مع بدء الكثير من الدول حملات التطعيم ضد فيروس «كورونا» المستجد، تسود حالة من القلق بين الكثير من المواطنين من مدى فاعلية وسلامة هذه اللقاحات وسط الشائعات والخرافات المنتشرة حولها.
وفي هذا السياق، تحدثت الدكتورة لينا وين، طبيبة الطوارئ بجامعة واشنطن مع شبكة «سي إن إن» الأميركية عن أشهر الخرافات المنتشرة حول اللقاحات في محاولة منها لتخفيف مخاوف الناس ونشر المعلومات الدقيقة حول هذه اللقاحات.
وهذه الخرافات هي:
1- لقاح «كورونا» سيصيبك بالمرض:
تقول وين: «هذه الخرافة شهيرة جداً، وقد كنت أسمع هذا الادعاء كل عام فيما يتعلق بلقاح الإنفلونزا أيضاً. ففي كثير من الأحيان، كنت أقابل أشخاصاً يقولون لي إنهم لا يريدون الحصول على لقاح الإنفلونزا لأنهم يعتقدون أنهم سيصابون بالإنفلونزا منه». وأضافت: «هذا الأمر غير صحيح تماماً. إذا كان هناك من يشعر بالقلق حيال ذلك، فيمكننا القول إن أياً من لقاحات فيروس (كورونا) التي يتم اختبارها في الولايات المتحدة (فايزر وموديرنا) لا تحتوي على فيروس حي. لذلك لا يمكن أن تصيب هذه اللقاحات الشخص بفيروس (كورونا)».
2- التأثير على الجينات:
تقول وين: «لقد سمعت أن الناس قلقون بشأن ما إذا كان اللقاح سيؤثر بطريقة ما على شفرتهم الجينية وسيغيّر جيناتهم، نتيجة لتقنية (mRNA) أو (الحمض النووي الريبوزي المرسال) المستخدمة في لقاحات (فايزر) و(موديرنا)». وتابعت: «هذا ليس صحيحاً. من المفيد شرح ماهية تقنية (mRNA) فهذه التقنية تحفّز الجسم على إنتاج البروتين الموجود على سطح فيروس (كورونا)، وفور إنتاج ذلك البروتين سوف يعتقد الجهاز المناعي بوجود الفيروس داخل الجسم، فيبدأ بإنتاج الأجسام المضادة كما لو كان الشخص قد أصابه المرض فعلاً».
وأضافت وين: «كل هذا يحدث دون أن يدخل (الحمض النووي الريبوزي المرسال) إلى نواة خلايا البشر، حيث يوجد حمضنا النووي. هذا يعني أن اللقاح لا يتفاعل مع الحمض النووي للأشخاص على الإطلاق، وبالتالي لن يغيّر شفرتنا الجينية».
3- تقنية «mRNA» جديدة ولم تتم تجربتها من قبل:
أكدت وين أن الكثير من الأشخاص يشعرون بالقلق حيال تقنية «mRNA» لكونها جديدة ولم تتم تجربتها من قبل، وتم تطويرها بسرعة كبيرة.
إلا أن وين أشارت إلى أن التقنية كانت قيد التطوير بالفعل منذ أكثر من عقد من الزمان، كما أنها خضعت مؤخراً لأبحاث علمية واسعة النطاق للتأكد من فاعليتها، حيث تم إجراء كل مرحلة من مراحل البحث السريري في جميع اللقاحات على عشرات الآلاف من المتطوعين، وقامت لجان خارجية من علماء مستقلين بفحص البيانات والتأكد من فاعلية وأمان اللقاحات.
4- اللقاحات تثير الكثير من ردود الفعل التحسسية:
تقول وين: «يزعم الكثير من الأشخاص أن هذه اللقاحات تثير الكثير من ردود الفعل التحسسية وبالتالي فهي ليست آمنة. صحيح أن هناك بعض التقارير عن ردود فعل تحسسية للقاحات، ولكن ينبغي أن يعي الجميع أن أي منتج طبي يمكن أن يتسبب في ردود الفعل هذه». وأضافت: «في غرفة الطوارئ، نعالج تفاعلات الحساسية تجاه الطعام والأدوية طوال الوقت. وعلاج هذه الأزمة أسهل بكثير من علاج (كورونا)». وتابعت: «إن الاحتمال البعيد لتطوير الشخص لرد فعل تحسسي ليس مبرراً لعدم تلقي اللقاح. إن الفوائد الحقيقية والجوهرية للقاح تفوق بكثير المخاطر غير الشائعة (والتي يمكن علاجها) لردود الفعل التحسسية».
وأكدت وين أنه لا يزال بإمكان أولئك الذين يعانون من الحساسية تجاه الطعام والدواء الحصول على اللقاح، مشيرةً إلى أن السبب الوحيد الذي يجعل الشخص لا يحصل على اللقاح هو إذا كان لديه رد فعل محدد معروف تجاه أحد مكونات اللقاح نفسه.
5- لا نعرف مدة المناعة التي يوفرها اللقاح لذلك لا فائدة من تناوله:
تقول وين: «صحيح أننا لا نعرف إلى متى ستستمر المناعة التي يوفرها اللقاح، إلا أن الدراسات تشير حتى الآن إلى أنها تستمر لعدة أشهر على الأقل. وقد يحتاج الأشخاص الذين تلقوا اللقاح بالفعل إلى جرعة معززة، كما قد يستوجب على الأشخاص الحصول على لقاح (كورونا) كل عام، مثل لقاح الإنفلونزا». وأضافت: «ولكن لمجرد أنك قد تحتاج إلى الحصول على اللقاح مرة أخرى في وقت ما، فهذا لا يعني أنك يجب ألا تحصل عليه على الإطلاق».
6- المسنّون والأشخاص الذين يعانون من مشكلات صحية هم فقط من يجب أن يحصلوا على اللقاح:
ينتشر هذا الادعاء بين الشباب والأصحاء بشكل كبير، وفقاً لوين.
إلا أن الطبيبة الأميركية أكدت أن اللقاح ينبغي أن يتم إعطاؤه للجميع. فحتى أولئك الصغار والأصحاء قد يصابون بفيروس «كورونا» ويصبحون مرضى للغاية.
وأضافت: «احتمالية وفاة الشباب والأصحاء جراء الفيروس بالفعل أقل شيوعاً من احتمالية وفاة كبار السن والأشخاص الذين يعانون من مشكلات صحية، لكنّ هذا لا يعني أن هذه الاحتمالية معدومة بين الشباب».
كما أشارت وين إلى أن مناعة القطيع لن تتحقق إلا إذا تلقى الجميع التطعيم. فقد قدّر خبراء الصحة العامة مثل الدكتور أنتوني فاوتشي، كبير خبراء الأمراض المُعدية بالولايات المتحدة، أن الدولة بحاجة إلى تلقيح ما بين 70% و85% من السكان للوصول إلى هذه النقطة.
وأوضحت وين أنه «كلما أسرعنا في تلقيح الناس استطعنا في وقت مبكر العودة إلى بعض مظاهر الحياة الطبيعية التي كانت سائدة قبل الجائحة وإنهاء الدمار الذي أحدثه هذا المرض. وهذا لا ينطبق فقط على كبار السن والأكثر ضعفاً، بل على الجميع».
7- اللقاح سيُغني الأشخاص عن ارتداء الكمامات:
أكدت وين أن اللقاح يمنع الأشخاص من الإصابة بالمرض، وتطوير أعراض خطيرة جراءه، لكنه لا يمنع أي شخص من أن يكون حاملاً لفيروس «كورونا» وبالتالي نقله للآخرين. كما لفتت إلى أن اللقاح فعّال بنسبة 95% وليس بنسبة 100%. ولهذا السبب لا يزال يتعين على الناس توخي الحذر حتى بعد التطعيم.
وقالت وين: «في مرحلة ما، مع اقترابنا من مناعة القطيع من خلال التطعيم، سنتمكن من التخلص من الأقنعة. ولكن في غضون ذلك، فكِّر في اللقاحات على أنها أداة لا تحل محل الأدوات الأخرى ولكنها ضرورية لإنقاذ الأرواح».
8- اللقاح سيتسبب في مشكلات صحية ستظهر على المدى الطويل:
تقول وين: «يجب أن نعترف بأن اللقاحات جديدة نسبياً، لذلك لا نعرف العواقب طويلة المدى التي يمكن أن تسببها. لكن لا يوجد سبب للاعتقاد بأن اللقاحات ستسبب آثاراً سيئة طويلة المدى. لدينا تاريخ طويل في تطوير اللقاحات، ومن الناحية العلمية، لا يوجد دليل على حدوث ضرر طويل الأمد لتلك اللقاحات». وأكملت: «ما يجب أن نصبّ تركيزنا عليه هو أن هناك الآلاف من الأشخاص الذين يموتون يومياً بسبب الفيروس. لهذا ينبغي علينا ترك الادعاءات والمخاوف غير المؤكدة جانباً لتخطي هذه الأزمة».