معطيات الإنتاج السعودية تحفز جذب الاستثمارات في الصناعة الغذائية

مقومات مستوى الجودة وعوامل تنافسية الأسعار تعزز حضور صادرات المملكة بالأسواق الخارجية

السعودية تعزز الاستثمار في الصناعة الغذائية وتظهر في الصورة إحدى المزارع السمكية على البحر الأحمر (الشرق الأوسط)
السعودية تعزز الاستثمار في الصناعة الغذائية وتظهر في الصورة إحدى المزارع السمكية على البحر الأحمر (الشرق الأوسط)
TT

معطيات الإنتاج السعودية تحفز جذب الاستثمارات في الصناعة الغذائية

السعودية تعزز الاستثمار في الصناعة الغذائية وتظهر في الصورة إحدى المزارع السمكية على البحر الأحمر (الشرق الأوسط)
السعودية تعزز الاستثمار في الصناعة الغذائية وتظهر في الصورة إحدى المزارع السمكية على البحر الأحمر (الشرق الأوسط)

سجلت معطيات الإنتاج في الصناعة السعودية غير النفطية عاملاً محفزاً، لا سيما على مستوى الصناعة الغذائية، وسط إمكانيات ومقومات يعول عليها في جذب كثير من الاستثمارات المحلية والأجنبية، خاصة بعد أن حققت في الآونة الأخيرة حضوراً لافتاً في الأسواق العالمية لكثير من المنتجات التي كسبت الرهان، وأصبحت في أولويات المستهلك المحلي.
هذه المعطيات بنيت على أرضية صلبة وأرقام في هذا القطاع، إذ بلغت قيمة سوق المأكولات والمشروبات في السعودية قرابة 45 مليار دولار، وفقاً لآخر الإحصائيات، وسط توقع نمو تدريجي في السنوات المقبلة بنسبة 6 في المائة، مرتبطة مع نمو التعداد السكاني، وارتفاع عدد الحجاج والمعتمرين بعد زوال جائحة كورونا، إلى جانب ارتفاع متوسط ما تنفقه الأسر السعودية.

- العوامل الأربعة
يقول لـ«الشرق الأوسط» الدكتور فيصل آل فاضل، رئيس لجنة الاقتصاد والطاقة في مجلس الشورى السعودي، إن السعودية سخرت كل إمكانياتها وحدثت قوانينها لترغيب المستثمرين في الدخول إلى السوق المحلية، مشيراً إلى أن التحولات التي تعيشها السعودية في جميع قطاعاتها، خاصة في الجانب الاقتصادي، إلى جانب ما تمتلكه من مقومات، يجعلها في مصاف الدول التي يبحث عنها المستثمر بشكل عام، والمستثمر في قطاع الغذاء بشكل خاص.
وأضاف آل فاضل أن المستثمر في الغذاء يبحث عن 4 عوامل رئيسية، تتضمن نظام الاستثمار، والمنتج وجودته، والأيدي العاملة الشابة، والوصول للأسواق العالمية، مستطرداً: «هذه العوامل متوفرة بأنظمة تكفل حق المستثمر، ومنتجات ذات جودة عالية، مع توفر موارد طبيعية متعددة، ونسبة شباب تبلغ 60 في المائة من إجمالي تعداد السكان البالغ قرابة 30 مليون نسمة، بالإضافة إلى موقع جغرافي بين 3 قارات».
- قطاعات غذائية
وأكد آل فاضل أن لدى السعودية صناعات قوية في المأكولات والمشروبات في السنوات الماضية، تمكنت من أن تقتنص حصة من السوق العالمية لمنتوجات مختلفة، منها الألبان ومشتقاتها، والتمور، والمنتجات البحرية، وكثير من المشروبات، مفيداً بأن النجاح يسهم في استقطاب أكبر للمستثمرين من الخارج ومن الداخل لخوض تجربة الاستثمار في القطاع الذي سيشهد نمواً مع ارتفاع الطلب العالمي المرتبط بالنمو السكاني، وانحصار الإنتاج في بعض المناطق حول العالم.
وشدد آل فاضل على أن قطاع الصناعات الغذائية يمتلك نظاماً بيئياً متطوراً يلبي المعايير العالية، والمتطلبات المتزايدة للسوق الآخذة في التوسع. وهذا الجانب يكسب الثقة للمستثمر، ويدفعه إلى الدخول بشكل كبير للاستثمار في أحد قطاعات الغذاء، إضافة إلى أن السعودية من الدول المتقدمة في هذا الجانب من ناحية الابتكار واستخدام التقنية.
- الرؤية الحاضرة
الرغبة بالتوازي مع أداء الجهات المعنية في إيجاد منتج يحمل شعار أو اسم الدولة أو مدينة من مدنها كان حاضراً، خاصة مع إطلاق «رؤية المملكة 2030» التي كانت تحمل كثيراً من الصور والمقترحات فيما يتعلق بالصناعات الثقيلة والمتوسطة، ونجحت في هذا الشأن من خلال الصناعات العسكرية والبترولية التي أصبحت علامة فارقة في الأسواق العالمية.
وفي قطاع الغذاء وصناعته، كانت الرؤية كذلك حاضنة داعمة لإيجاد منتجات سعودية خالصة تحمل هوية الدولة أو مدنها. ولأن السعودية مهد الإسلام، وتحتضن الحرمين الشريفين، كان التفكير يتجه لقيادة سوق الأغذية الحلال عالمياً، خاصة أن المملكة تطبق معايير صارمة على إنتاج الأطعمة الحلال لضمان الأصالة والجودة الأمثل لهذه السوق.
وهذه السوق، بحسب التقديرات، كبيرة تصل إلى 1.3 تريليون دولار على مستوى العالم، ما يتطلب حراكاً كبيراً من الجهات المعنية لاستقطاب المستثمرين للاستفادة من الامتيازات التي تتمتع بها السعودية، كونها وجهة المسلمين، وتمتلك المقومات من الأغذية المحلية التي تمكنها من اقتطاع النصيب الأكبر من السوق العالمية.
- صنع في السعودية
في مارس (آذار) الماضي، أكد بندر الخريف، وزير الصناعة والثروة المعدنية، أن وزارته لديها برنامج طموح لدعم الصناعات المحلية، تحت شعار «صنع في السعودية»، لافتاً إلى أن وزارة الاستثمار ستعمل على تسهيل الإجراءات، في وقت تقوم وزارة الصناعة فيه بدعم المصنعين كافة، حيث يوجد خط لتوحيد كثير من الإجراءات بين الوزارتين.
ومن هذا الحديث، يتضح أن هناك توجهاً كبيراً قوياً للاستفادة من كل المعطيات، وتوحيدها في قوالب محددة للخروج بمنتجات يمكنها المنافسة، بل وأن تتصدر قوائم الطلب في أولويات المستهلك المحلي في كثير من دول العالم الذي يبحث -بحسب المختصين في قطاع الغذاء- عن الجودة والسعر في المنتجات الغذائية المختلفة.
- إنتاج التمور
ويحظى منتج التمور بسمعة كبيرة على المستوى المحلي والخارجي، حيث أصبح علامة فارقة بين كثير من المنتجات المحلية التي تصدر للخارج، نتيجة عوامل في مقدمتها حجم أعداد النخيل الذي يزيد على 25 مليون نخلة تغطي مساحة 157 ألف هكتار من أراضي المملكة، ما ساهم في إيجاد أكثر من 300 نوع من التمور، وجعل هناك تزايداً في معدلات الإنتاج يواكب ارتفاع الطلب العالمي بالتوازي. ففيما يقدر محصول التمر السنوي عالمياً بأكثر من 6 ملايين طن، فإن السعودية تنتج منه أكثر من 1.1 مليون طن سنوياً، وهذا يضعها بين أفضل 3 منتجين عالميين للتمور، بحصة سوقية تبلغ 18 في المائة.
ويأتي تهافت الحجاج والمعتمرين على شراء كميات من التمور لجودتها ولأسباب دينية في بعض أنواع التمور التي ورد فيها أحاديث نبوية، ولا تزرع إلا في مدن سعودية، منها المدينة المنورة، من العوامل التي أكسبت المنتج سيطاً، دون الحاجة إلى سباق في عوالم الأرقام والمبيعات، الأمر الذي يتطلب تحركاً كبير للاستفادة بشكل أكبر من التمور، خاصة أن التربة تتمتع بميزة فريدة تسمح بزراعة تمور عجوة المدينة والمبروم والسكري، مما يقدم فرصاً رائعة لإنتاج كميات كبيرة من أصناف فريدة عالية الجودة من التمور.
- الثروة السمكية
من القطاعات الغذائية التي شهدت نمواً في السنوات الماضية، ويعول عليها في جذب كثير من الاستثمارات، في أشكال وأنماط مختلفة، تبدأ من الاستزراع وتنتهي بالتصنيع والتصدير، هي الثروة السمكية، إذ تحيا -بحسب تقديرات الجهات المعنية- في المياه الطبيعية للمملكة 5 ملايين طن من الأسماك بشكل دائم، إضافة إلى أن المملكة تعد مصدراً مؤتمناً لتصدير المأكولات البحرية إلى الاتحاد الأوروبي، ولديها القدرة على زيادة الإنتاج وإشباع نهم سوق التصدير.
ويقبل المستهلك في جميع إنهاء العالم على شراء المأكولات البحرية، بمختلف أشكالها وتسمياتها. ويتوقع في هذا الجانب أن يرتفع حجم الطلب على المنتجات البحرية عالمياً، لذا تعمل السعودية على تنمية قطاع الاستزراع المائي، وهي من أوائل الدول التي تحصلت على شهادات دولية في الجودة، والقدرة على تغذية الأسواق العالمية. وقد وضعت أهدافاً طموحة لزيادة إنتاج الأسماك عبر تربية الأحياء بكميات كبيرة حتى 2030.


مقالات ذات صلة

الميزانية السعودية... استدامة مالية واستمرار في الإصلاحات

الاقتصاد ولي العهد في أثناء توقيعه على الميزانية العامة للدولة لعام 2025 (واس)

الميزانية السعودية... استدامة مالية واستمرار في الإصلاحات

أقر مجلس الوزراء السعودي برئاسة الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء أمس (الثلاثاء)، ميزانية عام 2025 بإيرادات متوقعة عند 1.184 تريليون ريال.

مساعد الزياني (الرياض) عبير حمدي (الرياض)
الاقتصاد ولي العهد مترئساً جلسة مجلس الوزراء المخصصة لإقرار ميزانية عام 2025 (واس) play-circle 00:51

الميزانية السعودية 2025... نمو مستدام مدعوم بالإصلاحات الاقتصادية

جاء إعلان السعودية عن ميزانية العام المالي 2025 التي أقرّها مجلس الوزراء السعودي ليظهر مدى توسع الاقتصاد السعودي.

مساعد الزياني (الرياض) عبير حمدي (الرياض)
الاقتصاد ولي العهد يوقِّع على الميزانية العامة للعام المالي 2025 (واس) play-circle 00:51

محمد بن سلمان: ميزانية 2025 تؤكد العزم على تعزيز قوة ومتانة ومرونة اقتصاد السعودية

قال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، إن ميزانية 2025 تؤكد العزم على تعزيز قوة ومتانة ومرونة اقتصاد المملكة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد وزير الاستثمار متحدثاً إلى الحضور خلال «المبادرة العالمية لمرونة سلسلة التوريد» (الشرق الأوسط)

السعودية توسّع صفقاتها للمشاركة في سلاسل التوريد العالمية

تتجه السعودية إلى زيادة الوصول للمواد الأساسية، وتوفير التصنيع المحلي، وتعزيز الاستدامة، والمشاركة في سلاسل التوريد العالمية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
خاص الأمير سعود ووزير الصناعة خلال حفل الهيئة (إمارة منطقة مكة المكرمة)

خاص وزير الصناعة السعودي: هيئة المساحة ستلعب دوراً محورياً في السنوات الـ25 المقبلة في التعدين

تلعب هيئة المساحة الجيولوجية في السعودية دوراً حيوياً في الكشف عن مخزونات الأرض من الفلزات، التي تشمل الذهب والزنك والنحاس.

سعيد الأبيض (جدة)

وزير المالية السعودي: ميزانية العام 2025 تستهدف مواصلة التوسع في الإنفاق الاستراتيجي

وزير المالية السعودي في مؤتمره الصحافي (الشرق الأوسط)
وزير المالية السعودي في مؤتمره الصحافي (الشرق الأوسط)
TT

وزير المالية السعودي: ميزانية العام 2025 تستهدف مواصلة التوسع في الإنفاق الاستراتيجي

وزير المالية السعودي في مؤتمره الصحافي (الشرق الأوسط)
وزير المالية السعودي في مؤتمره الصحافي (الشرق الأوسط)

قال وزير المالية السعودي محمد الجدعان إن ميزانية العام 2025 تستهدف مواصلة التوسع في الإنفاق الاستراتيجي على المشاريع التنموية وفق الاستراتيجيات القطاعية وبرامج رؤية المملكة 2030، واستمرار تنفيذ البرامج والمشاريع ذات العائد الاقتصادي والاجتماعي والبيئي المستدام، وتطوير بيئة الأعمال لتعزيز جاذبيتها، والمساهمة في تحسين الميزان التجاري للمملكة، وزيادة حجم ونوع الاستثمارات المحلية والأجنبية.

وشدد في مؤتمر صحافي، عقب إقرار مجلس الوزراء ميزانية العام المالي لعام 2025، على أن الحكومة استمرت في الإنفاق التوسعي لما يحمل من أثر إيجابي للمواطن.

وأضاف أن 3.7 في المائة هو النمو المتوقع بالاقتصاد غير النفطي بنهاية 2024، موضحاً أن الأنشطة غير النفطية ساهمت في الناتج المحلي بنسبة 52 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي. وقال إن مساهمة النفط في الناتج المحلي اليوم هو 28 في المائة. وأضاف أن الناتج المحلي الاسمي وصل إلى 4.1 تريليون ريال.

ورأى أن مساهمة الاستثمار الخاص في الاقتصاد عملية تحتاج للوقت، مشدداً على أن المؤشرات الاقتصادية تدعو إلى التفاؤل.

وقال: «هناك قفزة بعدد الشركات الصغيرة والمتوسطة بفضل الإنفاق الحكومي... نواصل الالتزام بالتحفظ عند إعداد الميزانية وأرقام الإيرادات دليل على ذلك».

ولفت إلى أن تغيرات هيكلية في اقتصاد المملكة بدأت تظهر نتائجها، كاشفاً أن 33 في المائة هي نسبة ارتفاع في الإنفاق على الاستراتيجيات وبرامح تحقيق «رؤية 2030».