المعارض الفنية الدولية تخطط بحذر لموسم 2021

ينظر منظمو ورواد المعارض الفنية العالمية لعام 2021 بحذر وترقب لعودة النشاط الفني (نيويورك تايمز)
ينظر منظمو ورواد المعارض الفنية العالمية لعام 2021 بحذر وترقب لعودة النشاط الفني (نيويورك تايمز)
TT

المعارض الفنية الدولية تخطط بحذر لموسم 2021

ينظر منظمو ورواد المعارض الفنية العالمية لعام 2021 بحذر وترقب لعودة النشاط الفني (نيويورك تايمز)
ينظر منظمو ورواد المعارض الفنية العالمية لعام 2021 بحذر وترقب لعودة النشاط الفني (نيويورك تايمز)

يقطع آلاف المسافرين الأثرياء مسافات شاسعة ويتنقلون من بلد لآخر لحضور المعارض الفنية والاستمتاع بمشاهدة كل جديد في عالم الفن.
كانت تلك الجولات هي المتعة الحقيقية للمعارض الفنية، وهي ما أوجدت انتعاشا عالميا في السنوات الأخيرة. ففي عام 2019 حققت مبيعات المعارض الفنية العالمية ما يقارب 16.6 مليار دولار وفقاً لمجلة «آرت بازل». غير أن جائحة فيروس «كورونا» أوقفت جولة المعارض الفنية. فبالعودة إلى شهر مارس (آذار)، جرى إغلاق معرض «تفاف ماستريشت» في هولندا قبل أربعة أيام عندما ثبتت إصابة أحد العارضين بالفيروس. وبعد إغلاق المعرض، أبلغ ما لا يقل عن 25 مشاركاً وزائراً عن ظهور أعراض «كوفيد - 19» عليهم، وتم تعليق المعارض الفنية ذات الحضور الجماعي منذ ذلك الحين، واستبدلت من خلال فعاليات أقل ربحاً ونجاحاً عبر الإنترنت.
الآن ومع إطلاق البلدان لبرامج اللقاحات، حتى مع استمرار تحور الفيروس وارتفاع مستويات العدوى، فقد بات عالم الفن يعتمد على عودة الفعاليات الشخصية. وفي نوفمبر (تشرين الثاني) عادت المعارض الحية لجامعي التحف المحليين في الصين، حيث تراجعت معدلات الإصابة.
لكن غالبية الأحداث الدولية الكبرى في عالم الفن المقرر عقدها في الأشهر الأولى من عام 2021 تأجلت بالفعل أو تحولت إلى فعاليات أكثر وعياً وحكمة في تعاملها مع الوباء.
فقد انتقل معرض «ماركو مدريد» من فبراير (شباط) إلى يوليو (تموز)، كما حدث مع معرض «فريز لوس أنجليس» الذي سيغادر «استوديوهات باراماونت» هذا العام لينتشر عبر عدة أماكن أصغر في المدينة. وعلى نفس المنوال، انتقل معرض «تفاف ماسترتش» من موعده التقليدي في مارس إلى مايو (أيار)، وهو ما فعله معرض «بازيل هونغ كونغ».
في هذا الإطار، أفاد القائمون على معرض «فريز نيويورك» بأنه سيحافظ على توقيته المعتاد لشهر مايو، لكنه قلص قائمة العارضين لديه بمقدار الثلثين وسينتقل من منطقة «راندالز آيلاند» إلى «ذا شيد»، الذي يعتبر المركز الثقافي الجديد بمنطقة «هادسون ياردز» في مانهاتن. وبحسب فيكتوريا سيدال، مديرة مجلس إدارة معرض «فريز»، فإن «نيويورك هي إحدى المدن القليلة التي يمكنك فيها إقامة 60 معرضاً دولياً دون الحاجة إلى الاعتماد على حضور دولي ضخم. فهناك الكثير من هواة جمع الأعمال الفنية في المدينة. قد يكون المعرض أصغر بكثير، لكن ذلك يبدو مناسباً للنصف الأول من العام».
وفي السياق ذاته، قال آلان سيرفايس، جامع التحف الفنية في بروكسل والذي كان يحضر عادة قبل الوباء حوالي 15 معرضاً فنياً كبيراً سنوياً، إن الأزمة وفرت فرصة لظهور أحداث إقليمية أصغر، مضيفا أنه يعتزم أن يكون في هولندا في أوائل فبراير من أجل «آرت روتردام»، وهو معرض رئيسي لصالات العرض في شمال أوروبا التي يشارك بها فنانون ناشئون. وحتى يوم الثلاثاء، كان المعرض لا يزال فعالية شخصية، لكن أرابيلا كويبيرغ، المتحدثة باسم معرض «آرت روتردام»، أفادت بأن إعلاناً متوقعاً من الحكومة الهولندية الأسبوع المقبل بشأن قيود الوباء قد يؤدي إلى تأجيل المعرض حتى يوليو (تموز).
ومع ذلك، قال سيرفايس، إن «هناك مجالا للمعارض المحلية حال عملوا بتركيز أكبر». لكنه أضاف أن «المعارض الدولية الكبرى هي الأكثر انفتاحا. لكن عدد الزوار سيكون أقل، والمشكلة أن هذه المعارض تعتمد على الحضور الدولي لنجاحها».
يأتي هذا التغيير في مشهد المعرض الدولي في وقت كان فيه العديد من المعارضين يتساءلون بالفعل عن تكلفة العرض في مثل هذه الأحداث.
في السياق ذاته، قالت ماريان بوسكي، مصممة صالات العرض في نيويورك، «في عام 2017 كنا ننظم 12 معرضاً فنياً، وشعرت أنني يجب أن أقوم بتنظيم هذه الفعاليات، لكنها باتت باهظة التكلفة. عندما نظرت إلى عائداتنا مقارنة بالنفقات العامة في المعارض الفنية، بالكاد حققنا التعادل، ناهيك عن ساعات العمل التي لم تحتسب».
وقالت إنه في عام 2021 ستقلص «بيوسكي» برنامجها إلى حوالي ستة معارض في أوروبا والولايات المتحدة وآسيا. وأضافت، «لكنني لست متأكدة. يبدو أننا نغير خططنا كل أسبوعين».
يمكن القول إن اختبار إمكانية الحضور الجماعي ستكون في يونيو (حزيران) في معرض «آرت بازل» في سويسرا. ففي السنوات الأخيرة، أصبح المعرض أمراً لا بد منه بالنسبة لمعظم هواة جمع التحف والأعمال الفنية الدوليين. وقد تم إلغاء المعرض الشخصي الذي يضم عادة حوالي 290 عارضا يجذب حوالي 90 ألف زائر العام الماضي وتحويله إلى فعالية عبر الإنترنت.
وفي هذا الإطار، قال مارك شبيغلر، مدير معرض «آرت بازل العالمي»: «إذا سارت الأمور بسرعة في الاتجاه الصحيح مع برامج التلقيح الجديدة وبدأت قيود السفر ترفع، فنتمنى أن يقام معرض «بازل هونغ كونغ» في مايو و«آرت بازل» في يونيو ليكون بداية عودة ضخمة لعالم وسوق الفنون. هذا هو أملنا الآن لكنه ليس السيناريو الوحيد لدينا». في حال أقيم معرض «آرت بازل»، سواء مع أو دون الحفلات ووجبات العشاء الجذابة المصاحبة له، فهل سيسمح لهذا العدد الكبير من جامعي التحف الفنية والمنسقين والمستشارين من مختلف أنحاء العالم بالوجود هناك؟ الإجابة أنه في هذه المرحلة يظل العديد من رواد المعارض حذرين.
في هذا السياق، قالت هيذر فلو، مستشارة فنية تعمل في في نيويورك، لن أقترح أن يحضر العميل معرضاً فنيا إلى أن ينخفض مستوى المخاطر. فهناك قلة قليلة من الناس يستمتعون بشراء الأعمال الفنية عبر الإنترنت لأن لا أحد يريد أن يصاب بـ(كوفيد - 19)».

* خدمة «نيويورك تايمز»



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».