصابها صاروخ حوثي في خليج عدن وأدى إلى مقتل 3 من بحارتها (الجيش الأميركي)

وتسبّب تصعيد الحوثيين في إصابة مساعي السلام اليمني، التي يقودها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ بالجمود؛ إذ تسود المخاوف من انهيار التهدئة الهشّة المستمرة منذ عامين، وعودة القتال على نطاق أوسع.

وتقول الحكومة اليمنية إن الحل ليس في الضربات الغربية الدفاعية ضد الحوثيين وإن الوسيلة الأنجع هي دعم قواتها المسلحة لاستعادة الحديدة وموانئها وجميع مؤسسات الدولة المختطفة وإنهاء الانقلاب المدعوم إيرانياً.

وفي أحدث تصريحات لمجلس القيادة الرئاسي اليمني، الخميس، دعا الجماعة الحوثية إلى «تحكيم العقل والتعاطي الإيجابي مع المساعي الحميدة لإحلال السلام، (...) والتوقف عن المتاجرة المكشوفة بأوجاع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة».