خفض المساعدة الأميركية للمعارضة السورية يثير جدلاً رسميًا وإعلاميًا

بعض الفصائل المعتدلة باتت تتلقى 50 في المائة فقط من رواتبها

خفض المساعدة الأميركية للمعارضة السورية يثير جدلاً رسميًا وإعلاميًا
TT

خفض المساعدة الأميركية للمعارضة السورية يثير جدلاً رسميًا وإعلاميًا

خفض المساعدة الأميركية للمعارضة السورية يثير جدلاً رسميًا وإعلاميًا

وسط أخبار عن تخفيض، أو وقف، المساعدات العسكرية الأميركية إلى فصائل سورية عسكرية معتدلة حليفة للولايات المتحدة، تحفظت الخارجية الأميركية عن تحمل مسؤولية الاعتراف بذلك، ونفت الخارجية الأميركية أخبارا نشرت في صحيفتي «ديلي بيست» و«وول ستريت جورنال»، تفيد بأن تخفيض، أو وقف هذه المساعدات، له صلة بما أشيع بأن الرئيس باراك أوباما يخطط للتقارب مع الرئيس السوري بشار الأسد لمواجهة «داعش» و«جبهة النصرة» وثيقة الصلة بتنظيم القاعدة.
وقالت جين بساكي، المتحدثة باسم الخارجية، في مؤتمرها الصحافي اليومي: «لا أستطيع الحديث عن تقارير حول البرامج السرّية (التي تقوم بها وزارة الدفاع، أو سي آي إيه). أستطيع أن أتكلم فقط عما تقوم به وزارة الخارجية. ونحن مستمرون في دعم المعارضة السورية».
وأضافت: «واضح أننا ندعم وزارة الدفاع في برنامج مساعدة وتدريب المعارضة السورية الذي يتوقع أن يبدأ هذا الربيع. ومن جانبنا، فنحن نواصل برامج المساعدات غير القاتلة. وبرنامج توفير الغذاء، والإمدادات الطبية، ومعدات فصل الشتاء، والشاحنات. وقد تم تقديم كميات كبيرة من الدعم غير القاتل للعناصر المدنية والمسلحة المعتدلة وسط المعارضة السورية».
وفرقت المتحدثة بين «مساعدات إنسانية» تقدمها الخارجية، عن طريق وكالة المساعدات الدولية (يو إس إيه إي دي)، و«مساعدات عسكرية واستخباراتية» تقدمها وزارة الدفاع، أو «سي آي إيه».
وتابعت المتحدثة: «ليست عندي أرقام بالنسبة للمجموعات التي نساعدها من هنا. توجد مجموعات مختلفة تمر علينا من خلال عملية (فيتنغ) - تمحيص وتصديق - للمعارضة المعتدلة التي نستمر في مساعدتها. على أي حال، منذ بداية العام، قمنا بتسليم ما تقرب قيمته من 2.7 مليون دولار من الإمدادات والمعدات غير القاتلة للمعارضة المعتدلة. بما في ذلك شاحنات الماء، ومعاول زراعية ومولدات كهربائية، وأغطية فصل الشتاء، وأكثر من 17 ألف سلة غذاء».
وكانت صحيفة «ديلي بيست» قالت إن «كثيرا من المقاتلين الذين تقدم لهم (سي آي إيه) مساعدات عسكرية ومدنية فوجئوا بقطع هذه المساعدات، أو تخفيضها كثيرا». وأن هؤلاء المقاتلين يعملون «تحت ظلال من الارتباك. وأحيانا لا يبلغون مسبقا بتوقف المساعدات».
وأضافت الصحيفة: «في حالات أخرى خفضت المساعدات، أو أوقفت، بسبب ضعف الأداء في ساحة المعركة، مما ضاعف هبوط الروح المعنوية التي هي أساسا بائسة بالفعل على أرض الواقع».
وقالت الصحيفة إنه «عن بعد، يبدو وكأن المعارضة السورية والحكومة الأميركية، سواء البنتاغون، أو الخارجية، أو (سي آي إيه)، ينفذون عملية منظمة، لكن العملية ليست في الواقع، إلا عبارة عن مساعدة مجموعة من (الكتائب)، من أحجام مختلفة، ويمكن أن تحول هذه «الكتائب» ولاءاتها التي تعتمد على قادة محليين، أو، إذا صح التعبير، على أمراء حرب محليين.
وأضافت الصحيفة: «بينما تتحدث واشنطن عن (المعارضة) السورية بشكل عام، فإن السؤال الحاسم وسط المقاتلين في الميدان هو: معارضة ضد مَن؟ ضد الرئيس السوري بشار الأسد؟ ضد داعش؟ أم ضد جبهة النصرة؟».
وقالت الصحيفة: «بسبب عدم الوضوح هذا، تتعرقل الجهود. وأيضا، بسبب الشكوك العميقة وسط الجماعات المسلحة في نوايا واشنطن، وأن واشنطن مستعدة لعقد نوع من صفقة ما مع الأسد في المدى القصير، أو المتوسط. هذا إن لم تكن فعليا قد أقدمت على ذلك».
وكانت صحيفة «وول ستريت جورنال» قالت إن 4 من 16 لواء معارضة تتعاون معها الولايات المتحدة، تعمل في الجزء الشمالي من سوريا، قد تم قطع تمويلها، وأزيلت أسماؤها من قائمة «الفصائل الموثوقة»، وأن الألوية المتبقية (عددها 12) قد خفضت المساعدات الموعودة بها. وأضافت أن «واحدا من قادة المعارضة المفضلين عند الولايات المتحدة، حصل على ما يعادل 16 رصاصة فقط لكل مقاتل. وأنه أُجبر على اتباع سياسة تموينية. ورغم أن وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) دربت ما يقرب من 5 آلاف مقاتل في سوريا، فقد هرب، أو اختفي، أو انشق، كثير منهم».
ونقلت الصحيفة على لسان معارضين سوريين أن أفراد الفرقة السابعة من «جبهة ثوار سوريا، حليفة الجيش السوري الحر، لم يحصلوا على مرتباتهم منذ عدة شهور. رغم أن الخارجية واصلت إرسال شحنات غذائية إلى هذه الفرقة السابعة». وأن «حركة حزم»، العلمانية، وأكثر المنظمات المفضلة لدى الولايات المتحدة، وتتلقى صواريخ «تي دبليو أو» المضادة للدبابات، تواجه تخفيضا كبيرا في الإعانات الشهرية لما يقرب من 4 آلاف مقاتل. وصارت تتلقى 50 في المائة من رواتبها. وأن «لواء الفاروق، الذي تشكل في الأصل من مقاتلين إسلاميين معتدلين، ومقره في مدينة حمص، لا يحصل على أي مبلغ من المال لدفع الرواتب في الوقت الراهن».



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.