محادثات فلسطينية ـ روسية تدفع بمقترح لقاء دولي في القاهرة

مبعوث رئاسي لعباس في موسكو

محادثات فلسطينية ـ روسية تدفع بمقترح لقاء دولي في القاهرة
TT

محادثات فلسطينية ـ روسية تدفع بمقترح لقاء دولي في القاهرة

محادثات فلسطينية ـ روسية تدفع بمقترح لقاء دولي في القاهرة

أجرى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف جلسة مناقشات مع وزير الشؤون المدنية الفلسطيني حسين الشيخ، الذي قام بزيارة إلى العاصمة الروسية، بصفته ممثلاً خاصاً للرئيس الفلسطيني محمود عباس. وتطرق البحث إلى تطورات الوضع السياسي وسبل تعزيز عملية السلام، وبرزت في هذا الإطار، الإشارة إلى تبني موسكو فكرة عقد اجتماع دولي في القاهرة لبحث آليات دفع التسوية الفلسطينية - الإسرائيلية.
وأفادت الخارجية الروسية الخارجية الروسية، في بيان، بأن الطرفين بحثا خلال اللقاء آليات تعزيز التعاون الروسي - الفلسطيني، مع التركيز على تنفيذ الاتفاقات السابقة المبرمة بين الجانبين. وبعد المباحثات مع لافروف، عقد المبعوث الفلسطيني جلسة مناقشات تفصيلية مع نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف.
وأعرب الجانب الفلسطيني عن امتنانه للمساعدات الروسية في مجال مكافحة وباء كورونا المستجد في الضفة والقطاع. في حين برز ترحيب من الجانب الروسي، بقرار الرئيس الفلسطيني إجراء انتخابات عامة في فلسطين على ثلاث مراحل، في إطار انتخاب أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني، وانتخابات رئاسية، ثم انتخابات لأعضاء المجلس الوطني الفلسطيني.
كما تمت الإشارة خلال المباحثات إلى أهمية الاتفاق على الانتخابات بين حركتي «فتح» و«حماس». وقال البيان الروسي، إنه «تم التأكيد، على أهمية هذا الاتفاق لتهيئة الظروف لإجراء مفاوضات فلسطينية – إسرائيلية بهدف حل جميع القضايا العالقة وفقاً لقرار الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، في إطار الالتزام بمبدأ حل الدولتين».
وأبلغ السفير الفلسطيني في موسكو نوفل عبد الحفيظ، بأن الزيارة جاءت في إطار استمرار التنسيق الفلسطيني - الروسي، وأنه «بسبب ظروف تفشي (كورونا)، تم انتداب المبعوث الرئاسي الفلسطيني الخاص لمقابلة القيادة الروسية، ومواصلة الحوارات بين الطرفين في المسائل الأساسية المطروحة على جدول الأعمال».
ووفقاً للسفير الفلسطيني، فإن البحث تناول بشكل مفصل «الوضع بعد قرار الجانب الفلسطيني استئناف العلاقات مع الإسرائيليين، والموقف في ظل فوز الإدارة الأميركية الجديدة في الولايات المتحدة، والدور الروسي في دفع عملية السلام، والوضع حول المصالحة الفلسطينية والمراسيم الرئاسية المتعلقة بالانتخابات». وأكد عبد الحفيظ، أن «استئناف العلاقات مع الجانب الإسرائيلي لا يعني العودة إلى المفاوضات بشكل تلقائي، وتم إبلاغ موسكو بأن فلسطين لن تعود إلى المفاوضات إلا وفقاً لآلية جديدة تقوم على صيغة دولية لا تكون تحت سيطرة أحادية من جانب الولايات المتحدة».
ولفت السفير، إلى أنه «على الرغم من أن إدارة الرئيس المنتخب جو بايدن أدانت سياسات ترمب، لكن ذلك لا يعني القبول بعملية تفاوضية ترعاها واشنطن بشكل منفرد»، موضحاً أنه تمت مناقشة مسألة «تفعيل اللجنة الرباعية الدولية، بصفتها الآلية الدولية المقبلة». وتشمل الفكرة التي بدا أن موسكو مستعدة لتبنيها، الدعوة لتنظيم مؤتمر دولي في القاهرة تحضره أطراف الرباعية الدولية (الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا والولايات المتحدة)، بالإضافة إلى مصر والأردن وبلدان عربية وغير عربية أخرى. ووفقاً للدبلوماسي الفلسطيني، فإن «تفعيل الرباعية الموسعة بهذه الطريقة، من شأنه أن يشكل نقطة دفع أساسية لتنشيط عملية التسوية».
إلى ذلك، ركز الوفد الفلسطيني أيضاً على تعزيز التعاون مع موسكو في إطار جهود مكافحة وباء كورونا، وحضر ضمن الوفد ممثل وزارة الصحة كمال الشقرا، الذي قدم في الخارجية الروسية بياناً حول وضع انتشار الوباء في الأراضي الفلسطينية. وتم الاتفاق على تنشيط الجهود في هذا المجال، علماً بأن موسكو كانت أعلنت في وقت سابق استعدادها لتزويد الأراضي الفلسطينية بـ100 ألف جرعة من اللقاح الروسي «سبوتنيك v»، على أن يتم تسليم هذه الكمية خلال المرحلة المقبلة. لكن الجديد وفقاً للسفير الفلسطيني أن موسكو قررت تقديم منحة 5000 جرعة للفلسطينيين بشكل مستعجل. وكان ينتظر أن تنقل هذه الكمية على طائرة الوفد الزائر، لكن أسباباً فنية حالت دون ذلك، ليتم الاتفاق على أن يتم إرسالها خلال الأيام المقبلة.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.