3 أفلام أوروبية تجذب اهتمام المشاهدين في ثاني أيام مهرجان الأقصر

مخرج «جزيرة الذرة» المرشح للأوسكار: سعيد للغاية لوجودي على أرض الفراعنة

مشهد من فيلم الجورجي جورج أوفاشفيلي «جزيرة الذرة»
مشهد من فيلم الجورجي جورج أوفاشفيلي «جزيرة الذرة»
TT

3 أفلام أوروبية تجذب اهتمام المشاهدين في ثاني أيام مهرجان الأقصر

مشهد من فيلم الجورجي جورج أوفاشفيلي «جزيرة الذرة»
مشهد من فيلم الجورجي جورج أوفاشفيلي «جزيرة الذرة»

في إطار فعاليات اليوم الثاني لمهرجان الأقصر الدولي للسينما المصرية والأوروبية في دورته الثالثة، جذبت 3 أفلام أوروبية أنظار المشاهدين بقصصها المؤثرة وتقنياتها الحديثة مساء أول من أمس الاثنين. وضمن المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة عرض الفيلم البلغاري «الدرس»، والذي تدور أحداثه في إطار إنساني حول معلمة تدعى ناديجدا تكتشف حدوث سرقة بأحد فصول المدرسة التي تعمل بها من جانب أحد الطلاب فتحاول البحث عن السارق لينال العقاب، في نفس الوقت تتعرض لظروف شخصية عصيبة حيث يتم إخطارها بأن البنك سوف يقوم بالحجز على منزلها وبيعه بالمزاد بسبب تأخرها في دفع أقساط الرهن العقاري. وفي رحلتها الشاقة للبحث عن أموال للسداد تصطدم بكثير من الخيارات الصعبة وفي الوقت الذي تتوصل فيه لحل مشكلتها بعد تقديم تنازلات غالية تتوصل لمعرفة الجاني الذي تسامحه بعدما تتوصل إلى أن الدرس الحقيقي هو أنه في خضم الحياة وصراعاتها لا أحد ينجو من الوقوع في الخطأ. أما في مسابقة الأفلام الروائية القصيرة، عرض الفيلم السويسري «البعوضة» والذي جاء رائعا بتقنية فنية عالية رغم صمته حيث الصراع بين رجل عجوز وبعوضة تنتهي بنهاية مأساوية، وقد يقول الفيلم إن الأشياء التافهة رغم أنها لا تستحق إلا أنها يمكن أن تقتل الإنسان. كما عرض في المسابقة نفسها الفيلم النرويجي «ضوئي في الظلام»، والذي تدور أحداثه في القرن التاسع عشر الميلادي وفي أجواء ريفية ليحكي قصة حب بين طرفين متناقضين ومختلفين: شاب غريب فقير وفتاة صغيرة جميلة ولكن تنتهي بنهاية مأساوية لتظل قصص الحب هي الباقية والخالدة في كل زمان ومكان.
وقال الجورجي جورج أوفاشفيلي، مخرج فيلم «جزيرة الذرة» إنه سعيد للغاية بوجوده في مصر «أرض الفراعنة» ومشاركة فيلمه في المسابقة الرسمية للمهرجان. وأكد أوفاشفيلي خلال الندوة التي أعقبت عرض فيلمه مساء الاثنين بقاعة قصر ثقافة الأقصر وأدارها الناقد أحمد شوقي أنه كان يعتقد أنه من السهل أن يجد جزيرة طبيعية يصور عليها فيلمه الذي تدور أحداثه في 3 فصول مختلفة من السنة، إلا أنه لم يجد تلك الجزيرة التي يمكن بناء الديكور المطلوب عليها.
وقال أوفاشفيلي: «حينما طرحت فكرة بناء جزيرة صناعية على المنتج وصف تلك الفكرة على الفور بالغبية، إلا أنه في النهاية وجدنا أحد المهندسين المتخصصين الذي عرض بناء الجزيرة المطلوبة في مياه عمقها من 5 إلى 6 أمتار». وأوضح أوفاشفيلي أن «سيناريو الفيلم يستدعي في النهاية تدمير الجزيرة، فوجدت مشكلة جديدة وهي تدمير الجزيرة، مما اضطرنا إلى بناء جزيرة أخرى لمشهد التدمير فقط، الأمر الذي أدى إلى رفع تكلفة إنتاج الفيلم إلى مليون و300 ألف يورو وهو أمر غير معتاد في السينما الجورجية».
وشهد ثالث أيام المهرجان إقامة ندوتين لفيلمي «ديكور» والذي يعرض ضمن برامج ليالي السينما المصرية، وفيلم حلم المشهد الذي ينافس ضمن مسابقة الأفلام الروائية القصيرة.
وأقيمت الندوة عقب عرض الفيلم بحضور المخرج أحمد عبد الله، الذي بدأ حياته الفنية كمونتير في فيلم «هو فيه إيه» عام 2002 وفي فيلم «عين شمس» مع المخرج إبراهيم البطوط عام 2009. وتوجه للعمل في السينما المستقلة ككاتب ومخرج مستقل في فيلم «هليوبوليس» عام 2009 وفيلم «ميكروفون» عام 2010 وفيلم «فرش وغطا» عام 2013. أما الندوة المخصصة لفيلم حلم المشهد فأدارها الناقد محمد عاطف بحضور مخرج الفيلم ياسر شفيعي. الذي عمل كمونتير لعدد من
الأفلام القصيرة من بينها «فأر تجارب» لأحمد شوقي عام 2011 (المسابقة الرسمية لمهرجان يالا للأفلام القصيرة بباريس). كما عمل أيضا كمسؤول عن اختيار ممثلي فيلم «فتاة المصنع» لمحمد خان عام 2013 (المسابقة الرسمية لمهرجان دبي).
كما عمل مساعد مخرج لكريم حنفي في «باب الوداع» ولداود عبد السيد في «قدرات غير عادية» عام 2014. يقوم الآن بإخراج فيلم تسجيلي طويل عن المخرج المصري داود عبد السيد.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».