في يومين متلاحقين أنجز فيلم أليخاندرو غونزاليز إيناريتو «بيردمان» نصرين مهمّـين: يوم السبت الماضي فاز بجائزة أفضل فيلم من جمعية منتجي أميركا Producers Guild of America (أو PGA) ويوم الأحد، بفارق 24 ساعة فقط، فاز ممثلوه بجائزة «جمعية ممثلي الشاشة» أو Screen Actors Guild (المعروفة بـSAG).
هذا الفوز يجعل السباق صوب الأوسكار يتبلور على نحو مثير جدا. فالجمعيّـتان معا تملكان عددا كبيرا من الأصوات داخل أكاديمية العلوم والفنون السينمائية، ما يجعل مسألة فوز الفيلم أو الممثل بواحد من الأوسكارات أمرا شديد الاحتمال. في الحقيقة ليس هناك ريب في هوليوود حول ما إذا كان «بيردمان»، المرشّـح لـ9 أوسكارات في 9 مجالات، سيفوز بأوسكار أو أكثر، بل بعددها.
للإيضاح، فإن عدد الممثلين المنضمين إلى «جمعية ممثلي الشاشة» يصل إلى نحو 120 ألف ممثل (بمن فيهم الكومبارس وممثلو مشاهد الخطر والبديلون (tunes) والممثلون المعروفون بذلك هو أكبر اتحاد ممثلين في العالم. وأكبر تجمّـع داخل أعضاء «أكاديمية العلوم والفنون السينمائية» مانحة الأوسكار إذ تبلغ نسبة الانتساب نحو 18.6 في المائة حاليا.
الجائزة التي فاز «بيردمان» بها تحديدا اسمها «جائزة أداء متميّـز لمجموعة ممثلين في فيلم سينمائي» وهذا يخلق مناسبة للحديث عن طبيعة هذه الجائزة. ففيلم غونزاليز ليس من بطولة جماعية، ولا الأدوار متساوية، كما حال فيلم «بويهود» الذي نافسه في هذه الجائزة وفي سواها، بل هو من قيادة مايكل كيتون بينما تتوزّع الأدوار الأخرى مساوية. ليس أن هذا ينتزع حق الجمعية في الاحتفاء بكل ممثليه معا، لكنه يبدو أمرا على قدر من الغرابة.
الأفلام الأخرى التي تم إدراجها تحت هذا السباق هي «ذا غراند بودابست هوتيل» الذي يحفل بعدد كبير آخر من الممثلين بينهم ف. موراي أبراهام وهارفي كايتل وجود لو وبل موراي وإدوارد نورتون ووليم دافو وتوم ولكنسون واندريان برودي وتيلدا سوينتون، لكن بطولته عمليا هي لممثل واحد هو راف فاينز.
سنوات الأمس
أغرب من ذلك حال «لعبة المحاكاة»، ففي صلب هذا الفيلم السيرة الذاتية لعالم الحسابات وحلاّل الشيفرات المستعصية ألان تورينغ كما قام به بندكت كمبرباتش، لكنه اندرج كذلك في مسابقة التمثيل الجماعي مثله في ذلك مثل «نظرية كل شيء» الذي يدور حول عالم الفيزياء والفضائيات ستيفن هوكين كما لعبه إيدي ردماين وحول زوجته جين (فيليسيتي جونز) التي أحبّـته رغم كونه معاقا.
الفيلم الوحيد الذي لا بطولة منفردة أو ثنائية فيه هو «بويهود» كما تقدّم وهذا خرج بجائزة واحد هي جائزة أفضل تمثيل نسائي مساند التي ذهبت إلى باتريشا أركيت.
باقي الجوائز توزّعت على ج. ك. سيمونز (أفضل ممثل مساند عن «السوط») وجوليان مور (أفضل ممثلة في دور رئيس عن «لا زلت أليس») وإيدي ردماين عن «نظرية كل شيء».
جائزة الجمعية التي أقيمت في دورتها الـ21 مهمّـة للأوسكار لأن آراء غالبية الممثلين المنضمين إليها تبقى ذاتها حين التصويت لجوائز الأوسكار كما نلاحظ حتى ولو اكتفينا بالعامين الماضيين من جوائزها.
ففي العام 2013 ذهبت جوائز الجمعية إلى دانيال داي لويس (كأفضل ممثل) عن دوره في «لينكولن» وبعد نحو شهر تسلم الأوسكار عن دوره في الفيلم ذاته.
جنيفر لورنس نالت جائزة الجمعية كأفضل ممثلة في دور رئيس عن «كتاب مطرّز بالفضّة» وكسبت الأوسكار بعد ذلك عن الفيلم ذاته. أما آن هاذاواي ففازت بجائزة الجمعية كأفضل ممثلة مساند عن دورها في «البائسون» ورفعت الأوسكار بيدها عاليا حين فازت بعد ذلك في الحفل الأكاديمي.
في العام الماضي ذهب أوسكار أفضل ممثل إلى ماثيو ماكونوفي عن «دالاس بايرز كلوب» وأوسكار أفضل ممثل مساند إلى يارد ليتو عن الفيلم ذاته، وكانا ربحا جائزتي الجمعية في هذا المجال. في المقابل، حصدت كايت بلانشيت أوسكار أفضل ممثلة عن «بلو جاسمين» وفازت لوبيتا نيونغ بأوسكار أفضل ممثلة مساندة عن «12 سنة عبدا» وكلتاهما خرجتا فائزتين بالجائزتين ذاتيهما من الجمعية أيضا. هذا ما يعني أن الصراع مشتد حاليا بين مايكل كيتون (عن دوره في «بيردمان») والبريطاني إيدي ردماين عن «نظرية كل شيء» أكثر من أي وقت سابق. هذا من دون أن نلغي متنافسين آخرين مثل ستيف كاريل («فوكسكاتشر») وبندكت كمبرباتش («لعبة المحاكاة») وبرادلي كوبر عن «قنّـاص أميركي».
احتمالات متباينة
بين ممثلات الدور الأول، وبينما خرجت جوليان مور بجائزة الجمعية كما ذكرنا، ما زال الاحتمال قائما لأن تفوز الفرنسية ماريون كوتيار بالأوسكار عن «يومان، ليلة واحدة»، ولو أنه احتمال محدود كذلك حال باقي الممثلات المتنافسات ريز ويذرسبون («وحشي») وروزاموند بايك («فتاة مختفية») وفيلسيتي جونز («نظرية كل شيء»).
مراجعة التاريخ يدلف بنا إلى مفارقة مهمّـة: الفيلم الذي يفوز بتفضيل المنتجين، من خلال جائزتهم وبجائزة التمثيل الجماعي في جمعية الممثلين، عادة ما ينتزع أوسكار أفضل فيلم عند آخر خط الجوائز السنوية وأكبرها قيمة. كلما اقترب موعد الأوسكار (في الرابع والعشرين من الشهر المقبل) كلما تغيّـرت المعادلات. مثلا، قبل أسابيع قليلة لم يكن الممثل برادلي كوبر يملك أي حجم كبير من احتمالات النجاح على عكس ما هو الحال اليوم، وذلك بسبب النجاح الكاسح للفيلم الذي قام بإنتاجه وتمثيله.
مايكل كيتون الذي خسر هذه الدورة من جوائز جمعية الممثلين يبقى قوي الحضور بين باقي المصوّتين المنتمين إلى الحقول الفنية الكبيرة الأخرى (المخرجون والمنتجون والكتاب وفنانو المونتاج إلخ…) وكذلك حال كل ممثل آخر خسر المواجهة، ولو أن كيتون يبقى أقواهم شأنا. في الواقع، وبصرف النظر عن القيمة الفنيّـة الخاصّة لكل ممثل (وهو ما سنتطرّق إليه في حلقات مقبلة نخصص كل منها لحقل مختلف)، فإن كيتون وليس ردماين هو الأكثر إثارة لإعجاب الطواقم الفنية المختلفة. وهذا ما سيعزز هجمته على الفوز حينما يتردد صوت المقدّم «جائزة أفضل ممثل في دور رئيس تذهب إلى…».
«الشرق الأوسط» تدخل سباق الأوسكار 3: إيدي ردماين يفوز على مايكل كيتون.. مبدئيًّا
يجعل السباق صوب الأوسكار يتبلور على نحو مثير جدًّا
«الشرق الأوسط» تدخل سباق الأوسكار 3: إيدي ردماين يفوز على مايكل كيتون.. مبدئيًّا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة