صافرة وضوء لامع... للحفاظ على المسافة الآمنة

تنطلق عندما يقترب شخصان 6 أقدام بعضهما من بعض

TT

صافرة وضوء لامع... للحفاظ على المسافة الآمنة

عُلّق موسم الاتحاد الوطني لكرة السلة لعام 2019 - 2020 لمدة تربو على 140 يوما، إثر ثبوت إصابة أحد اللاعبين بفيروس «كورونا» المستجد. ولكن بمجرد استئناف اللعب في أواخر يوليو (تموز) من العام الماضي، لم تظهر علامات الإصابة على أي من اللاعبين الآخرين.
ونجحت رابطة كرة السلة في تفادي التعرض للفيروس من خلال مطالبة الفرق الرياضية بالعيش وممارسة الرياضة في منطقة معزولة تُعرف بوحدات العزل الجمعي، التي اتفقوا على تسميتها بالفقاعة، لدى منتجع «ديزني وورلد» المغلق في ولاية فلوريدا.
بيد أنّ أداة تكنولوجية صغيرة كان لها دور كذلك، وهي عبارة عن سوار معصمي يمكن للاعبين، والمدربين أن يرتدوه في الملعب، وكان أيضاً مطلوبا لدى الصحافيين الذين يغطون مجريات الفرق الرياضية. وتفرض الرقاقة الرقمية الصغيرة الملحقة بالسوار حالة التباعد الاجتماعي عن طريق إصدار التّحذير الصوتي والضوئي عندما يقترب أصحاب السوار من بعضهم البعض لمسافات قريبة جدا. ولقد اختارت كل من الرابطة الوطنية لكرة القدم، ومؤتمر كليات الباسيفيك، وغيرها من البطولات الرياضية الأخرى هذا السوار في كافة أرجاء العالم. تشعر شركة «كاينزون» الناشئة في ميونيخ - وهي الجهة المصنعة لسوار المعصم لدى رابطة كرة السلة الوطنية الأميركية - بالسرور من أجل المساعدة في الحيلولة دون تعرض كبار الرياضيين للإصابة بالفيروس، حتى وإن كانت مثل هذه الأدوات تثير بعض الشواغل بشأن الخصوصية. وتتطلع الشركة الألمانية حاليا إلى مجالات أوسع من العمل: خطوط الإنتاج في المصانع، والمستودعات، ومراكز الخدمات اللوجيستية التي يواصل ملايين الأشخاص العمل فيها رغم انتشار الوباء.
وتعتبر شركة «هنكل» الألمانية العالمية التي تعمل في صناعة المواد الكيماوية للأغراض الصناعية والمنزليّة من بين الشركات التي تتعاون مع شركة «كاينزون» في ألمانيا. وعندما أصاب الفيروس 12 عاملا في مصنع «هنكل» في صربيا خلال فصل الربيع الماضي، أسفر قرار الإغلاق الذي استمر لمدة أسبوعين بعد إعلان الإصابة عن خسارة ملايين الدولارات من الأرباح، وفقا للسيد وولفغانغ ويبر أحد كبار مديري شركة «هينكل».
وكانت شركة «هنكل» تختبر بالفعل أداة سابقة من أدوات «كاينزون» القابلة للارتداء، والمصممة لتفادي الإصابات بين الرافعات الشوكية والعاملين في أرضيات المصانع المعروفة بالازدحام الشديد. ومن شأن مستشعرات نظام الأدوات أن تتوقف بصفة تلقائية عند الاقتراب للغاية من العامل.
بعد تفشي الفيروس في المصنع الصربي، وفي خلال أسابيع الموجة الأولى من عمليات الإغلاق الوبائية هناك، عرضت شركة «كاينزون» على «هنكل» الألمانية الفرصة لاختبار نوع مختلف من تلك التقنية، تحت اسم «سيف زون». وهي عبارة عن مستشعر بزنة نصف أونصة يوضع على المعصم مثل الساعة أو حول العنق أو على الشارة، وهو يُصدر صوتا منبّها مع وميض لامع عندما يتلاقى مع مستشعر آخر ضمن مسافة محددة لفترة زمنية محددة. ولقد وافقت شركة «هنكل» على تجربة هذه الأداة الجديدة. وكان اختبار الأجهزة في الحياة الواقعية من الأمور المهمة بالنسبة إلى شركة «كاينزون».
يقول أوليفر ترينشيرا، المؤسس المشارك لشركة «كاينزون» في عام 2012، وهو أحد مديري الشركة: «لا تكمن الأهمية في تشغيل التكنولوجيا داخل مختبرات الشركة، بل الأجدر بالأهمية هو جلب التكنولوجيا إلى حيث يحتاج الناس إليها، سواء كان ذلك في أرضية المصنع، أو في الملعب الرياضي».
واختبرت شركة «هنكل» النظام على كافة موظفي مصنعها في مدينة راسيبورز في بولندا، وهو عبارة عن منشأة كبيرة في الضواحي الجنوبية لمدينة الفحم التي ترجع إلى العصور الوسطى، حيث يعمل فيه حوالي 250 عاملا على ثلاث مناوبات في كل يوم لصناعة وتعبئة مساحيق وسوائل التنظيف لأسواق أوروبا الوسطى. لقد بُرمجت المستشعرات بحيث تطلق صافرة عندما يكون شخصان على مسافة 1.5 متر، أو حوالي 6 أقدام من بعضهما البعض، ولفترة زمنية لا تزيد على 5 ثوان.
وتقيس المستشعرات المسافة باستخدام إشارات النطاق العريض للغاية، التي تقول شركة «كاينزون» إنّها تتّسم بالدّقة العالية مع استخدام مستويات أقل من الطاقة عن إشارات بلوتوث المعروفة، والتقنية الأخرى موجودة غالبا في تطبيقات التتبع ذات الصلة بـ«كورونا».
قالت السيدة ميريلا زيلينسكا التي عملت في مصنع مدينة راسيبورز منذ خمس سنوات، إنّها سرعان ما اعتادت على ارتداء واستخدام الجهاز الجديد على معصمها، وإنّه في خط الإنتاج سريع الحركة في المصنع، حيث تعمل على تعبئة المنظفات الصناعية، يذكرها الجهاز الصغير بالمحافظة على المسافة الآمنة مع زملائها في العمل.
وأضافت زيلينسكا في مقابلة مرئية عبر تطبيق سكايب من داخل المصنع: «شعرنا بقدر قليل من القلق في بداية الأمر، لكنّ الأمور صارت طبيعية تماما الآن». غير أن هذا لا يعني أن الأمور غير المتوقعة لا تحدث في بعض الأحيان. إذ يقرأ المستشعر المسافات عبر الفواصل داخل دورات المياه، ومن ثم يُطلق الصافرات في أوقات غير مرغوب فيها على الإطلاق. وخلال المقابلة المرئية سالفة الذكر، أدخل أحد زملاء زيلينسكا رأسه من باب المكتب متسائلا عمّا تفعله في الداخل، وقبل أن تتمكن زيلينسكا من الرد عليه انطلقت صافرات الأجهزة لديهما معا في الوقت نفسه.
يرتدي عمال المصنع المستشعرات طوال وقت المناوبة، حتى تذكّرهم بالمحافظة على المسافة الآمنة فيما بينهم حتى أثناء تناول الغداء في مقاصف المصنع. من جانبه، قارن أدريان ويسيسك، مدير المصنع المذكور، انطلاق صافرات المستشعرات في السيارات عندما لا يرتدي الأشخاص أحزمة الأمان. وقال: «إنها تفرض تغييرا جيدا على سلوكيات السائقين في نهاية المطاف»، مضيفا أنه قد لاحظ تحسنا ملموسا في محافظة العمال على المسافات الآمنة أثناء العمل.
يخزّن نظام الجهاز الجديد، ولعدة أسابيع، المعلومات عن المسافة التي كان فيها أحد العمال بالقرب من العمال الآخرين، وهي أداة مفيدة في تتبع التفاعلات سيما في حالة تعرض العامل للإصابة بالفيروس، ولكنّها الأداة نفسها التي تثير الشواغل بشأن مراقبة ورصد إدارة المصنع لتحركات كافة العمال لفترة طويلة من الزمن.
وتقول شركة «هنكل» إنّها منحت حق الوصول إلى البيانات إلى عدد قليل للغاية من كبار المديرين، وكانت قد وزعت الكتيبات التي تشرح فيها للعمال أنّ تلك الشارات لن تُستخدم في تعقب تحركاتهم على الإطلاق. وتسجّل البيانات تفاعلات الموظفين وليس أماكن وقوع تلك التفاعلات. وقال ويسيسك إنّ الشركة قد تعهدت باستعادة تلك المعلومات فقط في حالة الحاجة إلى تتبع عدوى الإصابة بفيروس كورونا بين العمال. وقد رفض الاتحاد الألماني الذي يمثل عمال شركة «هنكل» نقابياً التعليق على استخدام التقنية الجديدة.
لقد باعت شركة «كاينزون» هذه التقنية إلى عدد من شركات التصنيع والشحن الألمانية المعروفة، وكذلك إلى شركة «كونتيننتال» لصناعة إطارات السيارات، وشركة الخدمات اللوجيستية العملاقة «دي بي شينكر». وقالت «كاينزون» إنّها عملت مع شركات أميركية عدّة، غير أنّها ملتزمة تعاقدياً بعدم الإفصاح عن أسمائها.
وبصفة عامة، قالت الشركة إنّها توفر التقنية الجديدة إلى أكثر من 200 شركة حول العالم. وهي تقدر أن الأدوات التي تصنعها قد حالت دون 1.5 مليون اتصال قريب في اليوم، وهو رقم يصعب تماما التحقق من صحته. ويتراوح سعر المستشعر الواحد من 100 إلى 200 دولار لكل منها.
وكان الاختبار الذي جرى لمدة 6 أسابيع في مدينة راسيبورز البولندية، ولم تثبت خلاله إصابة أي من عمال المصنع بـ«كورونا»، قد أقنع شركة «هنكل» الألمانية باستخدام التقنية الجديدة في مواقع إنتاج مواد التنظيف الكيماوية الخاصة بها خلال العام المقبل. يقول ويبر، إنّه إذا نجحت اللقاحات الجديدة وتم التغلب على الفيروس في وقت ما من العام الجاري، فإنّه يخطط لإعادة استخدام أجهزة الاستشعار لغرضها الأصلي: وهو تفادي الاصطدام بين العمال وبين الرافعات الشوكية في أرضيات المصانع. وحقيقة أن مثل هذه الخطط تستلزم وجود عدد أقل من الأجهزة مما تتطلبه شركة «هنكل» لا تشكل مصدراً من مصادر القلق بالنسبة إليه، وأضاف «لسوف أظل أقول إنّها تجربة ناجحة تماما».

- خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد السعودية تصدرت قائمة دول «العشرين» في أعداد الزوار الدوليين بـ 73 % (واس)

السعودية الـ12 عالمياً في إنفاق السياح الدوليين

واصلت السعودية ريادتها العالمية بقطاع السياحة؛ إذ صعدت 15 مركزاً ضمن ترتيب الدول في إنفاق السيّاح الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك تم تسجيل إصابات طويلة بـ«كوفيد- 19» لدى أشخاص مناعتهم كانت غير قادرة على محاربة الفيروس بشكل كافٍ (رويترز)

قرار يمنع وزارة الصحة في ولاية إيداهو الأميركية من تقديم لقاح «كوفيد»

قرر قسم الصحة العامة الإقليمي في ولاية إيداهو الأميركية، بأغلبية ضئيلة، التوقف عن تقديم لقاحات فيروس «كوفيد-19» للسكان في ست مقاطعات.

«الشرق الأوسط» (أيداهو)
أوروبا أحد العاملين في المجال الطبي يحمل جرعة من لقاح «كورونا» في نيويورك (أ.ب)

انتشر في 29 دولة... ماذا نعرف عن متحوّر «كورونا» الجديد «XEC»؟

اكتشف خبراء الصحة في المملكة المتحدة سلالة جديدة من فيروس «كورونا» المستجد، تُعرف باسم «إكس إي سي»، وذلك استعداداً لفصل الشتاء، حيث تميل الحالات إلى الزيادة.

يسرا سلامة (القاهرة)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».