أكّدت معظم الجهات الرسمية من وزارة صحة ولجنة «كورونا» أنّ لبنان ذاهب إلى وضع صحّي كارثي. فمقولة: «بدنا نعيّد رغم أنف (كوفيد 19)» التي اتبعها آلاف اللبنانيين عشية الأعياد لم تمر مرور الكرام عليهم. قبل 24 ساعة من هذا الموعد تجاوزت الإصابات بـ«كورونا» ثلاثة آلاف إصابة في يوم واحد. واليوم، إثر التفلّت الذي شهده لبنان في مناسبة الاحتفال بعيد رأس السنة من المتوقّع أن يرتفع هذا العدد ليصل إلى 5000 إصابة، كما يشير كثير من المسؤولين في القطاع الصحي في لبنان.
وإثر الوضع المتأزم صدر قرار بالإقفال التام، مع بعض الاستثناءات، ابتداء من 7 يناير (كانون الثاني).
ويتطلّع اللبنانيون إلى الأيام المقبلة بقلق كبير. فموضوع «كورونا» وأخباره يتصدّران اهتماماتهم اليومية حتى أنّه غلب أزمتهم الاقتصادية التي يعانون منها. وصارت تحية العام الجديد بين اثنين «مرحبا كيفك... حاسس بعوارض؟» هي البديل عن عبارة «كل عام وأنت بخير» الرائجة في هذه المناسبة. فالخوف من أن تكون العدوى أصابت أقرب المقربين من أفراد العائلة الواحدة والأصدقاء، تقض مضجع اللبناني وتدفعه إلى مساءلة نفسه يوميا للتأكد من أن لا عوارض للوباء يعاني منها. والاتصالات الهاتفية عبر الجوال تسودها نفس الأحاديث. فهذا يروي للآخر إصابة جيرانه بأكملهم بالعدوى، وتلك تحجر نفسها في المنزل لأنّ شقيقتها التي التقتها مؤخرا أجرت اختبار «بي سي آر» فجاء إيجابيا، وآخر يطلب تكثيف الأدعية لشخص يعرفه وهو بحالة خطرة في المستشفى.
«هل تشعر بآلام في الرأس أو لديك سعال وعندك حرارة؟» و«هل تعاني من وهن أو تعب؟» و«هل لا تزال تتذوق الطعام وتشتم رائحته؟» هي الأسئلة الأكثر شيوعا وتداولا بين اللبنانيين والتي تشير إلى عوارض الإصابة بالوباء.
ويشير مدير قسم الأمراض السارية والجرثومية في مستشفى الحريري دكتور بيار أبي حنا إلى أن نسبة نتائج اختبارات فحوص «كورونا» في لبنان بلغت 14 في المائة إيجابية. ويعلّق في سياق حديثه: «تعتبر نسبة عالية. وهو الأمر الذي نؤكد عليه ابتداء من بلوغنا نسبة الـ5 في المائة من حالات إيجابية». وكانت قد انتشرت نكتة بين اللبنانيين تقول: «لأول مرة بحياتي أكون محاطاً بهذه النسبة من الناس Positif».
وتنقسم وجهات النظر حول كيفية علاج الشخص المصاب بالعدوى. فهناك نظرية تؤكد أنّ العلاج الوحيد له يرتكز على تناول الفيتامينات «دي» و«سي» و«زينك» ودواء مسكن للأوجاع (بنادول). فيما نظرية أخرى تفضل أن يأخذ المريض أدوية مضادة وكورتيزون وحقنا مسيلة للدم وقاية واستباقا لإمكانية الوقوع في المحظور. ويوضح دكتور بيار أبي حنا: «العدوى هي جرثومية بطبيعتها، ولذلك لا ينفعها أخذ تلك الأدوية التي ذكرتها سيما وأن 80 في المائة من الحالات السائدة في لبنان تندرج في خانة متوسطة وخفيفة وغير خطرة. وفي حال لاحظ المريض تراجعا في نسبة الأكسيجين عنده (أقل من 94) وارتفاعا بحرارة جسمه يمكن أن تتغير وجهة العلاج».
ويشيد دكتور أبي حنا بضرورة تناول المشروبات الساخنة من زهورات وأعشاب مع إضافة ملعقة من العسل عليها لأنها تسهم في القضاء على السعال.
وتقول جوسلين التي أصيبت ابنتها بالعدوى في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «أصبحنا اليوم نعرف كيفية التعامل مع هذا الوباء بشكل أفضل. فابنتي أصيبت إثر عودتها من السفر، فحجرت نفسها في غرفتها وتحاشيت مع باقي أفراد العائلة الاختلاط بها. اليوم انتهت فترة الحجر، وهي بألف خير والمطلوب التوقي وعدم الاستهتار».
أمّا نبيل طويل فيقول: «أتسلح دائما بعبوة تعقيم وبكمامة فهما لا يفارقاني حتى عندما أكون موجودا في منزلي أثناء زيارتي من قبل شقيقي أو أحد أفراد العائلة. فالوقاية خير من ألف علاج كما يقول المثل اللبناني. وهو ما أطبقّه بحذافيره».
فالمشهد العام لحياة اللبنانيين اليوم يرتكز على حمل زجاجة التعقيم والكمامة بشكل أولي إن في الحقائب النسائية أو في سيارت الرجال. فهي أصبحت بمثابة إكسسوارات العام الجديد التي لا تفارقهم كيفما تحركوا. ويؤكد الصيدلي باتريك في منطقة الأشرفية أنّه يبيع يوميا مئات العبوات المطهرة إضافة إلى أخرى ترش الرذاذ المعقم في الأجواء وعلى الأسطح. ويقول في سياق حديثه لـ(الشرق الأوسط): «هذه المواد التي ترش بسهولة وتصدر عنها روائح معطرة إضافة إلى تعقيمها الأجواء يروج بيعها بشكل لافت، مع أن بعضها يصل سعره إلى 100 ألف ليرة للعبوة الواحدة».
وترى جورجيت رنو وهي في العقد السادس من عمرها أنّها وبعيد انتهائها من تجربتها الشخصية مع وباء «كورونا»، ورغم القول بأنّ من يصاب بها يحمل في جسمه مناعة لنحو ثلاثة أشهر، إلّا أنّها لم تتوقف من أخذها إجراءات الوقاية اللازمة في منزلها وأثناء تنقلاتها خارجه.
ما الذي ينتظر اللبنانيين بعيد انتهاء الأسبوع الأول من العام الجديد؟ هو السؤال الذي يقلق غالبيتهم. الوضع العام أصبح كارثيا ولا يمكن بعد اليوم الاستخفاف بالوباء ومن المتوقع أن تتفاعل غالبيتهم مع مبدأ الإقفال التام. فالإصابات بـ«كوفيد 19» ما عادت مجرد أخبار يسمعون بها. فهي اقتربت منهم إلى حدّ لامسهم وأبناءهم. ويختم دكتور بيار أبي حنا: «علينا أن نتوقّى من الإصابة إلى حين وصول اللقاح إلى لبنان في فبراير (شباط) المقبل. فمن دون شك سيحقق انفراجا على الساحة الصحية في لبنان والعالم. وحتى ذلك الوقت على اللبنانيين أن يتسلّحوا بالصبر ويمارسوا التباعد الاجتماعي».
حاسس بعوارض؟... تحية اللبنانيين الجديدة في عام 2021
عبوات التعقيم والكمامات أصبحت بمثابة إكسسواراتهم اليومية

تبلغ نسبة النتائج الإيجابية في لبنان لفحوصات «كورونا» 14 %
حاسس بعوارض؟... تحية اللبنانيين الجديدة في عام 2021

تبلغ نسبة النتائج الإيجابية في لبنان لفحوصات «كورونا» 14 %
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة