الفياض يعدّ استهدافه بعقوبات «إساءة» أميركية للعراقيين

فالح الفياض (أ.ف.ب)
فالح الفياض (أ.ف.ب)
TT

الفياض يعدّ استهدافه بعقوبات «إساءة» أميركية للعراقيين

فالح الفياض (أ.ف.ب)
فالح الفياض (أ.ف.ب)

عزز رئيس «هيئة الحشد الشعبي» الرئيس السابق لجهاز الأمن الوطني في العراق، فالح الفياض، موقفه حيال قرار وزارة الخزانة الأميركية إدراجه على لائحة العقوبات. فعلى عكس الحالات السابقة التي فُرضت خلالها عقوبات مشابهة على عراقيين من قبل «الخزانة» الأميركية، فإن الموقف من الفياض بدا مختلفاً بسبب موقعه الرسمي الحكومي، فضلاً عن أن فرض العقوبات جاء في الوقت بدل الضائع بين إدارة أميركية منتهية ولايتها وأخرى تنتظر الموعد الدستوري لبدء ممارسة عملها.
وفي هذا السياق، فإن الفياض حظي بدعم رسمي واضح؛ سواء من قبل الحكومة التي عبرت عن موقفها وزارة الخارجية التي استغربت من القرار واصفة إياه بالمفاجأة غير المتوقعة، والرئيس العراقي برهم صالح الذي استقبل الفياض في إشارة دعم واضحة، بالإضافة إلى عدد من الكتل والأطراف السياسية التي عبرت عن رفضها هذا القرار.
البيان الرئاسي الذي صدر عقب لقاء صالح مع الفياض ذكر أنه «جرى خلال اللقاء بحث المستجدات الأمنية في البلد، وضرورة تعزيز سلطة الدولة والأجهزة الأمنية في تحقيق الأمن والاستقرار، والتأكيد على احترام سيادة العراق ورفض التدخل بشؤونه الداخلية». وأضاف البيان: «اللقاء أكد على أهمية مواصلة الجهد الأمني لمكافحة الإرهاب وملاحقة خلايا (داعش) التي تحاول زعزعة الاستقرار في بعض المناطق، إلى جانب تعزيز سلطة الدولة وأجهزتها الأمنية في حماية أمن المواطنين». ومع أن البيان لم يتطرق إلى العقوبات وموقف الرئاسة منها؛ لكن مجرد استقبال الفياض من قبل الرئيس بدا بادرة دعم له.
الفياض نفسه عدّ خلال لقاء جمعه مع قاسم الأعرجي مستشار الأمن القومي، أمس، أن «قرار (الخزانة) الأميركية الأخير يمثل إساءة للعراق والعراقيين». وثمن الفياض خلال اللقاء موقف الأعرجي من قرار «الخزانة» الأميركية.
من جهته، فإن الأعرجي «أشاد بمواقف الفياض ومقاتلي (الحشد الشعبي) ومشاركتهم في تعزيز الأمن والاستقرار، وملاحقة ما تبقى من خلايا إرهابية، والحفاظ على بلدهم وشعبهم».
وكانت وزارة الخزانة الأميركية أعلنت يوم الجمعة الماضي فرض عقوبات على الفياض، متهمة إياه بـ«انتهاكات حقوقية وقمع للمتظاهرين في أكتوبر (تشرين الأول) 2019»، مشيرة إلى أن «(الحشد الشعبي) يواصل التعرض للناشطين والداعين لانتخابات نزيهة».
إيران من جهتها أعلنت رفضها العقوبات الأميركية ضد الفياض. وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده، في بيان، إن «فرض العقوبات على مسؤول مؤسسة حكومية في العراق، محكوم بالفشل، ويرمي لتحقيق نوايا أميركية مشؤومة، ودليل على أن أميركا تعاني من ظروف غير طبيعية في المنطقة».
وفي حين أكد مراقبون ومتابعون للشأن السياسي العراقي أن فرض واشنطن عقوبات على الفياض جاء رد فعل على خطابيه اللذين ألقاهما في تأبين الجنرال الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس «الحشد الشعبي» أبو مهدي المهندس في كل من طهران وبغداد، فإن مستويات رسمية وسياسية عراقية أكدت أن مسألة فرض عقوبات أميركية على الفياض لم تكن وليدة الساعة أو مجرد رد فعل على خطابيه في طهران وبغداد. وفي هذا السياق، أكد الدكتور إحسان الشمري، رئيس «مركز التفكير السياسي» في العراق، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «يخطئ من يعتقد أن قضية الفياض وليدة هذه الأيام؛ بل هي كانت متوقعة منذ نحو سنة». وأضاف الشمري: «إنني شخصياً كنت توقعت ذلك وعبر تغريدة لي على موقع (تويتر) وذلك خلال شهر يناير (كانون الثاني) عام 2020، حيث قلت في وقتها إن الولايات المتحدة الأميركية بصدد إدراج أسماء جديدة ضمن القائمة السوداء الأميركية». وأوضح الشمري: «فيما جرت محاولات لتسوية الأمر؛ لكن يبدو أنها لم تنجح لهذا السبب أو ذاك».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.