الجزائر: أقدم أحزاب المعارضة يقترح «ميثاقاً سياسياً» لتجاوز الأزمة

الرئيس عبد المجيد تبون (أ.ف.ب)
الرئيس عبد المجيد تبون (أ.ف.ب)
TT

الجزائر: أقدم أحزاب المعارضة يقترح «ميثاقاً سياسياً» لتجاوز الأزمة

الرئيس عبد المجيد تبون (أ.ف.ب)
الرئيس عبد المجيد تبون (أ.ف.ب)

بينما اقترحت «جبهة القوى الاشتراكية» في الجزائر على أحزاب المعارضة الاجتماع لصياغة حل سياسي للأزمة، والتشاور لاحقاً مع السلطة حوله، أضافت النيابة تهمة جديدة للناشط السياسي المثير للجدل، رشيد نكاز، في وقت كان فيه محاموه يترقبون الإفراج عنه، على أساس أنه متابع بسبب تصريحاته ومواقفه من الحكومة.
وقال «القوى الاشتراكية»، أقدم حزب معارض أسسه رجل الثورة الراحل حسين آيت أحمد، في بيان أمس، إنه يعرض على المعارضة «حوارا وطنيا للتوصل إلى ميثاق سياسي نعرضه على ممثلي النظام»، مبرزا أن تنفيذه، إذا وافقت عليه الحكومة «فسيكون تحت مسؤولية الجيش كضامن للسلم في البلاد».
ولم يقدم الحزب تفاصيل عن مشروعه، علما بأنه عرض قبل 5 سنوات على الطبقة السياسية «خطة توافق سياسي وطني»، تتضمن «مرحلة انتقالية» تدوم عامين، وتقودها شخصيات ليس لها أي انتماء للسلطة، و«مشهود لها بنظافة الذمة». وتنتهي هذه المرحلة بتنظيم انتخابات رئاسية شفافة. لكن غالبية أحزاب المعارضة رفضت المقترح، كما حاربه بشدة الموالون للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، آنذاك، خصوصا حزبي السلطة «جبهة التحرير الوطني»، و«التجمع الوطني الديمقراطي».
ورفض «القوى الاشتراكية»، حسب البيان، توجه الرئيس تبون إلى انتخابات برلمانية مبكرة. ووصف السلطة الحالية بأنها امتداد لحكم بوتفليقة، الذي أرغمه الحراك الشعبي على الاستقالة في الثاني من أبريل (نيسان) 2019، وتقول السلطة التنفيذية بقيادة تبون إنها تعتزم تنظيم اقتراع تشريعي قبل موعده المقرر في ربيع العام المقبل، «نزولا عند رغبة الحراك»، الذي وصفه البرلمان الحالي بأنه وليد تزوير شامل.
ومن أهم الأحزاب، المعنية بالدعوة إلى «حوار وطني»، «حركة مجتمع السلم» و«جبهة العدالة والتنمية» الإسلاميتان، و«التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» (لائيكي)، و«حزب العمال» اليساري. والتشكيلات السياسية الـ4 لم تقدم مرشحين لانتخابات الرئاسة، التي جرت بنهاية 2019، كما أنها دعت مناضليها إلى مقاطعة الاستفتاء على الدستور، الذي جرى في الفاتح من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وانتهى بنسبة تصويت 37 في المائة.
إلى ذلك، اتهم قاضي التحقيق بمحكمة العاصمة، أمس، الناشط البارز المسجون رشيد نكاز، بـ«إهانة شرطي أثناء تأدية مهامه»، وذلك بعد أن تم اقتياده من سجنه بغربي العاصمة إلى المحكمة. ولا يعرف أي شيء عن وقائع التهمة الجديدة.
وقال عبد الله هبول، عضو الدفاع عن الناشط المعارض، لـ«الشرق الأوسط»، إن قاضي التحقيق استمع له وأبلغه بالتهمة، من دون حضور محاميه، وهو أمر مخالف لـ«قانون الإجراءات الجزائية»، حسبه.
واعتقل جهاز الأمن المعارض في الرابع من ديسمبر (كانون الأول) 2019 بسبب نشاطه المعادي لتنظيم الانتخابات الرئاسية، التي جرت في الـ 12 من نفس الشهر. واتهم بـ«التحريض على حمل السلاح»، و«منع المواطنين من حقهم في الانتخاب بواسطة خطة مدبرة»، وهي تهم جنائية. وقال المعني ردا عليها، أثناء التحقيق، إنه كان بصدد ممارسة نشاط سياسي كمعارض للنظام وسياساته. فيما أعرب محاموه عن استيائهم من طول مدة حبسه من دون محاكمة. سإلى ذلك، قال محامو اللواء المتقاعد علي غديري، مرشح «رئاسية» أبريل 2019 التي ألغاها الحراك الشعبي، إن «غرفة الاتهام» بمحكمة الاستئناف بالعاصمة ستدرس في 31 من الشهر الجاري طلب الدفاع إبطال إحالة قضيته على محكمة الجنايات. ويوجد غديري في السجن الاحتياطي منذ أكثر من عام، بناء على تهمتين بـ«بيع معلومات استراتيجية لجهة أجنبية»، و«إضعاف معنويات الجيش»، وهي تهم أسقطها القضاء في وقت لاحق، بعد أن ثبت أن قائد الجيش المتوفى، الفريق أحمد قايد صالح، كان يقف وراءها، وتعود إلى تصريحات غديري للإعلام بخصوص عزمه إصلاح الجيش، في حال وصل إلى الحكم.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.