«دكتور جيكل ومستر هايد» جديد يُعيد المؤلف إلى الشاشة

الوحش داخل الإنسان حسب تعاليم ستيفنسن وسواه

سبنسر ترايسي وانغريد برغمن في نسخة 1941 من الرواية
سبنسر ترايسي وانغريد برغمن في نسخة 1941 من الرواية
TT

«دكتور جيكل ومستر هايد» جديد يُعيد المؤلف إلى الشاشة

سبنسر ترايسي وانغريد برغمن في نسخة 1941 من الرواية
سبنسر ترايسي وانغريد برغمن في نسخة 1941 من الرواية

لا أحد يعرف مصير مشروع وضعه المخرج غويلرمو دل تورو («شكل الماء» و«هلبوي» من بين أفلام أخرى مشهودة) مستوحى من رواية روبرت لويس ستيفنسن الشهيرة «دكتور جيكل ومستر هايد».
كان دل تورو أدرج الفيلم على قائمة مشاريعه قبل ست سنوات وأخذ يدرس احتمالات تحقيقه قبل عامين لكن لا يوجد شيء مؤكد حول إذا ما كان سيعمد إليه بعد انتهائه من فيلمين مقبلين له هما «زقاق الكابوس» و«بينوكيو» أم سيواصل تأجليه.
في هذه الأثناء، هناك فيلم أميركي صار جاهزاً للعرض وهو مأخوذ عن الرواية ذاتها تحت عنوان Jekyll vs‪.‬ Hyde من إخراج ثنائي هما سيباستيان غودِن ودستن هوبارد.
وكانت المرّة الأخيرة التي أطلت بها رواية ستيفنسن على الشاشة سنة 2017 في فيلم أميركي مستقل الإنتاج والتمويل أخرجه ب. لوشيانو بارسوليا. وقبله هناك أكثر من 240 فيلما منجزا من العام 1912 وما بعد.

- أهمية متداولة
هناك شيء خاص وساحر في هذه الرواية لكن الوصف ذاته يمكن أن يُطبّق على أعمال كثيرة للروائي الاسكوتلندي ستيفنسن (1894‪ - ‬1850) وأشهرها جانب «دكتور جيكل ومستر هايد» روايتا «جزيرة الكنز» و«مخطوف» تتبعهما روايات أخرى مثل «السهم الأسود» و«المخرّب» و«سيد بالنتريا». في الواقع، وحسب مصادر مختلفة، فإن عدد المرّات التي نقلت فيها السينما العالمية أعمالاً لستيفنسن يزيد على 300 مرّة (حسب IMDB هناك 314 فيلماً مقتبساً عن مجمل روايات المؤلف).
أهمية ستيفنسن في عالم الأدب لم تكن دائماً مستقرة فتارة هي، عند نقاد أميركيين، توازي في صياغاتها وأسلوب كتابتها، أعمال جوزف كونراد وهنري جيمس، وتارة أخرى يغلب عليها الطابع القصصي الخفيف خصوصاً في تلك الأعمال التي اعتبرت من أدب الأطفال وكل هذا قبل أن يُعاد إليه، منذ نحو عشرين سنة، الاعتبار المفقود والنظر إلى مجمل أعماله كإنجازات غير قابلة للتجاهل.
حتى أعماله التي اعتبرت روايات للصغار سناً تحتوي على المغامرة القابعة ما بين شخصيات مثيرة ومغامرات مشوّقة ليست من تلك التي قد تسردها الأمهات على صغارها ليلاً حتى يناموا. شخصياته تلك تدفن في داخلها نفوس داكنة والمغامرات بذاتها تدلف في المخاوف التي تعامل معها ستيفنسن في رواياته المخصصة للراشدين.
بمعاينة هذه الدلالات ذكر الناقد الأميركي غراهام فولر في تحقيق موسع نشرته مجلة «سايت آند ساوند» البريطانية في عدد يناير (كانون الثاني) سنة 2000 بأن كتابات ستيفنسن تحتوي على ذات العناصر التي تتكوّن منها السينما والتي «تقودنا لتقدير العناصر النوعية التي نجدها في السينما ذاتها». كذلك كتب في الصدد نفسه الروائي الأرجنتيني جورج لويس بورجز ملاحظاً صياغة أدبية جاهزة للنقل «عبر الصوَر السينماتوغرافية».
استلهمت منذ البداية، الرواية التي نُشرت لأول مرّة سنة 1886 مخيّلة السينمائيين كنص مرعب يقترح أن الإنسان (كل إنسان) لديه جانبان في داخله: الجانب الطبيعي الذي يُعرف عليه، وذلك الدفين الذي يعيش في أعماقه. ما فعلته رواية ستيفنسن هي أنها نصّت على تفعيل الداخلي ليستولي على الخارجي. بطله عالم اسمه جيكل يحاول التأكيد على هذه النظرية بابتكار عقار إذا ما تناوله انقلب إلى شخص آخر. هذا الشخص الآخر هو الكابوس الكامن في أعماقه والذي أطلق عليه الكاتب اسم «هايد» (Hyde القريبة من كلمة Hide أي المخبوء).

- شخصيات مزدوجة
يمكن لنا أن نلاحظ أن القرن التاسع عشر عرف هذه المنظومة في عدّة روايات، الكثير منها لم يعش طويلاً لكي يؤخذ على محمل الجد، لكن ما عاش منها تحوّل إلى كلاسيكيات معروفة. المنظومة هي قدرة فرد على استنباط نفسه إما في الجسد ذاته وإما عبر جسد آخر.
بكلمات أخرى، الحبكة التي تؤلف عماد رواية «دكتور جيكل ومستر هايد» والأفلام العديدة التي اقتبست عنها، ليست بعيدة عن حبكات روايات أخرى جاورتها. تحديداً رواية «فرنكنستين» التي وضعتها ماري شيلي سنة 1818 وفيها يبتكر عالم ذو نوايا حسنة مبدئياً مخلوقاً متوحشاً ينطلق في سلسلة من جرائم الاختطاف والقتل التي لم تكن بحسبان العالم فرنكستين.
في العام 1847 نشر روائي اسمه ج. ورينولدز حكاية «الرجل - الذئب» التي تقوم على حكاية رجل ينقلب ذئباً متوحشاً عندما يكتمل القمر. مرّة أخرى هناك الإنسان الطبيعي والوحش الذي في أعماقه ما دفع الروائي والمفكر البريطاني كولِن ويلسون لملاحظة التشابه الكامن بين هذه الرواية وبين «دكتور جيكل ومستر هايد»، مقترحاً أن يكون ستيفنسن استلهم رواية رينولدز خصوصاً وأن الروايتين تتحدّثان عن رجل واحد يتحوّل إلى آخر في الجسد نفسه قبل أن يعود إلى صورته الأولى.
الحكاية الرابعة التي توازي هذه الخطوط هي «دراكولا» لبرام ستوكر والتي نُشرت أولاً سنة 1897، هي أيضاً عبارة عن رجل واحد بشخصيّتين أو أكثر. الكونت دراكولا هو بشر هنا ومصاص دماء متوحش بعد غروب الشمس وقد ينقلب وطواطاً أو جرذاً أو ذئباً.

- علقم قاتل
أول فيلم ناطق تم إنجازه عن رواية «دكتور جيكل…» كان الفيلم الثالث للمخرج روبن ماموليان الذي لم تسعفه هوليوود لتحقيق أكثر من 17 فيلما آخر هذا من بين أفضلها. الممثل فردريك مارش هو الشخصيتان حيث يتبرّع بشرب اللقاح بنفسه. يشعر بألم شديد ينتابه. يختفي عن الشاشة (في تلك المرّة الأولى له مع هذا اللقاح) وراء طاولة مختبره. حين ينهض من جديد هو بوجه بشع سيزداد بشاعة كلما تجرّع العلقم في اليوم التالي. كذلك ستزداد حاجته إلى العلقم وسيجد أنه بات من الأصعب عليه العودة إلى أصله الآدمي.
بعده، في سنة 1941 شاهدنا نسخة من بطولة سبنسر ترايسي وإخراج فكتور فلمنغ الذي لاحقاً ما أخرج «ذهب مع الريح». وما بين نسختي ماموليان وفلمنغ أكثر من عشرة أفلام قصيرة وطويلة صامتة طواها الزمن إذ لم تعش طويلاً.
وتبعاً لنظرية أن كل ما يُثير الخوف يصلح لأن يكون مادّة كوميدية أيضاً وجدنا الثنائي بد أبوت ولو كوستيللو يلعبان دور الضحيّتين المحتملين في «أبوت وكوستيللو يقابلان دكتور جيكل ومستر هايد» (تشارلز لامونت، 1953) مع بوريس كارلوف في دور الإنسان - الوحش. وبعد عشر سنوات قام الممثل - المخرج جيري لويس باستنباط الحكاية إلى فيلم بعنوان «البروفسور المجنون» (The Nutty Professor).
إذا ما نقل دل تورو هذه الرواية إلى فيلم في المستقبل المنظور فإن الناتج لن يشبه أي فيلم سابق إلا من حيث اعتماده على الخط الأساسي في الرواية ذاتها. أما المعالجة بأسرها فسيطغى عليها لا أسلوب هذا المخرج البصري فقط، بل منحاه الفكري أيضاً حيث دائما ما نجح في استنباط أبعاد ودلالات بديعة يمزجها جيداً مع اختياراته من التصاميم الإنتاجية والزمنية كما فعل سنة 2006 عندما حقق «متاهة بان» وسنة 2017 عبر «شكل الماء» حيث ضم، في الفيلمين، عناصر الفانتازيا والخوف والفترة الزمنية الغابرة.


مقالات ذات صلة

أربعينات القرن الماضي تجذب صناع السينما في مصر

يوميات الشرق أحمد عز في لقطة من فيلم «فرقة الموت» (الشرق الأوسط)

أربعينات القرن الماضي تجذب صناع السينما في مصر

يبدو أن سحر الماضي دفع عدداً من صناع السينما المصرية إلى اللجوء لفترة الأربعينات من القرن الماضي بوصفها مسرحاً لأحداث أفلام جديدة.

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق مهرجان القاهرة السينمائي لتنظيم ورش على هامش دورته الـ45 (القاهرة السينمائي)

«القاهرة السينمائي» يدعم صناع الأفلام بالتدريبات

أعلن «مهرجان القاهرة السينمائي الدولي» عن تنظيم مجموعة متخصصة من الورش لصنّاع الأفلام.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق المخرج معتز التوني يتوسط وأمينة خليل فريق العمل خلال العرض الخاص بالقاهرة (الشركة المنتجة)

«X مراتي» فيلم مصري جديد يراهن على «الضحك» فقط

يرفع الفيلم المصري «X مراتي» شعار «الضحك للضحك» عبر كوميديا المواقف الدرامية التي تفجرها قصة الفيلم وأداء أبطاله.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق  الحدث يهتم بالتنوّع البيولوجي والسينما (مهرجانات ريف)

انطلاق «مهرجانات ريف»... ومشكلات بيئة جنوب لبنان في الصدارة

تُعدّ «مهرجانات ريف» المُقامة في بلدة القبيات، الوحيدة لبنانياً التي تتناول موضوعات البيئة، فتضيء على مشكلاتها وتزوّد روّادها بحلول لمعالجتها.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق حورية فرغلي (إنستغرام)

حديث حورية فرغلي عن حياتها الشخصية يلفت الانتباه في مصر

لفتت الفنانة المصرية، حورية فرغلي، الانتباه في مصر بعد حديثها عن تفاصيل في حياتها الشخصية، والسبب الذي لأجله قالت إنها «تمنت الموت».

محمد الكفراوي (القاهرة )

على هامش محاولة اغتيال ترمب... تاريخ السينما غني بأفلام المؤامرات السياسية

دنيال داي لويس في في ستيفن سبيلبرغ «لنكولن» (دريمووركس)
دنيال داي لويس في في ستيفن سبيلبرغ «لنكولن» (دريمووركس)
TT

على هامش محاولة اغتيال ترمب... تاريخ السينما غني بأفلام المؤامرات السياسية

دنيال داي لويس في في ستيفن سبيلبرغ «لنكولن» (دريمووركس)
دنيال داي لويس في في ستيفن سبيلبرغ «لنكولن» (دريمووركس)

لم يكن هناك شك. رجل اعتلى مبنى مطلاً على الحفل الانتخابي وجهّز سلاحه وانتظر ما اعتقد أنها اللحظة المناسبة لقتل المرشح الذي وقف وراء المنصّة خاطباً في الحاضرين. انطلقت الرصاصة وأصابت أذن المرشح على بعد سنتيمترات قليلة من الدماغ. سقط المرشّح الرئاسي وراء المنصّة ثم وقف والدماء تنزف منه. أما مطلق النار فقد أرداه الأمن قتيلاً على الفور.

الحدث واضح ولا يدع مجالاً للشك. الصورة لا تكذب، لكن عدم كذبها قد لا يكون، بالنسبة لآخرين، صدقاً. من الواقف وراء المحاولة؟ رئيس الجمهورية الحالي؟ الدولة العميقة؟ أم لعله المرشّح على أساس توضيب الوضع، بحيث لا تصيبه الرصاصة في مقتل وذلك لكي تزداد شعبيّته؟

ما سبق يمكن أن يكون موضوع فيلم يطرح الأسئلة ضمن إطار من نظرية المؤامرة. تلك النظرية التي لا تصدّق الرواية الرسمية، بل تجد فيها ثقوباً كافية لكي تكوّن احتمالات أخرى تُطرح كبدائل، إذا لم يكن في الواقع المعاش، فعلى شاشة السينما على الأقل.

هاريسون فورد في «الطائرة الرئاسية» (كولمبيا)

حبكة مثيرة

أفلام عديدة أنتجتها هوليوود سبقت تلك الحادثة وتناولت خططاً لاغتيال رئيس أميركي أو أي مرشّح قريب من هذا المنصب. هذه الأفلام سبقت حتى اغتيال جون ف. كندي وشقيقه روبرت ف. كندي. ولو كانت هناك سينما قبل اغتيال الرئيس أبراهام لينكولن سنة 1865 لسبقت، على الأرجح، الحادثة بحفنة أفلام مماثلة.

هذا لأن الموضوع مثير كحبكة تشويقية من ناحية، ولأن الضحية، المحتملة أو التي تم اغتيالها فعلاً، تتبوأ أعلى منصب في البلاد. ومع أن السينما لم تكن موجودة عندما قام جون ويلكس بوث باغتيال الرئيس لينكولن الذي كان يؤم مسرحية «عمّنا الأميركي» للكاتب المسرحي البريطاني توم تايلور، إلا أن ذلك لم يمنعها من التطرّق إلى الموضوع مرّات عديدة.

لم تترك السينما اغتيال لينكولن يمضي من دون أفلام دارت عنه وعن مقتله وذلك من عام 1924 عندما أخرج فل روزن «الحياة الدراماتيكية لأبراهام لينكولن» (The Dramatic Life of Abraham Lincoln). بعده بستة أعوام تبرّع ديفيد وورث غريفيث بتحقيق «لينكولن» متابعاً مراحل ذلك الرئيس إلى النهاية. ثم تدخل جون فورد فحقق «يونغ مستر لينكولن» (1939) وصولاً إلى فيلم ستيفن سبيلبرغ «لينكولن» سنة 2012 الذي سعى فيه إلى سرد الأيام السابقة لاغتياله وأنهى فيلمه بخروج لينكولن من بيت الرئاسة في تلك الليلة صوب المسرح حيث سبقته زوجته.

كلينت ايستوود في «في خط النار» (كولمبيا)

قنّاصة

القنص في الاغتيالات عنصر أساسي. القنّاص هو قاتل لا يقف وسط الجموع ولا يصل إلى مكان الجريمة محاطاً بعصبة تصاحبه ولا يحمل بندقية رشاشة يطلق رصاصها كما اتفق. عادة ما يصعد سطح المبنى المشرف على المكان وينبطح في المكان مع بندقيّته ذات المنظار مترقباً اللحظة الحاسمة.

اسأل فرانك سيناترا الذي كان عمد، سنة 1954، لبطولة فيلم بعنوان «صدنلي» (Suddenly) وهو أيضا اسم بلدة صغيرة لا تقع فيها مفاجآت. يصل إليها سيناترا واثنان من أعوانه ويقتحمون منزلاً يشرف على محطة القطار حيث سيتوقف قطار رئيس الجمهورية. يقدّم الفيلم سيناترا كمهووس خدم في الحرب الكورية وخرج منها قاتلاً محترفاً لمن يدفع وهناك جهة «أجنبية» استأجرته للغاية.

صدى ذلك تردد بالفعل قبل أيام قليلة عندما تم الإعلان من أن هناك شكوكاً تدعم فكرة أن إيران هي التي خططت لاغتيال دونالد ترمب. في ذلك الفيلم لا يتوقف القطار ويتم القضاء على الشرير ورجليه. في الواقع الحاضر، لم تصب الرصاصة ما هدفت إليه ونجا المرشّح الرئاسي. لكن مع سرعة قتل صاحب المحاولة (عوض العمل على إلقاء القبض عليه لاستجوابه) تم دفن الباعث والدافع سريعاً.

من وحي الواقع

الأفلام التي دارت عن اغتيال جون ف. كندي، الذي تم اقتناصه أيضاً خلال جولة في مدينة دالاس. بعض تلك الأفلام كان تسجيلياً (Killing Kennedy لنلسن ماكورميك. 2013)، وبعضها كان درامياً لكن بأسلوب التحقيقات المسجّلة (JFK لأوليفر ستون، 19991) أو روائياً خيالياً مبني على خيط من الحقيقة كما حال «في خط النار» (On the Line of Fire) الذي أخرجه وولفغانغ بيترسن من بطولة كلينت إيستوود سنة 1993.

كون هذا الفيلم غير مبني على واقعة محددة سمح له بأن يكوّن إثارة تم صنعها وسردها جيداً. حكاية حارس أمني كان أحد أعضاء الفريق الذي كلف بحماية الرئيس جون ف. كندي، لكن بعدما تم اغتيال الرئيس فقد الحارس جزءاً من ثقته بنفسه وتحمّل سخرية زملائه. فجأة تصله معلومة بأن أحدهم يخطط لقتل الرئيس الحالي. لا أحد يصدّق لكن إيستوود يأخذ على عاتقه اكتشاف هوية القاتل وإنقاذ حياة الرئيس مسترداً مكانته.

أدى نجاح هذا الفيلم إلى قيام بيترسن، سنة 1997، بقبول عرض لفيلم آخر من النوع ذاته هو «الطائرة الرئاسية» (Air Force One) لكن الخيال هنا ذهب بعيداً فرئيس الجمهورية الأميركي، كما قام به هاريسون فورد، يجيد القتال اليدوي وها هو يتصدى بنفسه للإرهابيين الذين تسللوا إلى طائرة الرئاسة وهاجموه وهي في الأجواء العالية.

الأعمال البطولية استمرت بعد هذا الفيلم من خلال سلسلة «أوليمبوس» التي بدأت سنة 2013 بفيلم Olympus Has Fallen لأنطوان فوكوا. لكن هذه المرّة ينقذ رجل أمن (جيرار بتلر) حياة رئيس الجمهورية (ارون إكهارت) بعدما نجحت كوريا الشمالية بإرسال طائرات قصفت البيت الأبيض.

ليس من قبيل الصدفة، بل من قبيل الاستفادة من فرصة القبض على ما تعكسه تلك الحبكة من فرص نجاح، قام رولاند إيميريش في السنة ذاتها بإخراج فيلم آخر عن قيام فرد واحد (تاتوم شانينغ هنا) بإنقاذ رئيس البلاد (جايمي فوكس) من القتل داخل البيت الأبيض وذلك في White House Down.

من يستعرض هذه الأفلام، وهناك غيرها الكثير، قد يدرك حقيقة غائبة، وهي أن أخطر منصب في العالم هو منصب رئيس الجمهورية، وحين النظر إلى من تم اغتيالهم في التاريخ الأميركي كما في السينما تتراءى حقيقة أخرى، وهي وجود شغف جماهيري بالحكايات ونظريات المؤامرة الواقعية منها والخيالية.