اضطرابات التواصل لدى الأطفال ودور المدرسة

ضرورات توفير اختصاصيين بأمراض النطق واللغة داخلها

اضطرابات التواصل لدى الأطفال ودور المدرسة
TT

اضطرابات التواصل لدى الأطفال ودور المدرسة

اضطرابات التواصل لدى الأطفال ودور المدرسة

يمثل التواصل المهارة الأهم في قائمة المهارات التي تؤثر وتتأثر بباقي أشكال النمو لدى الأطفال، والتي منها، على سبيل المثال لا الحصر، النمو الاجتماعي، والسلوكي، والنفسي، والأكاديمي... وغيرها من المهارات التي تتشابك علاقاتها وتأثيراتها.
وقد يتخذ بعض الآباء قرار إدخال الطفل روضة أو مدرسة في إجراء علاجي لمساعدة الطفل على اجتياز الصعوبات التواصلية التي قد يلاحظها الأهل، ومن جانب آخر؛ قد يكون هذا الإجراء تلبية لنصيحة بعض الأهل أو الأصدقاء. ولكن للأسف قد تُتخذ كل هذه الإجراءات والقرارات دون الرجوع لأصحاب التخصص؛ والمقصود بهم هنا «اختصاصيو علاج أمراض النطق واللغة»! فهل يمكن للمدرسة أن تكون مكاناً مناسباً لحل مشكلات التواصل لدى الأطفال والتغلب عليها؟ وهل يتوفر في مدارسنا اختصاصيون في هذا المجال؟

اضطرابات التواصل
تحدث إلى «صحتك» الدكتور وائل عبد الخالق الدكروري، رئيس قسم اضطرابات التواصل في «مجمع عيادات العناية النفسية» بالرياض، وهو أكاديمي وباحث ومستشار لكثير من الهيئات وأستاذ مساعد بقسم «علاج اضطرابات النطق واللغة والسمع» بكلية العلوم الطبية التطبيقية في جامعة الملك سعود بالرياض، فأوضح أنه من خلال ممارسته العلاجية والإكلينيكية لاحظ «وجود كثير من المعلومات المغلوطة والأفكار الخاطئة حول تأخر نمو مهارات التواصل واللغة عند الأطفال، وطبيعة الإجراءات الواجب اتخاذها لمساعدة هؤلاء الأطفال، رغم انتشار هذه المشكلات لدى عدد ليس بالقليل من أبنائنا».
وأضاف أنه «في بداية الأمر؛ تجب مراعاة أن الفحص الأولي لنمو مهارات النطق واللغة لا يعدّ من العمليات الروتينية عند دخول الأطفال للمدرسة، رغم وجود فحوصات صحية تشمل فحص النظر، على سبيل المثال، كما أنه لا يتم فحص مستوى الأداء اللغوي عند الأطفال دون تحويل مباشر من أطباء الأطفال أو أطباء الرعاية الصحية الأولية أو المعلمين أو من الأهل أنفسهم. وللأسف لا يحدث هذا التحويل في كثير من الأوقات. ومن الجدير بالذكر أنه في حال عدم اجتياز الطفل الفحص الأولي؛ فإن كثيراً من الأطفال لا يتلقون خدمات علاجية. وأخيرا تجب مراعاة نتائج الدراسات التي أجريت في هذا الصدد، والتي أظهرت أن مشكلات النطق والكلام (مثل مشكلات النطق الصحيح للأصوات الكلامية أو مشكلة التلعثم) تكون أكثر وضوحاً للأهل والمعلمين من مشكلات فهم وإنتاج اللغة المنطوقة».
يتساءل الآباء: هل تكون الروضة أو المدرسة حلاً مناسباً ووحيداً لمشكلة الطفل المتأخر لغوياً؟ يجيب الدكتور وائل الدكروري: «من هنا يجب التمييز بين ما تقدمه المدرسة، وما يقدَّم خلال الجلسات العلاجية لعلاج أمراض النطق واللغة».
ويجب أن «نعلم أن دور جلسات علاج أمراض النطق واللغة يتمحور حول تعلم المهارات الأساسية للتواصل، والتي يتعلمها الأطفال في الغالب دون مساعدة، في حين أن المدرسة تهتم في المقام الأول بتعليم المهارات الأكاديمية المكتسبة، والتي يحتاج الأطفال لتعلمها للانخراط في برنامج أكاديمي ذي منهج واضح ومخرجات محددة».

تطوير المهارات
الأطفال يحتاجون لمهارات الانتباه والاستجابة والمعالجة للمعلومات، حتى يطوروا مهارات التواصل بشكل عام. فرغم اختلاف اللغات والثقافات التي ينتمي لها الأطفال، فإن هذه المهارات تظل أساسية بدرجة كبيرة، والتي يمكن تلخيصها في التالي:
* الوعي: حيث إننا يمكننا من خلال الوعي أن ندرك ما يحدث لنا وحولنا والاستفادة منه في المستقبل لتعلم المزيد.
* التواصل والتفاعل الاجتماعي:
- تمييز الكلام عن باقي الأصوات البيئية.
- فهم تعبيرات الوجه.
- تبادل الأدوار أثناء التفاعل مع الآخرين.
- الانتباه المتبادل.
- فهم الإشارات والإيماءات واستعمالها.
- التفاعل مع الآخرين سواء أكانوا من الأطفال أم البالغين.
ويضيف الدكتور وائل الدكروري أن «بعض الأطفال قد يعانون من اضطرابات في تطور مهاراتهم على مستويات عدة ومختلفة؛ منها اضطرابات في نمو اللغة، التي قد تؤثر على مستوى الفهم اللغوي والقدرة على استخدام اللغة المنطوقة بشكل فعال للتفاعل، واضطرابات النطق، واضطرابات الصوت، واضطرابات الطلاقة، وهي ما تعرف بـ«التأتأة»، واضطرابات التواصل المكتسبة بسبب إصابات الدماغ».
ومن هنا «يجب أن نعلم أن التعامل مع هذه الاحتياجات يحتاج إلى نوعية خاصة من التدريب والدراسة، وهي التي تتوفر فقط عند اختصاصيي علاج أمراض النطق واللغة المعتمدين، مما يمكنهم من القدرة على التقييم والتشخيص لاضطرابات التواصل المختلفة، كما يمكنهم من تصميم برامج تَدَخُّل فعالة تتوافق مع احتياج كل حالة على حدة».

‏ دور المدرسة
إن دور المدرسة يتمثل في «مساعدة الأطفال على تعلم مهارات أكاديمية ضمن منهج يَفترض كفاءة الأطفال التواصلية واللغوية على وجه التحديد، حتى يستطيعوا تعلمها والتدرج في مستوى التعلم وتحقيق الأهداف التعليمية تبعاً للمنهج المتبع. وهنا تبرز صعوبة ‏استفادة الطفل الذي يعاني من صعوبات في التواصل أو قصور في الأداء اللغوي تحديداً؛ لأنه في احتياج إلى خطة فردية حتى يتمكن من تحقيق هذه الأهداف».
يضيف الدكتور وائل الدكروري أن من خبرته العملية ومن خلال ممارسته الإكلينيكية يلاحظ «وجود كثير من الحالات التي لا تبدأ البحث عن الخدمات العلاجية إلا بعد إلحاق الطفل بفصل دراسي أو حتى عام دراسي كامل، دون إحراز أي تقدم يُذكر، وهو ما يفقد الطفل كثيراً من الوقت، ويكون له كثير من الآثار السلبية على الطفل والأسرة. وعليه؛ فإن إلحاق الطفل الذي يعاني من اضطرابات التواصل بروضة أو مدرسة فقط من دون حصوله على خدمات تشخيصية وعلاجية من اختصاصي علاج أمراض النطق واللغة، لا يعدّ القرار الأكثر فاعلية».
وهنا ‏تجدر الإشارة إلى أن وجود اختصاصيين في علاج أمراض النطق واللغة داخل نظام التعليم في الروضات والمدارس «يساعد على تحقيق هذه الأهداف، ويرفع من جاهزية الطفل للتعلم داخل البيئة المدرسية، وعلى العكس؛ إذا لم تتوفر هذه الخدمة المتمثلة في وجود اختصاصي علاج أمراض نطق ولغة، فسيكون من الصعب على المدرسة في ظل عدد الأطفال وضغط المتطلبات الأكاديمية تقديم الخدمة المرجوة للطفل الذي يعاني من صعوبة في تطوير مهاراته اللغوية، ‏ناهيك بوجود مشكلات، مثل صعوبات النطق أو التأتأة، والتي تعدّ تخصصاً أصيلاً لاختصاصي علاج أمراض النطق واللغة. ولكن تظل هناك مناطق تداخل بين اختصاصي علاج أمراض النطق واللغة والمعلمين، تتمثل في تعلم مهارات القراءة، التي يجب أن ندرك اعتمادها بشكل كبير على المهارات الأساسية التي يقدمها اختصاصي علاج أمراض النطق واللغة، مثل اللغة المنطوقة، ومهارات فهم اللغة، والوعي الصوتي، وحجم المفردات المتعلمة، والقدرة على التسمية... ‏وغيرها من المهارات ذات العلاقة. ولذلك يعتمد تقييم المهارات الأكاديمية، خصوصاً القراءة، على كفاءة القدرات اللغوية على مستويات متعددة، ومما لا شك فيه أن التعاون بين المدرسة واختصاصي علاج أمراض النطق واللغة ‏المسؤول عن حالة الطفل، سواء أكانت المتابعة خارج المدرسة من خلال عيادة، أم مستشفى، أم داخل المدرسة، يُعدّ المفتاح الأساسي لنجاح الطفل وتمكنه من اجتياز هذه الصعوبات».
وأخيراً؛ يجب أن ندرك أن تنوع الأدوار التي يقوم بها المختصون على اختلاف تخصصاتهم مهم ومطلوب؛ بل ويُعدّ تعاونهم هو الشكل الأمثل لتقديم الخدمات الأكثر فاعلية، وهو ما يعرف بـ«الفريق متعدد التخصصات» والذي تأتي على قمة أولوياتهم خطة التعليم الفردي (Individualized Education Program، IEP).
ويؤكد الدكتور وائل الدكروري على «ضرورة حصول الطفل، الذي يعاني من أي صعوبات على مستوى النطق واللغة، على خدمات تشخيصية وعلاجية مختصة من اختصاصي علاج أمراض النطق واللغة في خطوة أولى وأساسية، كما يجب التأكيد على أن التعاون بين الاختصاصي والمدرسة يساهم في تعظيم استفادة الطفل من البيئة المدرسية».
ونحلم بتوفر اختصاصيين في علاج أمراض النطق واللغة داخل كل مدرسة وروضة للوصول لأفضل شكل لتقديم الخدمات لأطفالنا الأعزاء.



لماذا لا يستطيع البعض النوم ليلاً رغم شعورهم بالتعب الشديد؟

لا يستطيع بعضنا النوم في بعض الأحيان رغم شعورنا بالتعب والإرهاق الشديدين (رويترز)
لا يستطيع بعضنا النوم في بعض الأحيان رغم شعورنا بالتعب والإرهاق الشديدين (رويترز)
TT

لماذا لا يستطيع البعض النوم ليلاً رغم شعورهم بالتعب الشديد؟

لا يستطيع بعضنا النوم في بعض الأحيان رغم شعورنا بالتعب والإرهاق الشديدين (رويترز)
لا يستطيع بعضنا النوم في بعض الأحيان رغم شعورنا بالتعب والإرهاق الشديدين (رويترز)

أحياناً، لا يستطيع بعضنا النوم، رغم شعورنا بالتعب والإرهاق الشديدين، الأمر الذي يعود إلى سبب قد لا يخطر على بال أحد؛ وهو الميكروبات الموجودة بأمعائنا، وفقاً لما توصلت إليه دراسة جديدة.

وكل ليلة، ومع غروب الشمس، تبدأ بعض ميكروبات الأمعاء، المعروفة بميكروبات الليل، التكاثر والازدهار، بينما تموت ميكروبات أخرى، وتتغير المواد الكيميائية التي تفرزها هذه الميكروبات أيضاً، مما يسهم في النعاس، وفق ما نقله موقع «سايكولوجي توداي» عن مؤلفي الدراسة الجديدة.

ويصل بعض هذه المواد الكيميائية إلى منطقة تحت المهاد، وهي جزء من دماغك يساعدك على البقاء هادئاً في أوقات التوتر.

وقال الباحثون في الدراسة الجديدة: «من المدهش أن الميكروبات التي تحكم أمعاءك لها إيقاعات يومية، فهي تنتظر الإفطار بفارغ الصبر في الصباح، وفي الليل تحب أن تأخذ قسطاً من الراحة، لذا فإن تناول وجبة خفيفة، في وقت متأخر من الليل، يؤثر إيجاباً بشكل عميق على ميكروبات الأمعاء لديك، ومن ثم على نومك ومدى شعورك بالتوتر».

وأضافوا أن عدم التفات الشخص لما يأكله في نهاية يومه ربما يؤثر بالسلب على نومه، حتى وإن كان يشعر بالتعب الشديد.

كما أن هذا الأمر يزيد من شعوره بالتوتر، وهذا الشعور يؤثر سلباً أيضاً على النوم.

ولفت الفريق، التابع لجامعة كوليدج كورك، إلى أنه توصّل لهذه النتائج بعد إجراء اختبارات على عدد من الفئران لدراسة تأثير الميكروبيوم على الإجهاد والإيقاعات اليومية لديهم.

وقد حددوا بكتيريا واحدة على وجه الخصوص؛ وهي «L. reuteri»، والتي يبدو أنها تهدئ الأمعاء وتؤثر إيجاباً على الإيقاعات اليومية والنوم.

ويقول الباحثون إن دراستهم تقدم «دليلاً دامغاً على أن ميكروبات الأمعاء لها تأثير عميق على التوتر وجودة النوم».

ونصح الباحثون بعدم تناول الأطعمة والمشروبات السكرية ليلاً، أو الوجبات السريعة، وتلك المليئة بالدهون، واستبدال الأطعمة الخفيفة والمليئة بالألياف، بها.