مهنة الطهي من بين أصعب المهن في الكون، لا يمكن أن يبرع الطاهي في المطبخ من دون حب ومن دون شغف وعشق للمكونات والنكهات، ولا يمكن أن يُكتب النجاح إلا للجادين الذين يتركون إرثاً حقيقياً وراءهم، وهذا ما فعله الشيف ألبير رو الذي رحل بداية العام الجديد عن عمر 85 عاماً تاركاً وراءه موسوعة من الطهي وتاريخاً طويلاً وإنجازات لا يمكن حصرها في موضوع واحد.
ألبير رو أسطورة المطبخ الفرنسي الذي عشقه وتحول إلى سفير له، فحمله في جعبته متوجهاً إلى لندن لا يملك سوى الخبرة ولكنته الفرنسية، ليكون أول من يعرّف اللندنيين على المطبخ الفرنسي الأنيق التي كانت لندن في حاجة إلى شيء من رقيه في مطبخها الفقير وشبه المعدوم.
لم يكن الشيف ألبير الموهوب الوحيد في عائلته، إنما كان شقيقه الأصغر الشيف ميشال رو، الذي غيبه الموت هو أيضاً في مارس (آذار) الماضي بعد إصابته بمرض في الرئة، نجماً ساطعاً ملاصقاً لألبير في مشواره وعمله، ومع بعضهما بعضاً بدآ المشوار والإنجازات والنجاحات المتتالية في لندن والعالم.
افتتح الطاهيان الشقيقان ألبير وميشال مطعمها الأول في لندن عام 1960 ليصبح Le Gavroche عنوان الذواقة الباحثين عن النكهات الغير مألوفة والأجواء الباريسية الراقية في قلب عاصمة المطبخ الباهت والنكهات الضبابية.
مطعم «لو غافروش» الذي لا يزال قِبلة الطبقة النخبوية في لندن، كان أول مطعم يحصل على 3 نجوم ميشلان للتميز في بريطانيا، واستطاع الشيف رو رفع سقف خدمة المطاعم والطهي إلى مستوى غير مسبوق، ولم يبخل على الطهاة الصاعدين بتقديم خبرته إليهم، فقام بالكثير من الدورات التدريبية وصنع نجوماً في عالم الطهي أمثال الشيف البريطاني غوردن رامسي، والشيف بيير كوفمان، والشيف ماركو بيير وايت الذين تتلمذوا على يده ويعتبرون بأن له الفضل الأكبر في نجاحهم.
وبعد النجاح الضخم الذي حققه في مطعمه الأول، افتتح مطعماً ثانياً في شارع «سلووان ستريت» القريب من منطقة نايتسبريدج التي يقصدها ويفضلها الزوار العرب في وسط لندن. واستطاع ألبير أن يبدأ مسيرة جديدة من نوعها في لندن، وأخذ على عاتقه الخطر الذي يرافق أي عمل غير مسبوق ليحصل مطعمه الأول على أولى نجوم ميشلان عام 1982، وبعدها حصل على نجمته الثانية وتلتها الثالثة، ليصبح بذلك أول مطعم في العالم يقدم الطعام على شكل لائحة محددة Set Menuيحصل على تقدير من دليل ميشلان بهذا المستوى، وبهذا القدر من النجوم التي تعتبر من أصعب الإنجازات على الإطلاق.
وانتقل حب الطهي من الآباء إلى الأبناء، فكانت هدية الشيف ألبير لابنه الشيف ميشال رو الأصغر مطعم «لو غافروش» عام 1991، ومنذ ذلك التاريخ أصبح المطعم تحت إشرافه وقيادته، وأذكر في مقابلة أجرتها «الشرق الأوسط» مع الشيف ميشال رو الأصغر قال جملة يصعب نسيانها «هدية والدي كانت عبئاً عليّ؛ لأن الحمل كبير والمسؤولية للحفاظ على الإرث الذي تركه لي أبي عملاق وثقيل». وبالفعل حافظ الشيف ميشال الابن على نجاح المطعم لغاية يومنا هذا، ولو أنه فقد نجمتين في عهده.
حاز الشيف ألبير العديد من الجوائز والأوسمة، من بينها وسام من الملكة إليزابيث الثانية في عام 2002.
ألبير رو يرحل تاركاً إرثاً لا مثيل له في عالم الطعام
عرّف لندن على المطبخ الفرنسي... وأول من حصل على 3 نجوم ميشلان
ألبير رو يرحل تاركاً إرثاً لا مثيل له في عالم الطعام
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة