ليبيا: قوات «الوفاق» ترفض الانسحاب من مواقعها في محيط سرت

اشتباكات لليوم الثاني في سبها تهدد تنفيذ اتفاق وقف النار

جانب من تدريبات قوات موالية لحكومة الوفاق داخل مدرسة عسكرية في طرابلس (أ.ف.ب)
جانب من تدريبات قوات موالية لحكومة الوفاق داخل مدرسة عسكرية في طرابلس (أ.ف.ب)
TT

ليبيا: قوات «الوفاق» ترفض الانسحاب من مواقعها في محيط سرت

جانب من تدريبات قوات موالية لحكومة الوفاق داخل مدرسة عسكرية في طرابلس (أ.ف.ب)
جانب من تدريبات قوات موالية لحكومة الوفاق داخل مدرسة عسكرية في طرابلس (أ.ف.ب)

في تهديد مباشر لتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في ليبيا، جددت أمس قوات حكومة الوفاق، برئاسة فائز السراج، رفضها العلني للانسحاب من مواقعها في محيط مدينة سرت، وإعادة فتح الطريق بين شرق البلاد وغربها. وطالبت في المقابل «الجيش الوطني»، بقيادة المشير خليفة حفتر، بسحب من وصفتهم بـ«المرتزقة الموالين له».
وقال العميد إبراهيم بيت المال، آمر غرفة عمليات تحرير سرت - الجفرة التابعة لقوات الوفاق، إنها «لن تعطي تعليمات بفتح الطريق قبل سحب المرتزقة». وأوضح في بيان له أمس أن قواته «لن تسلم أيضاً خرائط زرع الألغام، وستتولى نزعها... ونحن نُجدد دعوتنا إلى تطبيق بنود اتفاقية جنيف التي تنص على سحب المرتزقة، وإزالة الألغام».
وبدوره، اتهم عبد الهادي دراة، المتحدث باسم «الغرفة»، في تصريحات تلفزيونية أمس، «الجيش الوطني» بـ«عدم تنفيذ بنود اتفاق اللجنة العسكرية المشتركة، المعروفة باسم لجنة (5+5)، رغم مرور 90 يوماً على توقيعه، وعدم سحب المرتزقة الروس والجنجويد»، على حد قوله.
وأضاف دراة الذي نفى وجود مرتزقة تابعين لقوات «الوفاق» في بوقرين أن «قواتنا باقية في نقاط تمركزاتها، والاستطلاع يقوم بواجبه على أكمل وجه، ونحن جاهزون لأي أمر يصدر من الغرفة».
ومن جهته، كرر ناصر القايد، مسؤول التوجيه المعنوي بقوات «الوفاق»، التوجه نفسه، لكنه لفت في المقابل إلى أنه على الرغم من أن اتفاق الهدنة ينص على ابتعاد قوات «الوفاق» و«الجيش الوطني» عن الطريق الساحلي، وإنشاء بوابات يسهل التحكم بها، فإن غرفة تحرير سرت والجفرة «رأت أن هذا لا يمكن تحقيقه ما لم يتم سحب المرتزقة أولاً». وتابع موضحاً أن هذه الميليشيات «قد تستغل الأمر في التهريب، ولذلك فإن فتح الطريق غير آمن»، مشيراً إلى أن «لجنة (5+5) حاولت فتح الطريق، لكنها فشلت، لرفض قوات الوفاق».
ولم يصدر على الفور أي تعليق حول هذه التطورات من «الجيش الوطني»، أو بعثة الأمم المتحدة التي رعت في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي اتفاقاً مبدئياً بين طرفي النزاع في ليبيا على وقف إطلاق النار، والبدء في محادثات سلام شاملة.
وميدانياً، تجددت لليوم الثاني على التوالي اشتباكات محدودة بين قوات «الوفاق» و«الجيش الوطني» في مدينة سبها (جنوب البلاد)، لكن لم ترد تقارير عن سقوط ضحايا.
وقالت مصادر محلية وشهود عيان إن «مواجهات اندلعت بعد محاولة قوات الوفاق استعادة السيطرة على مقرها المعروف باسم (غرفة سكرة)، خلف الهلال الأحمر بالمدينة، بعد يوم واحد من سيطرة عناصر من الجيش الوطني عليه».
وأكد العميد أحميد العطايبي، آمر «اللواء السادس مشاة» بمنطقة سبها العسكرية، تبعيته لحكومة الوفاق. وأشاد بدور ضباط المنطقة الذين شاركوا في احتفالية ذكرى الاستقلال بطرابلس مؤخراً. كما نقلت وكالة الأنباء الليبية الموالية للحكومة عن عبد الباسط شنيبو، رئيس مجلس الحكماء بمدينة هون، إعلانه أنه تقرر مغادرة قوات الجنجويد إلى خارج المدينة، والابتعاد عن ضواحيها، رضوخاً لمطالب الأهالي. وقال إن الجهات القضائية باشرت التحقيق مع 3 مرتزقة متهمين بجرائم قتل.
وفي غضون ذلك، دخل فتحي باشاغا، وزير الداخلية بحكومة الوفاق، على خط الأزمة الأمنية في جنوب البلاد، بعدما أكد على ضرورة بسط الأمان، والمجاهرة به لضبط الظواهر السلبية والهدامة كافة التي من شأنها تهديد أمن البلاد.
وقال أغا إنه «توصل خلال اجتماعه مساء أول من أمس برئيس تجمع التبو بنبذة حول الأوضاع الأمنية في المنطقة، وما يعانيه الجنوب الليبي من عراقيل، وصعوبات تمس الحياة اليومية للمواطن»، مندداً في بيان أصدره مساء أول من أمس بـ«نبش القبور وإزالة الأضرحة بأحد المقابر بمدينة صرمان، وبعض مدن الغرب الليبي»، وأكد «التزام وزارة الداخلية بمنع هذه الأفعال التي تثير الفوضى والفتن والقلاقل، وتسبب الإخلال بالأمن العام».
وبموازاة ذلك، بحث الفريق أول محمد الحداد، رئيس أركان قوات الوفاق بطرابلس، مساء أول من أمس، مع اللجنة المشتركة لتنظيم وحصر واستيعاب القوى المساندة بمؤسسات الدولة، ما توصلت إليه اللجنة عبر التوصيات الختامية لندوة أقيمت مؤخراً بالخصوص. وأكد قدرة المؤسسة العسكرية على تجاوز التحديات والمعوقات كافة، شرط ألا يكون هناك تقصير أو تهاون في تنفيذ المهام.
واستغلت اللجنة الدائمة للشؤون الإنسانية بقوات الوفاق إحياء الذكرى السنوية الأولى لاستهداف طلاب الكلية العسكرية في طرابلس، التي شهدت مصرع وإصابة 37 شخصاً العام الماضي، لحث الجهات القضائية المحلية والدولية على مواصلة الجهود الرامية لكشف الجناة، وإحالتهم لنيل العقاب الرادع.
ومن جهة أخرى، وتحضيراً لانطلاق الخطة الأمنية الجديدة، عقدت الغرفة الأمنية بنغازي الكبرى، مساء أول من أمس، اجتماعاً برئاسة الفريق عبد الرازق الناظوري، رئيس الأركان العامة للجيش الوطني، وحضور مسؤولين أمنيين وعسكريين لتقييم العمل خلال المدة الماضية.
وكان الناظوري قد أمر مسؤولي منفذ «أمساعد» البري على الحدود مع مصر بإيقاف دخول الأجانب من جميع الجنسيات، واقتصار الدخول والخروج على المواطنين، والتشديد والتدقيق بإجراءات الفحوصات، والالتزام باتباع تعليمات منظمة الصحة العالمية.



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.