«الطب عن بُعد» يزدهر في أزمة «كورونا»

الرعاية الصحية الافتراضية تحقق مكاسب كبرى للمرضى

«الطب عن بُعد» يزدهر في أزمة «كورونا»
TT

«الطب عن بُعد» يزدهر في أزمة «كورونا»

«الطب عن بُعد» يزدهر في أزمة «كورونا»


أسفرت جائحة فيروس كورونا المستجد عن ارتفاع في تعاملات الطب عن بُعد. وفيما يلي عرض لما تحتاج لمعرفته حول الرعاية الصحية الافتراضية.

طب عن بُعد

تزداد تعاملات الطب عن بُعد، أو التواصل مع الطبيب الخاص عبر الفيديو، بوتيرة بطيئة منذ سنوات. ولكن عندما حلت كارثة وباء «كورونا» المستجد على الولايات المتحدة في وقت سابق من العام الحالي، وأجبرت الناس على الانعزال، برز على الملأ هذا النمط من الرعاية الصحية الافتراضية.
يقول الدكتور جوزيف فيدار، طبيب الأمراض الجلدية لدى مستشفى ماساتشوستس العام التابعة لجامعة هارفارد ورئيس الجمعية الأميركية للطب عن بُعد: «شهدنا اعتباراً من عام 2020 ارتفاعاً ملحوظاً في عدد زيارات الطب عن بُعد. وعكست التجربة لكل من المرضى والأطباء الوسائل العديدة التي يمكن للطب عن بُعد من خلالها تحسين الرعاية الصحية في الظروف الراهنة، وما بعدها. ويبدو أن تلك الممارسة وجدت لكي تبقى وتستمر».

كيفية العمل

من خلال الطب عن بُعد، كل ما تريده هو الاتصال بالإنترنت، مع توافر حاسوب منزلي، أو حاسوب لوحي، أو هاتف ذكي، مع كاميرا وميكروفون.
وفي غالب الأمر تستلزم زيارة الطبيب عن بُعد، التسجيل للحصول على ميعاد مسبق. وتعمل بعض الممارسات الطبية على أساس خدمة المسجلين أولاً بأول، على غرار ما نشهدها عند الذهاب إلى مرافق الرعاية الطبية العاجلة.
وإن كان طبيبك الخاص جزءاً من مجموعة أكبر من الأطباء، ربما يكون لديك بالفعل حق الدخول إلى بوابة المرضى على الإنترنت حيث تتمكن من بدء الزيارة المتلفزة مع الطبيب مباشرة.
وقد لا يرتبط الأطباء في العيادات الفردية أو صغيرة العدد ببوابة المرضى، ولذلك ربما يستعينون بأحد البرامج الآمنة للتواصل مع المرضى، من شاكلة: «زووم»، أو «غوغل هانغ أوتس»، أو «مايكروسوفت تيمز». أما بالنسبة إلى الخيارات الأخرى، فيقوم الطبيب بإرسال بريد إلكتروني إليك يذكر فيه تاريخ وميعاد الزيارة الافتراضية الخاصة بك.
ومن المتوقع للزيارة الطبية المتلفزة أن تستغرق نحو 15 دقيقة. لذلك من المهم أن تكون مستعداً تماماً للزيارة.
وقد شاع استخدام خدمات الطب عن بُعد بصورة متزايدة خلال الجائحة الأخيرة. وجاء في تقرير صدر في أغسطس (آب) من العام الحالي عن «صندوق الكومنولث»، وهو مؤسسة الأبحاث الصحية المستقلة، أن النسبة المئوية المسجّلة للزيارات الطبية الافتراضية الأسبوعية في الولايات المتحدة الأميركية من خلال خدمات الطب عن بُعد قد ارتفعت من نسبة 0.1 في المائة في أوائل مارس (آذار) إلى أكثر من 13 في المائة بحلول أواخر أبريل (نيسان) من العام الحالي.
هذا، وقد انخفضت النسبة المئوية المذكورة من تلك الذروة المحققة لتستقر عند 7 نقاط مئوية فقط بحلول أغسطس (آب) من العام الحالي. وشهدت بعض الولايات ذات حالات الإصابة المرتفعة بفيروس «كورونا» المستجد، من شاكلة فلوريدا وتكساس وأريزونا، ارتفاعاً بنسبة 10 في المائة تقريباً من زيارات الطب عن بُعد الافتراضية.

أنواع الرعاية

تعمل خدمات الطب عن بُعد بصورة أفضل مع بعض الممارسات الطبية دون غيرها. وجاء في تقرير صندوق الكومنولث سالف الذكر أن الأمراض الجلدية، والرعاية الأولية للبالغين، والصحة السلوكية من بين الممارسات التي سجلت أعلى معدلات النمو في الزيارات الطبية الافتراضية.
أما الإيجابيات والسلبيات، فهناك بعض المزايا والعديد من القيود ذات الصلة بخدمات الطب عن بُعد.
ومن الميزات الواضحة في ذلك هي زيادة معدلات الوصول والكفاءة المرتفعة. يقول الدكتور فيدار: «يقضي الطب عن بُعد على قيادة السيارات التي تستهلك كثيراً من الوقت، والانتظار في العيادات التي تحول بين الكثير من الناس والزيارات الطبية المنتظمة. كما أنه يعتبر بديلاً للأشخاص الذين يخشون من الخروج إلى الأماكن العامة أثناء أزمة الوباء الراهنة».
وبالنسبة إلى الأطباء، فإن تلك الممارسة تشجع على التواصل والتفاعل المنتظم مع المرضى.
ويساعد الطب عن بُعد بصورة جيدة مع العديد من عمليات المتابعة للأمراض المزمنة، والاستشارات الطبية ذات الصلة بالمشاكل الصحية البسيطة، مثل التهاب الحلق، أو الأوجاع، أو الآلام، أو البقع الجلدية. كما تنجح هذه الممارسة أيضاً في تيسير الفحوصات الروتينية للحالات التي تستلزم المراقبة المستمرة، مثل ارتفاع ضغط الدم، وارتفاع الكوليسترول، ومرض السكري.
يقول الدكتور فيدار: «بمجرد أن تملك الخط الأساسي للأرقام المهمة عندك، يمكنك إجراء القياسات المنتظمة في المنزل، مثلاً بواسطة جهاز ضغط الدم، أو فحص السكر في الدم، ثم مشاركتها مع الطبيب الخاصة ومناقشتها أثناء الزيارة الطبية الافتراضية».

محدودية الخدمة

ضع في الاعتبار أن خدمة الطب عن بُعد لا يمكن بحال أن تحل محل الزيارات الاعتيادية التي تتطلب التواصل الشخصي أو المعدات التخصصية. يقول الدكتور فيدار: «حتى بعد الزيارة الطبية الافتراضية، ربما تكون في حاجة إلى زيارة العيادة بصفة شخصية وبصورة منتظمة».
ومن العوائق المحتملة، لا سيما بالنسبة إلى كبار السن، نقص المعدات والمهارات اللازمة في خدمات الطب عن بُعد. وخلصت دراستان نُشرتا على الإنترنت في 3 أغسطس (آب) من عام 2020 بواسطة دورية «جاما للطب الباطني»، إلى أن أكثر من 41 في المائة من المستفيدين من برنامج «ميديكير» للرعاية الطبية في الولايات المتحدة يفتقرون إلى الوصول للحاسوب المنزلي المزود بإمكانات الوصول إلى شبكة الإنترنت عالية السرعة.
كما أن أكثر من ثلث البالغين الذين تزيد أعمارهم على 65 عاماً يفتقرون إلى خبرة التعامل الكافية مع أدوات التكنولوجيا الحديثة لازمة الاستخدام مع خدمات الطب عن بُعد، أو ربما لديهم إعاقات تتداخل معها.
يقول الدكتور فيدار: «من أجل الاستخدام الفعال لخدمات الطب عن بُعد، ربما تُضطر إلى تحديث الأجهزة التكنولوجية لديك، أو يكون لديك صديق أو أحد أفراد الأسرة ليعرفك بالمهارات المطلوبة في ذلك».

المرحلة التالية

مع حالة الارتياح التي باتت تعم الأطباء ومقدمي الخدمات الصحية إثر استخدام الطب عن بُعد، يعتقد الدكتور فيدار أنها قد تتوسع كي تشمل العديد من جوانب الرعاية الطبية الأخرى، وقال عن ذلك: «على سبيل المثال، يمكن إجراء زيارات ما قبل وما بعد العمليات لبعض الإجراءات الجراحية، وحتى جلسات العلاج الطبيعي بصفة نسبية».
ورغم الشعبية الحديثة التي صارت تكتنف خدمات الطب عن بُعد؛ فهناك احتمال ألا تكون هذه الخدمات معتمدة عند طبيبك الخاص. ويقول الدكتور فيدار: «إن لم يوافق الطبيب خاصتك على ذلك، اسأله عما إذا كان هناك بديل مقبول لديه».
وإن لم يكن أي منكما على استعداد لتجربة خدمات الطب عن بُعد، يمكنك حينئذ البدء بالتواصل بالمكالمات الهاتفية. ويقول الدكتور فيدار أخيراً: «يمكن للأطباء التشاور مع المرضى عبر الهاتف إن توافرت لديهم المعلومات الكافية لذلك».
الاستعداد للزيارة الافتراضية

> لكي تحقق أقصى استفادة ممكنة من الزيارة الطبية الافتراضية، ينبغي أن تكون مستعداً بصورة جيدة. وفيما يلي بعض الخطوات التي ينبغي اتخاذها قبل وأثناء الزيارة:
> تنزيل التطبيق (البرنامج) الإلكتروني على حاسوبك، أو هاتفك الخاص إذا ما تطلب مكتب الطبيب ذلك قبل الزيارة.
> ضع قائمة بالأسئلة.
> اجمع الأدوية الخاصة بك في شكلها الأخير.
> قم بتجهيز أحدث القياسات الصحية الخاصة بك، مثل قياس ضغط الدم، أو سكر الدم، أو الوزن.
> كن مستعداً لتدوين الملاحظات (يمكن لبعض التطبيقات، مثل «زووم»، أن يسجل الصوت والصورة على سجلات الحاسوب أو الهاتف خاصتك).
> اختبر منصة الفيديو مرة أخيرة إن لم تكن قد استخدمتها مؤخراً.
> تأكد من شحن الأجهزة المستخدمة أو توصيلها بالتيار الكهربائي قبل الاستخدام، وتأكد أن الميكروفون يعمل بصورة جيدة.
> تواصل مع الطبيب من داخل غرفة خاصة، وهادئة، وذات إضاءة جيدة لديك.
> كن مستعداً للزيارة قبل ميعادها الحقيقي ببضع دقائق حتى يكون الوقت متاحاً لديك لاكتشاف أي مشاكل في الاتصال وإصلاحها قبل ميعاد الزيارة.

* رسالة هارفارد
«مراقبة صحة الرجل»، خدمات «تريبيون ميديا».



هل تتسبب العدوى في بعض حالات ألزهايمر؟

هل تتسبب العدوى في بعض حالات ألزهايمر؟
TT

هل تتسبب العدوى في بعض حالات ألزهايمر؟

هل تتسبب العدوى في بعض حالات ألزهايمر؟

ما سبب مرض ألزهايمر؟ أجاب عالم الأعصاب رودولف تانزي، مدير مركز ماكانس لصحة الدماغ بمستشفى ماساتشوستس العام، التابع لجامعة هارفارد، قائلاً: «قضيت معظم حياتي المهنية في محاولة الإجابة عن هذا السؤال».

وأكد تانزي أن السؤال مهم، ويتعين العمل على إيجاد إجابة له، خصوصاً أن مرض ألزهايمر يمثل الشكل الأكثر شيوعاً للخرف في كثير من البلدان. وعلى سبيل المثال، داخل الولايات المتحدة، يعاني ما لا يقل عن 10 في المائة من الأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم 65 عاماً من ألزهايمر.

ومثلما الحال مع معظم الأمراض، ربما يرجع مرض ألزهايمر إلى مزيج من الضعف الوراثي، ومعاناة المريض من حالات طبية أخرى، بجانب عوامل اجتماعية وأخرى تتعلق بنمط الحياة. واليوم، يركز العلماء اهتمامهم على الدور الذي قد تلعبه العدوى، إن وُجد، في تطور مرض ألزهايمر.

كشف الأسباب البيولوجية

جاء وصف مرض ألزهايمر للمرة الأولى عام 1906. ومع ذلك، بدأ العلماء في سبر أغواره والتعرف على أسبابه قبل 40 عاماً فقط. واليوم، ثمة اتفاق واسع النطاق في أوساط الباحثين حول وجود جزيئين بمستويات عالية في أدمغة الأشخاص المصابين بمرض ألزهايمر: أميلويد - بيتا amyloid - beta أو «ببتيد بيتا النشواني»، الذي يشكل لويحات في الدماغ، وتاو tau، الذي يشكل تشابكات. ويساهم كلاهما في موت الخلايا العصبية الدماغية (العصبونات) المشاركة في عمليات التفكير؛ ما يؤدي إلى الخرف.

من بين الاثنين، ربما تكون الأهمية الأكبر من نصيب أميلويد - بيتا، خصوصاً أنه يظهر في وقت أبكر من تاو. وقد أظهر تانزي وآخرون أن الأشخاص الذين يرثون جيناً يؤدي إلى ارتفاع مستويات أميلويد بيتا يُصابون بمرض ألزهايمر في سن مبكرة نسبياً.

الملاحظ أن الأشخاص الذين يرثون نسختين من الجين APOE4. أكثر عرضة لخطر الإصابة بمرض ألزهايمر، لأنهم أقل قدرة على التخلص من أميلويد بيتا من الدماغ.

الالتهاب العصبي

هناك قبول متزايد في أوساط العلماء لفكرة أن الالتهاب في الدماغ (الالتهاب العصبي Neuroinflammation)، يشكل عاملاً مهماً في مرض ألزهايمر.

في حالات الالتهاب العصبي، تحارب خلايا الجهاز المناعي في الدماغ الميكروبات الغازية، أو تعمل على علاج الإصابات. إلا أنه للأسف الشديد، يمكن أن يؤدي ذلك إلى الإصابة؛ ما يسفر بدوره عن المزيد من الالتهاب العصبي، لتظهر بذلك حلقة مفرغة، تتسبب نهاية المطاف في موت معظم الخلايا العصبية.

ويمكن أن تؤدي كل من لويحات أميلويد بيتا وتشابكات تاو إلى حدوث التهاب عصبي، وكذلك يمكن لكثير من الميكروبات (البكتيريا والفيروسات) أن تصيب الدماغ، وتبقى هناك، دون أن ينجح الجهاز المناعي بالدماغ في القضاء عليها تماماً؛ ما قد يؤدي إلى التهاب عصبي مزمن منخفض الحدة.

وحتى العدوى أو أسباب الالتهاب الأخرى خارج الدماغ، بأي مكان في الجسم، يمكن أن ترسل إشارات إلى الدماغ تؤدي إلى حدوث التهاب عصبي.

العدوى ومرض ألزهايمر

ويعتقد بعض العلماء أن العدوى قد تسبب أكثر من مجرد التهاب عصبي، فربما يكون لها دور كذلك في تكاثر رواسب أميلويد بيتا وتشابكات تاو. وفي هذا الصدد، قال تانزي: «اكتشفت أنا وزميلي الراحل روب موير أن أميلويد بيتا يترسب في المخ استجابة للعدوى، وهو بروتين يحارب العدوى؛ ويشكل شبكة تحبس الميكروبات الغازية. وبعبارة أخرى، يساعد أميلويد بيتا في حماية أدمغتنا من العدوى. وهذا هو الخبر السار. أما الخبر السيئ هنا أن أميلويد بيتا يُلحِق الضرر كذلك بالخلايا العصبية، الأمر الذي يبدأ في غضون 10 إلى 30 عاماً، في إحداث تأثيرات واضحة على الإدراك؛ ما يسبب الخرف، نهاية المطاف».

بالإضافة إلى ذلك، يؤدي الترسب المزمن منخفض الدرجة لأميلويد بيتا إلى تشابكات تاو، التي تقتل الخلايا العصبية هي الأخرى وتزيد من الالتهاب العصبي، ما يؤدي إلى موت المزيد من الخلايا العصبية. وقد تتطور دورات مفرغة يصعب للغاية إيقافها.

ويمكن للعوامل المذكورة هنا (بشكل مباشر أو غير مباشر) أن تلحق الضرر بخلايا المخ، وتسبب الخرف. ويمكن لعدة عوامل أن تزيد سوء بعضها البعض، ما يخلق دورات مفرغة.

ميكروبات مرتبطة بمرض ألزهايمر

الآن، ما الميكروبات التي قد تشجع على تطور مرض ألزهايمر؟ عبَّر الدكتور أنتوني كوماروف، رئيس تحرير «هارفارد هيلث ليتر» الأستاذ في كلية الطب بجامعة هارفارد، عن اعتقاده بأنه «من غير المرجَّح أن يكون نوع واحد من الميكروبات (جرثومة ألزهايمر) سبباً في الإصابة بمرض ألزهايمر، بل إن الأدلة المتزايدة تشير إلى أن عدداً من الميكروبات المختلفة قد تؤدي جميعها إلى الإصابة بمرض ألزهايمر لدى بعض الناس».

ويتركز الدليل في نتائج دراسات أُجريت على أدمغة القوارض والحيوانات الأخرى التي أصيبت بالميكروبات، بجانب العثور على ميكروبات في مناطق الدماغ البشري الأكثر تأثراً بمرض ألزهايمر. وجاءت أدلة أخرى من دراسات ضخمة، أظهرت أن خطر الإصابة بمرض ألزهايمر، أعلى كثيراً لدى الأشخاص الذين أُصيبوا قبل عقود بعدوى شديدة. وتشير دراسات حديثة إلى أن خطر الإصابة بمرض ألزهايمر، قد يتفاقم جراء انكماش الدماغ واستمرار وجود العديد من البروتينات المرتبطة بالالتهابات، في دم الأشخاص الذين أُصيبوا بالعدوى في الماضي.

وفيما يلي بعض الميكروبات التي جرى تحديدها باعتبارها مسبِّبات محتملة للمرض:

فيروسات الهربس المتنوعة

خلصت بعض الدراسات إلى أن الحمض النووي من فيروس الهربس البسيط 1 و2 herpes simplex virus 1 and 2 (الفيروسات التي تسبب القروح الباردة والأخرى التناسلية)، يوجد بشكل أكثر تكراراً في أدمغة المصابين بمرض ألزهايمر، مقارنة بالأصحاء. ويبرز الحمض النووي الفيروسي، بشكل خاص، بجوار لويحات أميلويد بيتا. وخلصت الدراسات المنشورة إلى نتائج متناقضة. يُذكر أن مختبر تانزي يتولى زراعة «أدمغة صغيرة» (مجموعات من خلايا الدماغ البشرية) وعندما تُصاب هذه الأدمغة الصغيرة بفيروس «الهربس البسيط»، تبدأ في إنتاج أميلويد بيتا.

أما فيروس «الهربس» الآخر الذي يمكن أن يصيب الدماغ، فيروس الحماق النطاقي varicella - zoster virus (الذي يسبب جدري الماء والهربس النطاقي)، قد يزيد مخاطر الإصابة بالخرف. وكشفت دراسة أُجريت على نحو 150000 شخص، نشرتها دورية «أبحاث وعلاج ألزهايمر» (Alzheimer’s Research and Therapy)، في 14 أغسطس (آب) 2024، أن الأشخاص الذين يعانون من الهربس الآخر الذي يمكن أن يصيب الدماغ، فيروس الحماق النطاقي (الذي يسبب جدري الماء والهربس النطاقي) قد يزيد كذلك من خطر الإصابة بالخرف. ووجدت الدراسة أن الأشخاص الذين أُصيبوا بالهربس النطاقي كانوا أكثر عرضة للإبلاغ لاحقاً عن صعوبات في تذكُّر الأشياء البسيطة. وتعكف أبحاث جارية على دراسة العلاقة بين لقاح الهربس النطاقي وانحسار خطر الإصابة بألزهايمر.

فيروسات وبكتيريا أخرى:

* فيروس «كوفيد - 19». وقد يجعل الفيروس المسبب لمرض «كوفيد - 19»، المعروف باسم «SARS - CoV - 2»، الدماغ عُرضةً للإصابة بمرض ألزهايمر. وقارنت دراسة ضخمة للغاية بين الأشخاص الذين أُصيبوا بـ«كوفيد» (حتى الحالات الخفيفة) وأشخاص من نفس العمر والجنس لم يُصابوا بـ«كوفيد»، ووجدت أنه على مدار السنوات الثلاث التالية، كان أولئك الذين أُصيبوا بـ«كوفيد» أكثر عرضة للإصابة بمرض ألزهايمر بنحو الضعف.

كما جرى ربط العديد من الفيروسات (والبكتيريا) الأخرى، التي تصيب الرئة، بمرض ألزهايمر، رغم أن الأدلة لا تزال أولية.

* بكتيريا اللثة. قد تزيد العديد من أنواع البكتيريا التي تعيش عادة في أفواهنا وتسبب أمراض اللثة (التهاب دواعم السن)، من خطر الإصابة بمرض الزهايمر. وعبَّر تانزي عن اعتقاده بأن هذا أمر منطقي، لأن «أسناننا العلوية توفر مسارات عصبية مباشرة إلى الدماغ». وتتفق النتائج الأولية التي خلص إليها تانزي مع الدور الذي تلعبه بكتيريا اللثة. وقد توصلت الدراسات المنشورة حول هذا الموضوع إلى نتائج مختلفة.

* البكتيريا المعوية: عبر السنوات الـ25 الماضية، اكتشف العلماء أن البكتيريا التي تعيش في أمعائنا تُنتِج موادّ تؤثر على صحتنا، للأفضل أو للأسوأ. وعن ذلك قال الدكتور كوماروف: «هذا أحد أهم الاكتشافات الطبية الحيوية في حياتنا». هناك بعض الأدلة المبكرة على أن هذه البكتيريا يمكن أن تؤثر على خطر إصابة الشخص بمرض ألزهايمر بوقت لاحق. ولا يزال يتعين تحديد كيفية تغيير تكوين بكتيريا الأمعاء، لتقليل المخاطر.

ربما يكون لها دور في تكاثر رواسب أميلويد بيتا المسببة للمرض

عوامل نمط الحياة ومرض ألزهايمر

يرتبط كثير من عوامل نمط الحياة المختلفة بزيادة خطر الإصابة بمرض ألزهايمر. وتتضمن الأمثلة التدخين (خصوصاً في وقت لاحق من الحياة)، والإفراط في تعاطي الكحوليات، والخمول البدني، وقلة النوم العميق، والتعرض لتلوث الهواء، والنظام الغذائي الغني بالسكر والملح والأطعمة المصنَّعة.

كما تزيد العديد من عوامل نمط الحياة هذه من خطر الإصابة بأمراض مزمنة شائعة أخرى، مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري والسمنة.

وبحسب الدكتور كوماروف، فإنه «نظراً لأن إجراء تغييرات في نمط الحياة قد يكون صعباً، يأمل كثيرون في أن تثمر دراسة الأسباب البيولوجية وراء مرض ألزهايمر ابتكار دواء (سحري) يمنع المرض، أو حتى يعكس مساره. ويرى الدكتور كوماروف أن «ذلك اليوم قد يأتي، لكن ربما ليس في المستقبل القريب».

في الوقت الحالي، يقترح تانزي إدخال تعديلات في نمط الحياة بهدف التقليل من خطر الإصابة بألزهايمر.

بوجه عام، فإن فكرة أن الميكروبات قد تؤدي إلى بعض حالات ألزهايمر لا تزال غير مثبتة، وغير مقبولة على نطاق واسع، لكن الأدلة تزداد قوة. ومع ذلك، تتفق هذه الفكرة مع أبحاث سابقة أظهرت أهمية أميلويد بيتا، وتاو، وapoe4 والالتهاب العصبي، بوصفها أسباب مرض ألزهايمر.

عن ذلك، قال الدكتور كوماروف: «الإشارة إلى دور للميكروبات في بعض حالات مرض ألزهايمر لا تحل محل الأفكار القديمة، وإنما تتفق مع الأفكار القديمة، وربما تكملها».

* رسالة هارفارد للقلب - خدمات «تريبيون ميديا».