2021... عام حافل باستكشاف الفضاء والكون

مهمات تصل إلى المرّيخ وعربات جوالة على القمر

رسم تخيَلي لعربة «برزيفيرانس» عند انفصالها عن السفينة قبل دخولها الغلاف الجوي لكوكب المريخ
رسم تخيَلي لعربة «برزيفيرانس» عند انفصالها عن السفينة قبل دخولها الغلاف الجوي لكوكب المريخ
TT

2021... عام حافل باستكشاف الفضاء والكون

رسم تخيَلي لعربة «برزيفيرانس» عند انفصالها عن السفينة قبل دخولها الغلاف الجوي لكوكب المريخ
رسم تخيَلي لعربة «برزيفيرانس» عند انفصالها عن السفينة قبل دخولها الغلاف الجوي لكوكب المريخ

بعد انتهاء الشهر الأوّل من العام الجديد على الأرض، تصل ثلاث سفنٍ فضائية إلى كوكب المرّيخ وجواره. وتبشّر هذه البعثات الاستكشافية التي انطلقت في يوليو (تموز) الفائت، بعامٍ جديد حافل بالاستكشاف الفضائي والإطلاقات والأحداث الفلكية.
فيما يلي، سنقدّم لكم موجزاً حول أهمّ الأحداث الفضائية التي سيشهدها عام 2021، ولكنّ الأمر لن يقف عند هذا الحدّ لأنّ الشركات الخاصّة ووكالات الفضاء حول العالم تخبئ المزيد.
لقاء مع المرّيخ
أطلقت كلّ من الإمارات العربية المتحدة والصين والولايات المتحدة بعثاتها الآلية الفضائية الخاصّة إلى المرّيخ الصيف الفائت تمهيدا للقيام برحلات قصيرة خلال الفترة التي تكون فيها الأرض أقرب إلى الكوكب الأحمر. ومن المزمع أن تنضمّ السفن الثلاث إلى مجموعة من البعثات الاستكشافية الموجودة إمّا في مدار الكوكب وإما على سطحه.
- مسبار الأمل. أوّل البعثات الواصلة سيكون مسبار الأمل الإماراتي والذي يعدّ أوّل مستكشف ترسله دولة عربية إلى الفضاء العميق في إطار برنامجٍ فضائي صغير ولكنه طموح. تخطّط هذه البعثة لدراسة الغلاف الجوي المريخي وحمل بيانات قيّمة للعلماء الموجودين على الأرض. ومن المتوقّع أن يصل المسبار إلى وجهته في السادس من فبراير (شباط) المقبل.
- مغامرة صينية. أمّا البعثة الصينية «تيانوين - 1»، فمن المزمع أن تصل إلى الكوكب الأحمر في العاشر من فبراير. وبعد إتمام دورة واحدة حوله، سترسل سفينة هبوط تضمّ عربة جوّالة إلى سطحه في مايو (أيار). ينطوي الهبوط السليم على سطح رابع كواكب المجموعة الشمسية على مخاطر كبيرة، حتّى أنّ وكالة نّاسا هي الوحيدة التي استطاعت النجاح بهذه المهمّة أكثر من مرّة. لهذا السبب، سيساهم نجاح هذه المهمّة في توسيع سجلّ إنجازات الصين الفضائية ولا سيّما بعد مرور عام على وصول بعثة «تشينج - 5» إلى سطح القمر وعودتها إلى الأرض حاملة حفنة من الصخور القمرية.
- عربة «ناسا». بعدها ببضعة أيّام فقط، وتحديداً في الثامن عشر من فبراير، تصل عربة «برزيفرانس» الجوّالة التابعة للوكالة وتهبط على سطح المرّيخ. وفي حال نجاحها، ستسعى هذه العربة للبحث عن حياة منقرضة في هوّة بحيرة ومجرى نهر جافين، ولكن ليس قبل إطلاق طوّافة «إنجنويتي» الصغيرة في مهمّة خاصّة كأوّل رحلة جوية في أجواء كوكب آخر.
التجوّل على القمر
هبطت الصين بسفنها الفضائية ثلاث مرّات على سطح القمر في السنوات السبع الماضية، في حين أنّ «ناسا» لم تزر الكوكب منذ عام 1972 أي عام هبوط بعثة أبولو. ولكنّ هذا الأمر قد يتغيّر في 2021، الأمر الذي سيزيد من جدية التحوّل التجاري في الجهود الأميركيّة الفضائية.
اعتمدت ناسا في العقد الأخير على الشركات الخاصّة لبناء وتشغيل السفن الفضائية التي قد تنقل الحمولات والبشر إلى المحطّة الفضائية الدولية، وها هي اليوم تحاول تطبيق المقاربة نفسها عبر برنامج الخدمات التجارية للحمولة القمرية الذي تعاقد مع عدد من الشركات الخاصّة لبناء سفن هبوط قمرية آلية مهمّتها نقل حمولات من ناسا وزبائن آخرين إلى سطح القمر.
ومن المقرّر أن تطلق الشركة الأولى «أستروبوتيك» ومقرها بيتسبرغ عربة هبوطها «بيريغرين» Peregrine إلى القمر في يونيو (حزيران) المقبل، والتي قد تتبعها عربة «نوفا - سي» Nova - C من تطوير شركة «إنتويتيف ماشينز أوف هيوستن».
تضع ناسا نصب عينيها هدفاً آخر هو إرسال روّاد فضاء إلى القمر مجدّداً خلال العقد الحالي وتخطّط لبدءِ مشروعها بإطلاق رحلة تجريبية غير مأهولة لنظام الإقلاع الفضائي (إس إل إس) الذي صممته للإطلاقات الأميركية الفضائية إلى الفضاء العميق. وقد واجه هذا الصاروخ حالات تأجيل عدّة وتكاليف متزايدة ولكنّ الوكالة لا تزال تخطّط لإطلاقه في رحلة «أرتميس - 1» هذا العام. كما أنّها سترسل كبسولة «أوريون» المخصّصة لروّاد الفضاء لتدور حول القمر وتعود، على أن يتمّ تنفيذ هذه الرحلة التجريبية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
استكشاف الكون
ولكنّ البعثة الأهمّ التي ستشهدها الدوائر العلمية هذا العام والتي طال انتظارها هي إطلاق مرصد جايمس ويب الفضائي» James Webb Space Telescope الذي سيخلف مرصد «هابل». تأجّلت هذه البعثة لسنوات عديدة بسبب المشاكل التقنية والتكاليف المتزايدة ولكنّ ناسا وروّاد الفضاء وعلماء الكواكب حول العالم يتوقون لرؤيتها تنطلق في نهاية أكتوبر (تشرين الأول). حدّدت الوكالة هذا الإطار الزمني البعيد للإطلاق بسبب فيروس «كورونا» وغيره من المشاكل التي سببت المزيد من التأجيل في البرنامج المقرّر.
وتجدر الإشارة إلى أنّ سفينتين استكشافيتين أخريين تابعتين لـ«ناسا» ستتوجهان إلى المجموعة الشمسية في 2021.
تهدف سفينة «دوبل أستيرويد ريدايركشن تست» The Double Asteroid Redirection Test spacecraft والتي ستنطلق في يوليو المقبل، إلى اختبار ما إذا كانت السفن الفضائية قادرة على تغيير وجهة كويكب يتجه نحو سطح الأرض. لإتمام مهمّتها، ستزور هذه السفينة كويكبي «ديديموس» القريبين من الأرض واللذين يدوران حول الشمس سويا، على أن تحاول الاصطدام بالكويكب الأصغر بينهما لحرف مساره. وتعتزم السفينة الثانية «لوسي» Lucy والتي ستنطلق في أكتوبر لتسافر مسافة أبعد بكثير، الدوران حول المسار المداري لكوكب المشتري حيث ستعمل على دراسة كويكبات طروادة التي تسير في مدار المشتري نفسه ولكن على مسافة مئات ملايين الأميال وهي عالقة في مكانها بسبب جاذبيته القويّة. ويعتقد العلماء أن هذه الصخور الفضائية قد تساعد في كشف أسرار تكوين الكواكب الخارجية في المجموعة الشمسية.
مغامرات في المدار
شهد السفر البشري إلى الفضاء تحوّلاً كبيراً عام 2020 مع إرسال شركة «سبيس إكس» لطاقمين بشريين إلى المحطّة الفضائية. ومن المرجّح أن ترسل الشركة مزيداً من روّاد الفضاء إلى المدار هذا العام، على ألّا يكون جميعهم من العاملين في ناسا أو وكالات فضائية أخرى. تتعاون «سبيس إكس» مع عدد من الشركات الأخرى لإطلاق زبائن حجزوا لأنفسهم رحلة مدفوعة إلى الفضاء على متن كبسولة «كرو دراغون» وتخطّط «أكسيوم سبيس»، إحدى هذه الشركات، لإرسال أوّل الرحلات السياحية الخاصّة إلى المحطّة الفضائية في أواخر هذا العام.
عندما اختارت ناسا «سبيس إكس» لبناء مركبات تنقل روّادها، تعاونت أيضا مع شركة بوينغ للغاية نفسها. خلال رحلة تجريبية غير مأهولة إلى المدار في ديسمبر (كانون الأول) 2019 كادت سلسلة من الأخطاء أن تؤدّي إلى خسارة كارثية لكبسولة «ستارلاينر» من بوينغ. وكتعويض عن هذا الإطلاق الفاشل، أعلنت الشركة أنّها ستطلق رحلة تجريبية أخرى في شهر مارس (آذار) المقبل.
سيشهد هذا العام رحلات بشرية أخرى إلى الفضاء أيضاً أبرزها رحلتان تنظمهما شركتا «فيرجن غالاكتيك» و«بلو أوريغن» لإرسال زبائن تجاريين في رحلات قصيرة إلى مدخل الفضاء والعودة إلى الأرض. بدورها. وقد تبدأ الصين إطلاق قطع من محطّتها الفضائية المستقبلية خلال العام الجاري تمهيداً لوجودها البشري الدائم في مدار الأرض المنخفض والذي تخطّط له في السنوات المقبلة.
*خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

سرطان الأمعاء يشغّل ويوقف «مفاتيح جينية» للتهرب من جهاز المناعة

سرطان الأمعاء يشغّل ويوقف «مفاتيح جينية» للتهرب من جهاز المناعة
TT

سرطان الأمعاء يشغّل ويوقف «مفاتيح جينية» للتهرب من جهاز المناعة

سرطان الأمعاء يشغّل ويوقف «مفاتيح جينية» للتهرب من جهاز المناعة

تتعمّق دراسة جديدة في الآليات التي تستغل بها الخلايا السرطانية الطفرات الجينية للتهرب من جهاز المناعة، مع التركيز على الطفرات في جينات إصلاح الحامض النووي (دي إن إيه) التي تعمل بصفتها مفاتيح للتحكم في معدلات الطفرات داخل الخلايا السرطانية. وهذا ما يسهّل نمو الورم والتهرب المناعي؛ إذ يمكن للسرطان إنشاء تلك الطفرات وإصلاحها بشكل متكرر، لتكون بمثابة «مفاتيح جينية» تعمل على كبح نمو الورم أو عدم كبحه اعتماداً على ما هو أكثر فائدة لتطور السرطان.

قانون التوازن التطوري

وكان يُعتقد سابقاً أن عدد الطفرات الجينية في الخلية السرطانية يرجع إلى الصدفة البحتة. لكن الدراسة الجديدة التي نُشرت في مجلة «نتشر جينتكس» (Nature Genetics) في 3 يوليو (تموز) 2024 قدّمت نظرة ثاقبة حول كيفية تعامل السرطان مع عمل «التوازن التطوري»، الذي يعني أن الخلايا السرطانية تستغل آليات إصلاح الحامض النووي المعيبة لتعزيز نمو الورم. ولكنها تعود مرة أخرى إلى وضع الإصلاح لحماية المناطق الجينومية الأساسية والتهرب من جهاز المناعة؛ إذ تتمتع خلايا سرطان الأمعاء بالقدرة على تنظيم نموها باستخدام مفتاح التشغيل والإيقاف الجيني لزيادة فرص بقائها على قيد الحياة إلى أقصى حد. وهي ظاهرة لُوحظت لأول مرة من قبل الباحثين في جامعة «كاليفورنيا» في لوس أنجليس في الولايات المتحدة و«المركز الطبي الجامعي» في أوتريخت بهولندا.

سرطان الأمعاء

السرطان هو مرض وراثي ناجم عن طفرات في الحامض النووي لدى البشر؛ إذ يحدث تلف الحامض النووي طوال الحياة سواء بشكل طبيعي أو بسبب العوامل البيئية.

وللتغلب على ذلك طوّرت الخلايا السليمة استراتيجيات لحماية سلامة الشفرة الوراثية. ولكن إذا تراكمت الطفرات في الجينات الرئيسية المرتبطة بالسرطان يمكن أن تتطور الأورام. ويُعد سرطان الأمعاء رابع أكثر أنواع السرطان شيوعاً في المملكة المتحدة؛ إذ يحدث نحو 43 ألف حالة سنوياً.

وعلى الرغم من أنه لا يزال سرطاناً يصيب كبار السن في الغالب فإن الحالات بين الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 50 عاماً تزايدت في العقود الأخيرة.

«مفاتيح جينية»

تسلّط الدراسة الضوء على الدور الحاسم لجينات إصلاح الحامض النووي خصوصاً جينات «MSH3» و«MSH6» في تعديل معدلات الطفرة. ووُجد أن الطفرات في هذه الجينات ترتبط بحجم كبير من الطفرات في الأورام؛ ما يشير إلى أن هذه المفاتيح الجينية يمكن أن تؤثر بصفة كبيرة على سلوك الورم.

واكتشف الباحثون أن طفرات إصلاح الحامض النووي هذه تعمل بمثابة «مفاتيح جينية». ومن خلال تشغيل آليات الإصلاح وإيقافها يمكن للخلايا السرطانية إدارة معدلات الطفرات الخاصة بها؛ لتعزيز النمو عندما يكون مفيداً، وقمعه لتجنب الكشف المناعي، وهذه الآلية تتيح للأورام تحقيق التوازن بين الطفرة السريعة للتطور والحفاظ على معدل طفرة منخفض بدرجة كافية لتجنب إثارة استجابة مناعية.

التهرب المناعي

وقال الدكتور مارنيكس يانسن، كبير مؤلفي الدراسة من معهد «UCL» للسرطان في جامعة «كوليدج لندن» بالمملكة المتحدة، إن قدرة الخلايا السرطانية على تعديل معدلات الطفرة بشكل مباشر تؤثر في تهربها من جهاز المناعة. ويمكن لمعدلات الطفرات المرتفعة أن تولد مستضدات جديدة تجذب الخلايا المناعية، ولكن من خلال التحكم في هذه المعدلات يمكن للأورام تقليل ظهورها لجهاز المناعة، وبالتالي تجنّب المراقبة المناعية وتدميرها. وهذه الآلية لها آثار كبيرة في العلاج المناعي، نظراً لأن العلاجات المناعية غالباً ما تستهدف الأورام شديدة التحور؛ لذلك فإن فهم كيفية تنظيم الأورام لمعدلات الطفرات الخاصة بها يمكن أن يساعد في التنبؤ بفاعلية هذه العلاجات.

وتشير الدراسة إلى أن استهداف هذه المفاتيح الجينية قد يعزّز فاعلية العلاجات المناعية عن طريق منع الأورام من تقليل معدلات الطفرات الخاصة بها لتجنب الكشف المناعي.

تحليل العينات

هناك نحو 20 بالمائة من حالات سرطان الأمعاء تكون ناجمة عن طفرات في جينات إصلاح الحامض النووي، في حين أن هذه الطفرات تساعد الأورام على النمو من خلال السماح بتغييرات جينية سريعة، فإنها تجعل الورم أكثر قابلية للاكتشاف بوساطة الجهاز المناعي، بسبب اختلافه عن الخلايا الطبيعية. والطفرات في جينات «MSH3» و«MSH6» لها أهمية خاصة ترتبط بالحجم الكبير للطفرات في الأورام. ولأجل التحقق من صحة النتائج التي توصلوا إليها استخدم الباحثون نماذج خلايا معقدة تُعرف باسم «العضيات» organoids التي تمت زراعتها في المختبر من عينات ورم المريض؛ إذ ساعدت هذه النماذج في إثبات التأثير الوظيفي لطفرات إصلاح الحامض النووي على معدلات الطفرة والتهرب المناعي.

الفوضى الجينية

وقال الدكتور حمزة كايهانيان، المؤلف الأول للدراسة من معهد «UCL» للسرطان، إنه كان يُعتقد سابقاً أن درجة الفوضى الجينية في السرطان ترجع فقط إلى تراكم الطفرات بالصدفة على مدى سنوات كثيرة.

لكن الخلايا السرطانية تمكنت من إعادة توظيف هذه المساحات المتكررة في الحامض النووي سراً، مثل مفاتيح تطورية لضبط مدى سرعة تراكم الطفرات في الخلايا السرطانية.

ومن المثير للاهتمام أنه تم العثور على هذه الآلية التطورية سابقاً بصفتها محركاً رئيسياً لمقاومة العلاج المضاد للبكتريا لدى المرضى الذين عُولجوا بالمضادات الحيوية، مثلها مثل الخلايا السرطانية، فقد طوّرت البكتيريا مفاتيح وراثية تزيد من تكرر الطفرات عندما يكون التطور السريع هو المفتاح عند مواجهة المضادات الحيوية.

وبالتالي فإن نتائج الدراسة تؤكد بشكل أكبر أوجه التشابه بين تطور البكتيريا والخلايا السرطانية البشرية، وهو مجال رئيسي لأبحاث السرطان النشطة. وأخيراً، توفر دراسة مفاتيح التشغيل الجينية التي تدعم عملية التهرب المناعي للسرطان رؤى جديدة حول الاستراتيجيات التكيفية للخلايا السرطانية، من خلال الاستفادة من المفاتيح الجينية في جينات إصلاح الحامض النووي؛ إذ يمكن للأورام ضبط معدلات الطفرات الخاصة بها لتحقيق التوازن بين النمو والتهرب المناعي.

وهذا الاكتشاف يفتح آفاقاً جديدة لتعزيز علاج السرطان خصوصاً من خلال تطوير علاجات تستهدف هذه المفاتيح الجينية لتحسين فاعلية العلاج المناعي.