أوروبا تضغط باتجاه خطوات تركية للتهدئة شرق المتوسط

جاويش أوغلو يؤكد في بروكسل ضرورة تهيئة أجواء إيجابية

جوزيب بوريل في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو (أ.ب)
جوزيب بوريل في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو (أ.ب)
TT

أوروبا تضغط باتجاه خطوات تركية للتهدئة شرق المتوسط

جوزيب بوريل في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو (أ.ب)
جوزيب بوريل في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو (أ.ب)

جدد الاتحاد الأوروبي موقفه الداعي إلى تخفيف التوتر بين تركيا واليونان في شرق البحر المتوسط في حين تنتظر بروكسل من أنقرة الإقدام على خطوات عملية تؤكد تصريحات مسؤوليها عن رغبتهم في فتح صفحة جديدة مع التكتل. وقطعت أثينا خطوة جديدة لطالما أثارت غضب جارتها تركيا بموافقة البرلمان اليوناني على توسيع المياه الإقليمية في البحر الأيوني من 6 إلى 12 ميلاً، وتجنبت أنقرة إبداء رد فعل حاد؛ حتى لا تفسد أجواء التهدئة مع بروكسل، ولا سيما قبل أيام من استئناف المحادثات الاستكشافية مع اليونان التي ستعقد جولتها الـ61 في إسطنبول (الاثنين) المقبل بعد توقف 5 سنوات.
وأكد الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل، أن الاتحاد الأوروبي يرغب في تخفيف حدة التوتر القائم شرق المتوسط، لافتاً إلى وجود أجواء إيجابية بين تركيا والاتحاد الأوروبي حالياً.
وأضاف بوريل، في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو سبق مباحثاتهما في بروكسل، أمس (الخميس)، أن هناك إمكانية لرفع مستوى التنسيق والتعاون بين تركيا والاتحاد الأوروبي من أجل خدمة المصالح المتبادلة.
وبدوره، شدد جاويش أوغلو على ضرورة تحقيق أجواء إيجابية في علاقات الاتحاد الأوروبي وتركيا، وضرورة اتخاذ خطوات ملموسة لاستدامة هذه الأجواء، لافتاً إلى أن العلاقات بين الجانبين لم تكن على ما يرام خلال عام 2020.
ولفت الوزير التركي إلى أن الإرادة السياسية لتهيئة أجواء إيجابية في العلاقات، ظهرت لدى كلا الطرفين، عقب قمة قادة الاتحاد الأوروبي في 10 و11 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وأن مباحثاته مع بوريل تتضمن العديد من المسائل التي تهم الجانبين، منها تحديث اتفاقية الهجرة واللاجئين الموقعة عام 2018 ومقترح عقد مؤتمر بشأن أزمة شرق المتوسط، ورفع تأشيرة الدخول عن مواطني تركيا إلى منطقة شنغن الأوروبية، وتحديث اتفاق الاتحاد الجمركي الموقع عام 1995. ويواصل جاويش أوغلو لقاءاته في بروكسل اليوم (الجمعة) بلقاء مع رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، والأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) ينس ستولتنبرغ. ويطالب الاتحاد الأوروبي أنقرة بترجمة أقوالها وتصريحات النوايا الحسنة الصادرة عنها إلى أفعال ملموسة، بحسب ما طالب المتحدث باسم المفوضية الأوربية بيتر ستانو، الاثنين. ويحفل ملف العلاقات التركية - الأوروبية بالكثير من نقاط الخلاف والتوتر، لا سيما النزاع مع اليونان وقبرص على موارد منطقة شرق البحر المتوسط من النفط والغاز الطبيعي، وضلوع تركيا في النزاعات في سوريا وليبيا وإقليم ناغورني قره باغ، والخلاف مع فرنسا وانتهاكها حظر الأمم المتحدة على الأسلحة في ليبيا والتحركات العسكرية «العدائية» في شرق المتوسط. وقرر قادة الدول الأوروبية في قمتهم الأخيرة في ديسمبر (كانون الأول) توسيع عقوبات مفروضة على شخصيات تركية على علاقة بالتنقيب عن النفط والغاز في شرق المتوسط، وأوضح وزير خارجية لوكسمبورغ جان أسيلبورن، «العمل على هذه القائمة جار، وهو معقد ومن المبكر الحديث عن نتائجه أو الموعد المحدد لإنجازه»، إلا أن دبلوماسياً أوروبياً قال إنه قد يتم التوصل إلى اتفاق بشأن أسماء عدة خلال اجتماع وزراء الخارجية الاثنين المقبل. وأمام تركيا مهلة شهرين، حتى انعقاد القمة الأوروبية في مارس (آذار) لإقناع بروكسل بحسن نواياها. وسيعرض جوزيف بوريل تقريراً حول العلاقات السياسية والاقتصادية والتجارية بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، وسيقترح خيارات على القادة الأوروبيين خلال قمة مارس.
وهناك أزمة ثقة بين الأوروبيين والرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الذي كانت له مواقف متقلبة على مدى العامين الماضيين. لكن يرى مراقبون، أن الظروف تغيرت بالنسبة لإردوغان مع خسارته دعم الولايات المتحدة ووصول جو بايدن إلى الرئاسة، فضلاً عن مشاكل تركيا الاقتصادية «الهائلة» التي لا تسمح لها بقطع الروابط مع أوروبا أكبر شريك تجاري لها. وقال مسؤول أوروبي «الوضع ينهار، وهو (إردوغان) بصدد خسارة الطبقة الوسطى».
وتأتي زيارة جاويش أوغلو قبل أيام من استئناف المحادثات الاستكشافية بين تركيا واليونان في إسطنبول، الاثنين، والتي استبقتها أثينا بمصادقة برلمانها على توسيع مياهها الإقليمية في البحر الأيوني، شرق جزيرة كريت، من 6 إلى 12 ميلا، في خطوة أكدت أنقرة أنها لن تؤثر بأي حال من الأحوال على بحر إيجة.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية، حامي أكصوي، تعليقاً على الخطوة اليونانية، إن لبلاده حقوقاً ومصالح حيوية في بحر إيجة شبه المغلق، والذي تتحكم به ظروف جغرافية خاصة، الجميع يعلم موقفنا المتمثل بوجوب عدم توسيع المياه الإقليمية في إيجة من جانب واحد، بشكل يقيّد حرية الملاحة لبلدنا ولدول أخرى والوصول إلى البحار المفتوحة، مضيفاً «لا يوجد تغيير في هذا الموقف التركي». ورغم أن القرار اليوناني يتوافق مع اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1994، فإنه يمكن أن يمهد الطريق لمزيد من التوسع في بحر إيجة، وهو الأمر الذي يمكن أن يثير المزيد من التوترات مع الجارة تركيا في النزاع المرتبط بالتنقيب عن الغاز في شرق البحر المتوسط.
وقال رئيس الوزراء اليوناني كرياكوس ميتسوتاكيس، إن هناك شعوراً عاماً بأن تركيا تتصرف بطريقة لن تفضي لتعزيز السلام في منطقة شرق المتوسط، قائلاً إنه «إذا لم نتمكن من حل ترسيم حدودنا البحرية بالطرق الدبلوماسية يمكننا رفعها للمحكمة الدولية».
على صعيد آخر، دعا البرلمان الأوروبي، أمس، إلى الإفراج عن الزعيم الكردي المعارض صلاح الدين دميرطاش فوراً ودون شروط. وقال البرلمان الأوروبي، إن اعتقال الرئيس المشارك السابق لحزب الشعوب الديمقراطية (المؤيد للأكراد)، منذ 2016 يهدف إلى حرمانه من حقوقه الأساسية، مؤكداً أنه يتعرض لمعاملة سيئة في محبسه. وأدان البرلمان الأوروبي، في مشروع قرار، تضييق السلطات التركية على منظمات المجتمع المدني.


مقالات ذات صلة

لماذا استبقت «الإخوان» زيارة السيسي لتركيا بمبادرة جديدة لطلب العفو؟

شؤون إقليمية ترقب واسع في تركيا لزيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (أ.ف.ب)

لماذا استبقت «الإخوان» زيارة السيسي لتركيا بمبادرة جديدة لطلب العفو؟

استبقت جماعة «الإخوان المسلمين»، المحظورة، زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي المرتقبة لتركيا بمبادرة جديدة للتصالح وطلب العفو من الدولة المصرية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)
المشرق العربي مسؤولون لبنانيون على متن منصة الحفر «ترانس أوشن بارنتس» خلال عملها في البلوك رقم 9... أغسطس 2023 (رويترز)

حرب الجنوب تُعلّق النشاط الاستكشافي للنفط بمياه لبنان الاقتصادية

تضافر عاملان أسهما في تعليق نشاط التنقيب عن النفط والغاز في لبنان؛ تَمثّل الأول في حرب غزة وتداعياتها على جبهة الجنوب، والآخر بنتائج الحفر في «بلوك 9».

نذير رضا (بيروت)
تحليل إخباري تعمل مصر على توسيع التنقيب في «المتوسط» (وزارة البترول المصرية)

تحليل إخباري ما فرص ترسيم الحدود البحرية بين مصر وتركيا في «المتوسط»؟

بموازاة معلومات عن زيارة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى مصر الشهر الحالي، تثور تساؤلات عن فرص نجاح البلدين في ترسيم الحدود البحرية في شرق المتوسط.

أحمد عدلي (القاهرة)
آسيا إردوغان لدى زيارته الشطر الشمالي من جزيرة قبرص الخميس (أ.ف.ب)

إردوغان سيستقبل نتنياهو وعباس الأسبوع المقبل

عبّر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان عن أمله في أن يكون لقاؤه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الأسبوع المقبل، بداية لمرحلة أفضل في العلاقات الثنائية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة) «الشرق الأوسط» (تل أبيب)
آسيا تركيا سحبت سفينة التنقيب «ياووز» من شرق البحر المتوسط بعد توتر مع اليونان والاتحاد الأوروبي صيف 2020 (صورة أرشيفية)

تركيا تؤكد عدم التنازل عن حقوقها بموارد الطاقة في شرق المتوسط

أكدت تركيا أنها لن تتنازل عن حماية حقوقها وحقوق القبارصة الأتراك في موارد الطاقة في شرق البحر المتوسط، المنبثقة عن القانون الدولي.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

قادة جزر المحيط الهادئ يحذفون الإشارة إلى تايوان من بيانهم بعد شكوى الصين

جانب من منتدى جزر المحيط الهادئ في 30 أغسطس 2024 في نوكوالوفا بتونغا (أ.ف.ب)
جانب من منتدى جزر المحيط الهادئ في 30 أغسطس 2024 في نوكوالوفا بتونغا (أ.ف.ب)
TT

قادة جزر المحيط الهادئ يحذفون الإشارة إلى تايوان من بيانهم بعد شكوى الصين

جانب من منتدى جزر المحيط الهادئ في 30 أغسطس 2024 في نوكوالوفا بتونغا (أ.ف.ب)
جانب من منتدى جزر المحيط الهادئ في 30 أغسطس 2024 في نوكوالوفا بتونغا (أ.ف.ب)

حذف منتدى جزر المحيط الهادئ الإشارة إلى تايوان من بيان صدر بعد اجتماع زعماء دول المنطقة السنوي بعد تلقي شكاوى من مبعوث الصين.

ونددت حكومة تايبيه بتصرفات الصين بوصفها «تدخلاً وقحاً»، حسب وكالة «رويترز» للأنباء.

ويضم التكتل المؤلف من 18 دولة، ثلاثة أعضاء تربطهم علاقات دبلوماسية مع تايوان و15 عضواً يعترفون بالصين، وهي مقرض رئيسي لمشروعات البنية التحتية الأساسية في دول جزر المحيط الهادئ حيث تسعى بكين إلى زيادة وجودها الأمني.

وتعتبر الصين أن تايوان إقليم تابع لها ليس له حق في إقامة علاقات مع الدول، وهو موقف ترفضه بشدة تايوان التي تتمتع بحكم ديمقراطي.

وتضمن بيان صدر أمس (الجمعة) على موقع المنتدى قسماً بعنوان: «العلاقات مع تايوان/جمهورية الصين»، وجاء فيه أن «القادة أكدوا قرار القادة لعام 1992 بشأن العلاقات مع تايوان/جمهورية الصين».

وتم حذف البيان من الموقع الإلكتروني في وقت لاحق مساء أمس بعد رد فعل غاضب من الصين، ونُشرت وثيقة جديدة صباح اليوم (السبت) مع حذف الإشارات إلى تايوان.

وعبّرت وزارة الخارجية التايوانية عن غضبها إزاء تصرفات الصين.

وقالت في بيان: «تندد تايوان بالتدخل الصيني الفظ وغير المعقول والسلوك غير العقلاني الذي يقوض السلام والاستقرار الإقليميين، وتدعو جميع الدول ذات التفكير المماثل إلى الانتباه عن كثب إلى تصرفات الصين». بيد أن الوزارة أشارت إلى أن البيان المشترك كما نُشر لا يقوض موقف تايوان من المنتدى ولا يمنعها من المشاركة به في المستقبل.

وبوصفها شريكاً في المنتدى منذ عام 1993، أرسلت تايوان تيان تشونغ كوانغ نائب وزير خارجيتها إلى تونغا لعقد لقاءات مع حلفائها الثلاثة في المحيط الهادئ بالاو وتوفالو وجزر مارشال.

وذكرت هيئة الإذاعة الأسترالية وصحيفة «نيكي» أن المبعوث الصيني الخاص إلى جزر المحيط الهادئ تشيان بو رد بغضب أمس (الجمعة)، قائلاً للصحافيين في تونغا إن الإشارة إلى تايوان في البيان «كانت بالتأكيد خطأ».

وأظهر موقع السفارة الصينية على الإنترنت أن تشيان مارس ضغوطاً الأسبوع الماضي من أجل استبعاد تايوان من الفعاليات الرسمية للمنتدى.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية لين جيان في إفادة صحافية دورية في بكين أمس: «أي محاولة من سلطات تايوان لتعزيز شعورها بالوجود، من خلال حضور المنتدى، ليست سوى خداع للذات».