تراشق مصري ـ إثيوبي يعمق «نزاع السد»

القاهرة اتهمت أديس أبابا بـ«التدخل السافر» في شؤونها

سد النهضة كما يبدو في صورة التقطت بواسطة الأقمار الصناعية في 20 يوليو الماضي (أ.ف.ب)
سد النهضة كما يبدو في صورة التقطت بواسطة الأقمار الصناعية في 20 يوليو الماضي (أ.ف.ب)
TT

تراشق مصري ـ إثيوبي يعمق «نزاع السد»

سد النهضة كما يبدو في صورة التقطت بواسطة الأقمار الصناعية في 20 يوليو الماضي (أ.ف.ب)
سد النهضة كما يبدو في صورة التقطت بواسطة الأقمار الصناعية في 20 يوليو الماضي (أ.ف.ب)

توترت الأجواء مجدداً بين القاهرة وأديس أبابا، بعد تصريحات أطلقها المتحدث باسم وزارة الخارجية الإثيوبية، ووصفتها الخارجية المصرية بأنها «تدخل سافر» في الشأن الداخلي المصري. ويأتي التراشق المصري- الإثيوبي، عشية جلسة مزمعة للمفاوضات الثلاثية حول «سد النهضة»، دعا إليها الاتحاد الأفريقي بعد فترة من الجمود، الأمر الذي قد يعمق النزاع بينهما، ويصعب الوصول لاتفاق بشأن قواعد ملء وتشغيل السد، الذي تقيمه إثيوبيا على الرافد الرئيسي لنهر النيل.
واستدعت وزارة الخارجية المصرية، القائم بالأعمال الإثيوبي في القاهرة، لـ«تقديم توضيحات»، حول ما نُقل من تصريحات للمتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الإثيوبية يتطرق فيها إلى الشأن الداخلي المصري. وعقد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإثيوبية دينا مفتي، مؤتمراً صحافياً، الثلاثاء الماضي، بثّه التلفزيون الإثيوبي، قال فيه باللغة الأمهرية «يعلم كل من السودان ومصر أن سد النهضة لن يضرهما بأي شكل من الأشكال، لكن لديهما أجندة أكبر من ذلك».
ورأى مفتي، الذي شغل منصب السفير الإثيوبي لدى مصر، أن البلدين يستخدمان «سد النهضة» كسبب بدلا من أن «يتعين عليهما التعامل مع العديد من المشكلات المحلية التي قد تنفجر، خاصة هناك (مصر)». ووفق ما نقلته (الفرنسية)، ضرب مفتي مثالا عن وضع الإسلاميين في مصر قائلا «لا أقصد التشهير، لكن في القاهرة كان هناك منطقة واحدة تكبر مساحة ميركاتو (أكبر سوق مفتوحة في أديس أبابا) بعشر مرات وكان يعيش بها الإسلاميون وتم إغلاقها (..) ويشار إليها كمقبرة». وزعم مفتي «قد ينفجر كل هذا (..) إنهم يعرفون أن سد النهضة لن يؤذيهم، إنهم يزيغون عن المشاكل الداخلية». ورد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية أحمد حافظ، في بيان شديد اللهجة، أمس، واصفاً تصريحات مفتي بأنها «تعد تجاوزاً سافراً، وهي غير مقبولة جملةً وتفصيلاً، كما تمثل خروجاً فجاً عن الالتزامات الواردة في القانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي (..) وتعد خروجاً عن القيم الأفريقية العريقة التي تذكي الإخاء واحترام الآخر». وأضاف «مثل هذا التهجُم على الدولة المصرية والتجني في تناول شؤونها الداخلية لا يمثل سوى استمرار لنهج توظيف النبرة العدائية وتأجيج المشاعر لتغطية الإخفاقات الإثيوبية المتتالية على العديد من الأصعدة داخلياً وخارجياً». وقال حافظ «كان من الأجدر على المتحدث الإثيوبي الالتفات إلى الأوضاع المتردية في بلاده التي تشهد كثيرا من النزاعات والمآسي الإنسانية»، مشيرا إلى أزمة إقليم تيغراي الأخيرة. ودخلت مصر وإثيوبيا في نزاع منذ عام 2011، حول «سد النهضة»، الذي تبنيه الأخيرة على النيل الأزرق ويثير مخاوف في مصر والسودان حول حصتيهما من مياه النيل. ويخوض البلدان بجانب السودان مفاوضات شاقة ومتعثرة، منذ نحو 10 سنوات، للتوافق على آليات تشغيل وملء السد، لكنها رغم مرور هذه السنوات أخفقت في الوصول إلى اتّفاق. وتشارك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، إضافة إلى الاتحاد الإفريقي في المفاوضات منذ مطلع العام الحالي عبر خبراء ومراقبين. وأجري آخر اجتماع، في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وقال المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية دينا مفتى، خلال مؤتمر الصحافي الأخير، إن جنوب أفريقيا، التي تترأس الاتحاد الأفريقي، دعت الدول الثلاث المعنية إلى اجتماع حول سد النهضة يوم (الأحد) المقبل. ولفت إلى أن هذا الاجتماع سيكون الأول بعد توقف المفاوضات نحو شهر، إثر مطالبة الخرطوم بتغيير منهجية التفاوض.
وقال إن الاجتماع المرتقب الذي دعت له جنوب أفريقيا يأتي في إطار «مسابقة الزمن»، في إشارة لانتقال الرئاسة المقبلة للاتحاد الأفريقي في 2021 إلى دولة الكونغو الديمقراطية. ويرى الدكتور محمد نصر الدين علام، وزير الموارد المصرية الأسبق، أن التصريحات الإثيوبية «تنم عن قلق كبير من تحركات مصر الدولية الأخيرة الناجحة، والتقارب المصري -السوداني، ومن اهتزاز علاقاتها بالسودان». وأبدى علام، في تصريح له، تعجبه من انتقاد إثيوبيا لحقوق الإنسان في مصر، رغم ما تعانيه من أزمات داخلية ومشاكل إقليمية مع جيرانها، مؤكدا أن بلاده ما زالت «تمسك أعصابها كثيرا جدا»، وعلى إثيوبيا «الاستيقاظ سريعا من غيها قبل فوات الأوان». وتشدد مصر على ضرورة التوصل لاتفاق قانوني ملزم حول قواعد ملء وتشغيل سد النهضة، بما يحفظ «حقوق مصر المائية». بينما ترى إثيوبيا، التي تعتزم تعبئته بـ74 مليار متر مكعب من المياه، أنه ضروري لتحقيق التنمية الاقتصادية. وأعلنت أديس أبابا في 21 يوليو (تموز) الماضي، أنها أنجزت المرحلة الأولى من ملء الخزان البالغة 4.9 مليارات متر مكعب والتي تسمح باختبار أول مضختين في السد.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.