الراعي لا يحبذ اعتذار الحريري عن عدم تأليف الحكومة

عناد عون لا يشجع الوساطات

الراعي والحريري (الوكالة الوطنية)
الراعي والحريري (الوكالة الوطنية)
TT

الراعي لا يحبذ اعتذار الحريري عن عدم تأليف الحكومة

الراعي والحريري (الوكالة الوطنية)
الراعي والحريري (الوكالة الوطنية)

الترويج لوساطات تتنقل ما بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري وقيادة «حزب الله» والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، في محاولة لكسر الجمود الذي يحاصر جهود إخراج تشكيل الحكومة من التأزم الذي تتخبط فيه، يبقى في حدود التمنيات ولا يعكس واقع الحال المترتبة عن انقطاع التواصل بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري، رغم أن البطريرك الماروني بشارة الراعي لم ينفك عن توجيه النداء تلو الآخر بدعوتهما للقاء وجداني يفتح الباب أمام التفاهم وصولاً لاتفاقهما على تسريع ولادة الحكومة، وإن كان يصر على أن المبادرة هي الآن بيد الرئيس عون الذي لم يبدِ أي تجاوب حتى الساعة.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر سياسية بأن إيفاد عون لمستشاره السياسي الوزير السابق سليم جريصاتي للقاء الراعي، جاء تتويجاً لاتصال جرى بين بعبدا وبكركي التي أبدت رغبة في الوقوف على رأي الرئاسة الأولى حيال النداء الذي وجهه الراعي في عظته الأخيرة الأحد الماضي، وكرر فيه دعوته رئيس الجمهورية والرئيس المكلف بتشكيل الحكومة للتلاقي، شرط أن يبادر عون لدعوة الحريري.
ولفتت المصادر نفسها إلى أن الراعي كان ولا يزال يعول على عون لدعوة الحريري للتلاقي، باعتبار أنه يشغل المرجعية الأولى في الدولة، وعليه أن يترفع عن الحساسيات الشخصية لأنه صاحب المصلحة في إزالة العقبات التي تؤخر تشكيل الحكومة؛ خصوصاً أن رد فعل الحريري على الفيديو الذي سُرب واتهمه فيه بالكذب بقي مقبولاً ولم يتفاعل سياسياً، انطلاقاً من حرصه على عدم ضخ مزيد من التوتر الذي يدفع باتجاه تعطيل مبادرة الراعي التي ما زالت قائمة بغياب الوساطات الأخرى وبتعليق مفاعيل المبادرة التي أطلقها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لإنقاذ لبنان ووقف انهياره الشامل.
وأكدت أن لا مصلحة لعون في أن يستمر استنزاف الثلث الأخير من ولايته الرئاسية؛ خصوصاً أن كل يوم تأخير يزيد من تفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تجاوزت الخطوط الحمر مع ارتفاع منسوب الفقر، ورأت أن عون من موقعه الرئاسي يشكل نقطة التلاقي بين اللبنانيين، ويلعب دور الجامع للتوفيق بين القوى السياسية، وهذا يستدعي منه الانفتاح على جميع الأطراف، واستقبال من يمثلهم بدلاً من أن يذهب إليهم.
وكشفت هذه المصادر أن جريصاتي استمع إيجابياً إلى الأسباب الموجبة التي تقف وراء دعوة الراعي لعون ليأخذ المبادرة بدعوة الحريري للقاء، ليس لإنهاء القطيعة القائمة بينهما فحسب، وإنما لتفعيل مشاوراتهما وصولاً لتهيئة الظروف لتأليف الحكومة؛ لأنه من غير الجائز أن يبقى لبنان بلا حكومة في ظل المتغيرات التي تعصف بالمنطقة مع وصول الرئيس الأميركي جو بايدن إلى البيت الأبيض.
وقالت بأنه بدا واضحاً من خلال المداولات التي جرت بين الراعي وجريصاتي، أن القرار السياسي ليس بيد الأخير وإنما في مكان آخر، في إشارة إلى مسؤولية عون ومن خلاله وريثه السياسي رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل الذي يصر من خلال فريقه السياسي على قطع الطريق أمام الحريري لتشكيل الحكومة، مع أن بكركي تخالفه الرأي وتصر بلسان الراعي على عدم اعتذار الحريري عن التأليف، وهذا ما تبلغه منه مباشرة الزوار الذين يترددون من حين لآخر للوقوف على رأيه.
ولعل اللافت في لقاءات الراعي أنه التقى أخيراً السفير المصري لدى لبنان ياسر العلوي، بالتزامن مع استقباله لجريصاتي الذي كان له موقف حذَّر فيه من الالتفاف على الدستور الذي يشكل كارثة تقفل الأبواب في وجه الحلول، ومن التلويح بالفراغ الذي يُنظر إليه على أنه جريمة تلحق بالبلد هو في غنى عنها.
وفي هذا السياق، علمت «الشرق الأوسط» أن العلوي كان صريحاً بقوله للراعي بأن مجرد التلويح بالفراغ يضمر تهديداً مباشراً للجهود التي يراد منها إنقاذ لبنان، ويعطل جميع المحاولات الرامية، من خلال تأليف الحكومة، إلى استعادة ثقة اللبنانيين أولاً وثقة المجتمع الدولي ثانياً، وصولاً إلى تمرير رسالة للخارج بأنه اتخذ قراره بمساعدة نفسه كشرط لطلب مساعدة الآخرين، بدلاً من أن تقتصر المساعدات الخارجية على الشق الإنساني، بينما المطلوب مساعدات مالية يعول عليها لاستنهاضه من أزماته المالية والاقتصادية.
لذلك فإن استمرار عون على عناده، رغم أنه أساء للحريري - كما تقول المصادر- لا يشجع على إطلاق المبادرات والوساطات التي ليست قائمة بالأساس بخلاف ما يشاع عن استعداد هذا الطرف أو ذاك للتدخل، بمقدار ما أنها تطبق الحصار عليه ولا تؤدي إلى تعويم صهره.
فالرئيس بري توجه إلى دارته في مصيلح في جنوب لبنان؛ ليس لأنه لا يريد التدخل لإنقاذ عملية تأليف الحكومة، وإنما لانسداد الأفق أمام إحداث نقلة نوعية للتأسيس عليها باتجاه الانتقال بالبلد إلى الانفراج، وذلك بسبب عدم وجود ضوء أخضر، في إشارة إلى تحميل عون مسؤولية تطويق المحاولات الإنقاذية.
كما أن اللواء إبراهيم الذي تمكن من تعبيد الطريق أمام رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب للقاء عون وبري والحريري، اقتصرت الجولة الرئاسية له على تأمين الخروج الآمن له بالتصالح مع شارعه، بعد أن تعذر عليه فتح قنوات الاتصال بين عون والحريري.
وكذلك الحال بالنسبة لقيادة «حزب الله» التي لم تناقش مع الأطراف المعنية إمكانية التوسط، اعتقاداً منها - كما تقول المصادر - بأن الأبواب ما زالت مقفلة ولا تريد إحراج عون- باسيل الذي يصر على رفع سقف شروطه لدفع الحريري للاعتذار، إضافة إلى أن إبراهيم عرض مع الرئيس المكلف إمكانية التوسط، وكان جوابه بأنه ينتظر أن يأتيه جواب عون.



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.