المطابخ الأشباح... استثمار جديد للفنادق الخاوية

توقعات بتحولها إلى صناعة بتريليون دولار خلال السنوات العشر المقبلة

المطابخ الأشباح تشهد تزايداً في الطلب مع استمرار الإغلاق في المدن الأميركية (نيويورك تايمز)
المطابخ الأشباح تشهد تزايداً في الطلب مع استمرار الإغلاق في المدن الأميركية (نيويورك تايمز)
TT

المطابخ الأشباح... استثمار جديد للفنادق الخاوية

المطابخ الأشباح تشهد تزايداً في الطلب مع استمرار الإغلاق في المدن الأميركية (نيويورك تايمز)
المطابخ الأشباح تشهد تزايداً في الطلب مع استمرار الإغلاق في المدن الأميركية (نيويورك تايمز)

كثيراً ما تطلع ريتشارد زارو إلى افتتاح مطعم متخصص في تقديم «كوستليته» أوراك الدجاج مستوحاة من السندويشات الجاهزة التي تقدم في شمال نيوجيرسي، لكن التحدي كان يستلزم رأسمالاً، وها قد منحه الوباء الفرصة أخيراً.
لعائلة زارو تاريخ طويل في مجال المطاعم. ففي عام 1927 أسس جده الأكبر، جوزيف زاروبشيك، سلسلة «مخابز زارو» التي تعد اليوم نقطة انطلاق لركاب نيويورك بمحالها في محطة بنسلفانيا والمحطة المركزية الكبرى ووسط المدينة.
لكنه ريتشارد أراد أن يبدأ مفهوماً خاصاً به، وفي زمن الوباء وجد حلاً تمثل في صناعة الفنادق التي اضطرت إلى تأجير مطابخها الفارغة ومساحات المآدب لأصحاب المطاعم الذين يبحثون عن مكان يناسب عملهم.
المطابخ الأشباح، التي تسمى أيضاً المطابخ الرقمية، هي منشآت طهي تعد الطعام فقط للتسليم المنزلي. وفي حين تنتقل المدن الأميركية من حالة إغلاق إلى أخرى؛ مما يؤدي إلى إغلاق صالات الطعام في المطاعم، فقد أخذ الطلب على هذا المفهوم في الازدياد.
وفي هذا الإطار، تتوقع شركة «إيرومونتير» لأبحاث السوق التي تتخذ من لندن مقراً لها، أن تصبح «المطابخ الأشباح» صناعة بقيمة تريليون دولار خلال السنوات العشر المقبلة.
لذلك؛ ربما لا يكون من قبيل المفاجأة أن صناعة الفنادق تسير في هذا الاتجاه، حيث لا تزال معدلات الإشغال منخفضة بنسبة لا تتجاوز 30 في المائة مقارنة بالعام الماضي. فقد برعت الفنادق في تغيير نشاطها في ظل الوباء، حيث عرضوا غرفهم الفارغة كإسكان للمشردين وكمكاتب مؤقتة للمديرين التنفيذيين، وقاموا بتحويل قاعات المؤتمرات الخاصة بهم إلى فصول دراسية للأطفال الذين يتعلمون عن بعد.
الفكرة ليست جديدة تماماً، حيث تأسست شركة «باتلر هوسبتاليتي» في عام 2016 وكانت واحدة من أولى الشركات التي سهلت إعداد الطعام داخل مطبخ واحد، ثم إرسال الأطعمة والمشروبات إلى فنادق عديدة. ويقدر المحللون الآن أن أقل من 5 في المائة من الفنادق في الولايات المتحدة تشغل مطابخ وهمية من داخل عقاراتهم، ومن المتوقع أن يزداد العدد.
في هذا الصدد، قال فريدريك ديميكو، المدير التنفيذي لـ«كلية إدارة الفنادق والمطاعم» بجامعة شمال أريزونا، إن «الفنادق ترى ذلك مكاناً للربح»؛ ذلك لأن المطاعم ذات العلامات التجارية، على وجه الخصوص، يمكنها أن تضيف قيمة إلى فنادق تمر بصعوبات.
أضاف «إنها تكمل خيارات القائمة الحالية في الفندق، وتوسع من نطاق العلامات التجارية للمطاعم التي تحظى باحترام كبير كشركاء في الفندق، والمستهلكون يدركون ذلك ويوافقون عليه».
لقد فتح الوباء ذلك النموذج من الأعمال لمزيد من رواد الأعمال. ولتحويل مفهوم «السندوتش» الذي يداعب مخيلته إلى عمل تجاري، شرع زارو في استئجار مساحة في يوليو (تموز) بفندق «فوي بوينتس» الذي تديره شركة «شيراتون ميدتاون» القريبة من ميدان «تايمز سكوير»، وقام بدفع مبلغ 6000 دولار شهرياً لمطبخ مجهز بالكامل لتقديم الطعام. في المقابل، يمكن أن يتراوح متوسط تكاليف بدء تشغيل المطاعم الناشئة في المواقع التقليدية ما بين 200 ألف دولار وأكثر من مليون دولار سنوياً.
في غضون أربعة أشهر، حققت الفكرة أرباحاً كافية وأنشأ قاعدة كبيرة بما يكفي من العملاء المخلصين للانتقال إلى موقع مستقل. افتتح عمله الجديد تحت اسم «كتليتس»، داخل مبني مطعم «تندر غريينز» السابق بالقرب من متنزه «غريماسي بارك» في 1 ديسمبر (كانون الأول)، ولديه خطط للمزيد من التوسع.
في هذا الصدد، قال زارو، إن الاختبار من قاعدة في أحد فنادق «تايمز سكوير» كان الحد النهائي للمخاطر، مضيفاً أن الفندق استفاد أيضاً «فقد كان من المفيد لهم أن يكون لديهم إيرادات».
أزال الوضع الجديد العديد من العقبات التي يواجهها أصحاب المطاعم الجدد، حيث قال زارو «لقد تمكنا من القيام بعمل معقول في اليوم الأول في سبيل لانفتاح واختبار السوق».
عثر زارو على مساحة مطبخ مستأجرة من خلال موقع «Use Kitch «، وهو سوق لمطبخ تجاري عبر الإنترنت مرتبط بصناعة المطاعم. بدأ دان أونتر، وآرون نيفين المنصة في يناير (كانون الثاني) 2020. وبحسب تقديرات الموقع، فإن نصف المطابخ المستأجرة في نيويورك تقع داخل الفنادق.
وقال نيفين، إنهم يخططون لخفض هذه الحصة، لكن الاعتماد بشكل كبير على مساحة المطبخ في الفنادق كان مثالياً لبدء الشركة.
استطرد «لقد اعتادت الفنادق بالفعل على وجود مشغلين من جهات خارجية في مساحاتها؛ لذلك فهي ليست بالمفهوم الغريب بالنسبة لها. لا تزال صناعة المطاعم الكبيرة في حاجة إلى الالتفاف حولها».
وقال سام نازاريان، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة «إس بي أي إنترتينمنت»، وهي شركة لإدارة الفنادق والمطاعم، إن الشراكة بين المطابخ والفنادق الأشباح يمكن أن يكون نموذجاً لعمل طويل الأجل. تشمل علاماتها التجارية فندقي «موندريان وهايد»، فضلاً عن مطاعم يديرها طهاة مثل وولفغانغ باك، وخوسيه أندريس وكاتسويا أويتشي.
في عام 2019، بدأت منصة قاعات الطعام «نازريان سي 3» عبر الإنترنت، تركز على خدمات توصيل الطعام وخدمات المطابخ الأشباح والمطابخ التقليدية. لدى المنصة ثماني علامات تجارية افتراضية، بما في ذلك «أومامي برغر»، و«كرسبي رايس». وباستخدام نموذج الفندق، بدأت في إبرام شراكة الشهر الحالي مع شركة «غراديوايت هوتيلز»، وهي مجموعة من أكثر من 30 فندقاً صغيراً يركز على فئة الشباب في المدن الجامعية في جميع أنحاء الولايات المتحدة. وفي هذا السياق، قال نازاريان «لم يكن أحد يتطلع إلى إطلاق العنان لقوة العقارات الخاملة»، حيث يقدر أن العديد من الفنادق تستخدم مطابخها بنسبة 15 في المائة فقط من الوقت؛ ولذلك تفقد إيرادات كبيرة نتيجة لذلك. يمكننا الآن الاستفادة من هذا المطبخ بكفاءة 80 أو 90 في المائة وتقديم علامتنا التجارية لهذا الجيل من الالفية الجديدة».
ترى شركة «حياة»، التي تضم أكثر من 900 عقار، فائدة أخرى لتشغيل «مطابخ أشباح» في العديد من فنادقها، وهو نظام دعم للشركات الصغيرة. ففي نوفمبر (تشرين الثاني)، بدأت الشركة برنامج «حياة لوفز لوكال»، وهو برنامج شراكة يوفر الموارد بما في ذلك مساحة المطبخ للشركات المحلية التي عانت خلال فترة الوباء، ودخلت في شراكة مع 60 فندقاً حتى الآن.
بحسب آمي وينبرغ، نائبة رئيس «شركة حياة»، بدأت «حياة» تقدم مساحاتها للشركات الصغيرة مجاناً، مضيفة أن البرنامج يضيف إلى جاذبية الفنادق من خلال توسيع خيارات الطعام ودعم السكان المحليين.
اختتمت قائلة «فنادقنا جزء من المجتمع الذي نعمل فيه. إذا كان السكان يعانون، فهذا ليس في صالح أحد».
- خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».