«كوفيد ـ 19» يصيب مشاهير وسياسيين في لبنان

الإعلاميون يتبعون مبدأ الهروب إلى الوراء لتفادي العدوى

TT

«كوفيد ـ 19» يصيب مشاهير وسياسيين في لبنان

يعتقد بعضهم أن للنجوم من فنانين وسياسيين هالة تحميهم، فيكونون بمنأى عن أمور وأحداث قد تصيب الأشخاص العاديين. ورغم تكرار هؤلاء أكثر من مرة في إطلالاتهم أنهم معرضون للوقوع في مطبات الحياة، كغيرهم من الناس، فإن كلامهم لم يكن يترك وقعه المؤثر على سامعهم. ومع انتشار جائحة «كوفيد-19»، لمس الناس عن قرب أن النجوم أيضاً تصاب بالعدوى، وأحياناً ترحل من دون إنذار مسبق. فنانون من ممثلين ومغنيين نالوا نصيبهم من العدوى، كعاصي الحلاني ونجله الوليد. وكذلك الفنان ناجي الأسطا الذي أدخل المستشفى إثر الإصابة. ومن الفنانين الذين رحلوا بسبب العدوى الموسيقار إلياس الرحباني، فكان آخر عمالقة الرحابنة الذين يودعوننا. أما الممثل وجيه صقر، وفي إطلالات تلفزيونية كثيرة، فحذر من التقاط العدوى للمرة الثانية. فعكس ما يعتقده بعضهم، فإن «كوفيد-19» لا يصيب مرتين، ها هو يعاني منه للمرة الثانية، بعد أن سبق أن أصيب بـ«كورونا» منذ نحو 5 أشهر.
وفي المرحلة الحالية لتفشي «كورونا» في لبنان، تزايدت أعداد الإصابات لتصيب الآلاف، ومن بينهم نواب ووزراء وسياسيون. وعبارة «لماذا أهل السياسة لا يلتقطون العدوى؟» التي كررها اللبنانيون في مجالسهم وبين أصدقائهم في الماضي سقطت إلى غير رجعة.
ويعد وزير الصحة الدكتور حمد حسن، ونجله الطبيب كريم، أحدث المشاهير في عالم الطب والسياسة الذين نالوا نصيبهم من الوباء ووقعوا في براثنه. وكان الإعلامي مرسيل غانم قد راوده هذا السؤال خلال استضافته لوزير الصحة اللبناني في برنامجه «صار الوقت» منذ نحو أسبوع. وفي سياق الحلقة، توجه إليه بالقول: «معالي الوزير، كيف حصل أنك لم تصب حتى اليوم بالعدوى، رغم نشاطك الكبير الذي تمارسه منذ بداية الجائحة حتى اللحظة؟». يومها، ابتسم الوزير حسن، إذ لم يكن يتوقع أنه على موعد قريب مع الوباء.
وتطول لائحة السياسيين من نواب ووزراء لبنانيين التقطوا عدوى «كوفيد-19». فمنذ وصول الجائحة إلى لبنان في مارس (آذار) الفائت، أصاب الوباء أسماء كثيرة من السياسيين، حيث طال الوزيرة السابقة مي شدياق، ووزير الخارجية في الحكومة المستقيلة شربل وهبة، وكذلك مدير مكتب وزارة الخارجية هادي هاشم. ولم يستثنِ نواباً ووزراء آخرين، كمحمد حجار وجبران باسيل وجورج عقيص ومحمد الصفدي وغسان عطالله وأشرف ريفي وميشال نجار. ومن بين هؤلاء من عانى الأمرين مع الوباء، إذ دخل غرفة العناية الفائقة، وعاش أياماً صعبة بين الموت والحياة، كالوزير الأسبق نقولا نحاس، ومؤخراً النائب جوزف إسحق القابع حتى اليوم في المستشفى.
ومن السياسيين الذين خطفهم الوباء بعد مصارعتهم له لأسابيع طويلة النائب مسعود الأشقر، الأمين العام للاتحاد من أجل لبنان. وشائعات التقاط «كورونا» لم توفر أيضاً رئيس الجمهورية ميشال عون. فعشية تطبيق قرار منع التجول في لبنان الخميس الماضي، انشغل الناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي بخبر نقله إلى مستشفى «أوتيل ديو» في الأشرفية. وعلل بعضهم الأمر بسبب إصابته بالعدوى، فيما أكد آخرون أنه يعاني من مرض خطير. إلا أن بياناً رسمياً صدر عن قصر بعبدا نفى كل تلك الشائعات، مؤكداً أن دخول العماد ميشال عون مستشفى أوتيل ديو كان لإجراء فحوصات طبية روتينية، وأنه عاد بعدها إلى القصر.
أما الجسم الإعلامي، فكانت له حصّته الكبيرة من الإصابات بالعدوى. وآخر الوجوه الإعلامية التي أعلنت عن نتيجتها الإيجابية لاختبار «كورونا» المذيعة التلفزيونية رابعة الزيات. وقالت الزيات، خلال تغريدتها عبر حسابها على «تويتر»: «حاولت أن أحمي نفسي من ‫فيروس كورونا. لكن بحكم مهنتي، لم أستطع أن أتجنب الإصابة؛ النتيجة إيجابية مع عوارض مزعجة. الاتكال على رب العالمين، خليك بالبيت».
ويعلق الإعلامي جورج صليبي، صاحب برنامج «وهلق شو» على قناة «نيو تي في»، في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «لم يخطر على بالي يوماً أن مهنة المتاعب ستكون محفوفة فعلياً بخطر الموت إلى هذا الحد. وحالياً، أسير بين النقاط كي لا ألتقط العدوى». ويتابع: «كنت أتفاجأ في كل مرة أستضيف فيها شخصية سياسية معينة، ليعلن بعد فترة وجيزة أن حالته إيجابية. وكأن القدر يلعب لعبته معنا نحن الإعلاميين. فطبيعة عملنا تفرض علينا الاحتكاك بأشخاص كثيرين. وحالياً، توجهت في برنامجي إلى إجراء مقابلات افتراضية بنسبة 80 في المائة من محتواها الحواري. ولكن من المتوقع أن يصبح ضيوفها بأكملهم افتراضيين. فوزير الصحة، قبل إصابته بالعدوى بنحو أسبوع، كان ضيفي. وكذلك الأمر بالنسبة إلى النائب فادي سعد الذي عندما أعلن عن إصابته بـ«كورونا»، كنت قد استضفته قبلها بأيام».
ويرى الإعلامي جورج صليبي الذي له تاريخه الطويل في عالم التلفزيون والحوارات السياسية والفنية أن ما نعيشه اليوم هو بمثابة فيلم رعب «بتنا نخاف من أقرب الأشخاص إلينا، ونمارس الهروب إلى الوراء، إذا ما التقينا أحدهم على الطريق».


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».