تنفيذ حكم الإعدام شنقاً بحق ثلاثة عراقيين أدينوا بالإرهاب

عناصر من الشرطة العراقية في موقع التفجير الانتحاري الدامي في بغداد (إ.ب.أ)
عناصر من الشرطة العراقية في موقع التفجير الانتحاري الدامي في بغداد (إ.ب.أ)
TT

تنفيذ حكم الإعدام شنقاً بحق ثلاثة عراقيين أدينوا بالإرهاب

عناصر من الشرطة العراقية في موقع التفجير الانتحاري الدامي في بغداد (إ.ب.أ)
عناصر من الشرطة العراقية في موقع التفجير الانتحاري الدامي في بغداد (إ.ب.أ)

نُفذ، اليوم (الاثنين)، حكم الإعدام شنقاً بحق ثلاثة عراقيين أدينوا بـ«الإرهاب»؛ بعد بضعة أيام من تفجيرين انتحاريين داميين في بغداد.
وأعلن مسؤول في رئاسة الجمهورية (الأحد) لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، أنه جرت «المصادقة على أكثر من 340 حكم إعدام صادرة من المحاكم العراقية المختصة مكتسبة الدرجة القطعية وفي قضايا مختلفة إرهابية وجنائية، وأصدرت المراسيم الجمهورية وفقاً للدستور والقانون».
والاثنين، أكد مسؤول أمني لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، أن ثلاثة عراقيين أدينوا بتهمة «الإرهاب» أعدموا شنقاً في سجن الناصرية المركزي (جنوب) الذي يضم جميع المحكومين بالإعدام في العراق.
ويتطلب تنفيذ أحكام الإعدام مصادقة الرئاسة عليها. وقد قال مسؤول آخر في الرئاسة، إن «جميع هذه الأحكام (الـ340) صدرت بين عامي 2014 ونهاية 2020»؛ مما يعني أنها صدرت بمعظمها خلال فترة الرئيس السابق فؤاد معصوم في فترة انتشار تنظيم «داعش» المتطرف. وبين هذه الأحكام عدد قليل خلال فترة الرئيس برهم صالح الذي نُصب في 2018.
وأضاف المصدر نفسه: «لا تزال الرئاسة مستمرة في المصادقة على الأحكام الواردة إليها تباعاً وفقاً للسياقات المتبعة، وتتعامل مع هذا الملف مع توخي الدقة والحذر بعيداً عن أي اعتبارات أخرى».
ولم يشأ المسؤول ومثله مصادر قضائية إعطاء مزيد من التفاصيل بخصوص موعد التنفيذ أو إذا كان بين المحكومين مدانون أجانب في قضايا تتعلق بانتمائهم إلى تنظيم «داعش».
وقُتل 32 شخصاً وأصيب 110 آخرون في التفجيرين اللذين وقعا في وسط بغداد (الخميس) وتبناهما تنظيم «داعش». وأوقع التفجيران أكبر عدد من الضحايا في العاصمة العراقية منذ ثلاث سنوات.
وتعد المصادقة على أحكام الإعدام أمراً معتاداً في العراق بعد وقوع مثل تلك الهجمات. فقد نُفذ 100 حكم إعدام شنقاً خلال عام 2019 وحده.
وعام 2018، وجّه رئيس الوزراء العراقي السابق حيدر العبادي ضربة قوية تمثلت بإعدام 13 متطرفاً. وتعمد نشر صور شنقهم للمرة الأولى من أجل احتواء الانتقادات التي تعرض لها إثر قتل ثمانية مدنيين على يد تنظيم «داعش».
وقالت بلقيس والي، الباحثة المتخصصة في العراق لدى منظمة «هيومن رايتس ووتش»، إن إعلان الرئاسة المصادقة على الأحكام دليل على أن «عقوبة الإعدام أداة سياسية». وأوضحت أن «القادة يستخدمون هذا النوع من الإعلانات ليقولوا للناس إنهم يعملون من أجلهم، من دون الالتفات إلى حقيقة العيوب التي تشوب المحاكمات».
ومنذ (الخميس)، يُتهم الرئيس صالح على شبكات التواصل بعدم تطبيق الأحكام بحق المتطرفين. ودعا ناشطون إلى تنظيم تظاهرة (الثلاثاء) في الناصرية للمطالبة «بالموت» للمتطرفين و«الانتقام» بعد التفجيرين.
ورأى عضو مفوضية حقوق الإنسان الحكومية في العراق، علي البياتي، أن حكومة بلاده محاصرة بين الرأي العام الذي يطالب بالانتقام والمنظومة السياسية والأمنية والقضائية غير القادرة على وقف هجمات المتطرفين، وفي النتيجة «أصبح العراق أمام خيارات محدودة» فيما يتعلق بحقوق الإنسان.
وأوضح البياتي، الذي يعد أحد أبرز المُنادين بحقوق الإنسان في العراق، أن «حكم الإعدام جزء من المنظومة القانونية العراقية؛ إذ ليست لدينا مراكز تأهيل حقيقية مثل الدول الديمقراطية التي تهتم بحقوق الإنسان والسجناء، وخصوصاً الإرهابيين الذين يحولون السجون مراكز تجنيد للآخرين».
وأكد البياتي وجود «خلل لجهة عدم توافر ضمانات واضحة وشفافية حقيقية في التحقيق وجلسات الحكم وعدم السماح لمنظمات حقوق الإنسان بأداء دورها».
وأبدت الأمم المتحدة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2020 قلقها بعد إعدام السلطات العراقية 21 محكوماً أدين معظمهم بتهمة «الإرهاب»، ومذاك، لم يتم الإعلان رسمياً عن تنفيذ أحكام أخرى.


مقالات ذات صلة

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

حذرت تركيا من جرّ العراق إلى «دوامة العنف» في منطقة الشرق الأوسط، في حين رجحت «انفراجة قريبة» في ملف تصدير النفط من إقليم كردستان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا صورة أرشيفية لهجوم سابق في كابول (رويترز)

مقتل 10 أشخاص في هجوم على مزار صوفي بأفغانستان

قتل 10 مصلين عندما فتح رجل النار على مزار صوفي في ولاية بغلان في شمال شرقي أفغانستان، وفق ما أفاد الناطق باسم وزارة الداخلية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية أكراد يرفعون صور أوجلان في مظاهرة للمطالبة بكسر عزلته (رويترز)

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

فرضت السلطات التركية عزلة جديدة على زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان بعد دعوة رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي للسماح له بالحديث بالبرلمان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الخليج يضطلع «اعتدال» بمهام منها رصد وتحليل المحتوى المتعاطف مع الفكر المتطرف (الشرق الأوسط)

«اعتدال» يرصد أسباب مهاجمة «الفكر المتطرف» الدول المستقرّة

أوضح «المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرّف (اعتدال)» أن استقرار الدول «يفيد التفرغ والتركيز على التنمية؛ خدمة لمصالح الناس الواقعية».

غازي الحارثي (الرياض)
أفريقيا جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)

​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

سبق أن أعلن عدد من كبار قادة الجيش بنيجيريا انتصارات كاسحة في مواجهة خطر «بوكو حرام»

الشيخ محمد (نواكشوط)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.