200 مثقف فرنسي يوجهون نداءً لتشجيع المواطنين على تلقي اللقاح

أكثر من نصف المواطنين يرفضونه

200 مثقف فرنسي يوجهون نداءً لتشجيع المواطنين على تلقي اللقاح
TT

200 مثقف فرنسي يوجهون نداءً لتشجيع المواطنين على تلقي اللقاح

200 مثقف فرنسي يوجهون نداءً لتشجيع المواطنين على تلقي اللقاح

لمواجهة الرفض المتزايد بين الفرنسيين للقاحات الجديدة ضد فيروس «كوفيد - 19»، وقّعت 200 شخصية أدبية وفنية، أمس، على نداء يدعو المواطنين لقبول اللقاح بوصفه خطوة أساسية لمواجهة جائحة «كورونا». وكانت عدة استطلاعات للرأي قد كشفت أن نسبة 58% من الفرنسيين لا ترغب في تلقي جرعات هذا اللقاح.
ووقّع على النداء موسيقيون وممثلون ومخرجون مشاهير، أمثال ريشار بيري وبيير آرديتي ولامبير ويلسون وفرنسوا كلوزيه وجيرار جونو والنجمة الاستعراضية آرييل دومبال ونيكولا بيدوس ودانييل أوتوي وجولي غاييه، شريكة حياة الرئيس السابق فرنسوا هولاند. وإلى جانب هؤلاء حملت القائمة أسماء صحافيين ومؤرخين وروائيين ونجوم غناء وتلفزيون.
وقاد المبادرة المخرج والممثل ستانيسلاس نوردي، مدير المسرح الوطني في مدينة ستراسبورغ، شرق فرنسا، وهي المنطقة التي انتشرت فيها الموجة الثانية من الوباء بمعدلات متقدمة. وكان الهدف من التحرك اتخاذ موقف وطني وبمسؤولية جماعية ضد الفيروس، حسبما أوضح نوردي لصحيفة «الباريزيان» التي نشرت النداء. وأضاف: «أعمل في مقاطعة الألزاس وأصابني المرض في بداية الجائحة وقد فقدت عدداً من أقربائي. ليس في وسعنا الاكتفاء بالانتظار ومراقبة ما ستفعله الحكومة أو ما لا تفعله. بات علينا أن نمسك بزمام مصيرنا».
كان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد أشار، الخريف الماضي، إلى احتمال إعادة فتح صالات العروض الفنية قبل نهاية السنة المنصرمة، إذا تراجعت أرقام الإصابات. لكن الأمل تراجع بعد إعلان رئيس الوزراء تأجيل الموعد إلى نهاية الأسبوع الأول من السنة الجديدة، أي يوم أمس، من دون أن يعطي ضمانات بذلك. وهكذا جاء النداء ليعبّر عن تكرار الإحباط الذي يعيشه مئات الآلاف من المشتغلين في المهن الفنية والثقافية. وقال الموقِّعون: «يؤكد التأجيل أن أشغالنا ستبقى معلقة لسنة إضافية. ولا يمكن أن نكتفي بالشكوى فحسب، لذلك وقّعنا على هذا النداء كنوع من التحرك للخروج من المأزق».
وكان فنانون بينهم الممثلة زابو برتمان، ومدير مسرح «رونبوان» في باريس، قد ساعدوا نوردي في حشد رفاقهم وحثهم على التحرك الجماعي وتوجيه رسالة قوية إلى الفرنسيين تأتي من قادة الفكر ورعاة الجمال، في مواجهة التخبط الحكومي. كما حث نوردي أصحاب المطاعم والمقاهي على الانضمام للحركة بوصفهم من الذين تضرروا من الإغلاق.
وبدأت الجهات الصحية الفرنسية حملة التلقيح ضد «كورونا» في الأيام الأخيرة، وسط انتقادات بسبب التأخر وضآلة عدد المستفيدين منه يومياً، على أن يبقى تلقي اللقاح قراراً شخصياً وليس ملزماً. لذلك حرص الموقِّعون على النداء على التأكيد أنهم لا يسعون لإعطاء الدروس لمواطنيهم، ولا للترويج لنوع دون غيره من اللقاحات، لكنهم يعلنون استعداد كل واحد منهم للحصول عليه من دون تردد، لأن لا طريق آخر، حالياً، للخروج من الأزمة.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».