بعد نحو شهر من طرح مبادرة «اتحاد الشغل» التونسي على مختلف الأطراف السياسية والاجتماعية للخروج من الأزمة السياسية والاجتماعية التي تعرفها البلاد، أصبحت هذه المبادرة محل تساؤلات كثيرة، نتيجة تباين المواقف منها، وتباطؤ الرئيس قيس سعيّد في تبنيها ووضعها تحت إشرافه المباشر.
وإذا كانت القيادات النقابية والأحزاب المعارضة (أغلبها من اليسار) تصر على ضرورة فتح حوار وطني يشمل جميع المجالات، بما فيها تعديل القانون الانتخابي لتشكيل مشهد سياسي مختلف، فإن الأطراف الداعمة حكومة هشام المشيشي لا ترى أن هناك حاجة إلى الحوار، وتعتبر أن الدور موكول للسلطتين التنفيذية والتشريعية لتحمّل مسؤوليتهما في إيجاد حلول اقتصادية واجتماعية ومالية تساعد على تجاوز الأزمة. مؤكدة على ضرورة تحرك الحكومة من أجل «إنقاذ اقتصادي واجتماعي».
ولا تدعو مبادرة «اتحاد الشغل» إلى إلغاء البرلمان أو الحكومة، وأوكلت لرئاسة الجمهورية مهمة احتضان «الحوار الوطني»، دون التقيد بالآليات السابقة التي جرى اتباعها، وهو ما يعني وفق مراقبين أن الحوار سيكون أكثر تأطيراً، وغير خاضع لشروط الأحزاب، التي كانت طرفاً في الأزمة أو متسببة فيها.
وتخشى قيادات حركة النهضة الإسلامية من إعادة سيناريو 2013، حينما دعا الرباعي الراعي للحوار، والمكون آنذاك من «اتحاد الشغل» و«مجمع رجال الأعمال»، و«رابطة حقوق الإنسان» و«هيئة المحامين»، إلى فتح حوار سياسي لتجاوز الأزمة بين الحكومة والمعارضة، غير أن الحوار أفضى في النهاية إلى إخراج حركة النهضة من السلطة.
وخلال اللقاء الذي جمع بينهما أول من أمس، أكدت قيادات «مجمع رجال الأعمال» و«نقابة العمال»، أن الظرف الراهن، الذي تمر به تونس، يفرض على المنظمتين العمل من أجل تجاوز المصاعب، والخروج من الأزمة.
وتقترح مبادرة «اتحاد الشغل» على رئيس الجمهورية إرساء «هيئة حكماء ووسطاء» تتكون من الاختصاصات كافة، وتشرف عليها شخصيات وطنية مستقلة، تعمل تحت إشراف الرئيس قيس سعيّد، على أن تتولى هذه الهيئة، التي لا يمكن لأعضائها تحمّل مسؤوليات سياسية، أو الترشح للانتخابات المقبلة، إدارة الحوار، وتقريب وجهات النّظر، والتحكيم بين كل الأطراف المعنية بالحوار، وفق روزنامة معقولة، وحسب سقف زمني محدد.
وأكد أصحاب هذه المبادرة على أنها «مفتوحة على كل القوى الوطنية، التي تؤمن بالدولة المدنية الديمقراطية الاجتماعية، وتنبذ العنف وترفض الإرهاب، وتدافع عن السيادة الوطنية، ولا تصطفّ مع الأحلاف الخارجية مهما كان عنوانها».
يذكر أن «اتحاد الشغل» سيقود مع بداية شهر يناير (كانون الثاني) المقبل سلسلة من الاحتجاجات الاجتماعية، حيث تم الإعلان عن إضراب عام في قفصة (جنوب غرب) في السابع من يناير، وإضراب عام مماثل في صفاقس (وسط شرق) في 12 من الشهر نفسه، على أن تتم برمجة إضرابات أخرى قد تشمل القيروان وباجة، وهو ما يسلط ضغوطاً إضافية على حكومة المشيشي.
على صعيد متصل، قال حسونة الناصفي، رئيس كتلة «الإصلاح الوطني» البرلمانية الداعمة للحكومة، إن الرئيس سعيد يسعى خلال هذه المرحلة إلى أن تتحول تنسيقيات المنظمة للاحتجاجات الاجتماعية إلى مؤتمرات شعبية، وذلك طبقاً لتصور سعيّد حول العمل السياسي، وضرورة التخلي عن التمثيل التقليدي للناخبين.
وأضاف الناصفي، أن الرئيس سعيّد لا يؤمن بحكم الأحزاب وتحكمها في مصير البلاد، منتقداً رؤية الرئيس للعمل السياسي، على اعتبار أن دولة القانون تقوم على تمثيلية الأحزاب السياسية، وشرعية صندوق الانتخابات. معتبراً أن «الحوار الوطني» المقترح يمكن أن يتناول مثل هذه الملفات الشائكة. لكنه انتقد في المقابل تأخر اتحاد الشغل في إطلاق الحوار الوطني بقوله «ما كان على اتحاد الشغل انتظار الرئيس لإعطاء إشارة الانطلاق»، على حد تعبيره.
تساؤلات حول جدوى مبادرة «اتحاد الشغل» التونسي لحل الأزمة
الأحزاب الداعمة للحكومة لا ترى أي «ضرورة للحوار»
تساؤلات حول جدوى مبادرة «اتحاد الشغل» التونسي لحل الأزمة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة