مسلسلات «الموسم الشتوي» تجذب المصريين

«لؤلؤ» و«ضربة معلم» و«جمال الحريم» من أبرزها

بوستر مسلسل «لؤلؤ»
بوستر مسلسل «لؤلؤ»
TT

مسلسلات «الموسم الشتوي» تجذب المصريين

بوستر مسلسل «لؤلؤ»
بوستر مسلسل «لؤلؤ»

مع تراجع نسبة الإقبال على العروض السينمائية خلال موسم «رأس السنة»، وانخفاض درجات الحرارة في الفترة المسائية، واشتداد الموجة الثانية من جائحة «كورونا» في البلاد، اجتذبت مسلسلات الموسم الشتوي مشاهدات المصريين، حسب ما تشير إليه قوائم الأكثر بحثاً على المواقع الإلكترونية وتعليقات جمهور «السوشيال ميديا»، بالإضافة إلى اهتمام المواقع الإخبارية المصرية بتفاصيل أحداث هذه الأعمال يومياً. ومن أبرز مسلسلات الموسم الحالي... «لؤلؤ» و«جمال الحريم»، بجانب مسلسل «ضربة معلم» الذي انتهى عرضه مساء أول من أمس، وسط تفاعل المشاهدين.
وتصدرت بعض المسلسلات المصرية الجديدة محركات البحث أخيراً، وحظيت مشاهدها بتفاعل لافت من قبل جمهور «السوشيال ميديا»، خصوصاً خلال الفترة المسائية التي يفضل المواطنون فيها البقاء بالمنازل، لا سيما بعد تعليق الدراسة وإلغاء الكثير من المهرجانات والحفلات الغنائية بسبب جائحة «كورونا».
ومن أبرز المسلسلات التي خطفت اهتمام الجمهور أخيراً، مسلسل «لؤلؤ»، بطولة الفنانة المصرية مي عمر، الذي يسلط الضوء على رحلة صعود مطربة شابة، وتألقها في عالم الغناء بعد معاناتها من الفقر والحرمان، ويشارك في بطولة العمل الذي يشرف على إخراجه المخرج محمد سامي، زوج الفنانة مي عمر، الفنان أحمد زاهر الذي يجسد دور مدير شركة إنتاج فني، ويرتبط عاطفياً بـ«لؤلؤ» بطلة العمل، ويعد زاهر من أبرز الفنانين الذين تعاونوا خلال السنوات الأخيرة مع المخرج محمد سامي في أعمال متنوعة على غرار «البرنس» و«ولد الغلابة»، ورغم تعرض مسلسل «لؤلؤ» الذي يجري عرضه حالياً على إحدى الشاشات المصرية، لبعض الانتقادات من الجمهور، فإن أداء ممثليه حظي بإعجاب الكثيرين، من بينهم سلوى عثمان.
وأرجعت الفنانة نجلاء بدر، إحدى بطلات مسلسل «لؤلؤ»، سبب تفاعل الجمهور مع العمل إلى تميز قصته التي تناقش المشكلات التي تواجه الفتيات في المجتمعات العربية، وقالت في تصريحات صحافية، إن «الجمهور مستمتع بالتوليفة الموجودة داخل المسلسل، وينتظر الحلقات الجديدة».
ويرى نقاد مصريون من بينهم الناقد والكاتب محمد رفعت أن «كسر الموسم الدرامي الشتوي الحالي، لاحتكار موسم رمضان الذي يعرض به عشرات الأعمال، أمر إيجابي جداً، لإتاحته عرض عدد جيد من الأعمال على مدار العام».
ويقول رفعت لـ«الشرق الأوسط»: «تسببت جائحة كورونا في زيادة مشاهدة الأعمال المعروضة على القنوات الفضائية والمنصات الرقمية خلال الآونة الأخيرة، وساهم في ذلك، ضخ أعمال جديدة وقوية»، مشيراً إلى أن «من أبرز مميزات المواسم الأخيرة، عودة الدراما الاجتماعية والعائلية والرومانسية مرة أخرى بعد سيطرة الأكشن لفترة طويلة، بجانب تقديم مسلسلات طويلة بقصص وحكايات متنوعة على غرار مسلسل (إلا إنا) الذي قدم حكايات منفصلة عن المرأة وعالج قضايا شائكة تهم عدداً كبيراً من الجمهور».
فيما عرضت الحلقة الأخيرة من مسلسل «ضربة معلم»، مساء السبت الماضي، وأثار العمل الذي دارت أحداثه في إطار شعبي اجتماعي تشويقي، تفاعل الجمهور على «السوشيال ميديا»، حيث كان يعيش الشاب الفقير بطل العمل «جابر»، الذي جسده الفنان محمد رجب في حارة شعبية ويعمل في مجال البناء، ويتعرض للعديد من المواقف التي تجعله يدخل في صراع قبل أن تتغير حياته تماماً، مسلسل «ضربة معلم» تأليف أحمد عبد الفتاح وإخراج إسماعيل فاروق وإنتاج شركة «سينرجي»، وبطولة محمد رجب، ومحمد نجاتي، ورياض الخولي، ورانيا فريد شوقي، وهاجر أحمد، ومحمد عز، ومحسن منصور، وسلوى عثمان، وإنعام سالوسة وغيرهم.
كما دارت أحداث مسلسل «أسود فاتح» الذي عرض أخيراً بعد خروجه من ماراثون دراما رمضان الماضي بسبب وباء «كورونا»، في إطار اجتماعي أيضاً، عن سيدة تدعى «رانيا خطاب» - تجسدها الفنانة اللبنانية هيفاء وهبي - وهي فتاة أرستقراطية تفقد فجأة حياتها الرغدة، لتجد نفسها وسط دوامات الغدر والخيانة من أقرب الناس، وتهرب من اتهامات بالقتل والفساد، وتسعى للانتقام واستعادة حياتها طوال أحداث المسلسل.
ويؤكد رفعت أن «الموسم الدرامي الشتوي، يتميز كذلك بتصدر الوجوه الشابة للأعمال، بالإضافة إلى وجود المخرجين الشباب، وهو ما يشير إلى أن مصر ولادة دائماً للمبدعين».
في السياق، نال مسلسل «جمال الحريم» إعجاب الجمهور، لا سيما بعد مناقشته قضية الانسياق وراء السحرة والمشعوذين، وتدور أحداث المسلسل في إطار من التشويق والإثارة، وتدور أحداث المسلسل في 40 حلقة، وتبدأ الأحداث عندما تكتشف حنان التي تقوم بدورها «دينا فؤاد» أنها ترى بعض الأحداث المتعلقة بالجن ولجأت إلى أحد المشايخ الذي استنزف أموالها، الأمر الذي لم يرق لصديقتها نور التي تقوم بدورها الفنانة نور، ورأت أنها تتعرض للنصب، فقامت بالإبلاغ عن هذا الشيخ.
وشهد الموسم الدرامي الشتوي من العام الماضي عرض عدد من الأعمال التي حققت نجاحاً كبيراً، حسب نقاد وفنانين، على غرار الجزء الثاني من «الآنسة فرح»، الذي شارك في بطولته أسماء أبو اليزيد، ورانيا يوسف، وأحمد مجدي، ومحمد كيلاني، وعارفة عبد الرسول، وهبة عبد العزيز، ومسلسل «بخط الإيد» بطولة أحمد رزق، وسوسن بدر وإيمان العاصي ويسرا اللوزي، ومسلسل «الأخ الكبير» و«مملكة إبليس»، و«بنت القبائل» المأخوذ عن رواية «رحيل زهرة».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».