بين الخطأ والصواب

بين الخطأ والصواب
TT

بين الخطأ والصواب

بين الخطأ والصواب

* الأرق والوظائف الجسدية والعقلية

* من الأخطاء التي شاعت كثيرا وتفشت في مجتمعات التمدين والحضارة، عدم الاهتمام أو حتى التفكير الإيجابي في الطريقة الصحية للنوم، بل التوجه إلى الإفراط في سهر الليالي والحرمان من ضوء النهار، وبالتالي المعاناة من اضطرابات النوم الطبيعي.
ووفقا للتقرير الوثائقي عن الأرق لدى الأميركيين، فإن نحو 40 في المائة من الأميركيين يعانون من الحرمان من النوم، وغالبيتهم من فئة الشباب المراهقين الذين يحصلون على أقل من 5 ساعات من النوم كل ليلة.
إن العواقب ستكون وخيمة، ليس فقط بالنسبة للفرد الذي لا يحصل على ما يكفيه من النوم المريح، ولكن أيضا لمن هم حوله. والجدير بالذكر أن الخبراء يعتقدون الآن أن الحرمان من النوم كان سببا رئيسيا وقد يكون لعب دورا مهما في حدوث كثير من الكوارث الجسيمة في العالم، مثل كوارث تسرب النفط، وتحطم عبارة جزيرة ستاتين، وانصهار قلب المفاعل النووي ثري مايلز، هذا إضافة إلى الأعداد التي لا تحصى ممن فقدوا حياتهم وهم يقودون مركباتهم تحت التعب والنعاس.
من المهم أن ندرك أن الحصول على أقل من 6 ساعات من النوم كل ليلة سيؤثر على قوة الإدراك المعرفي. كما تم ربط الحرمان من النوم مع آثار صحية كثيرة مثل السمنة، وداء السكري، وأمراض القلب والأوعية الدموية، والسرطان، وألزهايمر، والاكتئاب واضطرابات القلق.
إن الحفاظ على الإيقاع الطبيعي للحياة بالتعرض لأشعة الشمس خلال النهار وللظلام في الليل هو أحد المكونات التأسيسية الحاسمة للنوم الجيد. فلقد فسر هذه النظرية كثير من الباحثين في علم النوم، كيف أن التعرض لضوء النهار الساطع هو بمثابة المزامن المهم للساعة الرئيسية للإنسان والتي تتكون من مجموعة من الخلايا في الدماغ تسمى نوى التأقلم «suprachiasmatic nuclei (SCN)». وهي التي تقوم بمزامنة دورة الضوء والظلام في البيئة عندما يدخل الضوء العين.
إن أحد الأسباب التي تجعل الكثير من الناس لا يحصلون على النوم الكافي يكمن في وجود اضطراب بالساعة الرئيسية لديهم. وباختصار، فإن معظم الناس يقضون نهارهم داخل منازلهم أو مكاتبهم، بعيدا عن ضوء النهار الساطع، ثم يقضون أمسياتهم ولياليهم في ضوء صناعي.
ونتيجة لذلك، فإن ساعات أجسامهم تتوقف عن المزامنة مع الإيقاع الطبيعي لضوء النهار وظلام الليل، وعندما يحدث ذلك، يصبح النوم بعيد المنال. وبالتالي يبدأ الشخص يعاني من سلبيات واضطرابات النوم، وهي كثيرة ومختلفة ولا تلقي بتبعاتها على جزء محدد من الجسم بل تشمل معظم أجهزة الجسم الحيوية، فتؤثر على 5 وظائف جسمية وعقلية مهمة، وهي:
- تباطؤ عميات رد الفعل، فكلما زاد الحرمان من النوم كلما كانت ردود الفعل تجاه الأحداث الطارئة بطيئة، مما يجعل قيادة المركبة واستخدام الأدوات الحادة في العمل مثلا أمرا خطيرا.
- تأثر الإدراك سواء على المدى قصير الأجل أو طويل الأجل، فقد وجد أن النوم ليلة واحدة فقط 4 إلى 6 ساعات يمكن أن يؤثر على القدرة على التفكير بوضوح في اليوم التالي.
- انخفاض عمليات التذكر والتعلم.
- تأثر الاستجابة العاطفية، بحيث تصبح في حالة تأهب قصوى، وهذا يعني أن النقاش مع زملاء العمل والزوجة في المنزل مثلا سيكون محتدما وحادا.
- تأثر الوظائف المناعية وبالتالي تدهور النواحي الصحية، وهذا يفسر العلاقة السلبية بين الحرمان من النوم وزيادة مخاطر الأمراض وارتفاع نسبة الإصابة بالكثير من الأمراض المزمنة.

* ذاكرتك في «مرحلة الشيخوخة»

* من الأخطاء الشائعة بين الناس أن ارتبطت لديهم مرحلة الشيخوخة، دائما، بالخرف وضعف الذاكرة، بينما الصواب هنا هو ما أثبتته الدراسات أخيرا من أن ارتفاع اللياقة الصحية عند كبار السن وخاصة صحة وسلامة جهاز القلب والأوعية الدموية والجهاز التنفسي في مرحلة سن الشيخوخة سوف يحسن من قوة الذاكرة وأدائها.
وفي دراسة حديثة قام بها باحثون من جامعة بوسطن (ولاية ماساتشوستس الأميركية)، شملت مجموعتين من الناس، الأولى 33 شابا، تراوحت أعمارهم ما بين 18 إلى 31 سنة من العمر، والمجموعة الثانية 27 من كبار السن، تراوحت أعمارهم ما بين 55 - 82 سنة من العمر، توجه الباحثون للتعرف على العلاقة بين كفاءة وظائف جهازي القلب والتنفس مع قوة الإدراك عند كل من الشباب وكبار السن، وما إذا كان تقدم العمر سوف يؤثر سلبا أي يؤدي إلى التدهور المعرفي.
تم تقييم اللياقة البدنية للمشاركين في الدراسة من المجموعتين باستخدام مقياس اختبارات الأداء البدني، ومقياس وظائف المخ المختلفة باستخدام الاختبارات النفسية العصبية. ونشرت نتائج الدراسة في «مجلة علم الشيخوخة»، 2014 Journal of Gerontology وجاءت مؤكدة على أنه كلما كانت الصحة العامة جيدة في سن الشيخوخة، كانت المهام التنفيذية والذاكرة طويلة الأمد في حالة أفضل.
وقد تبين أن كبار السن الذين يتمتعون بحالة قلبية وتنفسية جيدة، هم أفضل أداء من الشباب في التدابير والوظائف التنفيذية، بينما أظهر تقيم المشاركين الذين لا يتمتعون بلياقة بدنية جيدة نتائج أسوأ.
حقق الشباب أفضل الدرجات في اختبارات الذاكرة على المدى الطويل، بغض النظر عن مستوى لياقتهم البدنية، وتبعهم كبار السن ذوو اللياقة الجيدة، ثم المشاركون ذوو اللياقة المنخفضة.
ومن هذا نستنتج أن الأنشطة البدنية الرياضية (كالمشي، والرقص، الخ) تعزز قدرات الذاكرة وتخفف من الانحدار المعرفي المرتبط بتقدم العمر كما تحسن نوعية الحياة وتطيل استمرارية أداء الوظائف المستقلة عند الشخص.
استشاري في طب المجتمع
مدير مركز المساعدية التخصصي ـ مستشفى الملك فهد بجدة
[email protected]



بروتوكول طبي جديد لعلاج سرطان الدم لدى الأطفال

بروتوكول طبي جديد لعلاج سرطان الدم لدى الأطفال
TT

بروتوكول طبي جديد لعلاج سرطان الدم لدى الأطفال

بروتوكول طبي جديد لعلاج سرطان الدم لدى الأطفال

من المعروف أن مرض سرطان الدم الليمفاوي الحاد «اللوكيميا» (acute lymphoblastic leukemia) يُعد من أشهر الأورام السرطانية التي تصيب الأطفال على الإطلاق. وعلى الرغم من أن نسبة الشفاء في المرض كبيرة جداً وتصل إلى نسبة 85 في المائة من مجموع الأطفال المصابين، فإن خطر الانتكاس مرة أخرى يعد من أكبر المضاعفات التي يمكن أن تحدث. ولذلك لا تتوقف التجارب للبحث عن طرق جديدة للحد من الانتكاس ورفع نسب الشفاء.

تجربة سريرية جديدة

أحدث تجربة سريرية أُجريت على 1440 طفلاً من المصابين بالمرض في 4 دول من العالم الأول (كندا، والولايات المتحدة، وأستراليا ونيوزيلندا) أظهرت تحسناً كبيراً في معدلات الشفاء، بعد إضافة العلاج المناعي إلى العلاج الكيميائي، ما يتيح أملاً جديداً للأطفال الذين تم تشخيصهم حديثاً بسرطان الدم. والمعروف أن العلاج الكيميائي يُعدُّ العلاج الأساسي للمرض حتى الآن.

علاجان مناعي وكيميائي

التجربة التي قام بها علماء من مستشفى الأطفال المرضى (SickKids) بتورونتو في كندا، بالتعاون مع أطباء من مستشفى سياتل بالولايات المتحدة، ونُشرت نتائجها في «مجلة نيو إنغلاند الطبية» (New England Journal of Medicine) في مطلع شهر ديسمبر (كانون الأول) من العام الحالي، اعتمدت على دمج العلاج الكيميائي القياسي مع عقار «بليناتوموماب» (blinatumomab)، وهو علاج مناعي يستخدم بالفعل في علاج الأطفال المصابين ببعض أنواع السرطانات. وهذا يعني تغيير بروتوكول العلاج في محاولة لمعرفة أفضل طريقة يمكن بها منع الانتكاس، أو تقليل نسب حدوثه إلى الحد الأدنى.

تحسُّن الحالات

قال الباحثون إن هذا الدمج أظهر تحسناً كبيراً في معدلات الفترة التي يقضيها الطفل من دون مشاكل طبية، والحياة بشكل طبيعي تقريباً. وأثبتت هذه الطريقة تفوقاً على البروتوكول السابق، في التعامل مع المرض الذي كان عن طريق العلاج الكيميائي فقط، مع استخدام الكورتيزون.

وللعلم فإن بروتوكول العلاج الكيميائي كان يتم بناءً على تحليل وراثي خاص لخلايا سرطان الدم لكل طفل، لانتقاء الأدوية الأكثر فاعلية لكل حالة على حدة. ويحتوي البروتوكول الطبي عادة على مجموعة من القواعد الإرشادية للأطباء والمختصين.

تقليل حالات الانتكاس

أظهرت الدراسة أنه بعد 3 سنوات من تجربة الطريقة الجديدة، ارتفع معدل البقاء على قيد الحياة من دون مرض إلى 97.5 في المائة (نسبة شفاء شبه تامة لجميع المصابين) مقارنة بنسبة 90 في المائة فقط مع العلاج الكيميائي وحده. كما حدث أيضاً انخفاض في نسبة حدوث انتكاسة للمرضى بنسبة 61 في المائة. وبالنسبة للأطفال الأكثر عرضة للانتكاس نتيجة لضعف المناعة، أدى تلقي عقار «بليناتوموماب» بالإضافة إلى العلاج الكيميائي، إلى رفع معدل البقاء على قيد الحياة من دون مرض، من 85 في المائة إلى أكثر من 94 في المائة.

علاج يدرب جهاز المناعة

وأوضح الباحثون أن العلاج المناعي يختلف عن العلاج الكيميائي في الطريقة التي يحارب بها السرطان؛ حيث يهدف العلاج المناعي إلى تعليم الجهاز المناعي للجسم الدفاع عن نفسه، عن طريق استهداف الخلايا السرطانية، على عكس العلاج الكيميائي الذي يقتل الخلايا السرطانية الموجودة فقط بشكل مباشر، وحينما تحدث انتكاسة بعده يحتاج الطفل إلى جرعات جديدة.

كما أن الأعراض الجانبية للعلاج المناعي أيضاً تكون أخف وطأة من العلاج الكيميائي والكورتيزون. وفي الأغلب تكون أعراض العلاج المناعي: الإسهال، وتقرحات الفم، وحدوث زيادة في الوزن، والشعور بآلام الظهر أو المفاصل أو العضلات، وحدوث تورم في الذراعين أو القدمين، بجانب ألم في موقع الحقن.

وقال الباحثون إنهم بصدد إجراء مزيد من التجارب لتقليل نسبة العلاج الكيميائي إلى الحد الأدنى، تجنباً للمضاعفات. وتبعاً لنتائج الدراسة من المتوقع أن يكون البروتوكول الجديد هو العلاج الأساسي في المستقبل؛ خاصة بعد نجاحه الكبير في منع الانتكاس.