سلطات طرابلس تكشف عن «مقبرة جماعية» في ترهونة

مقتنيات عثر عليها مع ضحايا «المقابر الجماعية» بترهونة (عملية بركان الغضب)
مقتنيات عثر عليها مع ضحايا «المقابر الجماعية» بترهونة (عملية بركان الغضب)
TT

سلطات طرابلس تكشف عن «مقبرة جماعية» في ترهونة

مقتنيات عثر عليها مع ضحايا «المقابر الجماعية» بترهونة (عملية بركان الغضب)
مقتنيات عثر عليها مع ضحايا «المقابر الجماعية» بترهونة (عملية بركان الغضب)

أعلنت هيئة مختصة بالبحث والتعرف على المفقودين في العاصمة الليبية، طرابلس، العثور على «مقبرة جماعية» جديدة بمدينة ترهونة (غرب البلاد)، وفي غضون ذلك، طالب النائب العام بتكليف وزارة الداخلية بتأمين مركز «المحفوظات والدراسات التاريخية»، بعد مهاجمته من قبل «مجموعة مجهولة»، مساء أول من أمس، وذلك على خلفية خلافات قديمة بين هيئة «الأوقاف» التابعة لحكومة «الوفاق»، وإدارة المركز حول ملكية مقره.
وأعلنت الهيئة العامة للبحث والتعرف على المفقودين، التابعة لحكومة «الوفاق»، برئاسة فائز السراج، عن اكتشاف «مقبرة جماعية» جديدة في مشروع الربط بمدينة ترهونة، مشيرة إلى أن «أعمال الانتشال ما زالت جارية».
وسبق أن زار وفد من المحكمة الجنائية الدولية ترهونة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي لمعاينة «المقابر الجماعية»، التي عثر عليها في الأشهر الماضية داخل المدينة، وذلك بعد زيارة سابقة في شهر يوليو (تموز) الماضي، التقى فيها الوفد الصديق الصور، رئيس قسم التحقيقات بمكتب النائب العام، لبحث ملف الألغام و«المقابر الجماعية». وعرضت عملية «بركان الغضب»، أمس، المتعلقات الشخصية لضحايا «المقابر الجماعية» بمقر إدارة الطب الشرعي والتحاليل بطرابلس، وقالت العملية إن العرض يأتي «بمثابة شاهد على الجرائم والانتهاكات التي طالت الضحايا»، و«لمساعدة ذويهم أيضاً في التعرف على هوياتهم من خلال مقتنياتهم ومتعلقاتهم الشخصية، التي وجدت مدفونة معهم».
وسبق لمنظمة «هيومن رايتس ووتش» أن طالبت حكومة «الوفاق» بالتحقيق في مصير مئات المفقودين على خلفية العثور على «المقابر الجماعية» في ترهونة، وقالت إنه جرى إخراج 120 جثة من 27 مقبرة جماعية عثر عليها حتى الآن.
في سياق آخر، قالت وزارة الداخلية بغرب البلاد، إنه عقب قيام «مجموعة مجهولة» بالهجوم على مقر «مركز المحفوظات» بمنطقة أبومشماشة، تم التنسيق بين الوزارة ورئيس قسم التحقيقات بمكتب النائب العام بتأمين وحماية المقر، مشيرة إلى أنه لن يسمح «لأي مجموعة» أو جهة بالدخول إليه، لحين صدور تعليمات من مكتب النائب العام، «لما لهذا المركز وما يحتويه من قيمة تاريخية لا تقدر بثمن، وخوفاً من العبث بمحتوياته».
ولم تكشف وزارة الداخلية، التي يترأسها فتحي باشاغا، عن طبيعة الهجوم الذي تعرض له مركز المحفوظات، ولا هوية المجموعة المقتحمة. لكن الرأي العام الليبي شهد حالة من الغضب بعدما أمهلت هيئة الأوقاف إدارة المركز ثلاثة أيام لتسليم المقر إليها، لتتجدد بذلك أزمة يرجع تاريخها إلى قرابة ستة أعوام على المبنى الذي تقول الهيئة إنها تمتلكه.
ودعا مندوب ليبيا الدائم لدى «يونيسكو»، الدكتور حافظ الولدة، حكومة «الوفاق»، إلى ضرورة الإبقاء على مقر المركز الحالي على حاله، محذراً من أن نقله «سيتسبب في تلف الوثائق والمخطوطات وضياعها، وفقدان أرشفتها وتبعثرها، خصوصاً في الظروف الحالية، ولحين بناء مركز جديد يكفل حماية وصون هذه الكنوز الثمينة، ستكون هذه الثروة قد فقدت».
وأضاف الوالدة في تصريح صحافي، مساء أول من أمس، أن مركز المحفوظات «أصبح بنكاً عملياً للمعلومات، يقدم خدمات في إطار الجدوى الثقافية والاقتصادية، حفاظاً على تراث وتاريخ البلاد وعلى كيان المجتمع»، لافتاً إلى أن «الدول التي تولي وثائقها ومخطوطاتها وتراثها الإنساني أهمية كبيرة هي دول فعالة على مر العصور، لما هذه الوثائق من أهمية كبيرة وأثر إيجابي على المجتمع الذي يستمد منها أخلاقه وهويته».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.