السعودية تفعّل زيادة الإنتاج والإبداع في صندوق التنمية الثقافي

تعزيز الإبداع لتقديم صورة ثقافية جديدة (الشرق الأوسط)
تعزيز الإبداع لتقديم صورة ثقافية جديدة (الشرق الأوسط)
TT

السعودية تفعّل زيادة الإنتاج والإبداع في صندوق التنمية الثقافي

تعزيز الإبداع لتقديم صورة ثقافية جديدة (الشرق الأوسط)
تعزيز الإبداع لتقديم صورة ثقافية جديدة (الشرق الأوسط)

تستمر السعودية في تفعيل الثقافة بصفتها أحد روافد التنمية، وتعظيم المنجز الإبداعي، في جميع صنوف ومجالات الثقافة. ووافق مجلس الوزراء السعودي، على إنشاء «صندوق التنمية الثقافي»، الذي بدوره سيعزز الإنتاج الثقافي في البلاد، وسيوفر فرصاً اقتصادية تنموية لدعم وتمكين القدرات الوطنية في القطاعات الثقافية المختلفة، بما ينعكس إيجاباً على المشهد الثقافي المليء بالمبدعين.
وبيّن وزير الثقافة الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، أن صندوق التنمية الثقافي سيعزز الإنتاج الثقافي السعودي، وسيوفر فرصاً اقتصادية تنموية لدعم وتمكين القدرات الوطنية في القطاعات الثقافية المختلفة، بما ينعكس إيجاباً على المشهد الثقافي المليء بالمبدعين.
موضحاً أن الصندوق الذي يرتبط إدارياً بصندوق التنمية الوطني، يهدف إلى الإسهام في دعم التنمية الثقافية والمجالات المتصلة بها واستدامتها وفق الاستراتيجيات المعتمدة في هذا الشأن، وقال «سيكون للصندوق صلاحية الإقراض والتمويل بأنواعه كافة للمنشآت أو الجمعيات أو المؤسسات الأهلية التي تعمل في مجال الثقافة أو في دعم الممارسين فيها أو في الخدمات المساندة لها أو في تطوير التقنية في المشروعات المتعلقة بالبنية التحتية التي تخدمها، وفقاً لسياساته، بالإضافة إلى تقديم الخدمات الاستشارية غير المالية لجميع الجهات والأفراد العاملين في المجالات الثقافية المختلفة».
وأضاف أن صندوق التنمية الثقافي يأتي ضمن مبادرات برنامج «جودة الحياة»، أحد برامج تحقيق «رؤية المملكة 2030»، ومن بين حزمة المبادرات الـ27 الأولى، التي أعلنتها الوزارة عند تدشين رؤيتها وتوجهاتها، يذكر أن وزير الثقافة يرأس مجلس إدارة صندوق التنمية الثقافي، ويتمتع الصندوق بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري لدعم أهداف الاستراتيجية الوطنية للثقافة المنبثقة من «رؤية المملكة 2030» التي تسعى من خلالها وزارة الثقافة إلى الارتقاء بالفعل الثقافي والتراث الوطني.
يأتي دور صندوق التنمية الثقافي على تغطية احتياجات المواهب الوطنية كافة، ومنحها القدرة على إنجاز مشروعاتها الإبداعية بالطريقة الصحيحة وفي ظروف ملائمة، وتسعى الوزارة من خلاله إلى دعم الممارسين في مختلف القطاعات الثقافية وفي مجالات إبداعية متنوعة من الكتابة والتأليف والنشر إلى صناعة الأفلام والمحتوى البصري، والأفكار الطموحة كافة التي يرغب المبدع السعودي في تحقيقها.
ومن صلاحيات صندوق التنمية الثقافي، الإقراض والتمويل بأنواعه كافة للمنشئات أو الجمعيات أو المؤسسات الأهلية التي تعمل في مجال الثقافة أو في دعم الممارسين فيها أو في الخدمات المساندة لها أو في تطوير التقنية في المشروعات المتعلقة بالبنية التحتية التي تخدمها وفقاً لسياسته، إضافة إلى تقديم الخدمات الاستشارية غير المالية لجميع الأفراد والعاملين في المجالات الثقافية المختلفة.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».