يتجه لبنان إلى تفعيل دور السلطات المحلية في مواجهة فيروس «كورونا»، بعدما أوشكت الأمور على الخروج عن السيطرة، وخصوصاً استشفائياً، مع وصول المستشفيات لسعتها القصوى. وتنشط النقابات المعنية بالتعاون والتنسيق مع وزارتي الصحة والداخلية واللجنة الوطنية لـ«كورونا»، لوضع اللمسات الأخيرة على خطة من شأنها تأمين رعاية صحية للمصابين خلال إقامتهم في منازلهم، وتأمين المستلزمات الضرورية لمراقبة تطور حالاتهم، ما من شأنه أن يخفف الضغط المتزايد على الكوادر الطبية، كما على المؤسسات الاستشفائية والأجهزة التي تتولى نقل المصابين.
وسيكون دور البلديات أساسياً في هذه الخطة، بحيث سيكون عليها تحديد أعداد المصابين في نطاقها ومواقع وجودهم، والتعاقد مع الأطباء والممرضين لمدة 6 أشهر قابلة للتجديد، وفقاً لتطورات الوضع الصحي، إضافة إلى تأمين المستلزمات الطبية للمرضى من أجهزة قياس نسب الأكسجين إلى أج=هزة توليد الأكسجين والأسطوانات وأجهزة قياس الحرارة وضغط الدم وغيرها. ولن يكون هذا العمل جديداً على عدد كبير من البلديات التي بدأت أصلاً بمبادرة منها مساعدة المرضى ضمن نطاقها البلدي.
وتنسق وزارة الداخلية والبلديات مع وزارة الصحة العامة، ونقابتي أطباء لبنان (طرابلس وبيروت) ونقابة الممرضات والممرضين، والصليب الأحمر اللبناني، واللجنة الوطنية لـ«كورونا»، لتأمين التمويل اللازم لهذه الخطة. ويقول نقيب الأطباء في لبنان شرف أبو شرف لـ«الشرق الأوسط»، إن عدد الفرق الطبية الضرورية لتنفيذ هذا المشروع قد يبلغ 1000 فريق كحد أقصى على جميع الأراضي اللبنانية، على أن يضم كل فريق طبيباً وممرضتين أو ثلاث، شارحاً أن «الطبيب يقوم بتقييم الوضع الصحي للمرضى بناء على العوارض عبر الهاتف، وتسجيل ملف موحد لكافة المرضى، على أن يكلف إذا استدعت الحاجة ممرضاً بإجراء كشف للمؤشرات الحيوية للمصاب في المنزل، على أن يقوم شخصياً بزيارة المريض في حال استدعت الحاجة بناء على التشخيص التمريضي». ويضيف: «كما يعود للطبيب التواصل مع (الصليب الأحمر) لنقل المريض إلى المستشفى لإجراء فحوصات وصور أشعة في حال استدعت حالته ذلك».
وتؤكد نقيبة الممرضات والممرضين ميرنا ضومط، أن بلديات كثيرة قد بدأت في تطبيق جزء كبير من الخطة منذ فترة وبمبادرات منها: «إلا أن ما نسعى إليه اليوم هو تنظيم العمل على مستوى كل لبنان، وإشراك أكبر عدد ممكن من البلديات»، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «80 في المائة من المصابين لا تتطلب حالتهم الانتقال إلى المستشفى؛ لكن نتيجة مخاوفهم من تطور حالتهم فإنهم يلجأون إلى أقسام الطوارئ، ما يخلق زحمة كبيرة فيها، تؤدي لإصابة عدد أكبر بالفيروس، لذلك فإن الخطة التي نعمل عليها ستؤمِّن إجابة طبيب مختص على أسئلة كل مصاب، ما يخفف من توتره، إضافة لانتقال ممرضة لزيارته في حال استدعت حالته ذلك، إضافة لتركيب أجهزة أكسجين داخل المنزل». وتوضح ضومط أنه يمكن تخصيص فريق واحد لكل 15 ألف شخص، لافتة إلى وجود أعداد كافية من الممرضات والممرضين لتغطية كل لبنان.
ويشير بيار بجاني، رئيس بلدية عاريا الواقعة في قضاء بعبدا في محافظة جبل لبنان، إلى أنه «منذ تأزم الوضع الاقتصادي، بادرت البلدية إلى إنشاء صندوق تعاضد يتم فيه جمع الأموال التي يتبرع بها عدد من الميسورين لمساعدة العائلات المحتاجة التي يتراوح عددها ما بين 100 و120 عائلة، يتم إعطاؤها مبالغ مالية وحصصاً غذائية»، لافتاً إلى أنه «ومع احتدام أزمة (كورونا) بات الاعتماد يتم على جزء من هذه الأموال، إضافة لمبالغ تم رصدها من جهات أخرى كبلدية شوليه الفرنسية مثلاً لمساعدة المصابين، وقد أمنَّا حتى الساعة 3 أجهزة أكسجين يمكن لأي مصاب أن يستخدمها، على أن يعيدها إلى البلدية حين يُشفى ليستخدمها مريض آخر». ويضيف بجاني لـ«الشرق الأوسط»: «نحن جاهزون للتعامل مع أي خطة تضعها الدولة، بشرط أن تؤمن لنا الإمكانيات وخصوصاً المالية، أو أقله تحرر أموال البلديات التي لم نقبضها منذ عامين على الأقل».
إلى ذلك، تسلم وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن من نظيرته المصرية هالة زايد أمس (الخميس) مساعدات طبية وغذائية نُقِلت بثلاث طائرات عسكرية تابعة للقوات المسلحة المصرية؛ اثنتان مقدمتان من الحكومة المصرية، وواحدة من جامعة الدول العربية مُهداة من مجلس وزراء الصحة العرب.
وأعلنت وزارة الصحة المصرية «إرسال مساعدات طبية وغذائية إلى لبنان، بتوجيهات من الرئيس عبد الفتاح السيسي، لدعم القطاع الصحي بلبنان خلال جائحة فيروس (كورونا)». وقال بيان نشره خالد مجاهد، مستشار وزيرة الصحة في «فيسبوك»، إن «الدكتورة هالة زايد، وزيرة الصحة والسكان بمصر، زارت لبنان، أمس، على رأس وفد من الوزارة، برفقة شحنات من الأدوية، والمستلزمات، والأجهزة الطبية، وألبان الأطفال»، مضيفاً: «شملت شحنة المساعدات التي وصلت على متن ثلاث طائرات عسكرية بدعم القوات المسلحة المصرية، 16 ألف طن من ألبان الأطفال، و15 ألف طن تضم مستلزمات وقائية، فضلاً عن أدوية بروتوكولات علاج فيروس (كورونا)، بالإضافة إلى شحنة مقدمة من جامعة الدول العربية تشمل 7.5 طن من الأجهزة طبية، وذلك لدعم القطاع الصحي بلبنان خلال الجائحة».
ولفتت زايد في مؤتمر صحافي مع حسن في مطار رفيق الحريري في بيروت، إلى أن «الجسر الجوي الذي بدأ مع انفجار مرفأ بيروت، في أغسطس (آب) الماضي، سوف يظل مفتوحاً بين البلدين، لدعم المنظومة الصحية، وتلبية أي احتياجات لبنان، تنفيذاً لتوجيهات الرئيس السيسي».
وقدم وزير الصحة اللبناني الشكر للرئيس السيسي، والدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء المصري، على الدعم المتواصل من مصر منذ حادث مرفأ بيروت، مشيراً إلى أن «لبنان يمر بأوقات عصيبة وظروف استثنائية؛ ولكن يمكننا تخطيها من خلال التكاتف الذي نشهده بين الدول العربية والعمل سوياً لمواجهة جائحة (كورونا)»، مشيراً إلى «الدعم الدائم الذي يشهده بيروت من الأشقاء العرب ومصر».
وكذلك زارت زايد «المركز الطبي المصري» في بيروت، الذي يقدم خدمات مجانية منذ سنة للبنانيين وغير اللبنانيين.
لبنان يسعى للحدّ من اكتظاظ المستشفيات بالسلطات المحلية
لبنان يسعى للحدّ من اكتظاظ المستشفيات بالسلطات المحلية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة