الرباط تحتضن اجتماع اللجنة الاستشارية المغربية ـ الأميركية للدفاع

المغرب يدعو «البنتاغون» لاستكشاف فرص مشاريع مشتركة في الصناعة الدفاعية

TT

الرباط تحتضن اجتماع اللجنة الاستشارية المغربية ـ الأميركية للدفاع

جرى أمس في الرباط اجتماع الدورة الـ11 للجنة الاستشارية المغربية - الأميركية للدفاع، وهو اجتماع ينعقد كل سنتين بالتناوب بين الرباط وواشنطن، وذلك في إطار التعاون العسكري الثنائي، الذي يهم على الخصوص مجالات التكوين والتمرينات والمعدات العسكرية واللوجيستيك.
واستقبل الوزير المغربي المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف إدارة الدفاع الوطني، عبد اللطيف لوديي، أمس بمقر الإدارة نائب وزير الدفاع الأميركي، المكلف الشؤون السياسية أنتوني تاتا، الذي يقوم بزيارة عمل للمغرب على رأس وفد عسكري مهم، تدوم ثلاثة أيام.
وذكر بيان للقيادة العامة للقوات المسلحة الملكية أن المسؤولين أعربا في بداية مباحثاتهما عن ارتياحهما لمتانة وتميز واستدامة الأواصر المتميزة، والشراكة الاستراتيجية الاستثنائية التي تربط الولايات المتحدة والمملكة المغربية.
وأضاف البيان أن المسؤولين أكدا أيضاً طموحهما في الارتقاء بهذه العلاقات العريقة، في إطار روح الصداقة والتفاهم المشترك، والثقة المتبادلة القائمة بينهما. وشددا على أهمية قرار الإدارة الأميركية بالاعتراف بسيادة المملكة المغربية الكاملة على الصحراء المغربية.
وحسب المصدر ذاته، فإن هذا الاعتراف يجعل من مبادرة الحكم الذاتي المغربية الحل الوحيد الواقعي والجاد، والعملي للنزاع الإقليمي حول الصحراء.
كما أشار المسؤولان أيضاً إلى أن هذا الحدث التاريخي ستكون له بلا شك آثار إيجابية على جيوستراتيجية المنطقة، وأيضاً على السلم والاستقرار والأمن والاندماج الاقتصادي في المغرب الكبير ومنطقة الساحل والشرق الأوسط.
من جهة أخرى، أبرز لوديي الالتزام الثابت للمغرب، تحت قيادة الملك محمد السادس، باعتباره فاعلاً مهماً في الاستقرار الإقليمي، عبر تفعيل استراتيجية متعددة الأبعاد في مجال مكافحة الإرهاب وعمليات التهريب غير المشروعة والتدبير الإنساني لأزمة الهجرة.
وعبر المسؤولان عن ارتياحهما للحصيلة الإيجابية للتعاون العسكري الثنائي. ويشمل هذا التعاون المنتظم والمكثف والمطبوع بالتنوع، على الخصوص، مجالات تكوين الأطر وتبادل الخبرات، وتنظيم تمرينات مشتركة واسعة النطاق. كما يتميز بالانعقاد المنتظم لاجتماعات اللجنة الاستشارية للدفاع.
واقترح لوديي، حسب البيان ذاته، تعزيز التعاون العسكري مع الولايات المتحدة، من خلال دعوة وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إلى استكشاف مزيد من فرص التعاون لإنجاز مشاريع مشتركة في مجال الصناعة الدفاعية بالمغرب.
في سياق ذلك، استقبل الجنرال دوكور دارمي (الفريق) عبد الفتاح الوراق، المفتش العام للقوات المسلحة الملكية، نائب وزير الدفاع الأميركي المكلف الشؤون السياسية، بحضور الفريق محمد حرمو، قائد الدرك الملكي.
وأضاف البيان أنه في إطار الاجتماع الـ11 للجنة الدفاع الاستشارية المغربية - الأميركية، عقدت جلسة عمل مصغرة تحت الرئاسة المشتركة للفريق الوراق، ونائب وزير الدفاع الأميركي المكلف الشؤون السياسية.
وأعقبت جلسة العمل هذه جلسة عامة، حضرها أعضاء الوفد الأميركي، وقائد الدرك الملكي ورؤساء هيئات القيادة العامة للقوات المسلحة الملكية، تناولت التعاون العسكري المغربي - الأميركي وآفاق تطويره. وناقش الوفدان المغربي والأميركي مختلف الجوانب والتوجهات الأساسية لتفعيل العمل المشترك.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.