توتر طائفي في جبيل على خلفية نزاعات عقارية

إحدى الحاويات التي أثار وجودها إشكالاً في السابق بمنطقة جبيل وعليها علم «حزب الله» وصور أمينه العام (الشرق الأوسط)
إحدى الحاويات التي أثار وجودها إشكالاً في السابق بمنطقة جبيل وعليها علم «حزب الله» وصور أمينه العام (الشرق الأوسط)
TT
20

توتر طائفي في جبيل على خلفية نزاعات عقارية

إحدى الحاويات التي أثار وجودها إشكالاً في السابق بمنطقة جبيل وعليها علم «حزب الله» وصور أمينه العام (الشرق الأوسط)
إحدى الحاويات التي أثار وجودها إشكالاً في السابق بمنطقة جبيل وعليها علم «حزب الله» وصور أمينه العام (الشرق الأوسط)

جدّد إشكال فردي بين شخصين، أحدهما مسيحي، والآخر شيعي، على خلفية نزاع عقاري، المخاوف من توتر مذهبي في قضاء جبيل بجبل لبنان، ما دفع أحد رجال الدين الشيعة في المنطقة إلى مطالبة البطريرك الماروني بشارة الراعي بالتدخل وإصدار «موقف أبويّ» منعاً للانجرار إلى توترات طائفية.
ويضم قضاء جبيل خليطاً طائفياً من الموارنة والشيعة، وغالباً ما تشهد بلدات المنطقة نزاعات عقارية بين مالكين للأراضي من الطائفتين، أو من قبل مزارعين شيعة، تتداخل أراضيهم مع عقارات تملكها الكنيسة المارونية. ويتدخل الجيش اللبناني والقوى الأمنية بشكل دائم عندما تتكرر تلك الإشكالات لفض النزاعات التي لا يزال بعضها أمام القضاء بانتظار البتّ بها.
واندلع الثلاثاء إشكال فردي في بلدة أفقا في منطقة عقارية متداخلة بين أملاك سكان مسيحيين وآخرين من الشيعة من آل زعيتر، على خلفية تقدم مسافة 300 متر في أملاك خاصة، ما تسبب بإشكال محدود.
واللافت بعد الإشكال أن المفتي الشيعي عباس زغيب أصدر بياناً شديد اللهجة، قال فيه: «كنا ولا زلنا وسنبقى في لبنان، ندافع عن التعايش الإسلامي المسيحي، ونحن لا نقبل أبداً بالاعتداء على أملاك الكنيسة، وفي الوقت نفسه لن نقبل بالاعتداء على أملاك أهلنا في منطقة جبيل، ولن نقبل أن يتعاطى الجيش والقوى الأمنية معهم بطريقة سلبية».
ولم تتطور الإشكالات طوال الفترة الماضية إلى توتر طائفي؛ حيث جرى على الدوام احتواؤها بسرعة من قبل الجيش اللبناني، وبمشاركة الفعاليات السياسية والمحلية في المنطقة، منعاً لأي تدهور يطال العيش المشترك في المنطقة. وتشير مصادر أخرى مطلعة على جهود البطريركية المارونية لحل الخلافات، لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنه «لا مشكلات تُذكر» في المنطقة، موضحة أن مطران جبيل، ميشال عون، يتابع كل التفاصيل ويتواصل مع الجميع بسلاسة لحل جذور الخلافات والتفاهم على حلها بهدوء منعاً لأن تتكرر التوترات.
واعتبر المفتي زغيب أن تصريحه يتضمن تنبيهاً بهدف إنصاف الجميع، منعاً لأي تدهور في العلاقات بين السكان من الطائفتين في المنطقة. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «إننا نعول على القوى الأمنية والجيش اللبناني للتعاطي بإنصاف، وليكونوا السد في وجه أي إشكالية، ويعملوا على تحصيل حقوق الناس من الطائفتين». وقال: «إننا ننبه من التعاطي بمكيالين، ونرفضه، فمنطقة جبيل يجب أن تبقى نموذجاً للعيش المشترك بطريقة قائمة على قواعد أخلاقية، ونحن لا نقبل باعتداء أي طرف على الآخر، ومثلما نرفض اعتداءات الشيعة على أملاك المسيحيين، نرفض في المقابل أي اعتداء مسيحي على أملاك الشيعة». وقال: «نطالب البطريرك الراعي أن يتعاطى مع جميع السكان هنا من مختلف الطوائف على أنهم رعيته».
من جهة أخرى، قال عضو تكتل «لبنان القوي» النائب سيمون أبي رميا (نائب عن جبيل) إنه اتصل بقائد الجيش العماد جوزف عون، ورئيس مخابرات جبيل، وآمر فصيلة قرطبا، بعد الحادثة التي حصلت في مجدل العاقورة مع أشخاص من أفقا. وأكد أنه «لا تهاون مع المعتدين على الأملاك، والنزاع، إذا وُجد، يحل في القضاء»، وشدد على أن «استعمال السلاح ممنوع، والقانون هو الحكم». وقال إن «إزالة التشنج أولوية وكل الثقة في الجيش».
وأحيل كثير من النزاعات العقارية التي حصلت في السابق في المنطقة التي يسكنها أفراد ينتمون إلى عشائر لبنانية، إلى القضاء للبتّ بها، وهناك حوار مفتوح بين جميع الفعاليات والمؤسسات الدينية منعاً للوصول إلى تصادم، بحسب ما يقول السكان ومطلعون على واقع الخلافات في المنطقة.



وفيات الكوليرا في اليمن ترتفع 37 %

نقص التمويل في اليمن أغرق 47 مركزاً لعلاج الإسهال و234 مركزاً للتغذية (إعلام محلي)
نقص التمويل في اليمن أغرق 47 مركزاً لعلاج الإسهال و234 مركزاً للتغذية (إعلام محلي)
TT
20

وفيات الكوليرا في اليمن ترتفع 37 %

نقص التمويل في اليمن أغرق 47 مركزاً لعلاج الإسهال و234 مركزاً للتغذية (إعلام محلي)
نقص التمويل في اليمن أغرق 47 مركزاً لعلاج الإسهال و234 مركزاً للتغذية (إعلام محلي)

زادت الوفيات بالكوليرا في اليمن بنسبة 37 في المائة، في الوقت الذي أظهرت فيه بيانات حكومية وأخرى أممية ارتفاع عدد الإصابات بمرض حمى الضنك إلى أكثر من 1400 حالة خلال أول شهرَيْن من العام الحالي، إذ احتلّت محافظة حضرموت الصدارة في عدد الإصابات المسجلة.

ووفق بيانات منظمة الصحة العالمية، تمّ رصد 1456 حالة اشتباه بحمى الضنك في المحافظات الجنوبية الشرقية من اليمن منذ بداية هذا العام، ولهذا دشنت حملة جديدة لمكافحة الحمى في 8 محافظات بدعم من إدارة الحماية المدنية وعمليات المساعدات الإنسانية التابعة للاتحاد الأوروبي، وبهدف القضاء على مواقع تكاثر البعوض الناقل للمرض.

وتظهر بيانات المنظمة أن المحافظات الجنوبية الشرقية من اليمن سجلت العام الماضي 9901 حالة إصابة بحمى الضنك، من بينها 9 وفيات، في حين أكدت دائرة الترصد الوبائي في مكتب الصحة في منطقة ساحل حضرموت تسجيل 331 حالة اشتباه بالإصابة بحمى الضنك والكوليرا والحصبة، منذ بداية هذا العام وحتى 4 مارس (آذار) الحالي.

وحسب بيان دائرة الترصد الوبائي، فإن أغلب حالات الإصابة كانت بحمى الضنك بعدد 167 حالة، وتصدّرت مدينة المكلا عاصمة المحافظة القائمة في عدد الإصابات المسجلة بـ68 حالة، تلتها مديرية بروم ميفع بـ40، وغيل باوزير بـ19، ثم حجر بـ15، وأرياف المكلا 14، وتوزّعت بقية الحالات على مديريات الديس وغيل بن يمين، والشحر.

التصدي للكوليرا في اليمن يتطلّب تدخلات عاجلة وشاملة (الأمم المتحدة)
التصدي للكوليرا في اليمن يتطلّب تدخلات عاجلة وشاملة (الأمم المتحدة)

وأظهرت البيانات الحكومية ارتفاع حالات الاشتباه بالكوليرا إلى 81 حالة، سجلت أغلبها في مديرية حجر بعدد 36 حالة، ثم مديرية بروم ميفع 32، ومدينة المكلا 4 حالات، ومثلها في غيل باوزير، في حين بلغت حالات الاشتباه بالحصبة 83 حالة، أغلبها في عاصمة المحافظة 23 حالة، ثم مديرية غيل باوزير بـ21، ثم مديرية الديس بـ17، والشحر 11 حالة، وتوزّعت بقية الحالات على بقية مديريات ساحل حضرموت.

تعافي الحالات

مع ذلك، أكدت دائرة الترصد الوبائي أن نحو 99 في المائة من حالات الإصابة المسجلة بهذه الأمراض تماثلت للتعافي، بعدد 329، في حين تبيّن أن 57 في المائة من حالات الحصبة كانت لمصابين غير مطعّمين ولم يتلقوا أي جرعة من اللقاحات.

وكانت منظمة الصحة العالمية قد ذكرت أن اليمن يتحمّل العبء الأكبر من حالات الإصابة بالكوليرا على الصعيد العالمي، مشيرة إلى أن البلاد عانت من سريان الكوليرا بصفة مستمرة لسنوات عديدة، وسجلت بين عامي 2017 و2020 أكبر فاشية للكوليرا في التاريخ الحديث.

57 % من حالات الإصابة بالحصبة في اليمن كانت لأطفال غير مطعّمين (الأمم المتحدة)
57 % من حالات الإصابة بالحصبة في اليمن كانت لأطفال غير مطعّمين (الأمم المتحدة)

وبيّنت أنه حتى 1 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أبلغ اليمن عن 249 ألف حالة مشتبه في إصابتها بالكوليرا، وحدوث 861 وفاة مرتبطة بهذا المرض منذ بداية العام الماضي. وذكرت أن هذا العدد يشكّل 35 في المائة من العبء العالمي للكوليرا، و18 في المائة من الوفيات المبلغ عنها عالمياً.

وقالت المنظمة الأممية إن عدد الحالات والوفيات المبلغ عنها ارتفع قبل نهاية العام الماضي بنسبة 37 في المائة و27 في المائة، مقارنة بالفترة نفسها من العام الذي سبقه، وأعادت أسباب ارتفاع أرقام الإصابات والوفيات إلى إضافة بيانات أكثر تفصيلاً من جميع المحافظات اليمنية.

نقص التمويل

أكد ممثل منظمة الصحة العالمية ورئيس بعثتها لدى اليمن، أرتورو بيسيغان، أن فاشيات الأمراض المنقولة بالمياه، مثل الكوليرا والإسهال المائي الحاد، تفرض عبئاً إضافياً على النظام الصحي الذي يعاني بالفعل من فاشيات أمراض متعددة.

وقال إن على المنظمة والجهات الفاعلة في مجال العمل الإنساني أن تبذل جهوداً مضنية لتلبية الاحتياجات المتزايدة في ظل النقص الحاد في التمويل. ونبه إلى أن «عدم الحصول على مياه الشرب المأمونة، وسوء ممارسات النظافة العامة في المجتمعات المحلية، ومحدودية فرص الحصول على العلاج في الوقت المناسب؛ تزيد من عرقلة الجهود الرامية إلى الوقاية من المرض ومكافحته».

صغار السن أكثر عرضة للإصابة بالإسهالات الحادة والكوليرا في اليمن (الأمم المتحدة)
صغار السن أكثر عرضة للإصابة بالإسهالات الحادة والكوليرا في اليمن (الأمم المتحدة)

وذكر المسؤول الأممي أن التصدي للكوليرا في اليمن يتطلّب تدخلات عاجلة وشاملة تشمل التنسيق، والترصد، والقدرات المختبرية، والتدبير العلاجي للحالات، ومبادرات المشاركة المجتمعية، والمياه والصرف الصحي والنظافة العامة، والتطعيمات الفموية ضد الكوليرا، مشيراً إلى أن الاستجابة للكوليرا في اليمن تواجه فجوة تمويلية قدرها 20 مليون دولار.

تدريب وتطعيم

وفق بيانات المنظمة الأممية، أُغلق 47 مركزاً لعلاج الإسهال و234 مركزاً للتغذية الفموية، بسبب نقص التمويل خلال العام الماضي، وقد دعّمت المنظمة أكثر من 25 ألف بعثة لفرق الاستجابة السريعة لاستقصاء الإنذارات وبدء تدابير المكافحة على المستوى المحلي، ووفّرت الكواشف واللوازم المختبرية لدعم جهود تأكيد حالات العدوى في 12 مختبراً مركزياً للصحة العامة.

وقالت المنظمة إنها اشترت الأدوية الأساسية والإمدادات الطبية وإمدادات المياه والصرف الصحي والنظافة العامة والوقاية من العدوى ومكافحتها ووزّعتها على المرافق الصحية، ومنها مراكز علاج الإسهال الثمانية عشر المدعومة من المنظمة.

وإلى جانب ذلك، درّبت منظمة الصحة العالمية أكثر من 800 عامل، ودعّمت وزارة الصحة العامة والسكان بحملة تطعيم فموي ضد الكوليرا لتوفير الحماية لنحو 3.2 مليون شخص في 34 مديرية في ست محافظات يمنية.